خطوات بسيطة لتحصين الشركات الصغيرة ضد الهجمات الإلكترونية
مع تزايد استهداف القراصنة للشركات الصغيرة، يتوجّب عليها حماية أصولها وضمان استمراريّة أعمالها في وجه التّهديدات المتزايدة
تتعرّض الشّركات الصّغيرة اليوم لتهديداتٍ إلكترونيّةٍ متزايدةٍ من قبل القراصنة، ممّا يجعلها بحاجةٍ لاتّخاذ خطواتٍ استباقيّةٍ لحماية نفسها من هذه الهجمات الّتي قد تؤدّي إلى خسائر مادّيّةٍ ضخمةٍ. وبحسب تقديراتٍ حديثةٍ، فإنّ حوالي 40% من الشّركات الصّغيرة كانت ضحيّة هجومٍ إلكترونيٍّ خلال العام الماضي، ممّا قد يضطرّها لدفع فديةٍ أو تكاليف باهظةٍ لاستعادة بياناتها، الأمر الذي يهدّد استمراريّتها. والسؤال هنا، لماذا تستهدف الهجمات الإلكترونيّة الشّركات الصّغيرة؟
في هذا السّياق، يشير روهيت غاي، الرّئيس التّنفيذيّ لشركة "آر إس إيه" (RSA) الرّائدة في إدارة الهويّة والوصول، إلى أنّ هناك ثلاثة أسبابٍ رئيسيّةٍ تجعل القراصنة يستهدفون الشّركات الصّغيرة: أوّلاً، لأنّها أصبحت تعتمد بشكلٍ متزايدٍ على التّكنولوجيا الرّقميّة في عمليّاتها، ممّا يفتح المجال للعديد من الثّغرات الأمنيّة. ثانياً، لأنّها غالباً لا تمتلك دفاعاتٍ قويّةً كالشّركات الكبرى، وبالتّالي يسهل اختراقها. وأخيراً، تعتبر الشّركات الصّغيرة بوّابةً محتملةً للوصول إلى الشّركات الكبرى الّتي تتعامل معها، ممّا يتيح للقراصنة استغلالها كنقطة انطلاقٍ.
وهنا، تؤكّد تيفاني ريكس، مؤسّسة شركة "هاكوير" (HacWare) المتخصّصة في حلول الأمن السّيبرانيّ، أنّ الشّركات الصّغيرة يجب أن تتعامل مع الأمن السّيبرانيّ كجزءٍ لا يتجزّأ من عملها، لا للحماية فحسب، بل لضمان استمراريّة الأعمال وتعزيز سمعتها أمام العملاء والشّركاء أيضاً. والآن، إليك خطواتٌ بسيطةٌ لتحصين الشّركات الصّغيرة ضدّ التّهديدات السّيبرانيّة:
التّصدّي للتّصيّد الاحتياليّ
فيعتبر التّصيّد الاحتياليّ أحد الأساليب الشّائعة الّتي يعتمد عليها القراصنة للوصول إلى الأنظمة والشّبكات، حيث يمكن إرسال رسائل بريدٍ إلكترونيٍّ أو روابط تحمل طابعاً زائفاً لخداع المستخدمين. ولتفادي هذا النّوع من الاحتيال، يجب توعية الموظّفين بكيفيّة التّمييز بين البريد الإلكترونيّ الشّرعيّ والزّائف. فقد يظهر التّصيّد في شكل رسائل مغريةٍ مثل "هديّةٌ بقيمة 500 دولارٍ" أو "عروضٌ حصريّةٌ"، والّتي تحثّ المستخدم على اتّخاذ إجراءٍ فوريٍّ دون التّفكير. لذا، ينبغي على الشّركات تحليل عناوين البريد الإلكترونيّ بدقّةٍ والابتعاد عن الرّوابط المشبوهة الّتي تحمل أخطاءً في العناوين.
تفعيل المصادقة متعدّدة العوامل (MFA)
حيث تعتبر المصادقة متعدّدة العوامل بمثابة حاجزٍ إضافيٍّ يحمي الحسابات الحسّاسة. فعند تفعيل هذه الميزة، لا يكفي أن يتمكّن المخترق من الوصول إلى كلمة المرور وحدها، بل يحتاج إلى خطوةٍ أخرى للتّحقّق، مثل رمزٍ يرسل عبر رسالةٍ نصّيّةٍ، أو من خلال تطبيق مصادقةٍ. هذه الخطوة الإضافيّة تزيد من صعوبة الاختراق، حتّى لو تمكّن القراصنة من معرفة كلمة المرور.
التّحديث المستمرّ للبرامج
تعمل شركات البرمجيّات بشكلٍ دوريٍّ على إصدار تحديثاتٍ لتعزيز أمان منتجاتها وإصلاح الثّغرات، ومن هنا تبرز أهمّيّة التّحديث المستمرّ للبرامج المستخدمة في الشّركة. إذ يجب على الشّركات الصّغيرة أن تجعل من تحديث البرامج عادةً مستمرّةً، لأنّ هذه التّحديثات تحميها من التّهديدات المستجدّة، وتحسّن من قدرتها على التّصدّي لأيّ اختراقٍ محتملٍ.
التّخطيط للطّوارئ قبل وقوعها
وعلى صعيدٍ آخر، هناك قاعدةٌ في عالم الأمن السّيبرانيّ مفادها أنّ السّؤال ليس ما إذا كانت الشّركة ستتعرّض لهجومٍ، بل متى. من الضّروريّ أن تضع الشّركات خططاً استباقيّةً للتّعامل مع الهجمات الإلكترونيّة في حال وقوعها. وعلى سبيل المثال، يجب على الشّركة أن تعرف كيف يمكنها الاستمرار في العمل إذا تعطّل أحد أنظمتها الأساسيّة.
هنا، يوصي الخبراء بتحديد "الجواهر الثّمينة" في الشّركة، وهي البيانات والأنظمة الّتي تحمل قيمةً خاصّةً، مثل بيانات العملاء أو السّجلّات الماليّة. والّتي غالباً ما يبحث القراصنة عن هذه المعلومات لاحتجازها كرهينةٍ وطلب فديةٍ مقابل استعادتها. لذا، ينبغي على الشّركات تأمين هذه البيانات بشكلٍ خاصٍّ، والاحتفاظ بنسخٍ احتياطيّةٍ منها.
كذلك على الشّركات معرفة الجهات الّتي ستتواصل معها في حالة حدوث اختراقٍ، مثل شركات التّأمين السّيبرانيّ أو فرق الاستجابة للطّوارئ. وقد تتطلّب بعض القوانين إخطار الجهات الحكوميّة أيضاً عند وقوع هجومٍ.
كيفيّة التّصرّف عند وقوع هجومٍ إلكترونيٍّ؟
إذا تعرّضت الشّركة لهجوم فديةٍ أو أيّ حادثٍ إلكترونيٍّ آخر، فإنّ الخطوات السّريعة ضروريّةٌ. حيث يُنصح بتطبيق قاعدة (احتواءٌ، تقييمٌ، إخطارٌ). فيمكن للشّركة احتواء الهجوم عن طريق إيقاف الأنظمة المتضرّرة وتغيير كلمات المرور فوراً، ثمّ تقييم مدى الضّرر لتحديد حجم المشكلة. وأخيراً، يجب إخطار الأطراف المعنيّة، سواءٌ كان ذلك العملاء، أو الشّركاء، أو الجهات المختصّة، إذ يعتبر حماية الشّركات الصّغيرة خطوةٌ أساسيّةٌ في تعزيز الاستمراريّة.
بهذه الخطوات البسيطة ولكن الفعّالة، تستطيع الشّركات الصّغيرة تعزيز أمانها الرّقميّ وحماية أصولها وضمان استمراريّة أعمالها في وجه التّهديدات المتزايدة، ممّا يعزّز من مكانتها في السّوق، ويحافظ على سمعتها.