إعادة تعريف إدارة الوقت: استراتيجيات لحياة متوازنة
تخلّص من القواعد القديمة واكتشف طرق جديدة لتنظيم يومك بذكاء
اترك كلَّ ما تعلَّمته سابقاً عن إدارة الوقت، وتعالَ نحاول سويَّاً وضع أسسٍ جديدةٍ، نستطيع من خلالها ترتيب أولويَّاتنا، والمضي قدماً في أعمالنا وحياتنا، من دون عبء التَّفكير بكمّ الأعمال المتراكمة التي نحتاج أن ننجزَها بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ، ربَّما من المفيد جداً التَّذكُّر هنا، أنَّ التَّفكير بحجم تلك الأعمال والخوف من عدم إنجازها في الوقت المحدَّد، يمكن أن يكونَ معرقلاً يؤدِّي إلى المزيد من هدر الوقت، فهل هناك قواعدُ ذهبيَّةٌ لحلِّ هذه المشكلة؟
إدارة الوقت هي مضيعةٌ للوقت!
يرى أنصار هذه القاعدة، بأنَّه لا يوجد طريقةٌ واحدةٌ مناسبةٌ للجميع في إدارة الوقت، ولكلّ حالةٍ يجب أن يكونَ لها طريقتها الخاصَّة وفقاً للأعمال والموقع الوظيفيّ، كذلك الأولويَّات.
لا مشكلة في تجريب العديد من الطُّرق وملائمتها مع تجاربنا الشَّخصيَّة، للتوصُّل إلى أكثر الطُّرق فعاليَّةً في إدارة الوقت بشكلٍ احترافيٍّ، بعيداً عن القواعد المعلَّبة الجاهزة سلفاً. وواحدةٌ من الطُّرق التي قد تكون مناسبةً لشريحةٍ واسعةٍ من الموظَّفين والمدراء، تكمن بإحضار قطعة ورقٍ، وتدوين كلّ الأعمال المهمّة عليها، سواءً كانت شخصيَّةً أم مهنيَّةً، إذ سأكتب هنا أهمَّ الأشياء التي أريد إنجازها ضمن مواعيد محددةً بتراتبية أهميَّتها لي.
ففي حالِ أنجزت المهمَّة رقم 1، ستصبح المهمَّة رقم 2 أولويتي القصوى الجديدةَ، وهكذا حتّى أنتهي من كلّ الأعمال المتراكمة، وهنا ينبغي لفتُ الانتباه إلى المتغيرّات الجديدة، على سبيل المثال قد يُطلب إليّ عملٌ جديدٌ، فماذا أفعل بهذه الحالة؟
بالتَّأكيد لن أقوم بوضعه في أسفل القائمة، إن كان عملاً مستعجلاً، وربَّما أضعه في أوّلها ليصبح أولويتي الجديدة وهكذا، والمرونة أمرٌ غايةٌ في الأهميَّة بمسألة إدارة الوقت؛ لذا عليَّ أن أكتسبَ هذه المهارة مباشرةً في حال لم أكن مرناً بما يكفي للتَّعامل مع المتغيّرات. وينظر بعضهم ومن بينهم أنا، لتلك الطَّريقة على أنَّها مثاليَّةٌ للغاية، فهي:
- تجعلنا نركِّز على الأشياء الأكثر أهميَّةً بالنِّسبة لنا، بمعنى أنَّنا حين نعاني من تشتُّت الانتباه لسببٍ ما، نستطيع العودة للقائمة، وإعادة ترتيب أولويَّاتنا لاكتشاف الأعمال التي تستحقُّ أن نضيّع وقتنا عليها.
- وضع قائمةٍ بالأعمال والمهامّ، تجعلنا أكثر تركيزاً على الأشياء الصَّحيحة، بمعنى أنَّنا نتنقل بين الأعمال وفقاً لترتيبها في قائمتنا، فننجزُ العمل المطلوب في الوقت المناسب.
- تسمحُ لنا القائمة بالخلط بين الأولويَّات الشَّخصيَّة والأولويَّات المهنيَّة، فلا نركِّز على ناحيةٍ معينةٍ ونتجاهل الأُخرى، وهذا بحدِّ ذاته انتصارٌ شخصيٌّ كبيرٌ بالنّسبة لنا.
شاهد أيضاً: المرونة في القيادة: كيف تكون قائداً مرناً في عالم الأعمال
نصائح للمدراء التنفيذيين حول كيفية إدارة الوقت
كمديرٍ تنفيذيٍّ لإحدى الشركات الناشئة، غالباً ما تمتلك العديد من المهامّ والمسؤوليَّات، وتتقمَّص العديد من الأدوار، كذلك قد لا تجد متسعاً حتَّى لفنجان قهوةٍ بعيداً عن العمل، ومع ذلك فإنَّك في نهاية اليوم قد لا تكون أنهيتَ كلَّ الأعمال، لقد انقضى الوقت سريعاً دون إتمام المطلوب، لا بأس كلانا يدرك أن الوقت موردٌ غير متجدِّدٍ، وهو واحدٌ من أثمن الموارد التي نمتلكها.
- فماذا عليّ أن أفعله كمديرٍ تنفيذيٍّ يعاني من سوء إدارة الوقت؟
تنفَّس قليلاً وامنح نفسك بعض الوقت للتَّفكير مهما يكن جدول أعمالك مزدحماً، إنَّها دقائقُ قليلةٌ كافيةٌ لتتعلَّم فيها كيف تجد متّسعاً من الوقت لتنهِ كلَّ شيءٍ من دون توتُّر، عبر هذه القواعد:
امنح نفسك مواعيد نهائيَّة قصيرة والتزم بها
امنح لكلِّ أولويةٍ موعداً نهائيَّاً لإتمامها، وليكن أقصر ممَّا تعتقد أنَّه يكفيها، في هذه الحالة، ستشعر بالدَّافع وتتحفَّز لإثبات أنَّك تستطيع اختصار الوقت للحدودِ الدُّنيا، يبدو هنا من المفيد تذكُّر عبارة سيدة الأعمال الأميركيَّة، شيريل ساندبرج: "العمل أفضل من الكمال"؛ لذا لا تخشَ من ألّا يكون عملك كاملاً، أساساً لا يوجد ما هو كاملٌ في هذه الحياة، وأنتَ لست شيئاً خارقاً.
جدول أولويَّاتك في التقويم الخاصّ بك
لا تنتظر وقت الفراغ لإكمال أمورك الهامَّة، لن تجد مثل هذا الوقت على الإطلاق، وأنت غارقٌ في العمل ومتطلَّبات الحياة، اكتب كلَّ ما تريد فعله، ولا تترك مساحةً فارغةً إطلاقاً، وإلَّا فإنَّ أولويَّاتك ستتشعَّب ولن تعودَ قادراً على إدارتها وإتمام أعمالك.
لا تقم بمهامٍ متعددة بوقت واحد
فكِّر معي، هل تستطيع حَمل 10 بطيخاتٍ بيدٍ واحدةٍ؟ حسناً كيف إذاً ستنجر عدَّة مهامٍ بوقتٍ واحدٍ؟ إنَّ هذا يعني بأنَّك لن تعطي أيَّ مهمَّةٍ وقتها الكافي لتكون جيدةً، ويعني أنَّك ستعود مرّةً أُخرى لإنجازها وتعديلها، ببساطةٍ قوم بالمشي خطوةً خطوة، أنجز مهمَّةً وانتقل إلى المهمَّة بعدها، وهكذا حتَّى تنهيها جميعها.
لا تقم بكلّ الأعمال لوحدك
هنا تستطيع أن تمتلكَ فريق عملٍ أكاديميٍّ ذا خبرةٍ عاليةٍ، بحيث لا يجعلك مضطَّراً للقيام بالأعمال عوضاً عن أحدهم، امتلك فريق عملٍ رائعاً وامنحهم الصلاحيَّات الكاملة للعمل والتَّفكير، وطبعاً كلُّ هذا ينطبق على طبيعة الشَّركة والقرارات وأهميَّتها؛ لذا لا يوجد معيارٌ واحدٌ صالح للجميع، أنت الوحيد القادر على وضع ما يناسبك.
تقسيم الجدول الزَّمنيّ
لا تنتظر حتَّى بداية اليوم لتضع خطَّة إدارة الوقت الخاصَّة بك، بل احرص في بداية الأسبوع على تقسيم العمل وفقاً للأيَّام القادمة، بحيث تضع أولويَّةً معينةً لكلِّ يومٍ، تساعدك على عدم التَّشتُّت وضياع التَّركيز.
اترك الأنشطة الطَّويلة لنهاية اليوم
أنتَ تعلم ما هي الأنشطة التي تتسبَّب لك بهدر الوقت، ومع ذلك لا تستطيع التَّحكُّم فيها، حسناً الحلُّ بسيطٌ للغاية، اترك تلك المهام لنهاية اليوم بعد أن تكون قد أنجزت كلَّ الأعمال الأُخرى، ومع إدراكك أنَّ الدَّوام سينتهي بعد قليلٍ مثلاً، أنت ستحاول قدر الإمكان التَّخفيف من هدر الوقت لتنتهِ في الموعد المحدَّد.
اطلب المساعدة
هناك العديد من الخبراء الَّذين يستطيعون تقديم مساعدةٍ حقيقيَّةٍ لنا في عمليَّة إدارة الوقت، إن كنت قد جرَّبت كلَّ الطُّرق المتاحة ولم تنجح، لن يكون من الخطأ استشارة أحدهم، على العكس ربَّما تجد حلَّ مشكلتك لديه وتنجحُ في مهمَّتك.
وفي خضمِ كلِّ هذا لا تنسَ نفسك، بالتَّأكيد إدارة الوقت مهمَّةٌ جداً لك، لكن بحال تعرَّضت لوعكةٍ صحيَّةٍ نتيجة الضَّغط المستمرِّ، لن تكون سعيداً؛ لذا اعتنِ بصحتك جيداً.
شاهد أيضاً: كيف تستفيد من يوم الصحّة النفسية العالمي على أكمل وجه؟
نصائح إدارة الوقت من هارفارد
في دراسةٍ أجرتها كليَُّة إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، تابعت من خلالها 27 شخصاً من كبار المدراء التَّنفيذيين في شركاتٍ مساهمةٍ عامَّةٍ يبلغ متوسط قيمتها 1.3 مليار دولارٍ، توصَّلتُ إلى عدَّة نتائج ستكون مفيدةً بالنّسبة لأولئك المدراء وسواهم:
جدولة أوقات التَّوقُّف والأنشطة العاديَّة
بمعنى أنَّ أخذ استراحةٍ لمدَّة عشر دقائق، للتَّنفُّس ومراجعة ما هو التَّالي سيكون مفيداً جداً لإزالة التَّوتُّر والضَّغط والمتابعة، بالمقابل جَدْوِل جميع أنشطتك المعتادة، كي تستطيع تخصيص الوقت المتبقي لمتابعة أعمالك اليوميَّة.
إضافة المزيد من الوقت بين الاجتماعات
اترك مساحةً صغيرةً خاليَّةً بين الاجتماعات؛ لأنَّ بعضها قد يتطلَّب مناقشةً موسَّعةً ومفيدةً، وبذلك أنت تكون قد استبقت موضوع التَّأخير على الاجتماع التَّالي، وفي حال انتهى اجتماعك بموعده المحدَّد، ستكون قد حظيت بعدَّة دقائق لنفسك، اعتبرها فترة راحةٍ قصيرةٍ وتابع.
إتقان فنّ التفويض
لا تقم بكلِّ الأعمال التي تستطيع منحها للآخرين في فريقك، فوضهم ولا تترك كلَّ شيءٍ معلَّقاً بك، اترك لنفسك القرارات المصيريَّة والهامَّة جداً فقط.
جهز نفسك للغد في اليوم السَّابق
استعدَّ ليومك التَّالي في نهاية يومك الحاليّ، واترك رأسك مرتاحاً من التَّفكير بما يمكن أن تفعله في اليوم التَّالي.
خصّص وقتاً لتطوير نفسك وفريقك
الآن وقد بات تقويمك تحت السَّيطرة، ابدأ في تطوير المهارات القياديَّة، وساعد فريقك على تطوير أنفسهم أيضاً، بما يضمن نجاح العمل والمزيد من إدارة الوقت.
إنِّها حياتك وأنتَ حرٌ بها، ربَّما لا تؤمن كثيراً بفكرة إدارة الوقت، أو تعتقد أنَّه لا توجد أيُّ حلولٍ للمشكلة، انتبه ربَّما تكون المشكلة في داخلك أنتَ وليست بالعمل أو كثرته، وبكلّ الأحوال تذكَّر أنَّ الطَّريقة التي تُدير فيها وقتك، ستؤدّي بك إلى النَّجاح أو الفشل.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.