TAP تطبيق فلسطيني هولندي يؤمن فرص عملٍ عن بعد للشباب العربي
شركة فلسطينية هولندية ناشئة تهدف إلى تمكين الشباب العربي لبدء حياتهم المهنية في المنظمات العالمية من خلال زيادة استعدادهم وتسهيل الاتصالات مع الشركات التي تتطلع إلى التوظيف عن بعد
منصّة تسريع المواهب TAP، وهي مشروعٌ رائدٌ يجمع بين الخبرات الفلسطينيّة والهولنديّة، تفتح آفاقاً واسعةً للشّباب في فلسطين -وقريباً في أقطارٍ أخرى من العالم العربي- لصقلِ مهاراتهم وربطهم بفرص عملٍ تقنيّةٍ مع شركاتٍ دوليّةٍ. فخلال العامين الماضيين، نجحت المنصّة في تأمين فرص عملٍ في المجال التّقني لأكثر من 200 شخصٍ، وتطمح هذا العام لإيجاد أكثر من 250 فرصة عملٍ جديدةٍ.
تُقدّم TAP برامج تدريبيّةٍ مدّتها أربعة أشهر في تخصّصات: تطوير البرمجيات، وتطوير الأعمال، والتسويق الرقمي. تُعقد هذه البرامج بشكلٍ كاملٍ عبر الإنترنت وتضمّ تدريباً فنيّاً يتوازى مع منهاجٍ لتنمية المهارات اللّينة، بالإضافة إلى جلسات التّوجيه الفرديّ، والإرشاد المهنيّ، والتّدريب العمليّ الافتراضيّ.
كما بيّن جعفر شنار، المؤسس المشارك لـTAP، خلال حديثه مع عربية .Inc: "تهدف TAP إلى تمكين الشّباب العربيّ عبر تقديم التّدريب اللّازم وربطهم بفرص عملٍ بعيدةٍ لدى شركاتٍ عالميّةٍ. فرسالتنا هي تعزيز استعداد الشباب العربي لهذه الفرص وتسهيل عمليّة التّواصل بينهم وبين الشّركات التي تسعى للتّوظيف. وهذا العام، نُدّرب 300 شخصٍ، ونتوقّع أن يتمكّن 80% منهم من الحصول على وظائف في المجالات التّقنية المتقدّمة. وحضورنا نشط حاليّاً في: غزة، الضّفة الغربيّة، والأردن، ونعتزم التّوسع قريباً إلى لبنان".
شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟
ويواصل شنار توضيح دور الفريق قائلاً: "فريقنا مؤلّفٌ بغالبيته من النّساء، وهو دوليّ الطّابع، يضمّ 30 شخصاً موزّعين عبر منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفريقيا، وأوروبا. ونجحنا حتّى الآن في تحقيق نسبة نجاحٍ تتجاوز 70% في تأمين الوظائف، وهذه النّسبة في تزايدٍ مستمرٍّ نحو 80%".
من جانبه، يُعلّق كريستيان فيزياك، الرّئيس التّنفيذي والمؤسّس المشارك لـ TAP، على النّهج الاستثماريّ للمنصّة قائلاً: "نحن لا نستثمر في المال فحسب، بل في المعرفة أيضاً. والأمر لا يتعلّق فقط بكتابة السّيرة الذّاتية؛ إنّه حقّاً عن كيفيّة التّكيّف مع بيئات العمل الدّوليةّ التّنافسيّة".
ومع ذلك، فإنّ معظم المواهب التي تستقطبها المنصّة تأتي من فلسطين، ومنذ بدء الحرب على غزة، واجه الفريق تحدياتٍ كبيرةٍ، إذ يشير المؤسّسون المشاركون: "بعد الحرب، تعقّدت الأوضاع في غزة بشكلٍ كبيرٍ، وتوقّفت المواهب والأعمال التي كنّا نُديرها هناك. نحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم الدّعم والمساعدة على الأرض، فالرّبط بشبكات ESIMs وبعض الوكالات قد يساعد، ولكنّه أبداً ليس كافياً".
ومع ذلك، يصرّ المؤسّسون على أنّ دعم الفلسطينيين يمثّل جوهر مهمتهم، إذ يصف شنار عالم التّكنولوجيا بأنّه تقدميٌّ، لكن المشكلة تكمن في المال الذي يدير هذا القطّاع: "الرأسمال الذي يتدفّق إلى عالم التّقنية، والرّأسمال المجموع في الولايات المتّحدة له صلاتٌ وثيقةٌ بأشخاصٍ أثرياء يدعمون إسرائيل".
كما يضيف فيزياك: "رغم أنّ روّاد الأعمال والشّركات يودّون أن يكونوا أكثر تقدميّةً، فإنّ الرّأسماليين المغامرين يفعلون العكس تماماً؛ إنّهم يروون لمجتمعاتهم قصة غير صحيحةٍ، وهم جزءٌ من مشكلة تقسيم الإنسانيّة إلى مجموعتين، لكن هناك مبادرات لفضحهم وأصوات متزايدة تدعم القضية الفلسطينيّة".
منذ بدء الحرب على غزة، تم إطلاق العديد من الحركات التّكنولوجية حول العالم لدعم فلسطين؛ "Tech for Palestine" هي تحالفٌ مرنٌ يضمّ أكثر من 4000 مؤسّسٍ، ومهندسٍ، ومسوّقٍ، ومستثمرٍ، وغيرهم من المتخصّصين التّقنيين الذين يعملون من أجل حريّة فلسطين. أو منصّة Manara tech، التي تسعى لجمع التزام من 100 شركةٍ لتوظيف مهندس برمجياتٍ واحدٍ على الأقلّ من غزة و/أو الضّفة الغربية في عام 2024.
بينما لا يبدو أنّ الوضع في غزة سيُحلّ قريباً، يظلّ المؤسّسون المشاركون لـ TAP متفائلين. إذ أخبرنا فيزياك: "نأمل أن يتم استبدال هذا النّموذج القديم بالكامل وأن يُمكّن المستثمرون الأشخاص بالاستثمار فيهم بدلاً من إرسال المعونات. لا يختلف مستوى ذكاء الأشخاص باختلاف مكان ولادتهم. والنّاس في فلسطين يتمتّعون بذكاءٍ عمليٍّ، وهم بارعون في حلّ المشكلات. فهل تريد دليلاً؟ انظر إلى الشّباب في غزة، يتجوّلون بالبطاريات؛ لأن هذه هي طريقتهم للمحافظة على اتّصالهم بالشّبكة".
إلى جانب التّحديات التي فرضتها ظروف الحرب، تواجه منصة TAP تحدياتٍ أخرى تشبه تلك التي تواجه الشّركات النّاشئة عموماً. يشير كريستيان فيزياك في حديثه لـ عربية .Inc إلى أن هناك نقصاً في البنى التّحتية الماليّة كقروض البنوك الموجهة للطّلاب، وقلة في فرص العمل المتاحة. إذ يقول فيزياك: "نحن بصدد تشكيل نظامٍ بيئيٍ يتناغم والبيئة التي نطمح لأن نكون جزءاً منها".
كريستيان فيزياك وجعفر شنار التقيا قبل 5 سنوات أثناء دراستهما لنيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال. فيزياك الفلسطيني الألماني الأصل، وشنار الفلسطيني. كان لكليهما، إلى جانب حبهما لوطنهما، شغفٌ عميقٌ بالتكنولوجيا. وبعد التّخرج، أسّسا شركة Kiitos Technologies في عام 2019 كشركةٍ متخصّصةٍ في توظيف تكنولوجيا المعلومات. ولم يمض وقتٍ طويلٍ حتّى اكتشفا فجوةً في السّوق، وكانت لحظة الإلهام لإنشاء TAP قد طرقت بابهم قبل 3 سنوات، بعد أن لاحظا النّمط الاستغلاليّ للشّركات متعدّدة الجنسيات التي تقيم مراكز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاستقطاب أفضل المواهب بأقلّ التّكاليف".
ويضيف فيزياك: "يسعون للحفاظ على الفكرة الاستعماريّة بأنّه، إذا كانت لدي علامةٌ تجاريّةٌ كبرى، فبإمكاني فعل أيّ شيءٍ. واحدةٌ من الأسباب التي دفعتنا لبدء الرّبط المباشر بين الأشخاص والشّركات كانت للقضاء على الوسيط الذي يجني الكثير من المال من استغلال المواهب المحليّة. اليوم، 16% من الشّركات تعمل عن بُعد، إذ إنّ الشّركات الأحدث أكثر ميلاً للعمل عن بُعد أو بنظامٍ هجينٍ".
لقد استخدمت TAP الذكاء الاصطناعي لزيادة فرص توظيف المواهب، إذ يشرح فيزياك: "عند البحث عن عملٍ، يُمكنك التّقديم يدويّاً لوظيفةٍ واحدةٍ أو لعشر وظائف بمساعدة الذّكاء الاصطناعي، فنحن نستخدمُ الذّكاء الاصطناعي لزيادة عدد وجودة التّقديمات".
جمعت TAP تمويلاً أوّلياً من مستثمرين لم يُكشف عنهم، وهي الآن تجمع تمويلاً لجولة السّلسلة A. وتحقّق الشّركة النّاشئة أرباحها من خلال الشّراكات مع المنظمات ورسوم اشتراك صغيرةٍ من المشاركين في البرنامج التّدريبيّ، كما حظيت الشّركة النّاشئة بدعم البنك الدّوليّ، ومجلس التّنمية السّويسري، ووزارة الخارجيّة الهولنديّة، ومستثمرين خاصين آخرين.