إدارة الذات: مفهومها، عناصرها، وأهم مهاراتها
تعلّم كيف تقودُ سيمفونية حياتك نحو النجاح والتوازن، وتحكّم في نغمات يومكَ، لتُحقّق أهدافك بثقةٍ وهدوءٍ كقائٍد بارعٍ
إنَّ إدارة الذات تماماً كما لو أنَّك قائدُ أوركسترا في حفلةٍ موسيقيَّةٍ، لكن عوضاً عن الآلاتِ لديكَ المهاراتُ، حيثُ تحتاجُ إلى الحفاظِ على رباطةِ جأشكَ كعازفِ الكمانَ الأوَّل، والثّقة كعازفِ الطُّبول، والقدرةِ على التَّكيُّف كعازفِ السّاكسفون، عندما تتناغمُ جميعُ هذه المهارات معاً، تُعزَف سيمفونيَّة النَّجاح الشَّخصيّ والمهنيِّ بكلِّ براعةٍ وإبداعٍ.
إذاً إدارة الذات هي مفتاحكَ لتكونَ نجمَ العرض في مسرحِ الحياة اليوميَّة، فدعونا نتعرَّف عليها، وعلى عناصر الإدارةِ النَّاجحةِ.
ماذا يعني مفهوم إدارة الذات؟
إدارة الذات تعني القدرةَ على تنظيمِ وتوجيهِ أفكاركَ وسلوكيَّاتكَ وعواطفكَ بطريقةٍ ذكيَّةٍ، لتحقيقِ أهدافكَ الشَّخصيَّة والمهنيَّة، والتَّفوق في كافَّة الأعمال الموكلة إليكَ، ويتعلَّق مفهوم إدارة الذات بالأساليب الَّتي يُمكنُ للأشخاص اتّباعها للسَّيطرة على ردود أفعالهم تجاه الأحداثِ المُحيطةِ بهم، وتشملُ إدارة الذات عنصرين رئيسيين: الأوَّل هو الانضباط الذُاتي، الَّذي يعني القيام بالمهام الضَّروريَّة بغضِّ النَّظر عن الرَّغبة الشَّخصيَّة، والثَّاني هو التَّحفيز الذَّاتيُّ. [1]
لماذا إدارة الذات مهمة؟
هل سمعتَ بالمثلِ القديمِ القائل: لا يُمكنك التَّحكُّم فيما يحدثُ لكَ، لكنَّك تستطيعُ التَّحكُّم في ردَّة فعلكَ؟ تماماً هذا هو جوهر إدارة الذات، الَّتي تعدُّ واحدةً من أهمّ المهارات الأساسيَّة الَّتي ينبغي على الأفراد امتلاكها في بيئة العمل. وتنبع أهميَّتها من كونها تحقِّق: [2]
الرضا الوظيفيّ
تُشيرُ الأبحاث إلى وجود علاقةٍ إيجابيَّةٍ بين الإدارة الذَّاتيَّة والرضا الوظيفيِّ، فحين يحظى الموظَّفون بالحريَّة الكاملة في إدارة أعمالهم وعمليَّاتهم، فيشعرون بالرِّضا، إضافةً لكونها تُوفِّر مرونةً أكبر، ما يساعد الموظَّفين على تحقيق أفضل توازنٍ بين العمل وحياتهم الشَّخصيَّة. ويميلُ الموظَّفون الَّذين يعملون في بيئةٍ تدعم إدارة الذات، إلى الشُّعور بأنَّهم محلُّ تقديرٍ من أصحاب العمل، وبأنَّهم أكثر اندماجاً، ما يؤدِّي في النّهاية إلى زيادة الرّضا الوظيفيّ، الَّذي يعني احتفاظ الشَّركة بموظَّفيها، فتعمُّ الفائدةُ على الجميع.
زيادة الإنتاجيّة
تعتمدُ إدارة الذات على مهاراتٍ مثل إدارة الوقت، والتَّواصل الفعَّال، وحَلُّ المشكلات، والتَّكيُّف، واتّخاذ القرارات، ففي الحياة المهنيَّة تشكِّل تلك المهارات الأساس لبيئة عملٍ منتجةٍ وعالية الأداء. والفريق المكوَّن من أفرادٍ يديرون أنفسهم، سيكون فريقاً جاهزاً لتحقيق التَّقدُّم والنُّمو؛ لذا فإنَّ إدارة الذَّات تُعدُّ محرّكاً للإنتاجيَّة على مستوى الشَّركة، باختصارٍ الفريق الَّذي يمتلكُ القدرة على إدارة ذاتهِ، يُشبه كما لو أنَّه يمتلك جهاز تحكُّمٍ سحريٍّ عن بعدٍ، يستطيعُ بكبسة زرٍّ واحدةٍ تحقيق كلّ أهدافه، فتخيَّل مقدار الإنتاجيَّةِ الحاصلةِ.
تبنّي وتعزيز الثّقة
تُعزِّز إدارة الثِّقة المُتبادلة بين الموظَّفين وزملائهم، كذلك بين الفريق ومدراءه، حيث يشعرُ الموظَّفون بأنَّهم موثوقٌ بهم وممكَّنون للقيام بأفضل ما لديهم وإظهار كفاءاتهم، ما يُعزِّز ثقة المديرين والزُّملاء فيهم. بدورها، الثّقة تُعزِّز الإنتاجيَّة، وتُحسِّن اتِّخاذ القرارات، وتُقلِّل من التَّوتُّر والإرهاق، وبشكلٍ عامٍّ، هي أساسيَّةٌ لخلق ثقافة شركةٍ إيجابيَّةٍ.
وقت أكبر للقادة
في بيئة عملٍ تعتمدُ على إدارة الذَّات، يكون الموظَّفون أكثر اعتماداً على أنفسهم، وهذا يعني أنَّ المدراء والقادة لا يحتاجون إلى الانخراط بشكلٍ كبيرٍ في العمليَّات اليوميَّة، ما يتيح لهم وقتاً أطول للتَّركيز على الاستراتيجيَّة. والقيادة الاستراتيجيَّة ضروريَّةٌ لتحديد الأهداف طويلة الأجل، واكتشاف الفرص الجديدة، وبقاء الشَّركة متقدِّمةً على المخاطر المُحتملة، والحفاظ على سير العمل في الاتِّجاه الصَّحيح، ومع وجود رؤيةٍ استراتيجيَّةٍ واضحةٍ، يفهم الموظَّفون ما يعملون من أجله ولماذا تُعدُّ مساهمتهم ذات قيمةٍ.
كما أنَّ إدارة الذات مهمَّةٌ كذلك بعامل التَّنظيم، الَّذي يساعدُ على إدارة الوقت والموارد بكفاءةٍ عاليةٍ، تماماً مثل ترتيب خزانة الملابس، بطريقةٍ تُسهِّل علينا العثور على جواربنا صباحاً، دون عناء البحث عنها في خزانةٍ فوضويَّةٍ.
مهارات إدارة الذات
لا يستطيعُ أيُّ شخصٍ أن يديرَ ذاتهُ لمجرَّد أنَّه يريدُ ذلكَ، إذ يحتاجُ الأمرُ إلى امتلاك مهارات إدارة الذات، فهل تمتلكها أنت؟ [1]
اليقظة
أن تكون يقظاً يعني أن تُفكِّر دائماً فيما تقولهُ، وفي الطَّريقة الَّتي تتعاملُ بها مع الآخرين، مثلاً تخيَّل معي موظَّفاً يُدعى سامي، عندما يجتمعُ مع زملائهِ، يتذكَّر تفاصيل صغيرةً مثل كيف يحبُّ أحمد قهوتهُ، أو أنَّ مريم تُحبُّ الأزهار، هذا ما يجعله محبوباً ومنفتحاً على الآخرين، ما يُعزِّز الرُّوح المعنويَّة في المكتبِ.
الثِّقة
الثِّقة تعني أنَّ الشَّركةَ يُمكن أن تعتمدَ عليكَ دائماً، عندما تُقدِّم وعوداً، أو تتعهَّدُ بشيءٍ ما، فإنَّك تُلبِّي التَّوقُّعات، مثلاً إذا كان هناك مشروعٌ هامٌّ يحتاج إلى تسليمٍ في موعدٍ نهائيٍّ ضيِّقٍ، الجميع يعرف أنَّ سعاد يُمكنها إنجاز الأمور مهما كانت الصُّعوبات.
إدارة التَّوتُّر
وهذا يعني أنَّك تحافظُ على هدوئكَ وتماسككَ في المواقف العصيبة، وتجدُ طُرقاً لحلِّ المشكلات المُرهقة، دون أن تفقدَ تركيزكَ على أهدافكَ، كمثالٍ على إدارة التَّوتُّر، تخيَّل أنَّكَ في منتصفِ اجتماعٍ مهمٍّ وفجأةً يتعطَّلُ الحاسوب، بدلاً من الذُّعر، تأخذ نفساً عميقاً، وتبدأ في إيجاد حلولٍ بديلةٍ، مثل طلب المساعدة من الزُّملاء أو استخدام أدواتٍ بديلةٍ.
شاهد أيضاً: استعادة التوازن: استراتيجيات لمواجهة ضغوط الحياة اليومية
إدارة الوقت
يُمكنكَ تجنُّب التَّسويف من خلال تحديد أولويَّات المهام وإنجاز الأمور في الوقت المُحدَّد، وأنت لديكَ الطُّرق للبقاء مُتحفّزاً ومركِّزاً على النَّتائج، مثلاً أحمد لديه قائمة مهامٍ تُشبه خريطةَ الكنز، كلَّما أنجز مهمَّةً، يشعرُ كأنَّهُ اقترب خطوةً من الكنز النّهائيّ، ما يحفِّزه على مواصلة العمل بفعاليَّةٍ أكبر.
أنت شخصٌ موثوقٌ
يُمكن لفريقكَ أن يثقَ بما تقولهُ، وأنَّك ستتصرَّفُ بما يخدم مصلحة الجميع، أنتَ تعمل جيِّداً مع الآخرين، ويشعرُ النَّاس بالرَّاحة في التَّعامل معكَ للحصولِ على المشورةِ، مثلاً سارة معروفةٌ بأنَّها مستشارةُ المكتب الحكيمةُ، الجميع يلجأ إليها عند البحث عن نصيحةٍ حكيمةٍ أو حلٍّ لمشكلةٍ.
التّكيّف السّريع
هل لديكَ من المرونة ما يكفي لمواجهة أيّ مواقف صعبةٍ محتملةٍ؟ إنَّ تطوير أساليب مبتكرةٍ لحلِّ المشكلات بشكلٍ غريزيٍّ هو جزءٌ أصيلٌّ من شخصيَّتكَ، لنَقُل مثلاً كان لديكَ عرضٌ تقديميٌّ مهمٌّ وفجأةً انقطع التَّيار الكهربائيُّ، فبسرعةٍ تخرج حاسوبك المحمول، وتواصل العرض بشكلٍ سلسٍ، ما يُثير إعجاب الجميع بمرونتكَ وقدرتكَ على التَّكيُّف.
المهارات السَّابقة، مكوناتٌ أساسيَّةٌ لإدارة الذات بفعاليَّةٍ، وبدمج هذه الصِّفات في حياتكَ اليوميَّة، تستطيعُ تحقيق أداءٍ متميِّزٍ ومواجهة التَّحدِّيات بثقةٍ ومرونةٍ.
عناصر إدارة الذات
تتكوَّن إدارة الذات من عدَّة عناصرٍ مترابطةٍ، تُسهِم مجتمعةً في تحسين الأداء الشَّخصيّ والمهنيّ، ومن أبرز عناصر الإدارة النَّاجحة: [3]
رباطة الجأش تحت الضَّغط
من المهارات الأساسيَّة للمناصب الإشرافيَّة والمبيعات وخدمة العملاء هي قدرةُ الحفاظ على رباطة الجأش، وتعني السَّيطرة على الأمور، ما يُكسبكَ الاحترام، ويضبط النَّغمة ويزيدُ من استعداد الآخرين لاتّباعك، فكيف تُحافظُ على رباطة الجأش:
- دع زملاءك يرونكَ تتحكَّم في الموقف.
- استجب بشكلٍ حاسمٍ، ودافع عن قراراتكَ، وكن مُستعدّاً لطلب المُساعدة عند الحاجةِ.
- تحمَّل المسؤوليَّة، وأبلغ زملاءك أنَّك ملتزمٌ بحلّ المُشكلة بفعاليَّةٍ.
- حافظ على الإيجابيَّة، من خلال مساعدة الآخرين على استعادة هدوئهم من خلال هدوئكَ.
كمثالٍ على رباطة الجأش، تخيَّل زميلك أحمد، وهو يتعاملُ مع زبونٍ غاضبٍ كأنَّه يتعاملُ مع طفلٍ صغيرٍ يبكي، بابتسامةٍ وثقةٍ، حتَّى يهدأ الزَّبون، ويتحوَّل الموقف لصداقةٍ جديدةٍ.
الوعي الذاتي
الموظَّفون يجبُ أن يكونوا مدركين لكيفيَّة رؤية الآخرين لهم، فالوعي الذَّاتي واحدٌ من أبرز عناصر الإدارة النَّاجحة، فهو يساعدُ في تجنُّب السُّلوكيَّات الَّتي قد تكون مزعجةً للزُّملاء، فكيف تصبح أكثر وعياً بذاتكَ:
- اطلب ردود فعلٍ صادقةً، واستمع دون جدالٍ.
- قم بإجراء تقييمٍ للشَّخصية واجمع معلوماتٍ عن شخصيَّتك.
- التَّأمُّل، أي فكِّر في تفاعلاتكَ اليوميَّة وكيفيَّة تحسينها.
كمثالٍ على الوعي الذَّاتيّ، مريم تتحدَّثُ بصوتٍ عالٍ في المكتب، لكنَّها لم تُلاحظ حتَّى طلب زميلها بشراء سدادات أذنٍ، وعندما أدركت بدأت بالحديث بصوتٍ منخفضٍ، كما تجنَّبت المكالمات الطَّويلة في المكتب.
الانفتاح على التّغيير
التُّكنولوجيا وتفضيلات المستهلكين وعمليَّات الشَّركات تتغيَّر بسرعةٍ، وعلينا التَّكيُّف مع ذلك؛ لأنَّ التَّكيُّف مع التَّغيير يُعزِّز من مرونة الموظَّفين، فكيف تُظهِرُ قدرتكَ على التَّكيُّف:
- اطرح الأسئلة، واستعدَّ للتَّغييرات الجديدة.
- حدِّث معلوماتكَ، وابق مطَّلعاً على أفضل الابتكارات.
- انشر التَّغيير، وكن متطوِّعاً في سبيل ذلكَ.
كمثالٍ على التَّكيُّف مع التَّغيير، عندما قرَّرت الشَّركة استخدام تطبيقٍ جديدٍ لإدارة المهام، أصبح عليٌّ يطلب من زملائهِ مساعدته في تعلُّمه وكأنَّه يلعب لعبةً جديدةً، ما جعل العمليَّة ممتعةً للجميع.
الاحترافيّة
الاحتراف يعني الحفاظُ على النَّزاهة واحترام الآخرين في جميع مستويات الشَّركة، وتبنِّي أخلاقيَّات المهنة وأفضل ممارساتها، ولإظهار الاحترافيَّة في مكان العمل، اتّبع ما يلي:
- الحضور في الوقت المحدَّد.
- ابقَ إيجابيّاً وتخلَّى عن السَّلبيَّة.
- اعرض المساعدة على زملائكَ.
- اعترف بأخطائكَ.
- اترك المزاج السَّيئ عند الباب.
- تجنَّب الشَّتائم أو اللُّغة غير اللَّائقة.
كمثالٍ على الاحترافيَّة، سامي يصرُّ دائماً على إحضار قهوته في الصَّباح الباكر، ومعه كوبٌ إضافيٌّ لزميله الَّذي ينساها دائماً، ما يجعله محبوباً، ويعكس احترافيَّته في العمل.
تحمّل المسؤوليّة
الموظَّف الجيِّد يتحمَّلُ المسؤوليَّة عن مهامهِ، ويتقبَّل الثَّناء والنَّقد بسعادةٍ، ولا يلقي اللَّوم على الآخرين، ولكي تمتلكَ عملكَ:
- تحمَّل المسؤوليَّة عن نفسكَ وفريقكَ.
- كُن مسيطراً على مخاوفكَ.
- ابدأ بوضع الهدف النّهائيّ في الاعتبار.
مثلاً، ليلى تعدُّ كلَّ مشروعٍ تعملَ عليه كأنَّه طفلها، ترعاهُ وتتابعهُ بكلِّ حبٍّ واهتمامٍ، ما يجعلها قدوةً للآخرين.
التّركيز على التعلُّم
وهو أيضاً من أهمِّ عناصر الإدارة النَّاجحة، إذ يجبُ البقاء على اطلاعٍ والتَّعلُّم المستمرُّ، ما يُعزِّز من قيمة الموظَّف، ويجعلهُ أكثر استعداداً للتَّغييرات، وللتَّركيز على التَّعلُّم، اتّبع ما يلي:
- حافظ على ذهنٍ منفتحٍ.
- ابحث عن فرص التَّدريب المُتبادل.
- أظهر حماساً لاكتساب الرُّؤى والخبرة.
كمثالٍ على ذلك، عندما جاء موظَّفٌ جديدٌ من الجيل الشَّابِّ، كان يحملُ معه طرقاً مختلفةً للعمل، فتعلَّم منها المدير وكأنَّه يعودُ إلى المدرسة، ما جعلَ الفريق يعمل بكفاءةٍ أعلى.
تلكَ العناصر السِّتَّة أساسيَّةٌ لتحقيق إدارة ذات فعَّالةٍ وناجحةٍ، واعتماد تلك العناصر يُمكن أن يُساعدَ في تحديد وتطوير القادة المستقبليَين، ما يَعزِّز من الأداء الفرديِّ والتَّنظيميِّ.
هل تساعدنا إدارة الذات على تحقيق النجاح في العمل؟
بكلِّ بساطةٍ الجواب هو نعم تساعدنا، حتَّى إنَّها تساعدنا إلى درجةٍ كبيرةٍ جدّاً، فهي تمنحنا القدرة على:
- تحقيق التَّوازن بين العمل والحياة، لا نتحوَّل إلى آلةٍ تعمل كلَّ الوقت، ولا نشعر كأنَّنا في إجازةٍ دائمةٍ دون عملٍ، بينما نقضي وقتنا بالاستمتاع.
- إيجاد حلولٍ للمشكلات؛ لأنَّه بوجود إدارة الذات، يُمكننا تحويل أيّ تحدٍّ إلى فرصةٍ.
- إدارة المهام بكفاءةٍ، حيث تمنحنا عناصر الإدارة النَّاجحة القدرة على تنظيم مهامنا بكفاءةٍ عاليةٍ.
في الحقيقة ليس من المبالغة القول، إنَّ إدارة الذات بمثابة سلاحٍ سرّيٍّ، لتحقيق النَّجاح في العمل، فمن خلال تحقيق التَّوازن بين العمل والحياة، وإيجاد حلولٍ مبتكرةٍ للمشكلات، وإدارة المهام بكفاءةٍ، ستكون الشَّخص الَّذي يتحكَّم في مجرى حياته المهنيَّة، وكأنَّه يلعب لعبة فيديو يعرف جميع أسرارها.
شاهد أيضاً: إدارة الأزمات: كيف تحول العقبات إلى فرص تسويقية
كيف تعزز إدارة الذات داخل مؤسستك؟
تعزيز إدارة الذات داخل الشَّركات، ليس بالمعضلة الكبرى، وهو أمرٌ يستطيعُ المدراء تنفيذهُ، من خلال اتِّباع الخطوات التَّالية:
تعزيز السّلامة النّفسيّة
السَّلامة النَّفسيَّة تعني أن يثقَ الموظَّفون بأنَّهم لن يُعاقبوا أو يُنتقدوا بسبب أفكارهم أو مخاوفهم أو أخطائهم، ففي بيئةٍ تُوفِّر السَّلامة النَّفسيَّة، يُمكن للموظَّفين اتِّخاذ القرارات، وتجربة المخاطر، واستخدام الفشل كفرصةٍ للتَّعلُّم، فهذه البيئة تُبنى على الثِّقة والشَّفافيَّة والتَّواصل المفتوح، وهي أساسٌ لإدارة الذَّات.
تحديد الأهداف بوضوحٍ والتّواصل المُستمرّ
الموظَّفون الَّذين يديرون أنفسهم يحتاجون إلى أهدافٍ واضحةٍ لفهم ما يجب العمل من أجله، تأكَّد من وجود رؤيةٍ واضحةٍ للشَّركة، وبيانٍ للمهمَّة، وأهدافٍ محدَّدةٍ لكلِّ فريقٍ أو قسمٍ. مثلاً، إذا كانت الشَّركة عبارةً عن سفينةٍ، فإنَّ الأهداف هي الخريطة الَّتي تقود الطَّاقم للوصول إلى الجزيرة، بحيث يعرف الجميع دورهم واتِّجاههم.
بناء الثّقة المُتبادلة
الثِّقة هي أساس إدارة الذات، إذا أردت أن يتحمَّلَ موظَّفيك المسؤوليَّة، ويعملون بشكلٍ مُستقلٍّ، فعليكَ أن تثقَ بهم، وأن تكسبَ ثقتهم في المقابل، يمكنك بناء الثِّقة من خلال المعاملة باحترامٍ، والشَّفافيَّة، والاعتراف بالأخطاء.
تقديم الملاحظات والإرشادات
الملاحظات البناءة والتَّوجيه هما المفتاح لمساعدة الموظَّفين في التَّعرُّف على نقاط قوَّتهم ومجالات التَّحسين، حيث تُحفِّز الملاحظات الإيجابيَّة الموظَّفين على مواجهة التَّحدّيات وتعلُّم مهاراتٍ جديدةٍ، ما يُعزِّز من وعيهم الذَّاتيّ وقدرتهم على إدارة أنفسهم.
تعزيز التّعلّم مدى الحياة
التَّعلُّم مدى الحياة يعني الانخراط المستمرَّ والطَّوعي في اكتساب المعرفة والمهارات الجديدة، وهذا النَّوع من التَّعلُّم يُعزِّز الثِّقة والقدرة على التَّكيُّف، ويُحسِّن مهارات حلِّ المشكلات والتَّفكير النَّقديّ، ويعتمد بشكلٍ كبيرٍ على التَّحفيز الذَّاتيّ.
كما يُنهي قائد الفرقة الموسيقيَّة أداءه بتناغمٍ وإبداعٍ، يُمكنك أيضاً إنهاء يومك بشعورٍ من النَّجاح والتَّوازن، وذلك من خلال إتقان فنِّ إدارة الذات، إذ ستتمكَّن من قيادة حياتك بثقةٍ، وتحقيق أهدافك، والتَّغلُّب على التَّحدِّيات بروحٍ إيجابيَّةٍ، اجعل كلَّ يومٍ سيمفونيَّةً من النَّجاح والإبداع، واستمرّ في تطوير مهاراتكَ؛ لتكونَ القائد البارع الَّذي يُذهل الجميع بأدائهِ المتميِّز في مسرح الحياة.