تعزيز أداء مجلس الإدارة: عن أهمية التقويم السنوي
خطوات مدروسة في التّقويم السنويّ لمجلس الإدارة تضمن إدارة فعّالة للمخاطر، تطوير المواهب، وتعزيز الاستراتيجيّة لتحقيق أهداف الشّركة
يعدّ إنشاء تقويمٍ سنويٍّ لمجلس إدارة شركتك خطوةً محوريّةً لضمان سير العمل بإيقاعٍ طبيعيٍّ يدعم تحقيق الأهداف الاستراتيجيّة، وتطوير المواهب، وإدارة المخاطر بشكلٍ فعّالٍ. وبهذا الخصوص، يشير الخبير جيم شليكسر، الرّئيس التّنفيذيّ لـ "مشروع الرّئيس التّنفيذيّ" (The CEO Project)، إلى ثلاث مسؤوليّاتٍ رئيسةٍ يجب على مجالس الإدارة التّركيز عليها لضمان نجاح الشّركة.
أوّلاً: استراتيجيّة الشّركة
من أهمّ أدوار مجلس الإدارة فحص استراتيجيّة الشّركة الّتي تضعها الإدارة التّنفيذيّة، وليس ابتكارها. إذ يتعيّن على المجلس التّأكّد من أنّ الخطط المعتمدة تتماشى مع الأهداف الاستراتيجيّة وتوجّهات الشّركة العامّة. كما ينبغي أن يتولّى المجلس مهمّة اختبار هذه الاستراتيجيّة وتحدي الافتراضات والقرارات المتّخذة، لضمان أنّها تعكس الواقع التّجاريّ، وتعزّز نجاح الشّركة على المدى الطّويل.
ثانياً: إدارة المواهب
يلعب مجلس الإدارة دوراً أساسيّاً في الإشراف على تعويضات القيادة العليا والرّئيس التّنفيذيّ، لكنّه يتجاوز ذلك ليشمل مسؤوليّة ضمان تطوّر المواهب داخل الشّركة. يتعيّن على المجلس مراجعة خطط التّطوير المهنيّ وبرامج التّدريب لضمان استمراريّة المواهب القياديّة، لأنّ نقص هذه الكفاءات قد يشكّل عائقاً أمام نموّ الشّركة وتقدّمها.
ثالثاً: إدارة المخاطر
تشمل وظائف مجلس الإدارة الأساسيّة مراقبة المخاطر الّتي قد تهدّد استمراريّة الشّركة. هذا يتضمّن مراجعة البيانات الماليّة، ومتابعة التّقارير المتعلّقة بالتّحدّيات التّقنيّة، مثل اختراقات أنظمة تكنولوجيّا المعلومات أو الفجوات في التّأمين. يعمل المجلس هنا على تقديم التّوجيهات اللاّزمة لحماية الشّركة من المخاطر المحتملة وتجنّب التّهديدات الّتي قد تؤثّر على استقرارها.
التّقويم السّنويّ لمجلس الإدارة
لضمان تنظيم وإدارة هذه المسؤوليّات بفعّاليّةٍ، من الضّروريّ إعداد تقويمٍ سنويٍّ يعكس جدول أعمال مجلس الإدارة على مدار العام. وفيما يلي خطّةٌ مثاليّةٌ لإنشاء تقويمٍ سنويٍّ يعزّز من فعّاليّة المجلس:
الربع الرّابع: مراجعة الميزانيّة
في نهاية العام، يخصّص مجلس الإدارة اجتماعه لمراجعة ميزانيّة الشّركة للعام القادم. يتيح هذا الاجتماع الفرصة لمراجعة الافتراضات الّتي استندت إليها الإدارة عند إعداد الخطّة الماليّة، كما يساعد المجلس في فهم كيفيّة اتّخاذ القرارات الماليّة وتقييم المخاطر الّتي قد تؤثّر على تحقيق الأهداف.
الربع الأوّل: مناقشة المخاطر
مع بداية العام الجديد، يجب أن يكون التّركيز على مناقشة المخاطر المحتملة الّتي قد تواجه الشّركة، سواءٌ كانت مخاطر تقنيّةً، قانونيّةً، أو تأمينيّةً. يتطلّع مجلس الإدارة خلال هذا الاجتماع إلى تقديم توجيهاتٍ واضحةٍ تهدف إلى تحسين إدارة المخاطر وتقليل التّهديدات الّتي قد تؤثّر على استقرار الشّركة. هذا الاجتماع يعدّ فرصةً للمجلس لتحديد المجالات الّتي تحتاج إلى انتباهٍ إضافيٍّ لضمان حماية مصالح الشّركة.
الربع الثّاني: تقييم الأداء
في منتصف العام، يأتي وقت تقييم الأداء الماليّ للشّركة. يهدف هذا الاجتماع إلى التّأكّد من مدى تحقيق الأهداف الّتي وضعت في بداية العام، بناءً على الأرقام الماليّة المتاحة. من خلال هذا التّقييم، يمكن للمجلس تعديل التّوقّعات إذا لزم الأمر وتقديم توجيهاتٍ للتّكيّف مع المتغيّرات. كما يتمّ في هذا الرّبع أيضاً مراجعة خطط تعويضات الموظّفين وتطوير المواهب القياديّة، لضمان استمرار تواجد الكفاءات المطلوبة داخل الشّركة وتحفيز الأداء العالي.
الربع الثّالث: تعزيز الاستراتيجيّة
في الرّبع الثّالث، يركّز مجلس الإدارة بشكلٍ خاصٍّ على مراجعة الاستراتيجيّة العامّة للشّركة. يعدّ هذا الاجتماع الأكثر أهمّيّةً في السّنة، حيث يتيح للمجلس مراجعة مسار الشّركة وتحديد أولويّات العمل المستقبليّة. هنا، يناقش المجلس كيفيّة تحسين الاستراتيجيّة لتحقيق النّجاح المستدام، مع ربط هذه المراجعة بالاستعداد للميزانيّة القادمة. تصبح الاستراتيجيّة هي المحرّك الأساسيّ للتّخطيط الماليّ للعام التّالي، حيث يتطلّب من المجلس التّركيز على تعزيز الأهداف طويلة الأمد.
اعتماد هذا الجدول الزّمنيّ لاجتماعات مجلس الإدارة يوفّر إيقاعاً سنويّاً يعزّز من فعّاليّة أداء المجلس في المهامّ المختلفة المتعلّقة بالاستراتيجيّة، المواهب، وإدارة المخاطر. ليتسنّى لكلّ لجنةٍ من لجان المجلس أن تركّز على دورها الرّئيسيّ خلال الرّبع الخاصّ بها، ممّا يضمن التزام المجلس بكافّة مسؤوليّاته وتوفير رؤيةٍ شاملةٍ لأعضاء الإدارة حول توجّه الشّركة واستراتيجياتها.
بالإضافة إلى الاهتمام بالتّقويم السّنويّ، يجب أن تحظى الثّقافة المؤسّسيّة باهتمامٍ خاصٍّ من قبل مجالس الإدارة. فقد أظهرت الدّراسات أنّ الشّركات الّتي تركّز على بناء بيئة عملٍ مريحةٍ وداعمةٍ لموظّفيها تحقّق نجاحاتٍ أكبر على المدى الطّويل. بالتّالي، يجب على مجلس الإدارة أن يكون شريكاً استراتيجيّاً في دعم هذه الثّقافة وتحفيز الموظّفين على تحقيق أداءٍ عالٍ. التّركيز على هذه الجوانب ليس فقط يحسّن الأداء الحاليّ، بل يسهم في تعزيز الرّضا الوظيفيّ والاحتفاظ بالمواهب داخل الشّركة.
شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟