OpenAI تُطلق محرك بحثٍ مدعوماً بالذّكاء الاصطناعيّ!
موفّرةً معلوماتٍ حيّةً وأخباراً آنيّةً من مصادر موثوقة، ممّا يضعها في مسار جديد لتقديم محتوىً دقيقٍ وسريعٍ للمستخدمين، فهل تتفوّق على غوغل؟
في خطوةٍ كبيرةٍ نحو تغيير مشهد البحث على الإنترنت، أعلنت شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) عن إطلاق محرّك بحثٍ جديدٍ مدعومٍ بالذّكاء الاصطناعيّ عبر منصّة "شات جي بي تي" ChatGPT))، ممّا قد يضعها في منافسةٍ مباشرةٍ مع عمالقة التّكنولوجيا مثل غوغل (Google). هذا المحرّك الجديد، المصمّم خصّيصاً لجلب الأخبار والنّتائج الرّياضيّة والمعلومات الحاليّة مباشرةً إلى المستخدمين، قد يغيّر كيفيّة تفاعل المستخدمين مع الإنترنت للحصول على المعلومات اليوميّة.
ستتاح ميزة البحث الجديدة أولاً لمشتركي النّسخة المدفوعة من منصة شات جي بي تي، مع خططٍ مستقبليّةٍ لتوسيعها لكافّة المستخدمين. وبهذا، يمكن لأوبن إيه آي تعزيز قيمة جي بي تي للمستخدمين، ليصبح بمثابة محرّك بحثٍ متعدّد الوظائف يوفّر إجاباتٍ على الأسئلة العامّة والجارية. وفي يوليو الماضي، تمّ اختبار إصدارٍ تجريبيٍّ لهذه الميزة مع مجموعةٍ صغيرةٍ من المستخدمين والنّاشرين.
عندما أطلقت النّسخة الأولى من شات جي بي تي في عام 2022، كانت تعتمد بشكلٍ كاملٍ على مجموعةٍ هائلةٍ من النّصوص المتاحة على الإنترنت، لكنّها واجهت تحدّياتٍ عندما يتعلّق الأمر بالإجابة عن الأسئلة حول الأحداث الجارية أو الأخبار الّتي لم تكن جزءاً من بيانات تدريبه. ومع التّطوّر السّريع، أصبح من الممكن الآن تحديثه بمعلوماتٍ في الوقت الحقيقيّ، ممّا يجعله قادراً على تقديم ردودٍ دقيقةٍ على أسئلةٍ تتعلّق بأحداثٍ تجري في الوقت الحاليّ.
وفي هذا السّياق، قامت غوغل في مايو الماضي بتحديث محرّك البحث الخاصّ بها لتقديم ملخّصاتٍ نصّيّةٍ مدعومةٍ بالذّكاء الاصطناعيّ في الجزء العلويّ من نتائج البحث، بهدف تقديم إجاباتٍ سريعةٍ على استفسارات المستخدمين دون الحاجة للانتقال إلى مواقع أخرى. ورغم فعّاليّة هذا النّهج، إلّا أنّ الذّكاء الاصطناعيّ ليس معصوماً من الخطأ، إذ قد يقدّم معلوماتٍ غير دقيقةٍ أو مضلّلةٍ فيما يعرف بـ"الهلوسة"، ممّا قد يثير القلق بشأن الاعتماد الكلّيّ على روبوتات الدّردشة في البحث عن المعلومات.
قلق وسائل الإعلام من روبوتات الدّردشة!
وفي ظلّ توجّه شركات الذّكاء الاصطناعيّ إلى تضمين الأخبار الّتي يجمعها صحفيّون محترفون ضمن منصّاتها، ارتفعت بعض الأصوات التّحذيريّة من المؤسّسات الإعلاميّة، خوفاً من أن يؤدّي ذلك إلى انتهاك حقوق الملكيّة الفكريّة للأخبار والمقالات. وفي هذا السّياق، قامت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) برفع دعوى قضائيّةٍ ضدّ أوبن إيه آي و"مايكروسوفت" (Microsoft) بتهمة انتهاك حقوق الطّبع والنّشر. كما رفعت دار النّشر "نيوز كورب" (News Corp)، الّتي تمتلك صحيفتي "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) و"نيويورك بوست" (New York Post)، دعوى مماثلةً ضدّ محرّك بحثٍ مدعومٍ بالذّكاء الاصطناعيّ يدعى "بيربلكسيتي" (Perplexity) في أكتوبر الماضي.
وفي إعلانها يوم الخميس، أوضحت أوبن إيه آي أنّ شراكتها مع وكالات الأخبار تتضمّن التّعاون مع جهاتٍ مثل وكالة "أسوسييتد بريس" (Associated Press) ونيوز كورب، لضمان أن يكون محرّك البحث الجديد مدعوماً بمصادر موثوقةٍ. كما ذكرت الشّركة أنّ المحرّك سيتضمّن روابط لمصادر المعلومات، بما في ذلك الأخبار والمدوّنات. ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الرّوابط ستنقل المستخدم مباشرةً إلى المصدر الأصليّ للمعلومات الّتي يعرضها الرّوبوت.
تعدّ هذه الخطوة من أوبن إيه آي بمثابة تحوّلٍ نوعيٍّ في المنافسة ضمن قطاع محرّكات البحث، حيث قد يكون لمحرّك البحث المدعوم بالذّكاء الاصطناعيّ تأثيرٌ كبيرٌ على كيفيّة بحث المستخدمين عن المعلومات واستهلاكهم للأخبار. ومع تزايد استخدام الذّكاء الاصطناعيّ لتقديم الأخبار والمعلومات الفوريّة، قد يكون هناك ضغطٌ أكبر على الشّركات لضمان دقّة المعلومات والحفاظ على مصادر الأخبار الموثوقة.
التّحدّيات المستقبليّة لهذه الخطوة
رغم أنّ إطلاق محرّك بحثٍ مدعومٍ بالذّكاء الاصطناعيّ قد يبدو مثيراً وواعداً، إلّا أنّه يواجه تحدّياتٍ ضخمةً، بدءاً من دقّة المعلومات الّتي يقدّمها الذّكاء الاصطناعيّ، إلى المخاوف القانونيّة حول حقوق الطّبع والنّشر. كما أنّ هناك تساؤلاتٍ حول تأثير هذه المحرّكات على حركة المرور الإلكترونيّة للمواقع الإخباريّة. هل سيتمكّن الذّكاء الاصطناعيّ من تحقيق التّوازن بين تقديم إجاباتٍ سريعةٍ وتوجيه المستخدمين إلى المصادر الأصليّة؟ أم سيتغير الوضع في المستقبل؟
يبدو أنّ أوبن إيه آي مستعدّةٌ لمواجهة تحدّياتٍ جديدةٍ في هذا المجال، حيث تتيح هذه التّقنيّة الجديدة للمستخدمين الوصول إلى المعلومات بطرقٍ غير مسبوقةٍ، لكنّ نجاحها سيعتمد على مدى قدرتها على تقديم معلوماتٍ دقيقةٍ، واحترام حقوق الطّبع والنّشر للمحتوى الصّحفيّ.