أكثر 10 اتجاهات تقنية ستكون الأكثر تأثيراً في عام 2024م
في ظل الشكوك اللامتناهية حول قيمة الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة Gartner Inc عن أكثر الاستراتيجيات انتشاراً في المستقبل القريب.
هل الذّكاء الاصطناعي يزيدُ بالفعلِ من الأرباح ومفيدٌ للأعمال؟ هل سيؤدّي إلى اختفاء وظائفٍ؟ هل سيهدّد البشر وحياتهم وتعاملهم؟ بل حتّى هل هو خطرٌ على البيئةِ؟ [1]
ففي ظلّ الشّكوك اللامتناهية عن قيمة الذّكاء الاصطناعي والتّقنيات الحديثة ودورها في حياة البشر ورجال الأعمال، أعلنت شركةُ Gartner Inc عن أهمّ 10 استراتيجيّاتٍ تقنيّةٍ سوف تكون هي الأكثر انتشاراً في 2024م، وكان هذا خلال ندوة تكنولوجيا المعلومات التي عقدتها في أورلاندو مؤخّراً.
توصّلتِ الأبحاث في جارتنر إلى ضرورة أن يعملَ قادة تكنولوجيا المعلومات والمدراءُ على تقييم تأثيرات التّقنيات الحديثة طوال الوقت، وهذا بالطّبع عمل غير سهلٍ على الإطلاق بالنّظر إلى النّموّ شديد السّرعة في الابتكارات التّقنية، والتي من ناحيةٍ قد توفّر فرص ربحٍ رائعةً، ولكن من ناحيةٍ أخرى قد يكون لها العديد من المخاطر، فما هي الاتّجاهات التّقنية الأكثر تأثيراً في عام 2024م؟
من الإتاحة للجميع إلى سهولة الاستخدام على نطاقٍ واسعٍ، وتحكّمٍ أكثر في المخاطر تتنوّع بشدّةٍ الاتّجاهات الرّئيسية التي سوف تسيطر على العالم في التّعامل مع التّقنيات عموماً والذّكاء الاصطناعي خصوصاً في 2024م، فهيّا نتعرّف على هذه الاتّجاهات وفقاً لمؤسّسة جارتنر:
الثقة في الذكاء الاصطناعي وإدارة المخاطر والأمن
إنّ مصطلح AI TRiSM اختصارٌ لمفهوم الثّقة في الذّكاء الاصطناعي وإدارة المخاطر والأمن AI trust, risk and security management، وهو من أهمّ الترندات والاستراتيجيات التي سوف تؤثّر على مستقبل التّكنولوجيا وطريقة التعامل معها في 2024م، فتزايد إمكانيّة الوصول إلى الذّكاء الاصطناعي يرفع من الحاجة البشريّة للثّقة فيه مع إدارةِ المخاطر والشّعور بالأمن، وهو ما تشير إليه أبحاث جارتنر باسم TRiSM، فمن دون تلك الضمانات يُمكن لنماذج الذّكاء الاصطناعي أن تؤدّي إلى سلسلةٍ قويةٍ من النّتائج السّلبية، والتي ستلغي بطبيعةِ الحال أيّ نتائجَ إيجابيّةً.
ويدعم هذا النّموذج العدالة، والموثوقيّة، والشّفافيّة، وحماية البيانات، ومن المتوقّع تزايد الشّركات التي تنتهج ضوابط TRiSM بحلول عام 2026م، وهو ما قد يقضي على 80% من المعلومات الخاطئة، وغير المشروعة، وتحسين الدّقة، والتحكّم في التّحيّز عند اتّخاذ القرارات.
إدارة التعرض المستمر للتهديدات
وهو ما يُعرف اختصاراً باسم CTEM، وهو أسلوبٌ نظاميٌّ يسمح للمؤسّسات بالتّقييم المستمرّ لتقنيات الذّكاء الاصطناعي، وإدارة إمكانية الوصول للجميع، والتحكّم في مخاطر استغلال الأصول الرّقمية والمادّية، فهو نهجٌ عمليٌّ يهدف لتحسين الأمن السّيبراني مع توفير توازنٍ مميّزٍ بين تشخيص المشكلة، وطريقة العمل على حلّها مع تحديد الأولوياتِ.
ومن خلال استخدام هذا النّهج في البنيّة التّحتية، فإنّه سوف يساعد المؤسّسات على رؤية نقاطِ الضّعف والتّهديدات التي لا يمكن إصلاحها، وتتوقّع جارتنر أنّه بحلول عام 2026م سوف تشهد المؤسّسات انخفاضاً بمقدار الثلثين في الانتهاكات الأمنيّة عندما تمنح الأولوية للاستثمارات الأمنيّة القائمة على برنامج CTEM.
الذكاء الاصطناعي التوليدي الديموقراطي
بسبب الانتشار الفائق للنّماذج الاصطناعيّة المدربّة مسبقاً مع السّهولة الكبيرة في الوصول إليها عبر الحوسبة السّحابية والتّقنيات مفتوحة المصدر، فإن الذّكاء الاصطناعي التّوليدي أو GenAI أصبح أكثر ديموقراطيةً بكثيرٍ عن ذي قبل مع إمكانيّة استخدامه على نطاقٍ واسعٍ على مستوى العالم.
وتتوقّع جارتنر أن تستخدم أكثر من 80% من المؤسّسات والشّركات شكلاً من أشكال الذّكاء الاصطناعي التّوليدي، سواءً بتطبيقاتٍ أو نماذجَ توليديةٍ بحلول عام 2026م، وهذا مقارنةً بنسبة 5% فقط من الشّركات عام 2023م.
فهو من الاتّجاهات الاستراتيجيّة الرّئيسية للتّعامل مع تقنيات الذّكاء الاصطناعي، فالديموقراطية وإتاحة التّقنية للجميع سوف تسمح بتعزيز الإنتاجيّة وخفض التّكاليف مع توفير فرصٍ جديدةٍ للنّموّ.
شاهد أيضاً: الذكاء الاصطناعي والإنسان
تطوير الذكاء الاصطناعي المعزز
وهو ما يعني ببساطةٍ استخدام الذّكاء الاصطناعي التّوليدي والتّعلّم الآليّ في كتابة أكواد التّرميز ومساعدة مهندسي البرمجيّات في تصميم التّطبيقات وواجهات المواقع الإلكترونيّة وغيرها، فقد أصبحت تقنيات الذّكاء الاصطناعي أكثر أهميّةً من عمليّة إنشاء التّطبيقات والمنصّات واختبارها.
وتسمح أدوات البرمجة والتّرميز المعزّز بالذّكاء الاصطناعي بترجمة التّعليمات البرمجيّة القديمة، وتحويلها إلى لغةٍ حديثةٍ قابلةٍ للعمل على جميع أنواع الأجهزة، ممّا يحسّن بشدّةٍ من إنتاجيّة المطوّرين، ويوفّر عليهم الكثير من وقت كتابة الأكواد، ويجعلهم أكثر تفرغاً لأنشطةٍ ذات مستوى إبداعيٍّ أعلى مع تمكين فرق المطوّرين من تلبيّة الطّلبات المتزايدة على الحلول البرمجيّة المختلفة، والأكثر أهميّةً لنّموّ الأعمال، وتتوقّع مؤسّسة جارتنر أنه بحلول عام 2028م، فإن 75% من المطوّرين سوف يستخدمون أدوات الذّكاء الاصطناعي في التّرميز.
التطبيقات الذكية
لقد أصبح الذّكاء فجأةً عاملاً شديدَ الحيويّة في تطوير التّطبيقات الحديثة، فهي تسمح للمؤسّسات بأتمتة العمل، وتوسيع نطاقه بشدّةٍ وتحسينٍ فائقٍ في تجربة المستخدمين والعملاء، وأصحاب المنتجات مع إمكانيّة، إضافة التّوصيات الدّقيقة والتنبّؤات بشأن اتّجاهات السّوق المتوقّعة، وبالتّالي اتّخاذ القرارات الماليّة بشكلٍ أفضل.
فالتّطبيقات الذّكية تجعل هذا ممكناً بشدّةٍ، وتعرِّف مؤسّسة جارتنر التّطبيقات الذّكية بأنّها القدرة على الاستجابة بشكلٍ مناسبٍ وباتّساقٍ واستقلاليةِ بناءةٍ على التّعلّم الآليّ المكتسب، فتعزّز التّطبيقات الذّكية من وثوقية العمل الآلي، وتغطي النّقص الحادّ في المواهب الذي تعاني منه الشّركات.
القوى العاملة المعززة بالذكاء الاصطناعي
وهو من الاتّجاهات القويّة التي سوف تؤثّر في التّعامل مع الذّكاء الاصطناعي في عام 2024م، ويهدف في الأساس إلى تحسين الأداء البشريّ من خلال إنشاء اتّصالٍ بين البشر والتّكنولوجيا الذّكية. سواءً في التّدريب أو التّشغيل لحلّ المشكلات المعقّدة بطريقةٍ أسرعَ، وتتوقّع جارتنر أن يستخدم 25% من مديري الشّركات مبادرات القوى العاملة المعزّزة بالذّكاء الاصطناعي في عام 2027م لزيادة كفاءة البشر بنسبة 50% على الأقلّ، ممّا يدعم رفاهيّة القوى العاملة وكفاءتها وزيادة التّأثير الإيجابيّ.
عملاء الآلة
وهو أحد الاتّجاهات المثيرة للقلق بشدّةٍ عند انتشارها في 2024م، ومن المخاطر المتوقّعة للذّكاء الاصطناعي، إذ لأوّل مرّةٍ سوف يكون لدى الشّركات قدرةً على "تكوين" عملائها. وفقاً لمؤسّسة جارتنر فإن عملاء الآلة هم جهاتٌ اقتصاديةٌ فاعلةٌ، ولكن غير بشريّةٍ على الإطلاق، ومع هذا لديهم قدرةٌ على التّفاوض والشّراء بشكلٍ مستقلٍّ، سواء للسّلع أو الخدمات مقابلَ الدّفع.
وفي حين يُمكن للاستخدام الصّحيح لعملاء الآلة أن يحلّ الكثير من المشكلات في الشّركات والقيام بمهامٍّ متنوّعةٍ، إلّا أنّ الطّابع المستقلّ لها قد يكون مقلقاً بعض الشّيء.
ويُتوقّع أن يصلَ عدد المنتجات المتصلة مع عملاء الآلة إلى 15 مليار منتجٍ متصلٍ عام 2028م، ويُمكن أن يزيدَ هذا الاتّجاه من الإيرادات إلى تريليونات الدولارات عام 2030م، وهو ما سيتجاوز بشدّةٍ أهميّةَ التّجارة الرّقميّة، وتوصي جارتنر باستخدام روبوتاتٍ حديثةٍ ومتطوّرةٍ للقيام بالمهامّ المتنوّعة بكفاءةٍ.
التكنولوجيا المستدامة
تشملُ إطاراً من الحلولِ الرّقميّة التي تحافظ على البيئة بشكلٍ أكبر، وتحافظ على الرّوابط الاجتماعيّة مع التحكّم في العوامل التي تؤثّر في التّوازن البيئيّ وحقوق الإنسان، فمع زيادة المخاوف من التّأثير السّلبي للذّكاء الاصطناعيّ، والعملات المشفّرة، والحوسبة السّحابية على البيئة، فإنّه أصبح من الضّروري للغاية للمؤسّسات الاعتماد على تكنولوجيا معلوماتٍ مستدامةٍ تتمتّع بالكفاءة والدّورية، لتقليل التّكلفة وحماية البيئة وتحقيق الاستدامة في الصّناعات نفسها أيضًا.
هندسة المنصات
تتمتّع المنصّات المصمّمة جيّداً بالقدرة على تزويد كلٍّ من العملاء والشّركات بتجربةِ خدمةٍ ذاتيةٍ مميّزةٍ وسهلةٍ دون تدخّلٍ بشريّ على الإطلاق، ممّا يسمح للمستخدمين بالقيام بالمهمّة بأقلّ قدرٍ من النّفقات، وتسمح هذه المنصّات بتحسين تجربة المطوّرين، وزيادة إنتاجيتهم، ومنح المستخدمين المزيد من الاستقلاليّة عبر خياراتٍ متنوّعةٍ للخدمةِ الذّاتيّة المتقدّمة، كما يزيد من مرونةِ المؤسّسة وقدرتها على التّكيّف.
وتتوقّع مؤسّسة جارتنر أنّ 80% من مؤسّسات هندسة البرمجيّات سوف تؤسّس منصّاتِ التّطوير الدّاخلي ذاتيّة الخدمة، لزيادة مستوى التّفاعل والتّخصيص لكلّ شركةٍ ومؤسسةٍ، وبالتالي تحسين الإنتاجيّة.
المنصات السحابية الصناعية
تُعرف اختصاراً باسم ICPs، وهي عبارةٌ عن منصّاتٍ سحابيةٍ مصمّمةٍ خصيصاً لشركةٍ معيّنةٍ أو صناعةٍ محدّدةٍ، وتوفّر إمكانيّة إضافة الخواصّ والتّركيبات التي تحتاج إليها المؤسّسات الحديثة لزيادة سرعة استجابتها للاضطرابات المُتسارعة في الصّناعةِ والأسواقِ.
وبحلول عام 2027م من المُحتملِ أن تلجأ 50% من المؤسّسات إلى المنصّات السّحابية الصّناعية لتسريع مبادرات أعمالها، وتُصل النّسبة في 2023م إلى 15% فقط من المؤسّسات التي تستخدمُ هذه التّقنية، وهي تهدف إلى تحسين الإنتاجيّة وتجربةِ المُستخدم وتسريع نموّ الأعمالِ.
وبهذا نكون تعرّفنا على أكثر 10 اتجاهاتٍ تقنيّةٍ سوف تكون الأكثر انتشاراً وفاعليةً وتأثيراً في 2024م، وهي تهدف في الأساس إلى دعم صناعة القرارات الماليّة، وتحسين تجربة المستخدم، وزيادة الإنتاجيّة، وتحقيق التّكامل المطلوب بين البشر، والتّقنيات الحديثة.