الرئيسية الريادة الجدارة أوّلاً: لماذا تتفوق الإنتاجية على عدد ساعات العمل؟

الجدارة أوّلاً: لماذا تتفوق الإنتاجية على عدد ساعات العمل؟

تُعيد الشّركات تعريف النّجاح الوظيفيّ عبر التّركيز على الإنجاز، بدلاً من الوقت المُستغرق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يعدّ توظيف المواهب الجديدة لمجرّد انخفاض النّتائج أو بقائها على نفس المستوى أمراً محبطاً للغاية. لقد وجدنا أنفسنا في هذا الموقف الصّعب، حيث أصبحت التّحدّيات الماليّة ظاهرةً، لدرجة لم نعد نستطيع تحمّل خسائر ماليّةٍ بهذه الطّريقة.

هناك العديد من العوامل الّتي قد تؤدّي إلى هذه الحالة، سواءً كانت تقلّباتٍ في الصّناعة أو تغيّراتٍ في السّوق أو حتّى تعديلاتٍ داخليّةً في الشّركة نفسها. وعندما قيّمنا كفاءة أعضاء فريقنا، لاحظنا فجواتٍ واضحةً بين توقّعاتنا والنّتائج الفعليّةلذلك، قرّرنا في عام 2025 أن نُعيد توجيه اهتمامنا نحو النّتائج الملموسة بدلاً من التّركيز فقط على الحضور، وفيما يلي نستعرض التّغييرات الّتي طبّقناها وأسباب أهمّيّتها:

الحضور ليس ضماناً للمساهمة الفعليّة

أثناء مراجعتنا الأخيرة للأداء، اكتشفنا ظاهرةً غالباً ما نتجنّب الحديث عنها: انشغال الموظّفين بمهامٍّ لا تثمر عن نتائج حقيقيّةٍعلى سبيل المثال، ربّما لاحظت يوماً أنّ أحد الأخصائيّين يتواجد على منصّة "سلاك" (Slack) طوال اليوم، دون أن يخرج بأيّ إنجازٍ ملموسٍ، أو يشارك في المناقشات الجماعيّة بفعاليّةٍ، ولكن لا ينجز حتّى مهمّةً واحدةً فقطإذا ترك القادة هذا التّراخي لفترةٍ طويلةٍ دون تدخّلٍ، يؤدّي تدريجيّاً إلى بقاء أخصائيّين أصبحوا مع الوقت غير منتجين رغم سنوات خبرتهم الطّويلة.

قد مرّرنا بتلك التّجربة بنفسنا. في بداياتنا، كانت شركة "سابورت يور آب" (SupportYourApp) تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الاحتفاظ بالأخصائيّين،
وكان معدّل دوران المستشارين مرتفعاً في مجال خدمات الدّعم للعملاء، فاعتقدنا حينئذٍ أنّ الولاء هو السّمة الأبرز الّتي يجب أن يتحلّى بها الموظّفون، حتّى أنّنا سعينا لجعل الولاء قيمةً أساسيّةً تروّج داخل الشّركة. ولكن مع مرور الوقت، أدركنا أنّ الولاء وحده لا يكفي لتحقيق النّتائج المرجوّة.

في جوهر العلاقة العمليّة يكمن الاتّفاق على أن يُكافأ المحترفون مقابل إنجاز المهامّ ضمن الوقت المحدّد وبالجودة المتوقّعة، وذلك بما يضمن تحقيق إيراداتٍ تفوق النّفقات المخصّصة للفريق، ممّا يؤدّي إلى نموّ المشروعوبالتّالي، يعود النّموّ الّذي يتحقّق بالنّفع على أعضاء الفريق من خلال مكافآتهم الماليّة، ممّا يجعل من الضّروريّ أن توازن استراتيجيّات التّوظيف والموارد البشريّة بين تحقيق النّتائج وتلبية احتياجات الطّرفينوبناءً على ذلك، قرّرنا في عام 2025 أن نغيّر طريقة قياس كفاءة فريق العمل، متّجهين إلى نهجٍ أكثر عمليّةً يركّز على النّتائج الفعليّة، وليس مجرّد الحضور.

كيف نركّز على النّتائج؟

لتعزيز ثقافةٍ قائمةٍ على الكفاءة والإنتاجيّة، عدّلنا طرق التّوظيف والفصل، وتحديد الأهداف وقياس الإنجازات. فعندما لاحظنا أنّ توسيع الفرق لم يعد يساهم في نموّ الأعمال، أصبحنا أكثر حرصاً في عمليّات التّوظيف، فطبّقنا مبدأ "الفصل السّريع والتّوظيف المتأنّي"، حيث اخترنا أعضاء الفريق الجدد بعد التّأكّد من قدرتهم على تقديم قيمةٍ حقيقيّةٍ للشّركة.

ولزيادة كفاءة الفرق القائمة، أعدّنا صياغة طريقة استخدام مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة (KPIs)، فقسّمنا الأهداف العامّة للشّركة والأقسام إلى أهدافٍ فرديّةٍ واضحةٍ، حيث يعلم كلّ عضوٍ كيف يساهم بشكلٍ مباشرٍ في تحقيق الهدف المشتركعلى سبيل المثال، بدلاً من أن يُطلب من أخصائيّيي قسم الأمن "الاستجابة الفوريّة للحوادث" بشكلٍ عامٍّ، حدّدنا الهدف بوضوحٍ ليكون "الاستجابة خلال أقلّ من عشر دقائق". بالإضافة إلى ذلك، قرّرنا عدم التّسامح مع الموظّفين الّذين يحضرون دون تقديم الأداء المطلوب، فوضّحنا الفجوة بين توقّعاتنا وأدائهم، وحدّدنا لهم إطاراً زمنيّاً للتّحسّن، وإن لم يتمكّنوا من تحقيق ذلك، لم يكن أمامنا خيارٌ سوى إنهاء تعاوننا معهم.

كيف نعزّز دور الإدارة في تبنّي هذه التّغييرات؟

حرصاً على أن تسهم الفلسفة الجديدة في تحقيق أهدافنا لعام 2025، أجرينا تغييراتٍ جذريّةً على مستوى الإدارة، حيث ركّزنا على وضع النّتائج نصب أعيننا في إدارة العمليّات.

بصفتنا شركة خدماتٍ، نحرص دائماً على الوفاء بما نعد به عملائنا. كما حرصنا على توثيق جميع عمليّاتنا بدقّةٍ.ولكن في عام 2025، قرّرنا تبسيط هذه العمليّات، ففي السّابق كنّا نوثّق الإجراء في أربع صفحاتٍ، أمّا الآن فنهدف إلى اختصارها في صفحةٍ واحدةٍ فقط، طالما أنّ العمليّة تعمل بفعاليّةٍ، وتظهر الدّلائل الكافية، فلا حاجة لإضاعة الجهود في تفاصيل غير ضروريّةٍ

كذلك، حرصنا على تحسين طريقة تقديم الملاحظات داخل الشّركة، فقد كان من عاداتنا السّابقة تقديم تعليقاتٍ معتدلةٍ حتّى في أصعب المواقف، أي أنّنا كنّا نخفّف الحقيقة بعباراتٍ لطيفةٍولكنّنا أدركنا أنّ التّغليف الزّائد للمعلومات لا يخدم تحقيق النّتائج المرجوّة؛ لذلك اجتمعنا مع الإدارة العليا، وقرّرنا تبنّي أسلوبٍ أكثر مباشرةً وصراحةً في تقديم الملاحظات.

ما أهمّيّة هذه التّغييرات؟

إنّ التّركيز على الحضور فقط هو مجرّد ستارٍ يخفي وراءه ضعف الأداء، فإن استمرّت هذه الثّقافة، قد تؤدّي إلى عرقلة نموّ الشّركة أو حتّى إلى تدهّورها تدريجيّاًومن أجل تجنّب ذلك، دخلنا عام 2025، مركّزين على النّتائج الفعليّة، معتمدين على الصّراحة في التّواصل وتفضيل التّأثير العمليّ على مجرّد عدد السّاعات.

ندرك أنّ تطبيق مثل هذه التّغييرات الثّوريّة يتطلّب وقتاً وجهداً، وقد تواجهنا بعض التّحدّيات، مثل الانزلاق نحو ثقافة "الإنتاجيّة السّامّة"، حيث تصبح الفرق فعّالةً إلى حدٍّ يجعل بيئة العمل غير قابلةٍ للتّحمّللذلك، لا نغفل أبداً عن أهمّيّة الحفاظ على بيئة عملٍ تعاونيّةٍ وصحّيّةٍ، إذ إنّ حتّى أكثر الأشخاص كفاءةً يمكن أن يصبحوا مصدراً للمشاكل إذا ما تبنّوا سلوكيّاتٍ سامّةً.

لذا مع أهدافنا الجديدة، تظهر بعض التّساؤلات: كيف نوازن بين الأداء المميّز والحفاظ على بيئة عملٍ صحّيّةٍ؟ كيف نراقب أداء الموظّفين بفعاليّةٍ دون فرض ضغطٍ مفرطٍ؟ وكيف نضمن أن تترسّخ أفضل الممارسات داخل الفريق؟

تلك تساؤلاتٌ طبيعيّةٌ قد يواجهها كلّ فريقٍ يسعى إلى التّغيير والتّحسينبالطّبع، قد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً لإيجاد الإجابات المثلى، ولكنّنا على يقينٍ بأنّ تغيير الثّقافة بهذا الحجم هو خطوةٌ ضروريّةٌ للنّموّ والتّطوّر، سواء على صعيد الأعمال، أو في مسيرة الحياة الشّخصيّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: