الرئيسية الذكاء الاصطناعي كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل التسويق بالمحتوى؟

كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل التسويق بالمحتوى؟

من توليد النّصوص إلى تحرير مقاطع الفيديو، اكتشف أهمّية الأدوات الذّكية في نجاح استراتيجيات التّسويق المختلفة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشهدُ عالمنا تحوّلاً جذريّاً بفعل قوّةٍ لا تُقهر؛ إنّها قوّة الذكاء الاصطناعي، هذا المصطلحُ الّذي بات يتردّدُ على ألسنةِ الجميعِ، ويحضرُ في كلّ حديثٍ، ففي عالم التّسويق على وجه الخصوص، يُثار جدلٌ واسعٌ حول قدرة الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل قواعد اللّعبة، فترى المقالاتِ تتحدّثُ عن كيف سيصبح الذكاء الاصطناعي اليد اليُمنى للمسوّقين، مساعداً إيّاهم على أداء مهامهم بكفاءةٍ عاليةٍ وسرعةٍ فائقةٍ. ليس هذا فحسب، بل إنّ البعضَ يتنبّأ بأنّ الذكاء الاصطناعي سيحلُّ محلّ الكاتب البشريّ، ويتولّى مهمّة إنتاج المحتوى بأكملهِ، وفي ظلّ التّنافس الشّديد في السّوق، يرى المتفائلون أنّهُ المفتاحُ لتحقيق نموٍّ غير مسبوقٍ.

رغمَ الانتشار الواسع والشّهرة التي يحظى بها ChatGPT حاليّاً، والّتي جعلتهُ المرادف للذّكاء الاصطناعيّ في أذهان الكثيرين، إلّا أنّه من المُفاجئ أنّ إطلاقه للجمهور كان متأخّراً نسبيّاً، وذلك في نوفمبر 2022 فقط، إلّا أنّ الفترةَ الزّمنيّة الّتي تلت الإطلاق شهدت تطوّراتٍ هائلةً في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، ممّا يجعلنا نتساءلُ عن طبيعة التّغيرات الّتي ستشهدها هذه التّقنية في المستقبلِ القريبِ.

وعلى الرّغم من كلّ ما يحيط بنا من ضجيجٍ، علينا البقاء على اطلّاع بأحدث اتّجاهات الصّناعة المتغيّرة باستمرارٍ، مثل تسويق المحتوى، فالعالم الرّقميّ يشهد تحوّلاتٍ مستمرّةً في كيفيّة إنتاج المحتوى وتوزيعه ووصوله إلى الجمهور، ممّا يستدعي منّا مُتابعة هذه التّطوّرات عن كثبٍ.

وعلى وجه الخصوص، لنتحدّثَ عن إعادة استخدام المحتوى، فهي تعتبرُ استراتيجيّةً تسويقيّةً ذكيّةً تهدفُ إلى تحقيق أقصى استفادةٍ من الموارد المُتاحة، إذ تتمثّل فكرة هذه الاستراتيجية في تحويل المحتوى الذي تمّ إنتاجه مسبقاً، مثل الفيديوهات أو المدونات، إلى تنسيقاتٍ جديدةٍ ومختلفةٍ، وبذلك يتمكّن المسوّقون من الوصول إلى شرائح أكبر من الجمهور مع تقديم المحتوى بطرقٍ أكثر جاذبيّةً وتفاعليّةً.

ولكن قبل ظهور الذّكاء الاصطناعيّ، كانت عمليّةُ إعادة استخدام المحتوى تتطلّبُ جهداً يدويّاً كبيراً، حيث كان على المسوّقين تحرير الفيديوهات، وتلخيص النّصوص، وإنشاء الرّسوم البيانيّة، أمّا الآن ومع التّطوّر التّكنولوجيّ، أصبح بإمكان المسوّقين الاستعانة بأدوات الذّكاء الاصطناعيّ المُتقدّمة، مثل تحويل الفيديو إلى مقالٍ، والتي تترجم المحتوى المرئيّ إلى نصٍّ مكتوبٍ بشكلٍ آليٍّ ودقيقٍ.

لا يخفى علينا أنّ عصرنا الحاليّ يشهدُ اعتماداً كبيراً على مقاطع الفيديو في جميع المجالات تقريباً، وذلك لما تتمتّعُ به من قدرةٍ فائقةٍ على جذب الانتباه ونقل المعلومات بفعاليّةٍ لا تُضاهيها أي وسيلةٍ أُخرى. ومع ذلك، فإنَّ عمليّة َإنتاجِ فيديو عالي الجودة تتطلّبُ استثماراتٍ ماليّةً كبيرةً، حيث تتضمّنُ تكاليف شراء معدّاتٍ متطوّرةٍ، مثل الكاميرات والإضاءة والميكروفونات، بالإضافة إلى تكاليفَ استئجار المواهب وتنفيذ التّصوير والمونتاج، وحتّى الفيديوهات البسيطة تتطلّبُ ميزانيّةً أوليّةً ليست بالهينة، إذ تُشيرُ بعض التّقديرات إلى أنّ تكلفةَ إنتاج فيديو واحدٍ قد تتراوحُ بين 500 دولارٍ إلى 3000 دولارٍ، وذلك حسب مدّة الفيديو والجودة والطّول.

بالإضافة إلى تحسين جودة المحتوى، يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يتولّى مهمّة إنشاء محتوىً جديٍد بالكامل من الصّفر، فهو قادرٌ على توليد قصصٍ إخباريّةٍ قصيرةٍ مبنيّةٍ على بياناتٍ محدّدةٍ وموجّهةٍ لجمهورٍ معيّنٍ بدقّةٍ عاليةٍ. وقد تبنّت هذه التّقنية بالفعل منظّماتٍ إخباريّةً عريقةً مثل The Washington Post، حيث استخدمتها في تغطية نتائج الانتخابات وتلخيص الأحداث الرّياضيّة، وتعتمدُ الصّحيفة على أداة "The Post Heliograf" الّتي تعمل بالذّكاء الاصطناعيّ، والّتي تمكّنها من إنتاج كمٍّ أكبر من المحتوى باستخدام موارد أقلّ، ممّا يُتيحُ للصّحفيين التّركيز على تحقيقاتٍ أعمق وأكثر تعمّقاً.

ومع ذلكَ، يجبُ الإشارةُ إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ لا يزال عاجزاً عن تقديم نفس المستوى من الإبداع والعمق الّذي يقدّمهُ الكاتب البشريّ، ولكن هذا لا يعني أنّه عديم الفائدة، ففي الكثير من الحالاتِ، تكون الحاجةُ ماسّةً إلى نقل الحقائق بشكلٍ سريعٍ ومباشرٍ، وهنا يُثبتُ الذّكاء الاصطناعيّ كفاءته العالية في توفير الوقت والجهد، فبدلاً من أن يقضي الصّحفيّ وقتاً طويلاً في كتابة تقارير إخباريّةٍ روتينيّةٍ، يُمكنهُ أن يُركّزَ على تحليل البيانات وتطوير أفكارٍ جديدةٍ.

وعلى كلّ ما ذكرناه سابقاً، فإنّ الذكاء الاصطناعي يُمثّل أداةً قويّةً وواعدةً في عالم صناعة المحتوى، حيث يُمكن الاستفادةُ منه بشكلٍ كبيرٍ في توليد أنواعٍ مختلفةٍ من المحتوى، بدءاً من المقالات الإخباريّة المطوّلة والتّحليلات العميقة، ووصولاً إلى النّصوص القصيرة والموجزة، مثل: التّسميات التّوضيحيّة والعناوين الرّئيسيّة وأوصاف المنتجات، كما يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يكون عوناً كبيراً في إنشاء قوائم محدّدةٍ والإجابة على الأسئلة الشّائعة، ممّا يُساهمُ في توفير محتوىً شاملٍ ومفيدٍ للمستخدمين.

أمّا في عالم التّسويق، فيُسهم الذّكاء الاصطناعيّ بشكلٍ كبيرٍ في تحسين فعاليّة الحملات التّسويقيّة من خلال تخصيص الرّسائل وتوقيت إيصالها بدقّةٍ متناهيةٍ، وبفضل قدراته المُتقدّمة في تحليل البيانات، يُمكن أن يستخلصَ رؤىً قيّمةً من المعلومات الّتي تجمعها الحملات التّسويقيّة الحاليّة، وبدلاً من الاعتماد على تحليلاتٍ بشريّةٍ قد تستغرقُ وقتاً طويلاً، يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يُحدّدَ بسرعةٍ تفضيلات المستخدمين وسلوكيّاتهم الاستهلاكيّة.

هذه الرّؤى الدّقيقة مكّنت المسوّقين من فهم ما يجذبُ انتباه الجمهور المُستهدف بشكلٍ أفضل، ممّا يسمحُ لهم بتطوير محتوىً مخصّصٍ يُلبّي احتياجاتهم ورغباتهم بدقّةٍ، وبالتّالي يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يُساهمَ في زيادة فعاليّة الحملات التّسويقيّة وتحقيق نتائج أفضل من خلال توجيه الرّسائل المناسبة إلى الأشخاص المُناسبين في الوقت المُناسب، ممّا يزيدُ من فرص التّحويل وولاء العملاء.

ليس هذا وحسب، بل يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ أن يُحدثَ ثورةً في مجال تحسين محركات البحث، فمن خلال خوارزميات التّعليم الآليّ وتحليل البيانات الضّخمة، يُمكنكَ تحسين محتوى موقعكَ بشكلٍ مستمرٍ، وهذا يعني أنّك ستتمكّنُ من تحقيق ترتيبٍ أعلى في نتائج البحث وتقديم تجربة مستخدمٍ أكثر تخصيصاً.

كما يسهم الذّكاء الاصطناعيّ في تسريع وتيرة تطوير استراتيجيّات التّسويق من خلال توفير حلولٍ مبتكرةٍ لإدارة المحتوى، فبفضل قدراته على تحسين جودة المحتوى وتكييفه مع احتياجات الجمهور، أصبح بإمكان المسوّقين تقديم تجاربَ أكثر إثارةً للإعجاب.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: