Rescale تجمع تمويلاً بقيمة 115 مليون دولار
جولةٌ تمويليّةٌ ضخمةٌ تعكس الثّقة المتزايدة في تقنيات المحاكاة الفيزيائيّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وسط إقبالٍ من عمالقة وادي السيليكون والمستثمرين الدّوليّين

قد تكون الأسواق في حالةٍ من الفوضى في الوقت الرّاهن، لكن يبدو أنّ تأسيس شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لا يزال خياراً ذكيّاً ومثمراً. هذا ما تؤكّده تجربة يوريس بورتٍ، المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ لشركة "ريسكيل" (Rescale)، المتخصّصة في محاكاة الظواهر الفزيائيّة باستخدام الذكاء الاصطناعي، والّتي أعلنت اليوم عن إغلاق جولة تمويلٍ من الفئة "د" بقيمة 115 مليون دولارٍ. وقد شارك في هذه الجولة مستثمرون كبارٌ من عالم التّكنولوجيا، مثل شركة "إنفيديا" (Nvidia) الرّائدة في صناعة الرّقائق، و"فوكسكون" (Foxconn) التّايوانيّة العملاقة في مجال التّصنيع.
ويضمّ سجلّ المستثمرين السّابقين في ريسكيل أسماء ضخمةً، مثل: "مايكروسوفت" (Microsoft) و"سامسونغ" (Samsung)، إلى جانب نخبةٍ من الشّخصيّات المؤثّرة، مثل: سام ألتمان من "أوبن إيه آي" (OpenAI)، وجيف بيزوس من "أمازون" (Amazon)، وبيتر ثيل من "باي بال" (PayPal)، وبول غراهم من "واي كمبينيتور" (Y Combinator).
يقول بورت: "تعدّ محاكاة الظّواهر الفزيائيّة بالذكاء الاصطناعي مجالاً جديداً نسبيّاً؛ فلا يصمّم الجميع السّيّارات والمركبات بهذه الطّريقة بعد، لكن من المؤكّد أنّها مستقبل هذا القطاع". ويضيف: "رأينا أنّ الوقت مناسبٌ لجمع تمويلٍ يمكّننا من التّوسّع بقوّةٍ في هذه المجالات النّامية".
وبينما لا تزال آثار سياسة الرّسوم الجمركيّة الشّاملة الّتي فرضها الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترمب غير واضحةٍ على صناعة الذكاء الاصطناعي، إلّا أنّ بعض التّقارير -مثلما ذكر موقع "موتلي فول" (Motley Fool)- تشير إلى أنّ أشباه الموصلات قد تظلّ معفى من تلك الرّسوم، في حين أنّ المواد الخامّة اللّازمة لبناء مراكز البيانات لن تحظى بالاستثناء نفسه.
ومع ذلك، يبقى واضحاً أنّ قطّاع الذكاء الاصطناعي قد جذب اهتماماً واسعاً من المستثمرين في الآونة الأخيرة؛ فقد شهد عام 2024 وبداية عام 2025 طفرةً ملحوظةً في الاستثمارات الموجّهة لهذا القطاع.
وقد نشرت شركة الأبحاث "بيتش بوك" (Pitch Book) بياناتٍ جديدةً الأسبوع الماضي الّتي كشفت فيها أنّ عدد صفقات رأس المال المخاطر في الولايات المتّحدة خلال الرّبع الأوّل من عام 2025 كان أقلّ قليلاً مقارنةً بالرّبع نفسه من عام 2024، إلّا أنّ القيمة الإجماليّة لتلك الاستثمارات ارتفعت، ويعزى ذلك إلى الذكاء الاصطناعي، الّذي شكّل وحده 71% من إجماليّة قيمة الصّفقات.
وتندرج جولة تمويل ريسكيل الأخيرة ضمن هذا السّياق العامّ، إذ توفّر الشّركة منصّةً برمجيّةً متخصّصةً في المحاكاة، وتقدّم خدماتها لعملاء كبارٍ، مثل: "جنرال موتورز" (General Motors)، و"سامسونغ"، و"وزارة الدّفاع الأمريكيّة" (Department of Defense). وتهدف إلى تمكين العملاء من إجراء محاكاةٍ فزيائيّةٍ أسرع بألف مرّةٍ، من أجل تحسين انسيابيّة السّيّارات والطّائرات، اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
ويعلّق بورت، الّذي سبق له أن صمّم جناح طائرة 787 خلال عمله في "بوينغ" (Boeing): "أنشأنا شركة ريسكيل لتحقيق ما كنّا نتمنّى امتلاكه عندما كنّا مهندسين في بوينغ". ويضيف أنّ رأس المال الجديد سيساعد الشّركة على توسيع فريقها الهندسيّ وتطوير منتجاتها المبنيّة على الذكاء الاصطناعي.
ومن جهته، صرّح جنسن هوانغ، مؤسّس ومدير شركة إنفيديا، قائلاً: "الحوسبة المتسارعة هي المحرّك الرّئيسيّ لثورة الصّناعة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي. ومع البنية الكاملة الّتي توفّرها ريسكيل من برمجيّاتٍ وبنى تحتيّةٍ قائمةٍ على إنفيديا، يمكن للصّناعات أن تتجاوز الحدود المعهودة في المحاكاة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي".
وقد شارك في جولة التّمويل "د" أيضاً عددٌ من المستثمرين الآخرين، من بينهم "جامعة ميشيجان" (University of Michigan)، و"ترانس لينك كابيتال" (Translink Capital)، و"ساين ويف فنتشرز" (SineWave Ventures)، و"أبلايد فنتشرز" (Applied Ventures)، و"أتيكا كابيتال" (Atika Capital). كما شاركت جهاتٌ دوليّةٌ بارزةٌ، مثل: التّكتّل الصّناعيّ الكوريّ الجنوبيّ "هانهوا" (Hanwha)، و"هيتاشي فنتشرز" (Hitachi Ventures) من ألمانيا، والشّركة التّابعة لـ"أرامكو السعودية" (Saudi Aramco) وهي "بروسبرتي 7" (Prosperity7).
كما يشير بورت إلى أنّ وجود مستثمرين دوليّين لا يقدّم فقط تمويلاً ماليّاً، بل يمنح الشّركة كذلك القدرة على الوصول إلى شبكات علاقاتٍ وأسواقٍ عالميّةٍ يصعب على المستثمرين المحلّيّين الوصول إليها. كما أنّ الشّخصيّات الكبيرة يقدّمون مساهماتٍ نوعيّةً ومتنوّعةً.
ويشرح بورت: "جميع هؤلاء الأشخاص مشغولون جدّاً، لكنّهم لا يزالون منخرطين في الشّركة. ونحن ننظر إلى كلّ واحدٍ منهم، ونطرح هذا السّؤال: ما القيمة الفريدة الّتي يمكن أن يقدّمها؟ وما الّذي يستطيع سام ألتمان أن يفعله مثلاً، ولا يمكن لأحدٍ غيره تنفيذه؟"
ومع ذلك، يقدّم بورت نصيحةً مهمّةً لمؤسّسي الشّركات النّاشئة الّذين يبحثون عن تمويلٍ خاصٍّ، فيقول: "قيمة الشّركة قابلةٌ للتّغيير، أمّا السّيطرة عليها فهي أمرٌ دائمٌ". ويضيف محذّراً: "في بعض الأحيان، ينشغل المؤسّسون كثيراً بمؤشّرات التّقييم، لكن إذا كانت جولة التّمويل مصحّبةً بهيكلٍ معقّدٍ، أو تخلٍّ عن شروط التّحكّم، فإنّ هذه الأمور تكون دائمةً، ولا يمكن التّراجع عنها لاحقاً".
شاهد أيضاً: 6 قواعد لجمع التمويل للشركات الناشئة