أين تنفق المال كشركة ناشئة؟
كيفية استخدام المال أمر حاسم يقرّر نجاح شركتك الناشئة أو فشلها، فكِّرْ مليّاً في الأمور التالية
بقلم كارول شولتْز Carol Schultz، مؤسِّسة شركة فيرتيكال إليفيشن Vertical Elevation ومديرتها التنفيذية
سواءً كنتَ تمهِّد لإنشاءِ شركتكَ أو تتلقّى تمويلاً من شركةِ رأسِ مالٍ مغامرٍ، فأمرٌ أساسيٌّ أن تعرف كيف تنفقُ كلَّ دولارٍ. لن يكون باستطاعتكَ استعادة ذلك المال، وعلى الأغلبِ ستخوضُ معركةً لتجمعَ المزيدَ، لهذا تعلّم كيف تنفقُه بحكمةٍ. [1]
إن فشلتَ في تخطيطِ الإنفاقِ واستخدمتَ المالَ في أمورٍ ليست مهمّة، فسيتعيّن عليك إيجادُ المزيدِ من المالِ، ممّا يعني أخذَ قرضٍ أو التّخلي عن ملكيّةٍ إضافيّةْ في شرِكَتِكَ، وهذا يترُككَ في موقعٍ صعبٍ. وها هي المجالاتُ الأساسيّةُ لتخصِّصَ ميزانيتكَ لها:
-
المنتج
قد يبدو الأمرُ واضحاً، مع ذلك أَعِدْ ورائي: المنتَجُ أولاً، المنتَجُ أولاً، المنتَجُ أولاً. فالخدمةُ أو المادةُ التي تقدّمها تشكّل أساسَ شركتك، لذا عاملها كأولويّةٍ عندما يتعلّق الأمرُ بالتٌمويلِ. اصنعها، وصمّمْها، واختبرها بعنايةٍ، سواءً كانت منتجاً ماديّاً أو خدمةً، ووظِّف أيّة مساعدةٍ ضروريّةٍ، فإنّ اختصارَ النفقات هنا يؤثّرُ مباشرةً على نجاحكَ.
لقد تحدثتُ قبلَ عدّةِ سنواتٍ مع مؤسّس شركةٍ كانت لديه فكرةٌ مذهلةٌ مع طموحٍ يحولّها إلى منتجٍ حقيقيٍّ. في ذلك الوقتِ كان يصممُّ المنتجَ بنفسهِ ليوفّرَ المالَ، مع أنّه لم يكنْ مهندس برمجياتٍ. مضت سنةٌ ونصفُ، ولم أسمع عنه شيئاً، فتواصلتُ معه، أخبرَني أن المنتجَ مازال قيْدَ التّطويرِ، وأنّه فشلَ في بنائه ثلاث مرات. أخيراً وظَّف مهندسَيْن اثنين لمساعدته. لقد كلّفتْه محاولةُ بنائه بنفسهِ شهوراً وآلاف الدولارات، وتمنّى بعد فواتِ الأوانِ لو كان قد وظّفهما منذُ البدايةِ، أو أنّه أتى بمؤسسٍ مشاركٍ فنيّ.
افعل ما بوسعكَ فعلهُ واترك الباقي للخبراءِ. فمثلاً إن كنت مختصّاً بالتكنولوجيا قبل تأسيسِ شركتِكَ النّاشئةِ، فما الذي يجعلكَ تظنّ أنّك الشّخص المناسبُ لإدارة فريقٍ تنفيذيٍّ؟ ركّزْ، عوضاً عن ذلك، على تطويرِ المنتج إذ لا أحد يعرف ذلكَ أفضلَ منك. اترك المبيعاتِ، والإدارة، وعلاقات العملاء، والأمور الأخرى لأولئك الذين يمتلكون خبرةً في هذه المجالاتِ.
شاهد أيضاً: سبب فشل قادة الشركات الناشئة: الملل
على أيّة حالٍ، عليك أن تتوخّى الحرصَ الواجبَ عند التّوظيفِ. عند بدايةِ إطلاقِ شركتي عام 2009م، دفعتُ لبعضِ الشّركاتِ التي وعدتُ بتحقيقِ مدى وصولٍ محتملٍ واسعٍ. كانت نتائجُ عملهم لا تُذكَر، ولم أستطع استعادةَ مالي. لهذا استكشفْ وابحث بدقّةٍ قبل أن تدفعَ المالَ. ومن الحكمةِ أن تطلبَ ضماناتٍ. مثلاً، إن أخبرك أحدٌ أنّه يتعهّد بعددٍ ما من عملياتِ البيعِ المحتملةِ المناسبةِ، فاطلب منه أن يعرِّفَ كلمةَ "مناسبة" هنا، وإلّا فإنّك تخاطرُ بخسارةِ الكثيرِ من المالِ.
-
المستشارون
عندما يصبحُ لديكَ عرضٌ قويٌّ، يكون الوقتُ قد حانَ لتكوينِ فريقكَ. ستصبحُ الموهبةُ مركزَ شركتكَ، لكن قبل الموهبةِ، تحتاجُ إلى المستشارين لمساعدتكَ على اتّخاذِ أفضل القراراتِ من أجل المضيّ للأمامِ. قد تحتاجُ أن تقدّمَ لهم المالَ أو حتّى أسهُماً في الشّركةِ، لكن إن استطعتَ إيجاد الأشخاصِ المناسبين، فهذا سيزيدُ أرباحك لسنينَ في المستقبلِ.
اعتبرْ المستشارين كمرشدين روحيّين، سيساعدونك في تجاوز العقباتِ، وبناءِ شركتكَ، ووضع الاستراتيجيّاتِ. وكأيٍّ من مجالاتِ الحياةِ الأُخرى، وجودُ شخصٍ يرشدكَ يمكن أن يغيّرَ قواعدَ اللّعبةِ. يُفضَّل أن تجد مستشارين مرّوا سابقاً بالتّجربةِ التي توشك على خوضها. وكلما زاد عددُ التّجاربِ، كان الأمرُ أفضلَ. قد تكون تجاربُهم في صناعتكَ نفسها أو في غيرها، إذ يمكن للنّصيحة أن تكون نافعةً من وجهاتِ نظرٍ عديدةٍ.
أفضل طريقةٍ لإيجادِ مرشدٍ تكونُ عبر قاعدةِ بياناتٍ مثل LinkedIn أو الجهاتِ المرجعيّةِ. ابحثْ عن مؤسّسين ناجحين أنت معجبٌ بشركاتهم التي أسسوها، وتواصلْ معهم. إن كنت تتواصل معهم على الهاتفِ وأحبّوا تسويقَ فكرتكَ، فقد يؤدّي ذلك لاتّفاقٍ بينكما، وحالما تُحدّد مستشاراً محتملاً، خصّصْ جزءاً من ميزانيتك له.
-
الموهبة
النّاسُ هم الذين يشَغِّلون الشّركات، وأُناسُك سيصبحون أثمن الأصولِ في الشّركةِ، لهذا عليَك أن تختارهم بعنايةٍ. ولا تحجم عن الإنفاقِ عندما يتعلّقُ الأمرُ بإيجادِ فريقكَ المُحتملِ، والتّحقق منه، حتّى بعد تأسيسِ الشّركةِ بسنواتٍ، حافظ على هذه الممارساتِ المدروسةِ لتتفادى هدرَ المالِ على توظيفٍ سيّء.
قد تكونُ عمليّةُ البحثِ عن الموظفين، ومقابلتهم، وتوظيفهم مرهقةً وبلا جدوى إن لم تكن تعلم ما تفعل. لذلك يأتي إيجادُ المستشارِ أولاً، لأنّه مرّ بهذه التّجربة من قبل. سيساعدك المستشارُ على بناءِ استراتيجيّةٍ للموهبةِ، ومن ثم يساعدكَ في عمليّةِ البحثِ والتّوظيفِ.
يُمكنني، كمسؤول توظيفٍ سابقٍ لأكثر من 30 سنة، أن أخبرك بكلِّ ثقةٍ أنّ التّوظيفَ عمليّةٌ معقّدةٌ، ويمكن أن يسيء النّاسُ إدارتَها بسهولةٍ. لذلك يكون الوضعُ الأمثلُ بمساعدةِ مستشارٍ يعرفُ هذه العمليّةَ جيداً، ومؤهلٍّ لإرشادكَ. عندما أقولُ كلمةَ "مؤهل" فأنا أعني أنه عملَ سابقاً مع العديدِ من الشّركاتِ النّاشئةِ. يختلف إيجادُ موهبةٍ لشركةٍ ناشئةٍ كليّاً عن التّوظيفِ في شركةٍ كبيرةٍ أثبتت نجاحها. ففي المقابلاتِ يساعدونك في تحديدِ الميّزاتِ الشّخصيّةِ كالمثابرةِ والإبداعِ، وهذا مفيدٌ لفرقِ العملِ في الشركات الناشئة.
إن اخترتَ أن تقومَ بالعملِ بنفسكَ، فتجنّبْ الوقوعَ في الأخطاءِ التّاليةِ: لا تستخدم طريقة "انشُرْ - و - ادْعُ" كما أسمّيها، حيث تنشر إعلانَ الوظيفةِ، وتأملَ أن يراهُ الشّخصُ المناسبُ. أيضاً لا توظّف أقربَ خمسة أصدقاءٍ لك، لقد اقترفَ الكثيرُ من المؤسّسين هذا الخطأ، واضطروا في النّهايةِ لطردهم.
عندما تحصلُ على فريقٍ متماسكٍ، ادفع لهم ما يستحقّونه، مما يتطلّبُ تخلّيكَ عن بعضِ الأسهمِ، وميزانيّةً للتّطويرِ ولفرص التّدريبِ في المستقبلِ. إذ كُلٌما زادت عنايتكَ بهم، زادت عنايتهم بكَ.
شاهد أيضاً: تقاسم الأرباح مع الموظفين منفعة للجميع
لست بحاجة لمكتب في أرقى المناطق في السنة الأولى؛ لا تغرق في التفاصيل
إنّ أحد مظاهرِ امتلاكِ شركةٍ ناشئةٍ هو القبولُ والإثارةُ في الأيّامِ الأولى التي تستلزم البقاءَ والتّضحيةَ. لهذا كان اختيارُ فريقكَ بعنايةٍ أمراً بالغَ الأهميّةِ، كما ينبغي أن يقتصرَ تركيزُ الطّاقةِ على ما يحافظُ على أداءِ العملِ ونموّهِ.