The Waste Labs: شركة ناشئة في دبي تسعى لتقليل هدر الطعام
مُساعدةً دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيق أهداف الاستدامة لعام 2030
بدأت ملحمةُ لارا حسين وسيلان أورين نحو الاستدامةِ وفنِّ إدارةِ النفايات من ثنايا منزليهما، حيث كانتا تلتزمان بفلسفةِ إعادةِ التّدوير، ولكن عندما كان الأمرُ يتعلّقُ ببقايا طعامهما، كانتا تُلقيانها، وللأسفِ، في حاوياتِ القمامةِ.
تروي لارا: "كنّا نقطنُ في شقةٍ بدبي، ولم تكن لدينا الإمكانياتُ أو الفسحةُ الكافيةُ لتحويلِ مخلفاتنا الغذائيّةِ إلى سمادٍ في ظلِّ زحامِ حياتنا اليوميّةِ، ولم نعثر في الأسواقِ على حلولٍ تمكّننا من تجنّبِ إهدارِ فضلاتِ طعامنا في مكبّاتِ النّفاياتِ. لذا، قرّرنا اتخاذَ خطوةٍ جريئةٍ لتغييرِ هذا الواقعِ"، كما تفضّلت بالتّصريح في مقابلةٍ مع Inc. Arabia.
وقد أفضى هذا السّعي بهما إلى تأسيسِ The Waste Labs عام 2021، في الإماراتِ العربية المتحدة. تتّخذُ The Waste Lab من دبي مقرّاً رئيساً لها، وتقدّمُ خدماتها لمختلفِ المجتمعاتِ والشّركاتِ، متضمّنةً تحويل بقايا الطعام إلى سمادٍ طبيعيٍّ، ومعالجةِ فضلاتِ الطّعامِ المختلفةِ حسبَ كلّ مصدرٍ غذائيٍّ، سواءً كانت فنادقَ، ومطاعمَ، وجامعاتٍ، أو فعالياتٍ، أو غيرها من المؤسساتِ.
كما يهدفُ المشروعُ إلى تحويلِ كلّ بقايا الطّعامِ إلى فرصةٍ يستفيدُ منها المجتمعُ، ولتثري التّربةَ المحليّةَ والمزارعَ، وتُسهمَ في تحقيقِ الأمنِ الغذائيّ وخلقِ فرصِ عملٍ. كما ينظّمُ مختبرُ النّفاياتِ ورشَ عملٍ لبناءِ مجتمعٍ يتبّنى الفرزَ الأمثلَ للنفاياتِ العضويةِ وطرق التّخلصِ السّليمِ منها وإعادة استخدامها.
تُشيرُ حسين: "لا تزالُ ممارسةُ فصلِ النّفاياتِ وإعادةِ تدويرها في الإمارات في مهدها، ومعدّلُ هدرِ الطّعامِ في الدّولةِ مرتفعٌ بصورةٍ ملحوظةٍ".
كما تعتقدُ حسين أنّنا استنفذنا تربتنا لعقودٍ، وما إنْ اكتشفنا قُدرتنا على تحويلِ معضلتنا الكبرى -هدرُ الطعامِ- إلى حلٍّ يساعدُ في إحياءِ التربةِ من خلالِ السّمادِ، حتى أصبحَ لا رجعةَ في ذلك. وهذا من شأنهِ أن يُمهّدَ الطريقَ لتعزيزِ الزّراعةِ المتجدّدةِ، والأمنِ الغذائيّ، والإنتاجِ العضويّ، ومكافحةِ التّغيّرِ المناخيّ.
مع ذلك، بدأت حكومةُ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ في اتخاذِ خطواتٍ جبّارةٍ نحو تطبيقِ ممارساتِ الاستدامةِ، مثلُ: إدخالِ قانونِ الاستدامةِ في قطاعِ الضّيافةِ، إذ يشملُ ذلك إدارةَ النّفاياتِ الغذائيّةِ، وتطبيقَ رسومٍ على شاحناتِ إدارةِ النّفاياتِ في دبي، ما يزيدُ تكلفةَ التخلّصِ منها، وإطلاقَ مبادرةِ نعمة الوطنيةِ، لتقليلِ هدرِ الطّعامِ بنسبةِ 50% بحلولِ عام 2030م.
"كلّ شركةٍ نتعاونُ معها تخضعُ لورشةِ عملٍ توعويةٍ حولَ أهميّةِ وطرقِ فصلِ بقايا الطّعامِ وإعادةِ استخدامها، وكيف يُسهم ذلك في تحقيقِ تأثيرٍ إيجابيّ على كوكبنا. نتعاونُ كذلك مع المدارسِ والشّركاتِ، لتقديمِ ورشِ عملٍ وفرصٍ تطوعيّةٍ، ونشجّع على إقامةِ نظامِ التّسميدِ الخاصّ بهم إذا توفّرت المساحةُ الكافيةُ، وكذلك مع المجتمعاتِ من خلال النّدواتِ، وعروضِ الأفلامِ، ومبادراتِ إنقاذِ الأغذيةِ في مناسباتٍ متنوّعةٍ، مثل: إنقاذِ اليقطينِ في عيد الهالوين"، توضّحُ حسين.
وتؤكّدُ على ضرورةِ التّعاونِ المشتركِ لتحقيقِ الأهدافِ المنشودةِ بحلولِ 2030، وهذا يتطلّبُ التّعاونَ بين القطاعين العامّ والخاصّ، بما في ذلك الشركات الناشئة والشّركاتُ الصّغيرةُ والمتوسّطةُ.
شاهد أيضاً: 10 شركات عربية ناشئة متميزة في مجال إعادة التدوير
"من خلالِ تجاربنا، تبتكرُ الشّركاتُ الصّغيرةُ والنّاشئةُ حلولاً مبتكرةً لصالحِ كوكبنا. ولكنّها تواجهُ عقباتٍ في التمويل؛ إمّا لعدمِ كفايتهِ أو لبطءِ الحصولِ عليه. وعلى الرّغمِ من التّركيزِ الكبيرِ على التّكنولوجيا، وهو أمرٌ مهمٌّ، إذ يجبُ ألّا نغفلَ عن الحلولِ الأخرى المستندةِ إلى الطّبيعةِ، ودمجها مع هذه التّقنياتِ، وضرورةِ توفيرِ التّمويلِ والدّعمِ والتّصاريحِ لها".
يتكّونُ فريقُ The Waste Labs من 16 فرداً، من بينهم منقذو الأغذيةِ (السّائقون)، ومراقبو الجودةِ (الفارزون في المستودعِ)، وصانعو السّمادِ، وعلماءُ البياناتِ، والمعلّمون، إلى جانبِ متخصّصين في عملياتِ الأغذيةِ والمشروباتِ، ومتدرّبين جددٍ يسعون لاستكشافِ عالمِ الاستدامةِ على أرضِ الواقعِ.
وتُضيف حسين: "نحنُ مجموعةٌ متنوّعةٌ من مختلفِ الخلفياتِ والجنسياتِ، متحدّين بشغفٍ مشتركٍ نحو رعايةِ بيئتنا وتعزيزِ الاستدامةِ".
كما تقدّم The Waste Lab حلولاً عمليّةً وسهلةَ الوصولِ، يمكنُ تخصيصها وتكييفها لتناسبَ احتياجاتِ كلّ شخصٍ أو مؤسّسةٍ. وقد تلقّت تمويلاً أوليّاً وتعملُ على فتحِ جولةِ تمويلٍ أوليّةٍ بحلولِ نهايةِ عام 2023، لتحقيقِ نموٍ وتوسّعٍ أكبرَ في الإمارات وعلى المستوى الإقليميّ.
وتختتمُ حسين: "نتعاونُ أيضاً مع شركاتٍ ناشئةٍ أخرى ومنظّماتٍ بحثيةٍ، ومبادراتٍ حكوميّةٍ، ونشاركُ في الفعالياتِ، مؤمنين بأنّ تحقيقَ تأثيرٍ إيجابيّ لقضيةٍ مشتركةٍ يتطلّبُ العملَ المشتركَ من الجميعِ".
"حتى نهايةِ الرّبعِ الثّالثِ من عام 2023، قمنا بتحويلِ ما يقاربُ 222 طناً من مخلّفاتِ الطّعامِ والموادّ القابلةِ للتحلّلِ بعيداً عن مدافنِ النّفاياتِ، وساهمنا في منعِ انبعاثِ ما يقربُ من 225 طناً من ثاني أكسيدِ الكربونِ".