أسرار التواصل الكتابي: طرق فعالة لإعداد المستندات التجارية
10 نصائح مفيدة لإعداد المستندات والعروض بطريقةٍ احترافّيةٍ، يقدمها Anil Dash الرّئيس التّنفيذيّ لشركة Glitch
يشتكي الجميع عادةً من العروض التقديمية المُملَّةِ الَّتي تثيرُ النُّعاس، غيرَ أنَّ الخُبراء في ميدان الأعمال يعلمون جيَّداً أنَّ هذا النَّقد لا يقتصر فحسب على العروض بواسطة الشَّرائح، بل يمتدُّ ليشمل المذكَّرات الغامضة، والمستندات الاستراتيجيَّة المبهمة، والحكايات المحيّرة عن العلامات التّجاريَّة. [1]
ويُعزى هذا الإخفاقُ في كثيرٍ من الأحيان إلى النَّظرة السَّطحيَّة، والإفراط في استخدام المصطلحات التّقنيَّة، أو تدنّي جودة الكتابة، وعلى الرَّغم من توافر الإرشادات الهادفة لتفادي هذه الأخطاء، يرى أحد الرُّؤساء التَّنفيذيّين أنَّ هناك عاملاً آخر يُسهِمُ في ضعف الكتابة التّجاريَّة، ويتلخَّص في أنَّ الكثيرَ من المحترفين سيّئون في إنشاء مستنداتٍ جذَّابةٍ.
وقد كتب أنيل داش، الرَّئيس التَّنفيذيُّ لشركة Glitch ورائد الأعمال، في إحدى تدويناته مؤخَّراً: "حتَّى الأفراد الأكثر ذكاءً وقدرةً يقعون في فخِّ إرسال مستنداتٍ مهمَّة تَصرِف الانتباه عن أهدافها الأصليَّة، أو ربَّما تُضعِفها".
ولا تَكمُن المعضلة في المحتوى وحسب، بل في الطَّريقة الَّتي يُقدّم بها هذا المحتوى، وفي محاولةٍ لإنقاذ نفسه والآخرين من عناء التَّعامل مع المزيد من المستندات المُعدَّة بشكلٍ سيّئٍ، يشارك داش في منشوره قائمةً شاملةً بأفضل النَّصائح لإعداد مستنداتٍ تُحقِّق الأهداف المرجوَّة منها، ويستحقُّ المنشور قراءةً كاملةً بلا شكٍّ، لكن لمن يضيقُ الوقت بهم، إليكم ملخَّصاً يحتوي على عشرةٍ من أبرز قواعده:
أولاً، فكِّر في جمهورك عندما تكتب
في الأساس، كلُّ نصيحةٍ أُخرى فيما يخصُّ الكتابة تصبُّ في خدمة هذا المبدأ الرَّئيسيّ: يجب أن تقودَ مصلحة جمهورك المستهدف كلَّ قرارٍ تتَّخذه، ما لم تكن تكتب مذكَّراتٍ شخصيَّةٍ أو نصَّاً أدبيَّاً رفيعاً، فإنَّ الكتابة لا تدور حولك، وإنَّما حول التَّأثير في جمهورك بطريقةٍ ما، سواءً بإقناعهم، أو تحفيزهم، أو تسليتهم، أو إطِّلاعهم؛ لذا يجب أن تبدأ دائماً من هذه النُّقطة.
ولتحقيق أقصى فعاليَّةٍ لمستنداتك بغضِّ النَّظر عن هدفك، يقترح داش أن تتأمَّلَ في أسئلةٍ مثل:
- من هم الأفراد الذين توجّه إليهم مستندك؟
- كيف يمكن وصف يومهم، وما هي التَّحدِّيات، أو المخاوف، أو الأولويَّات التي قد يواجهونها؟
- ما هو الهدف الذي من المحتمل أن يرغبوا في تحقيقه -أو السُّؤال الَّذي يسعون خلف إجابةٍ له- عند النَّظر في عملك؟
- ما مدى فهمهم للسّياق الذي تعمل ضمنه وأهدافك واحتياجاتك الخاصَّة؟
- هل الإطار والسَّرد الذي تختاره ذو صلةٍ ومناسبٌ ثقافيَّاً لجمهورك المستهدف؟
ثانياً، تجنَّب المبالغة في التنسيق
يشاركنا داش في منشوره هذا الرَّسم التَّوضيحيَّ الرَّائع من Dark Horse Analytics، حيث يُظهر كيف يُمكن تحسين جدول بياناتٍ مزدحمٍ بإزالة التَّنسيق الزَّائد تدريجيَّاً، ما يجعله أكثر جاذبيةً بصريَّاً ويسهّل قراءته.
يقولُ داش: "يبالغ الكثير منَّا في استخدام التَّنسيق، لكن يجدر بنا استخدام الخطِّ العريض بشكلٍ محدودٍ، كذلك الخطُّ المائل لا ينبغي استخدامه إلا فيما ندر، أمَّا الخطوط التَّحتيَّة فلا يحبّذ استخدامها أبداً، إذ إنَّها تُستخدم الآن بشكلٍ أساسيٍّ لإحداث الارتباك، ممَّا يجعل النَّاس يظنون أنَّ هناك رابطاً قابلاً للنَّقر، والأمر نفسه يسري على استخدام الألوان وأنماط الخطِّ، إذ عليك الاقتصار على استخدامٍ واحدٍ فقط من هذه الألوان والأنماط، أو في أقصى الحالات اثنان، لكامل المستند أو العرض التَّقديميّ الخاصِّ بك (بما في ذلك أيُّ رسومٍ بيانيَّةٍ أو جداول)، وفي حال كان ذلك ضروريَّاً، يمكن استخدام درجات لونٍ واحدٍ، ولكن، في العموم لا داعٍ لذلك! فالأبسطُ، هو الأفضل".
شاهد أيضاً: تجّنب استخدام "الصفات السيئة"، ونصائح أخرى في الكتابة التجارية
ثالثاً، احرص على زيادة المساحات البيضاء
تتلخَّص هذه النَّصيحة في أمرٍ بسيطٍ: يقول داش إنَّه لا ينبغي تركُ مساحاتٍ بيضاءَ خاليَّةٍ بصورةٍ كبيرةٍ، ويؤكِّد على أنَّ استخدام نقاط البنود طريقةً فعَّالةً لتوفير مساحةٍ للتَّنفس داخل المستند، وتدفعُ هذه الطَّريقة للتَّكثيف في العرض، ممّا يسهِّل على القارئ التَّصفُّح وتحقيق إضافةٍ مهمَّةٍ للمساحة البيضاء.
رابعاً، القصاصات الفنيَّة لا أهميَّة لها
نادراً ما تُضيف القصاصات الفنيَّة قيمةً حقيقيَّةً، هذا ما أكَّد عليه داش، وأضاف أنَّه بدلاً من إدراج صورٍ عشوائيَّةٍ، يُفضَّل ترك مساحاتٍ بيضاء، وقد تظنُّ أنَّ هذا من شأنه أن يجعلَ جمهورك مهتمَّاً أكثر بالقراءة، لكن من المحتمل أنَّ صورةً عاديَّةً لرجالِ أعمالٍ يبتسمونَ أو أشجارٍ تحت أشعةِ الشَّمس السَّاطعة مثلاً قد تصرفُ الانتباه بدلاً من تعزيز فهم المعلومات التي تودُّ نقلها.
خامساً، الثبات والاتساق هما مفتاح النجاح
قد تلحظ الفروقَ في حجم الخطِّ بين الشَّرائح بسبب استيراد النَّصِّ من وثيقةٍ أُخرى، لكنَّ جمهورك سيقضي وقتاً في محاولةِ استنباطِ ما إذا كان هناك معنى مخفيّ وراءَ هذا الاختلاف، وحذَّرَ داش: "فجأة، يجد جمهورك نفسه في محاولة لاستخراج دلالة من تغيير قمت به دون أي هدفٍ"، وهذا سببٌ آخر للحفاظ على التَّنسيق بسيطاً، فمع قلَّة عناصر التَّنسيق، يَسهُل الحفاظ على الاتِّساق عبر الوثيقة بأكملها.
شاهد أيضاً: Microsoft تطلق زر الذكاء الاصطناعي الجديد: ثورةٌ تغيّر تجربة الكتابة
سادساً، ضع العناصر المهمّة في المقدمة
يعلِّقُ داش على ذلك بقولهِ: "يعتقد النَّاس بطبيعة الحال أنَّ العنصر الأوَّل في القائمة هو الأكثر أهميَّةً، وتفكيرهم هذا منطقيٌّ!"
سابعاً، تذكَّر أنت لا تكتب رواية بوليسيَّة
لو كُشفت قصَّةُ جريمةِ قتلٍ غامضةٍ عن استنتاجاتها الرَّئيسيَّة في البداية بوضوحٍ، سيفقد القرَّاء الاهتمام بقراءتها إلى النّهاية، وإذا لم تقم وثيقةُ العمل بذلك، ستصبح مبهمةً، وأوضح داش: "كثيراً ما يقلق النَّاس حول الحاجة لتقديم لحظتهم الدَّراميَّة الكبيرة مع الكثير من المقدِّمات، لكنَّك في الغالب لا ترغب في إحداث إثارةٍ دراميَّةٍ في سياقٍ مهنيٍّ، فأنت لست في عمليَّة صُنع فيلمِ إثارةٍ يتوجَّب عليك فيه مفاجأةُ الجمهور بتطوِّراتٍ غيرِ متوقَّعةٍ، فإذا لم تُحدِّد الرّهانات وتوضِّح رسالتك في البداية، فستتسبب في إرهاق جمهورك أو تشتيتهم بتساؤلاتٍ حول مسار رسالتك".
ثامناً، إرشاد القراء بوضع علامات لتحديد مسار النّص
من الأهميَّة بمكانٍ ترك علاماتٍ مميزةٍ على طول مسار النَّص لمساعدة القرَّاء على تحديد موقعهم ضمن النَّص الذي تناقشه، مع إعطائهم فكرةً عن الاتّجاه الذي يسيرون نحوه.
ويقولُ داش: "لا يتطلَّب الأمر تعقيداً بالغاً، فلست بحاجةٍ إلى خطٍّ زمنيٍّ مفصَّلٍ كالَّذي تجده في مقاطع الفيديو على يوتيوب، لكنَّ مجرَّد تقديم خريطة طريقٍ موجزة ترصدُ تقدُّم النّقاش (وإن كان المستند طويلاً جداً، يجدر بك تلخيص الأفكار الرَّئيسيَّة ضمن هذه الخريطة أثناء التَّقديم)، وذلك من شأنه أن يطمئن القرَّاء ويجعلهم مدركين لموقعهم ضمن الحوار العام".
كذلك يَعدُّ استخدام لوحة ألوانٍ محدودةٍ لتمييز الأقسام المختلفة، وتلخيص المعلومات من الأساليب المفيدة لإرشاد القرَّاء.
شاهد أيضاً: Adobe تطلق مساعدها الذكي لتحليل وتلخيص المستندات بكفاءة
تاسعاً، الأسئلة البنّاءة طوق النجاة
في السّياقاتِ المهنيَّة، غالباً ما تُكتب المستندات لتمهيد الطَّريق نحو نقاشاتٍ أوسع، فإذا كان هذا هو الهدف، فمن الضَّروريّ طرح أسئلةٍ بطريقةٍ تُسهم فعليَّاً في بناء النّقاش، وهذا يعني ضرورة الحفاظ على الأسئلة محددة وواقعيَّة.
فأسئلةٌ من قبيل "كيف يمكننا تحسين عملنا؟" تُعدُّ محاورةً فلسفيَّةً أكثر من كونها دعوةً لاتّخاذ قرارٍ محدَّدٍ"، كما يُشير داش، وقد يكون السُّؤال أكثر فائدةً إذا طُرح على النَّحو التَّالي: "هل نفضِّل الاستثمار بمزيدٍ من التَّكلفةِ في الخيار A لتحقيق تقدُّمٍ أسرعَ، أم نختار الخيار B ذو التَّكلفة الأقلِّ لنسلك طريقاً أكثر حذراً؟"
عاشراً، اختم رسالتك كما بدأتها
لا بدَّ أنَّك تذكر تلك الدُّروس في اللُّغة الإنجليزيَّة خلال سنواتِ المرحلة الثَّانويةِ، حيث تعلَّمتَ كتابةَ مقالةٍ بدءاً بطرح فكرتك الرَّئيسيَّة، مروراً بدعمها بأدلَّةٍ مقنعةٍ، وختاماً بإعادة صياغة هذه الفكرة في النّهاية؟ هذه الطَّريقة ما زالت صالحةً وفعَّالةً حتَّى بعد أن كبرتَ وأصبحت محترفاً، لكن مع بعض الإضافات الَّتي يوصي بها داش.
يقول داش: "ليس من الخطأ على الإطلاق إعادة التَّأكيد على المفاهيم الأساسيَّة في نهاية رسالتك، بل يجدر بكَ تذكير جمهورك بالاتِّفاق على الهدف المشترك، والقيم المشتركة، فهذا من شأنه أن يؤسِّس لحوارٍ مُثمرٍ ويبرز الأولويَّات التي تجمعكم سويَّاً في بداية النّقاش أصلاً، كما أنَّه ليس من الخطأ أبداً توجيه الشُّكر لجمهورك أو التَّذكير بالنَّجاحات المشتركة السَّابقة".
لا تقتصر الكتابة في السّياق المهنيّ على الحصول على نصٍّ جميلٍ ومُسلٍّ، وإنَّما تتعلَّق بتحقيق نتائجَ محدَّدة، وإذا لم تُولِ اهتماماً لطريقة تنظيم وعرض أفكارك بأكمل وجهٍ ممكنٍ ضمن مستندك، فإنَّك تُقلِّل من فُرصِ نجاحك الممكنةِ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.