الرئيسية التنمية أهم وظائف المستقبل: صراع الهيمنة التقنية والمهارات الإبداعية

أهم وظائف المستقبل: صراع الهيمنة التقنية والمهارات الإبداعية

وظائفٌ متنوّعةٌ في مجالاتٍ مختلفةٍ، ستأخذ أشكالًا أكثر تطوّراً بعيداً عن خرافات الاندثار والاختفاء

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تزايدُ الرُّعب من البطالة المستقبليَّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى مع دخول تقنيَّات الذكاء الاصطناعي في كلِّ المهن بلا أيّ استثناءٍ، حيث تساءل الملايين حول العالم ماذا سيتبقَّى للبشر لكي يمارسوه، ويكسبوا لقمة عيشهم من خلاله؟ وفي حين تسودُ رؤىً شديدة التَّشاؤم بشأن المهن في المستقبل، وأنَّها سوف تحتاجُ إلى خبراتٍ تقنيَّةٍ رفيعة المستوى وتعاملٍ شديد التَّخصُّص مع الآلات، وأنَّ كلَّ من لا يملكُ مهارات البرمجة والتَّرميز سوف يجدُ نفسهُ عاطلاً عن العمل، إلَّا أنَّ هناك رؤىً أُخرى على العكس من هذا تماماً بشأن أهمِّ وظائف المستقبل، وتعدُّ أكثر تفاؤلاً بكثيرٍ.

بالطَّبع دخلت التُّكنولوجيا بالفعل في كلِّ المجالات، واستبدلت الكثير من الوظائف، إلَّا أنَّها من ناحيةٍ أُخرى خلقت آلاف الفرص البديلة، سواء فيما يتعلَّق بالمجال التُّكنولوجيّ المُتخصِّص أو المسارات الوظيفيَّة الأُخرى، والَّتي تتطلَّبُ الكثير من المواهب والسِّمات البشريَّة الَّتي لا يُمكن الاستغناء عنها على الإطلاق.

فإذا كنتَ تشعرُ بالرُّعب الشَّديد من عدم قدرتكَ على اقتحام عالم الذَّكاء الاصطناعيّ بطريقةٍ متخصِّصةٍ وكتابة الأكواد البرمجيَّة، فإنَّ هناك عشرات ومئات وآلاف الوظائف الأُخرى الَّتي يُمكنكَ أن تستثمرَ بها وقتكَ في المستقبل، وسوف نتعرَّف الآن على مجموعةٍ من أهمِّ تلك الوظائف.

أهم 10 وظائف في المستقبل

سوق العمل دائم التَّغيُّر، ويتطلَّب التَّعلُّم المستمرَّ، سواء قديماً أو حديثاً، وفي حين أنَّ المجالَ البرمجيَّ والتَّقنيَّات يأتي على رأس المهن المطلوبة مستقبلاً، إلَّا أنَّ الكثير من شركات البرمجة تُسرِّح موظِّفيها أيضاً؛ لأنَّ الذَّكاء الاصطناعيَّ قادرٌ على البرمجة، ولا يوجد أيُّ منطقٍ في أن يتحوَّل الجميع إلى كاتبي أكوادٍ ومطوِّريّ برامج، لكنَّها حتَّى الآن الوظيفة الأكثر طلباً وإقبالاً، والَّتي تتمتَّعُ بسوقٍ متنامٍ في الكثير من تخصُّصاتها، ولكنَّها ليست بمفردها، فما هي أكثر المهن المطلوبة في المستقبل؟

تطوير البرامج والترميز

أكَّدت الكثيرُ من استطلاعات الرَّأي أنَّ تطويرَ البرامج من أكثر المهن الحديثة المطلوبةِ الآن، وفي المستقبلِ ستكون هي الأعلى تصنيفاً بشكلٍ عامٍّ، ولكن كما ذكرنا فإنَّ قدرةَ برامج الذكاء الاصطناعي على كتابة أنواعٍ مختلفةٍ من الأكواد فرضت على مهندسي البرمجيَّات تطويرَ أنفسهم بدرجةٍ أكبر، فلم يعد تعلُّم لغة برمجةٍ أو أكثر هو الفيصل بين مهندسٍ وآخر، ولكنَّ الإبداع واكتشاف الفرص والتَّعمُّق في برامج التَّعلُّم الآليّ هي ما يفتحُ الباب على مصراعيه لمن يجد في نفسهِ ميلاً لهذه المهنة، وعموماً إذا كان الأمرُ يبدو شديد التَّعقيد للكثير منَّا اليوم، فإنَّ إدخالَ البرمجة في المناهج الدِّراسيَّة في الكثير من الدُّول سوف يزيد من سهولة التَّعامل مع هذه اللُّغات، والَّتي ستكون مطلوبةً في كلِّ مجالات الحياة، سواءً للعمل أو التَّفاعل مع التَّقنيَّات في أي مجالٍ آخر تختارهُ. [1] 

وظائف البلوكتشين

لا ترتبطُ البلوكتشين فقط بالعملات المشفرة مثل البيتكوين كما يعتقدُ الكثيرون، فصحيحٌ أنَّ هذه التَّقنيَّة صُمِّمت في الأصل لحماية العملات الرَّقميَّة وتشفيرها وتأمين المعاملات بها، إلَّا أنَّها أصبحت تقنيَّةً مُستقلَّةً بذاتها، وتدخلُ في الكثير من الصِّناعات الحالية مثل السَّيَّارات، وهذا لتسجيل تاريخ المركبات لمنع الاحتيال، فلن يتمكَّن أحدٌ مع البلوكتشين في الكذب بشأن صيانة السَّيَّارة وحالتها وعدد الكيلومترات الَّتي قطعتها، فعندما تُسجّل هذه البيانات على البلوكتشين، فإنَّها تكون آمنةً بنسبة 100%.

ومن المتوقَّع أن تُضيفَ هذه التَّقنيَّة أكثر من 40 مليون وظيفةٍ حول العالم بحلول عام 2030، فمستقبل التَّمويل سوف يتغيَّر تماماً مع الانتشار المُتزايد لها، كما أنَّ كلَّ الصِّناعات سوف تحتاج إلى مطوِّري بلوكتشين لتأمين عمليَّاتها المتنوِّعة، سواءً الماليَّة أو الصِّحيَّة أو الخدمات اللُّوجستيَّة وغيرها، إذ يُمكن ببساطةٍ تتبُّع أيِّ شيءٍ وتداوله على البلوكتشين، والَّتي هي عبارةٌ عن شبكةٍ قويَّةٍ من أجهزة الكمبيوتر الموزَّعة على مستوى العالم، ولا يُمكن تغيير أو تعديل أيّ بياناتٍ بها.

وظائف الواقع الافتراضي

تأتي وظائفُ الواقع الافتراضيّ على رأس المهن الحديثة الواعدة بمستقبلٍ شديد الأهميَّة والرّبحيَّة والتَّنوُّع في الوقتِ ذاتهِ، فمن المُتوقَّع أن يصلَ حجم هذه السُّوق إلى 296.9 مليار دولارٍ عام 2024، مقارنةً بـ30.7 مليار دولارٍ في 2021؛ أي نموّ بنحو 10 أضعافٍ في 3 أعوامٍ فقط، وتتنوَّع الوظائفُ المُرتبطة بهذا القطَّاع بدءاً من تطوير ألعاب الفيديو إلى التَّسويق، فضلاً عن استخدامه في مختلف المهن سواءً الهندسيَّة أو الطِّبيَّة أو التَّعليميَّة وغيرها، فهي من التَّقنيَّات الَّتي يُمكن أن تدخلَ بكفاءةٍ في مختلف المهن سواءً للتَّدريب عليها أو ابتكار تقنيَّاتٍ ملائمةٍ لها أو صيانتها.

شاهد أيضاً: إدمان العمل: النجاح المهني والتحديات الشخصية وراء الكواليس

وظائف الأمن السيبراني

أو ما يُطلق عليه الهاكر الأخلاقيّ، وهي من أكثر المهن المطلوبة في المستقبل أيضاً، خصوصاً إن كانت تعتمدُ على خبرةٍ برمجيَّةٍ شديدة التَّخصُّص مع مهارات استكشافٍ وتعلُّمٍ عميقٍ وقدرةٍ على الابتكار والخيال وغيرها من المهارات، كما أنَّها مطلوبةٌ الآن بشدَّةٍ، وفي المستقبل أيضاً، فمن غير المتوقَّع على الإطلاق التَّخلّي عن تلك الوظيفة إلَّا في حالة اختفاء الإنترنت، فهم المسؤولون عن أمن الشَّبكات ومنع التَّسلُّل وتطوير البرامج المتنوِّعة لكشف المخترقين، ويتمتَّع هذا المجال بنسبة بطالةٍ صفر%، بل تزيدُ الحاجة إليهم بنسبة 20% كلَّ عامٍ تقريباً، وهناك دوراتٌ تدريبيَّةٌ لتعلُّم أساسيَّات هذا النَّوع من البرمجيَّات، ومنها ما يتمُّ عبر الإنترنت لمعرفة مدى قدرتكَ على الاستمرار في هذه المهنة. [2]

الوظائف المرتبطة بالبيانات

لم يعد من المُمكن لأيّ مجال أعمال أن يزدهرَ أو ينجحَ من الأساس دون قدرةٍ على تحليل كمٍّ هائلٍ من مليارات البيانات الَّتي تتدفَّقُ باستمرارٍ عبر الويب، سواءً من وسائل التواصل الاجتماعيّ أو المتاجر الإلكترونيَّة أو المحادثات الشَّخصيَّة والمعاملات البنكيَّة وتفضيلات التَّسوُّق وردود الأفعال على المحتويات المختلفة من ترفيهيَّةٍ وثقافيَّةٍ وترويجيَّةٍ وغيرها، فأيُّ مجال عملٍ يحتاج لمعرفة اتِّجاهات الجمهور وأفضل طريقةٍ للوصول إليهم وتلبية احتياجاتهم.

وتعدُّ وظيفة تحليل البيانات هي المفتاح السّحريّ لمعرفة نوع السُّوق الّتي تدخل إليها والاحتياجات الَّتي تنقصُها وطريقة الوصول إليها، ومن المتوقَّع أن تنمو سوق تحليل البيانات بنسبة 30% في عام 2025، وتتطلَّبُ هذه الوظيفة خبرةً بالأرقام وتحليلها واستخدام برامجَ مخصَّصةٍ في تجميعها واستيفاء معلوماتٍ تنبؤيَّةٍ منها، تُساعد رجال الأعمال والحكومات والهيئات المختلفة في الوصول لأفضل قراراتٍ في الوقت الفعليّ.

وترتبطُ وظائفٌ أُخرى بالبيانات مثل وسيط البيانات، والَّتي تكون عبارةً عن شركاتٍ مسؤولةٍ عن تسهيل تبادل البيانات بأمانٍ دون الكشف عن معلوماتٍ شخصيَّةٍ، وضمان ألَّا تقع في الأيدي الخطأ ومنع إساءة استخدامها، وهذا بالاستعانة بمطورين ومحقِّقين وعلماء نفسٍ واجتماعٍ وغيرها من مجالاتٍ سوف تكون كلُّها مطلوبةً لتحليل البيانات وحمايتها بطريقةٍ أفضل.

وظائف الرعاية الصحية والبدنية وخبراء الجينات والصحة النفسية

تعدُّ الرعاية الصّحيّة واحدةً من أكثر القطَّاعات نموّاً، وعلى الرَّغم من أنَّ الذَّكاء الاصطناعيَّ يتولَّى بالفعل الكثير من مهام الفحص والتَّصوير بالأشعة المقطعيَّة وإجراء بعض العمليَّات الجراحيَّة، إلَّا أنَّه لن يكون هناك غنىً على الإطلاق عن التَّعاطف والمهارات الإنسانيَّة في هذا المجال، مع ازدياد الرَّغبة في تخصيص البرامج الملائمة لكلِّ شخصٍ.

كما يدخل الطَّبُّ الجينيُّ في الصُّورة بقوَّةٍ، فمن المتوقَّع ظهور آلاف الوظائف المُرتبطة بهذا المجال عام 2030، والأمر يتعدَّى بمراحل التَّدخُّل في لون عين المولود أو بشرته أو شكل شعره، فهذا التَّخصُّص يفتح المجال للحدِّ من المخاطر الصّحيَّة المتوارثة، ممَّا يُحسِّن نوعيَّة الحياة وجودتها لملايين الأشخاص، فأمراضٌ مثل السّمنة والسُّكريّ وحتَّى السَّرطان وغيرها يكون بها جزءٌ وراثيٌّ يُعيق الاستجابة للعلاجات التَّقليديَّة، ومع تطوُّر هذا التَّخصُّص، فإنَّ الكثيرَ من المشكلات الطّبيَّة يمكن أن تنتهي، مع وجود بُعدٍ أخلاقيٍّ لا غنى عنه للحُكم على طريقة استخدام الجينات لتحسين الحياة، وليس لخلق كائناتٍ جديدةٍ.

وتندرجُ الصحة النفسية بقوَّةٍ تحت الفئات الأكثر طلباً في المستقبل، فالمخاوف البيئيَّة وزيادة العزلة الاجتماعيَّة وتأثيرات الذَّكاء الاصطناعيِّ على الحياة والوظائف ومستقبل النَّاس، بالإضافة لتغيُّرات القيم الأخلاقيَّة، فكلُّ هذا يزيد بشدَّةٍ من الإقبال على مقدِّمي الرّعاية النَّفسيَّة مع التَّخلُّص من الوصمة الَّتي ارتبطت بمثل هذه الأمراض حتَّى القرن العشرين وزيادة الانفتاح على التَّواصل مع متخصِّصين للتَّعامل مع المشكلات الحياتيَّة اليوميَّة بطريقةٍ أكثر إيجابيّةً.

بناء وتشييد المدن الذكية والمستدامة

لا يتوقَّف الطَّلب مُطلقاً على قطَّاع البناء والتَّشييد والحرف والمهن المرتبطة به من عُمَّالٍ وسبَّاكين وفنيّين ومصمِّمين وغيرها من حِرفٍ سوف تظلُّ مطلوبةً لسنواتٍ، ولكن مع إضافة أبعادٍ أُخرى أكثر أهميَّةً في مراعاة الاستدامة والحفاظ على البيئة، فسوف يكثر الطَّلب على وظائف مثل تصميم المباني ثلاثي الأبعاد، والَّتي تُعدُّ ثورةً في عالم البناء والتَّشييد، إذ إنّها قادرةٌ على بناء منزلٍ صغيرٍ خلال يومٍ واحدٍ، أو مبنى ضخمٍ خلال عدَّة أسابيعٍ بدلاً من سنواتٍ. وتتطلَّب هذه المهنة مهاراتٍ في التَّصميم الهندسيّ والإبداع البصريّ وخبرةً تقنيَّةً معقولةً، وفهماً لطبيعة مواد البناء المُعاد تدويرها والقابلة للتَّصلُّب السَّريع.

كما يدخلُ التَّصميم الذَّكيُّ للمباني لتنتجَ طاقةً ومياه أكثر ممَّا تستهلكُ في إطار الوظائف المستقبليَّة المطلوبة في قطَّاع البناء والتَّشييد، فمع ضرورة تطوير الأنظمة الكهروضوئيَّة على الأسطح واستخدام مواد بناءٍ ذكيَّة، والمراقبة البيئيَّة للمباني وبرامج التَّحليلات المتقدِّمة وغيرها، فإنَّ كلَّ تلك التخصُّصات الفرعيَّة سوف تكون مطلوبةً بشدَّةٍ في المستقبل القريب لتعزيز عمليَّات البناء الأخضر والحفاظ على الاستدامة. [3]

وظائف إنشاء المحتوى والتسويق الرقمي

إنشاء المحتوى من المجالات شديدة الاتّساع، والَّتي تُحقّقُ نموَّاً عاماً بعد عامٍ، فقد تضاعف الاستهلاك العالميُّ للمحتوى عبر الإنترنت في عام 2020 نتيجة الوباء، ومن المتوقَّع ارتفاع الطَّلب بنسبةٍ كبيرةٍ على منشئي المحتوى في المستقبل، بدءاً من مدوني الموضة إلى مقدِّمي نصائح الاستثمار الماليّ والتَّغذية وغيرها، فإنَّ كلَّ المجالات تقريباً أصبح لها محتوىً على الإنترنت سواءً مسموعٌ أو مقروءٌ أو مرئيٌّ، ويحتاجُ الأمر إلى مجموعةٍ من مهارات التَّواصل والقدرة على التَّعبير وصياغة الأفكار مع الإلمام بالتَّقنيَّات التَّسويقيَّة الحديثة، وهناك الكثير من الدَّورات التَّدريبيَّة الَّتي تُساعدكَ على بدء إنشاء محتوى رقميّ أو التَّقدُّم في مهنتكَ بهذا المجال عبر تقنيَّاتٍ جديدةٍ.

ويرتبط التَّسويق الرَّقميُّ إلى حدٍّ كبيرٍ بإنشاء المحتوى، وإنَّ كان يتطلَّبُ خبرةً مختلفةً بعض الشَّيء، فالتَّسويق بالمحتوى في الأساس من المجالات المتنامية بشدَّةٍ، وظهرت منه فئاتٌ فرعيَّةٌ مثل خبير السِّيو، وهو المختصُّ باستخدام أدواتٍ مختلفةٍ سواءً تقنيَّة أو لغويَّة لتحسين ترتيب المواقع الإلكترونيَّة على الإنترنت سواءً على محرّكات البحث، أو في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، ممَّا يزيد من مبيعات المنتجات على تلك المواقع أو انتشار المحتوى الَّذي تقدِّمه، وبالتَّالي ارتفاع نسبة الإعلانات والأرباح.

وظائف الذكاء الاصطناعي

وهي أكبر بكثيرٍ من مجرَّد تدريب الرُّوبوتات على التَّحدُّث والإجابة عن الأسئلة، فقد أطلق إيلون ماسك العنان للخيال مع التَّحدُّث عن زرع رقائقٍ في رؤوس النَّاس لخلق بشرٍ خارقين؛ لذا فالتَّطوُّرات في هذا المجال فائقةٌ، وتشمل أيضاً كلَّ مناحي الحياة.

كما ترتبطُ وظائف الذكاء الاصطناعي بتدريب البشر على طريقة التَّفاعل مع هذه التَّقنيَّات واستخدامها بكفاءةٍ في المجالات المختلفة دون رعبٍ أو فزعٍ منها؛ لأنَّها أصبحت ببساطةٍ حقيقةً واقعةً؛ لذا فإنَّ معلمي الذَّكاء الاصطناعيّ سيكون لهم دورٌ كبيرٌ في زيادة المعرفة بهذه التَّقنيَّات والطَّريقة المُثلى للتَّفاعل معها، وسوف يرتفع الطَّلب عليهم في كلّ المجالات سواءً الطّبيَّة أو التَّعليميَّة والتَّسويقيَّة وغيرها.

وظائف التعليم والتدريب

ما يزالُ هناك طلبٌ كبيرٌ على المعلّمين لجميع الفئات العمريَّة حول العالم، وخصوصاً ما يتعلَّقُ بمرحلة الطُّفولة المبكِّرة، وكيفيَّة تأهيل الأجيال القادمة للكثير من التَّحديَّات التّقنيَّة والبيئيَّة والوظيفيَّة المختلفة، فلم يعد دور المعلِّم يقتصر على شرح وإلقاء منهجٍ معيَّنٍ محفوظٍ، بل تتطوَّرُ أدواته يوماً بعد يومٍ، ويرتفع حجم التَّحديَّات أمامه في الوقت ذاته؛ لذا المعلِّم في المستقبل لا بدَّ أن تكونَ لديه خبراتٌ في التَّعامل مع التَّقنيَّات المتنوِّعة ومواكبة التَّطوُّر باستمرارٍ، فهذه هي الفئة الَّتي سوف تتمتَّع بزيادة الإقبال عليها في المستقبل، وليس الفئة التَّقليديَّة الرَّافضة لكلِّ جديدٍ.

كما أنَّ فئات التَّدريب على المهارات المتنوِّعة، سواء الحياتيَّة أو التَّقنيَّة أو البيئيَّة، أصبح لها الكثير من الشَّعبيَّة لما لها من أهميَّةٍ في تطوير خبرات الأفراد وتحسين جودة ونوعيَّة حياتهم ورفع مستوى قدرتهم في التَّعامل مع المشكلات المتنوِّعة، سواءً في العمل أو العلاقات الشَّخصيَّة؛ لذا فإنَّ مهنة التَّدريب سوف تكون من المهن المستقبليَّة المطلوبة أيضاً، خصوصاً إذا تزامنت مع الاستخدام الجيِّد للتَّقنيَّات الحديثة في التَّصوير وتقديم المادة التَّعليميَّة وغيرها من وسائل جذبٍ بصريٍّ أو تخصيص محتوىً لفئاتٍ محدَّدةٍ.

شاهد أيضاً: الذكاء الاصطناعي: شريكك المستقبلي وليس بديلاً عنك

كيف تُحدِّد أفضل مهن المستقبل بالنِّسبة لك؟

هناك الكثير من العوامل الَّتي تُؤثِّر في طريقة اختياركَ لمهنتكَ المُستقبليَّة، فعلى الرَّغم من أنَّ أغلبَ البشر يبدأون حياتهم العمليَّة، وينهونها في مجالٍ واحدٍ، إلَّا أنَّ نسبةً كبيرةً تحتاج إلى تغيير مهنتها في المنتصف، أو على الأقلِّ الحصول على دوراتٍ تدريبيَّةٍ مكثَّفةٍ لتطويرها، وعموماً يُمكنك اتِّباع الإرشادات التَّالية لتساعدك في تحديد مهنتكَ:

شغفك الشّخصي

فهذا هو ما يجبُ أن يكونَ المُحدِّد الرَّئيسيّ لمهنتكَ، فالمهنة الَّتي تحبُّها سوف تكون قادراً على التَّطوُّر بها ومواكبة أحدث اتِّجاهاتها، والَّتي تكون عادةً شديدة التَّغير في كلِّ مهنةٍ بلا أيّ استثناءٍ، فلا تنجذبُ مثلاً لمهنة البرمجة، في حين لا يكون لديك شغفٌ بحلّ المشكلات، ولا ترفض مجال المحاسبة أو التَّمويل إذا كنت ماهراً في الأرقام، إذ يجبُ أن تعرفَ ما الأنشطة الَّتي تجلب لك أكبر قدرٍ من السَّعادة؛ لتكون قادراً على التَّطوُّر بها.

المهارات ونقاط القوّة

لا يكفي الشَّغف الشَّخصيُّ بمفرده لتحديد المهن المستقبليَّة الملائمة لك، فقد تكون شغوفاً بممارسة كرة القدم، ولكن لا تتمتَّع بالمهارات بها؛ لذا إذا لم تتلاءم مهاراتكَ مع شغفكَ، فاترك ما تحبُّه ليكون هوايةً فقط وركِّز في المهارات الَّتي تمتلكها بالفعل، وفي المهام الَّتي تجدها سهلةً، سواءً الإقناع والتَّحدُّث أو تركيب الأشياء أو التَّصميم، وهناك الكثير من الاختبارات الشَّخصيَّة الَّتي تُساعدكَ في تحديد جوانب مهاراتكَ والبحث عن المهن المُرتبطة بها.

القيم والمُعتقدات

تعدُّ القيم والمعتقدات من المؤشِّرات الَّتي تُساعدكَ في تحديد مهنتكَ المُستقبليَّة، فهل كلُّ ما تبحثُ عنه هو الرَّاتب الضَّخم، أم ترغب في مهنةٍ ممتعةٍ ومتغيِّرةٍ، وليست مملَّةً أو متكرِّرةً بالمهام نفسها يوميّاً، أم ترغب أكثر في التَّعامل المستمرِّ مع البشر، أم أنَّك انطوائيٌّ وتُفضِّل العُزلة والعمل بمفردكَ؟

أبحاث سوق العمل والنظرة المستقبليّة لها

وهو بالطَّبع مؤشِّرٌ فائق القوَّة في تحديد أهمّ الوظائف المستقبليَّة الملائمة لكَ، إذ يجبُ أن تطلّعَ على المهن الحديثة، والَّتي تشهدُ الكثير من الإقبال مع معرفة التَّوقُّعات المستقبليَّة لها ومحاولة تجربة نفسكَ ومهاراتكَ في الدُّخول بإحداها، ولو بطريقةٍ مؤقَّتةٍ أو إضافيَّةٍ لمهنتكَ الحاليَّة، فإذا كان الذكاء الاصطناعيّ والرُّوبوتات هو الأكثر طلباً، فإنَّ هناك فئاتٍ شتَّى من الوظائف المرتبطة بهذا المجال، يُمكن البدء بأيٍّ منها بما يتلاءم مع طبيعتكَ ووقتكَ.

الدّخل المُتوقّع من المهنة

جميعنا يرغبُ في العمل بمهنةٍ يُحبّها ويشعر بالسَّعادة بها، ولكنَّ المثل القائل "أحبَّ ما تعمل حتَّى تعمل ما تحبَّ" ما يزال ينطبقُ على البشر في الألفيَّة الثَّالثة، فإذا لم تجد ما يتلاءم تماماً مع شغفكَ، فحاول جاهداً أن تحبَّ المهنة الَّتي تعمل بها، خصوصاً إذا كانت تُحقِّق لك دخلاً يكفي احتياجاتكَ، ولا مانع من ممارسة أنشطةٍ أُخرى تدرُّ دخلاً إضافيّاً، فالدَّخل والرَّاتب من العوامل الأساسيَّة عند تحديد مهنة المستقبل، مع إمكانات النُّموّ المتوقَّعة أيضاً في بيئتكَ الَّتي تعيشُ بها.

وفي النّهاية، إنَّ المجالات المطلوبة في سوق العمل متنوِّعةٌ للغاية، بعضها حديثٌ تماماً مثل الخاصّ بالواقع الافتراضيّ ووظائف الذَّكاء الاصطناعيّ، إلَّا أنَّ بعضَ المهن القديمة لن تندثرَ أيضاً، مثل: الأطباء والمهندسين والمعلِّمين وأيضاً المحاسبين، والَّذين لن يتمَّ الاستغناء عن خدماتهم في المستقبل القريب، بل على العكس تزيد الحاجة إليهم حتَّى مع زيادة برامج المحاسبة، كما أنَّ وظائفَ أُخرى، مثل: التَّصميم والموضة والتَّجميل، ستظلُّ مطلوبةً أيضاً مع الحاجة لتخصيص أكثر لفئةٍ من المستهلكين وفقاً لأعمارهم وبيئتهم وخلفيَّتهم الثَّقافيَّة، وكلُّ هذا يتطلَّب تعلُّماً مستمراً واطلاعاً دائماً على أحدث الاتّجاهات، سواءً العالميَّة أو المحليَّة وتلبية الاحتياجات المُختلفة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: