كيف تجعل ابنك عالماً مبدعاً؟ إليك نصيحة أينشتاين الغريبة
اكتشف الوصفة السّحريّة لتعزيز القدرات العقليّة للأطفال بالاعتماد على القصص الخياليّة منذ الصّغر
يزدادُ الاهتمام بتطوير مهارات الأطفال الفكريّة والعقليّة، إذ يتساءلُ الكثير من الآباء والأمّهات عن الطّريقة المُثلى لتعزيز ذكاء أبنائهم، وفي هذا السّياق، قد تبدو نصيحة العالِم الفيزيائيّ الشّهير ألبرت أينشتاين حول كيفيّة تحقيق هذا الهدف مفاجئةً غير متوقّعةً، لكنّها تحمل في طيّاتها عمقاً كبيراً يستحقّ التّأمل.
القصّة وراء النّصيحة
ألبرت أينشتاين، الّذي يُعَدُّ من أعظم العقول في التّاريخ، لم يَكن على وفاقٍ مع النّظام التّعليميّ التّقليديّ، على الرّغم من أنّه لم يَكن يتلقّى درجاتٍ سيّئةً -كما يُشاع- إلّا أنّه كره الرّوتين الصّارم والانضباط الّذي كان يُفرض عليه في المدارس الألمانيّة. كانت هذه التّجربة سبباً في جعله يتغيّب عن الدّروس، ويتشاجر مع معلمّيه، حتّى قرّر في سنّ الخامسة عشرة ترك المدرسة؛ ليبدأ في تعلّم كلّ ما يحتاجهُ بمفردهِ.
ولم يكن أينشتاين من محبّي الحفظ الصّارم والطّاعة العمياء في التّعليم، إلّا أنّه كان يُؤمن بأنّ تنميةَ العقل تأتي من خلال وسائل غير تقليديّةٍ، وعندما سألته إحدى الأمّهات عن أفضل السّبل لتنمية قدرات طفلها الفكريّة، كانت إجابته بسيطةً ومفاجئةً: "اقرأوا المزيد من القصص الخياليّة لأطفالكم". هذه النّصيحة لم تكن مجرّد اقتراحٍ عابرٍ، بل كانت مبنيّةً على فهمٍ عميقٍ لأهمّية الخيال والإبداع في تشكيل العقول.
وفي مقالٍ نُشر عام 1958 في مكتبات مونتانا، روت المؤلّفة ريتا ماكدونالد قصّةً مشوّقةً عن أمٍّ كانت ترغبُ في أن يصبحَ طفلها عالِماً مثل أينشتاين، وعندما سألت أينشتاين عن نوع القراءة الّتي قد تُجهّز طفلها ليصبحَ عالِماً، جاءت إجابتهُ كما يلي: "الحكايات الخُرافيّة، والمزيد من الحكايات الخُرافيّة". ورغم اعتراض الأمّ على هذه النّصيحة، وطلبها إجابةً أكثر جديّةً، أصرّ أينشتاين على رأيه، مُؤكّداً أنّّ الخيال الإبداعيّ هو العنصرُ الأساسيّ في تكوين العالِم الحقيقيّ، وأنّ الحكايات الخرافيّة هي الشّرارة التي تُشعل هذا الخيال في عقول الأطفال.
لماذا القصص الخياليّة؟
قد يتساءلُ البعض عن سبب اختيار أينشتاين للحكايات الخرافيّة كوسيلةٍ لتعزيز الذكاء، الإجابة تكمنُ في قدرة هذه القصص على تطوير مهارات التّفكير النّقديّ والإبداعيّ لدى الأطفال، فالقصص الخياليّة تمنحُ الأطفال الفرصة للتّفكير في العالم من حولهم بطريقةٍ حرّةٍ وإبداعيّةٍ، وتُساعدهم على معالجة تحديّاتهم الشّخصيّة والخياليّة بشكلٍ مستقلٍّ.
بالإضافة إلى ذلك، تُؤكّد الأبحاثُ الحديثةُ أنّ قراءةَ القصص الخياليّة للأطفال تُساعد في تنمية التّعاطف والذكاء العاطفي لديهم، حيث إنّ عقولنا تميلُ إلى محاكاة مواقف الشّخصيّات التي نتابعها في القصص. على سبيل المثال، عندما يمرّ بطل القصّة بلحظة توتّرٍ، فإنّ أدمغتنا تستجيبُ بنفس الطّريقة الّتي قد تستجيب بها في حالة توتّرٍ حقيقيٍّ، ممّا يُعزّز من قدراتنا على التّعاطف وفهم مشاعر الآخرين.
فوائد القصص الخياليّة على المدى الطّويل
لا تقتصرُ فوائد القصص الخياليّة على التّطوّر العاطفيّ والعقليّ فقط، بل تُشيرُ الدّراسات إلى أنّ الأطفالَ الّذين يسمعون قصصاً خياليّةً منذ الصّغر يُظهرون أداءً أفضل في الرّياضيات والتّكنولوجيا لاحقاً في حياتهم، كما أنّ وجود عددٍ كبيرٍ من الكتب في المنزل يرتبط بتحسن الأداء الأكاديميّ للأطفال، بغضّ النّظر عن المستوى التّعليميّ أو الاقتصاديّ للأُسرة.
وفي النّهاية، نجدُ أنّ القصصَ الخياليّة تُقدّم للأطفال جرعاتٍ من السّعادة والمُتعة، وهو ما يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في تعزيز قدراتهم على التّعلُّم والتّذكُّر، فنصيحة أينشتاين لم تكن مجرّد رأيٍ شخصيٍّ، بل كانت نتيجةً لفهمٍ عميقٍ لأهمّية الخيال في تنمية العقول. لذا، إذا كُنتَ تسعى لتعظيم الإمكانات الفكريّة لطفلكَ، فإنّ أفضل ما يُمكنك فعلهُ هو أن تجعلَه يعيشُ في عالمٍ مليءٍ بالقصص الخياليّة، فقد تكون هذه القصصُ المفتاح الّذي يفتحُ له أبواب الإبداع والتّفكير النّقديّ، ويُؤهّله ليصبحَ عالِماً أو مُبدعاً في المستقبل.