هل حان الوقت لتترك وظيفتك؟ دعنا نجد الإجابة معاً
وتذكّر أنّ التّسرع في اتّخاذ هذا القرار قد يحمل مخاطر كبيرة، خاصّةً في ظلّ الظّروف الاقتصاديّة الحاليّة
ربما تتساءل أحياناً: هل حان الوقت لتوديع المكتب وقول وداعاً لآلة القهوة البائسة التي لا تصنع إلا مشروباتٍ محبطة؟ غالباً هذا ليس أحد أسباب ترك العمل المنطقيّة، إلا أنّه يعتبر مؤشّراً قوياً على رغبةٍ داخليةٍ لديك، ربما تكون نابعةً من مجموعة أسبابٍ حقيقيّة، مثل البحث عن راتبٍ أفضل، مزايا أكبر، بيئة عملٍ مريحة، أو حتى عن مديرٍ أقلّ إزعاجاً!
أياً تكن أسبابك، نحن هناك لمساعدتك في التّفكير بشكلٍ عقلاني قبل المجازفة باتّخاذ مثل هذا القرار المصيريّ، احذر من ردّة الفعل، وتأكّد من أنّ قرارك ليس مجرد هروبٍ من زميلٍ لا يتوقّف عن الحديث عن مغامرات قطّته اليوميّة!
ما هي أسباب ترك العمل؟
يشعر الكثير من الموظفين بالقلق عند التّفكير في الاستقالة، حيث يتردّدون في كيفية التّعبير عن ذلك بشكلٍ صحيح، فمتى يمكن أن يقدموا على تلك الخطوة؟ وما هي أسباب ترك العمل المنطقيّة التي لا يجب تجاهلها؟ كذلك ما هي العلامات التي لا يجب أن تتجاهلها إذا كنت قد بدأت بالتّفكير بها بالفعل؟ دعنا نستكشف ذلك [1].
السّعي لزيادةٍ في الرّاتب
رغم أن الرّاتب ليس العامل الوحيد الذي يؤثّر على رضا الموظّف، فإنّه يظلّ أحد الجوانب المهمّة، فقد أظهرت الدّراسات أنّ الرّاتب يحتلّ المرتبة الثّالثة في قائمة أولويّات الموظّفين، بعد توازن الحياة مع العمل والمرونة الوظيفيّة، ومع ذلك، يبقى الرّاتب عنصراً مؤثّراً في مسألة ترك الوظيفة.
فرص التّطوّر الوظيفي
متى يجب ترك العمل؟ قد لا نمتلك أي إجابةٍ حاسمة، لكنّ افتقاد فرص التّقدم الوظيفيّ أحد الأسباب التي قد تدفع بعضنا إلى الاستقالة، على سبيل المثال، إذا كنت تعمل كمدير أصول مبتدئ، وترغب في التّرقية إلى منصب أعلى، قد تجد أنّه لا توجد شواغرٌ متاحةٌ لتلك التّرقية، يمكن أن يكون هذا الأمر مقبولاً لبعض الوقت، لكن مع تكرار الموقف ستفقد شغفك، وتبحث عن مكانٍ يحمل إليك فرص التطور.
افتقاد فرص التّقدم الوظيفي أحد الأسباب التي قد تدفعنا إلى الاستقالة، وعلى القادة الانتباه جيداً إن كانوا يريدون الاحتفاظ بالمواهب.
تغيير المسار الوظيفي
ربما تشعر بأنّك مستعد لخوض تجربةٍ جديدةٍ خارج نطاق وظيفتك الحاليّة، في بعض المجالات، مثل العقارات، تتاح العديد من الفرص لاكتشاف مهاراتٍ جديدة تتوافق مع اهتماماتك، ورغم أهميّة الأمر حاول القيام بتجربةٍ قبل المجازفة بترك الوظيفة الحالية.
التّوازن بين العمل والحياة
إذا كنت قد طلبت من إدارتك التّعاطي بمرونةٍ أكبر في عدد ساعات العمل، أو مثلاً أن تطلب التّأخّر صباحاً في أحد الأيّام والتّعويض في المساء، دون أن يؤثّر ذلك على سير العمل، ولم تجد استجابةً، فهذا يعتبر سبباً وجيهاً للتّفكير في ترك العمل والبحث عن مكانٍ آخر أكثر تعاطفاً ومرونة.
بيئة عمل سامّة
تتواجد في بيئة عمل سامة؟ ماذا تنتظر؟ أنت تمتلك واحداً من أهم أسباب ترك العمل، فالأجواء المشحونة المتوترة باستمرار، ستؤثّر سلباً على صحّتك وحياتك، أنا هنا لا أقصد الضّغوطات التي لا تخلو منها أيّ بيئة عمل، أقصد تلك البيئة التي تجعلك تشعر بالخوف أو القلق عند الذّهاب للعمل.
مزايا وظيفية أفضل
لم تعد الرواتب التّنافسية على أهميّتها كافية لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم، فالكثير منهم يبحث عن مزايا جيدة، مثل المعاشات التقاعدية، المكافآت، الرّعاية الصحيّة وبالتّأكيد ساعات العمل المرنة، لذا فإن خلوّ وظيفتك من المزايا أمرٌ يبرّر لك رغبتك في ترك العمل.
العمل عن بُعد
إذا كانت طبيعة وظيفتك تسمح بالعمل عن بُعد، ناقشت هذا الخيار مع مديرك، ولم تجد استجابةً، فقد حان الوقت للبحث عن بيئةٍ تدعم احتياجاتك، لكن تأكّد أولاً من أنّ البحث لن يطول كثيراً، ومن الأفضل أن تستمرّ في وظيفتك الحاليّة ريثما تؤمّن البديل.
رحيل المدير
من الطبيعي أن يشعر بعض الموظفين بالميل لترك الشركة بعد استقالة مديرهم، خاصةً إذا كان المدير الجديد يتبنى رؤية مختلفة تماماً تتعارض مع قيمك أو طريقة تفكيرك، عدم الإيمان بتوجه الشركة الجديد قد يترك الموظف في حالة من الضياع، مما يدفعه للبحث عن فرصة جديدة.
أن تكون مؤهلاً أكثر من اللازم
قد يجعلك الشعور بأنك مؤهل أكثر مما يتطلبه منصبك الحالي تشعر بالاستياء ونقص الحافز، فالوظائف التي لا تستخدم كل مهاراتك قد تكون غير مرضية على المدى الطويل، رغم أن العمل السهل قد يبدو مغرياً في البداية، إلا أنه سرعان ما يصبح رتيباً وغير محفّز.
الالتزامات العائلية
تتغير ظروفنا الشخصية باستمرار، وما كان مناسباً أمس قد لا يكون مناسباً اليوم، كذلك الأمر في الوظيفة، فالعمل الذي كان يقضم من وقتك ساعات طويلة حين كنت عازباً بلا مسؤوليات عائلية، لن يصبح خياراً سهلاً بعد قدوم الأطفال، خصوصاً بالنسبة للأمهات، لذا فإن الظروف الشخصية المتغيرة واحدة من أبرز أسباب ترك العمل وأكثرها منطقية.
انتقال مكان العمل
إذا كانت شركتك قد انتقلت إلى مكان جديد، بعيد عن منزلك، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة وقت التنقل وأجوره، فإن هذا سيكون سبباً آخر منطقياً لاتخاذ خيار ترك العمل، لذا لا تتردد.
نقص الاستقرار الوظيفي
الشعور بالأمان الوظيفي أحد أهم أسباب الاحتفاظ بالعمال والمواهب، وبخلاف ذلك فإن تراجع هذا الشعور لدى الموظفين، وشعورهم المستمر بعدم الاستقرار واحد من أهم أسباب ترك العمل، ويحدث هذا غالباً حين تلجأ الشركة لتقليص عدد الموظفين، أو التأخر بالرواتب وغيرها، لذا فهنا يحق لك كإنسان لديه التزامات في الحياة، أن تفكر بمستقبلك، وتبحث عن عمل مستقر أكثر.
تغيير دورك الوظيفي
بينما تتغير بعض المهام في الوظيفة مع مرور الوقت، من المهم أن تشعر بأنك لا تزال تقوم بالدور الذي تقدمت من أجله، على سبيل المثال، إذا كنت تعمل كمدير تسويق عقاري، فيجب أن تظل استراتيجيات التسويق هي محور دورك، وليس مجرد مهام إدارية، إذا لم يعد دورك يتماشى مع أهدافك المهنية، فقد يكون الوقت قد حان للبحث عن فرصة جديدة.
نقص الرضا الوظيفي
تذهب يومياً إلى العمل دون الشعور بالإنجاز أو الرضا؟ حسناً، خيار ترك الوظيفة قد يبدو صائباً جداً بهذه الحالة، فالشعور بأنك لم تعد تحظى بالتقدير المُستحق، أو أن العمل بات روتينياً جداً لا جديد فيه، أمر يجلب لك الاكتئاب، حتى لو كان العمل سهلاً براتب عالٍ.
تراجع الشعور بالأمان الوظيفي لدى الموظفين، وشعورهم المستمر بعدم الاستقرار واحد من أهم أسباب ترك العمل.
أسباب شخصية
عند التفكير في ترك وظيفتك لأسباب شخصية، يجب التعامل مع هذا القرار بشفافية وحساسية، والأسباب الشخصية قد تشمل التزامات عائلية، مخاوف صحية، أو الحاجة إلى تحسين التوازن بين العمل والحياة، من الضروري توضيح ذلك لصاحب العمل مع الحفاظ على التزامك المهني بإنهاء مسؤولياتك خلال فترة الإشعار.
نعم، أسباب ترك العمل هذه قد تبدو منطقية جداً للوهلة الأولى، لكن مع ذلك قبل المجازفة عليك أن تفكر بالعديد من الأمور، وتدرس خيارك بشكل جديد قبل الإقدام على تلك الخطوة المصيرية.
قبل أن تتخذ قرار ترك الوظيفة: فكّر جيداً
قد لا تكون أسباب ترك العمل السّابق ذكرها أعلاه رغم منطقيّتها، كافيةً لتّتخذ خيارك بترك العمل والمجازفة بكلّ شيء، التّسرّع بمثل هذا الأمر خطيرٌ جدّاً، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصّعبة حالياً، كما أنّ الأمر قد لا يتعلّق بك وحدك، بل بحياة عائلتك أيضاً.
لذا سأطلب منك الآن، أن تسأل نفسك: هل يمكنني تحمل العيش بدون دخلي الحالي لمدةٍ تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة؟ إذا كان الجواب: لا، يؤسفني إخبارك بأنّ عليك إعادة التّفكير مجدّداً بخيارك هذا رغم كل الضّغوطات.
قبل أن تحسم أمرك بترك العمل، تأكّد من أنّك قد فكرت فيما ستفعله بعد الاستقالة، وهل لديك خياراتٌ وظيفيّةٌ قويّةٌ أو خطّة للعثور على وظيفةٍ جديدة؟ تحليل جميع العوامل الرئيسة بعناية هو السبيل لاتّخاذ قرارٍ مدروس، واتّخاذ القرار بناءً على الأسباب الصّحيحة [2].
قائمة الإيجابيات والسلبيات: مفتاح لاتخاذ القرار
من الأدوات الفعّالة لاتخاذ قرارٍ حكيمٍ هي إعداد قائمة الإيجابيّات والسلبيات، حدّد جميع الأسباب الّتي تدعم قرار ترك وظيفتك، ثم قائمةً بالأسباب التي قد تدفعك للبقاء، عند دراسة هذه القوائم، ستتمكّن من مقارنة المواقف بشكلٍ أفضل.
إذا كانت هناك الكثير من الإيجابيات القويّة وعددٌ قليلٌ من السّلبيات البسيطة، فقد يكون القرار بالرّحيل هو الخيار الأمثل، أمّا إذا كانت السّلبيات تمثّل مخاطر عمليّة كعدم وجود مصدرٍ آخر للدّخل لدعم عائلتك، فقد يكون من الأفضل التّريث في اتّخاذ هذا القرار.
لماذا أفكر في ترك الوظيفة؟ اسأل نفسك بصدق
من المهم أن تسأل نفسك: ما السبب الحقيقيّ وراء رغبتك في ترك الوظيفة؟ وفقاً لخبيرة العمل لين تايلور في مقال نشرته "Psychology Today"، هناك أسبابٌ تستحقّ التّفكير الجاد، مثل تأثير العمل سلباً على صحّتك الجسديّة أو النّفسيّة، أو اختلافك الجذري مع فلسفة إدارة الشّركة.
على الجانب الآخر، الأمور السّطحيّة كخلافٍ بسيطٍ مع زميلٍ أو استراحة غداءٍ قصيرةٍ ليست أسباباً كافيةً للتّخلي عن وظيفتك.
قبل اتخاذ قرارك بترك الوظيفة، اسأل نفسك: هل يمكنني تحمل العيش بدون دخلي الحالي لمدة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة؟
هل سيتحسّن وضعك بعد الاستقالة؟: كن صريحاً مع نفسك
كن صادقاً بقدر الإمكان مع نفسك: هل ستغير استقالتك حياتك للأفضل؟ إذا كنت تشعر بعدم الرضا العام في وظيفتك الحاليّة، فربما الوظيفة الجديدة لن تكون مختلفة كثيراً، لذا حاول تحديد ما إذا كانت مشاكلك مرتبطة بالوظيفة نفسها أو بشخصيتك، إذا كان السبب هو الأخير، فإنّ تغيير الوظيفة قد لا يحقق التغيير الذي تسعى إليه.
هل يمكنك تحسين وضعك الحالي؟: إعادة التفكير قبل الرحيل
قد يكون من المفيد البحث عمّا إذا كان بإمكانك تحسين العوامل التي تجعلك غير راضٍ عن وظيفتك الحالية، جرّب مثلاً خيار التّفاوض على ساعات عملٍ مختلفة، أو طلب مسؤولياتٍ إضافية، أو النّقل إلى قسم آخر.
أحياناً، تغيير نظرتك للأمور بشكلٍ أكثر إيجابيّة قد يكون كافياً، ولكن إذا وجدت أنّه لا يمكنك تغيير الوضع الحالي بأيّ شكل، فربما البقاء في وظيفتك ليس الخيار الأنسب، لأنّ ما يزعجك لن يتغيّر.
إذاً، لا يبدو الأمر سهلاً إطلاقاً كما تعتقد، فاتّخاذ قرارٍ بترك وظيفتك يتطلّب تحليلاً دقيقاً وتفكيراً عميقاً، ومن المهم التّأكّد من أنّك تفعل ذلك لأسبابٍ مبرّرةٍ ومدروسةٍ لضمان مستقبلٍ أفضل لك ولعائلتك.
في النّهاية، قرار ترك العمل يشبه القفز من سفينةٍ آمنةٍ إلى جزيرةٍ غامضة، قد تجد شاطئاً مشمساً أو ربما تكتشف أنّ هناك المزيد من الأجواء السلبية، المهم هو أن تأخذ قرارك بناءً على ما يسعدك ويدفعك للأمام، وليس فقط للهروب من زميل لا يتوقّف عن إخبارك بنكاتٍ قديمة، في كلّ الأحوال، السعي وراء السّعادة الوظيفيّة يستحق المغامرة!