الرئيسية الريادة كيف أثرت الجائحة على ساعات العمل والإنتاجية؟

كيف أثرت الجائحة على ساعات العمل والإنتاجية؟

رغم تراجع عدد ساعات العمل اليوميّ، أظهرت البيانات ارتفاع الإنتاجيّة، ممّا يعيد تشكيل مفاهيم الأداء الوظيفيّ في بيئة العمل الحديثة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

مع تلاشي آثار جائحة 2020-2022 تدريجيّاً ودخولها صفحات التّاريخ، لا يزال العمل عن بعد والعمل الهجين يحتلّان مكانةً بارزةً في بيئة العمل. وفي ظلّ هذا الواقع الجديد، يواصل أصحاب الأعمال تركيزهم على قياس مدى التّزام موظّفيهم بعدد ساعات العمل، ومدى إنتاجيّتهم، بغضّ النّظر عن مواقعهم. وتشير بياناتٌ حديثةٌ إلى مفارقةٍ لافتةٍ: على الرّغم من تقلّص عدد ساعات العمل اليوميّة في مرحلة ما بعد الجائحة، فإنّ إنتاجيّة الموظّفين قد ارتفعت.

تأتي هذه النّتائج ضمن التّقرير الصّادر عن شركة "أكتيفتراك" (ActivTrak) المتخصّصة في أبحاث العمل، وقد استند التّقرير إلى تحليل بياناتٍ تمّ جمعها من 218,900 موظّفٍ في 777 شركةٍ، خلال الفترة الممتدّة من عام 2022 حتّى عام 2024. وقد أظهرت البيانات أنّ الموظّفين المشاركين قلّلوا من ساعات عملهم اليوميّة بمعدّل 36 دقيقةً -أي بنسبة 7%- ليصبح متوسّط ساعات العمل 8 ساعاتٍ و44 دقيقةً في اليوم. ورغم هذا الانخفاض، ارتفعت الإنتاجيّة بنسبة 2% خلال نفس الفترة.

ورغم أنّ كثيراً من المدراء قد يتقبّلون هذا التّنازل برحابة صدرٍ، إلّا أنّ الأغلبيّة ربّما تفضّل تحقيق قفزةٍ أكبر في الإنتاج مع المحافظة على نفس مدى يوم العمل. ومع ذلك، تظهر نتائج التّقرير أنّ هذا ليس هو الواقع بالشّكل المطلق. فكما أشارت دراساتٌ سابقةٌ، يميل الموظّفون إلى تقديم أداءٍ أفضل خلال جلسات العمل القصيرة مقارنةً بالطّويلة، حيث تبدأ عوامل، مثل: التّعب والملل أو حتّى التّشتّت كالتّسوّق الإلكترونيّ، أو متابعة مباريات كرة السّلّة الجامعيّة خلال أيّام الأسبوع، أو التّسلّي بمباريات تدريب البيسبول، في الرّبيع في تخفيف التّركيز والفعّاليّة.

وقد بيّنت الدّراسة أنّ انخفاض متوسّط مدّة يوم العمل قد ترافق مع ارتفاعٍ في الوقت المُستثمر بشكلٍ منتجٍ، بزيادةٍ قدرها 6 دقائقٍ، ليصل إلى 6 ساعاتٍ و17 دقيقةٍ. كما أنّ الفترات الّتي تعتبر الأشدّ تركيزاً وفعاليّةً من يوم العمل ارتفعت من 20 دقيقةً إلى 24 دقيقةً، أي بنسبة زيادةٍ تبلغ 20%. وإلى جانب ذلك، لاحظ التّقرير اختفاء التّذبذات الّتي كانت تحدث سابقاً في معادل الإنتاج وفقاً لأيّام الأسبوع أو فصول السّنة، حيث أصبحت وتيرة العمل أكثر توازناً وانتظاماً.

ومن بين أبرز الأسئلة الّتي تناولها التّقرير: ما هي الصّناعات الّتي استفادت أكثر من العلاقة العكسيّة بين مدى يوم العمل ومعدّل الإنتاج؟ تصدّرت صناعة اللّوجستيّات القائمة، بمتوسّط إنتاجيّةٍ يوميّةٍ بلغت 7 ساعاتٍ و35 دقيقةً. تلتها صناعة التّأمين بمتوسّط 6 ساعاتٍ و35 دقيقةً، ثمّ الخدمات الماليّة بـ 6 ساعاتٍ و32 دقيقةً. في المقابل، جاءت صناعة الطّيران في ذيل القائمة، حيث بلغ متوسّط الإنتاجيّة اليوميّة 5 ساعاتٍ ودقيقةٍ واحدةٍ فقط.

ولم تخلُ نتائج التّقرير من بعض المفاجئات والتّحليلات غير المتوقّعة. على سبيل المثال، الموظّفون الّذين يعملون من المنزل كلّيّاً أو جزئيّاً -الّذين يشكّلون نحو 65% من العيّنة- أظهروا زيادةً قدرها 30 دقيقةً في وقتهم الأكثر إنتاجيّةً يوميّاً مقارنةً بزملائهم الّذين يعملون في المكاتب. وهذا يتناقض مع الفكرة التّقليديّة الّتي تقول إنّ وجود المدير ونظرته المتفحّصة في مكان العمل تحفّز الموظّفين على الأداء الأفضل.

وعلى الجانب الآخر، أدّى ارتفاع مستويات التّعاون وتعدّد المهامّ داخل المكاتب إلى تراجع الوقت المركّز والفعّال الّذي يقضيه الموظّفون في أداء مهامّهم بنسبة 8%. ومع ذلك، كان لعودة الموظّفين إلى مكاتبهم بعد تجربة العمل عن بعدٍ أثرٌ إيجابيٌّ واضحٌ، إذ ارتفعت نسبة الموظّفين الّذين يحافظون على "أنماط عملٍ صحّيّةٍ" بنسبة 70%، وهي النّسبة الأعلى خلال السّنوات الثّلاث الماضية، وفقاً للتّقرير. وقد أشار التّقرير إلى أنّ هذا التّوازن الأفضل بين العمل والحياة انعكس في انخفاض معدل الإرهاق الوظيفي، والتّذمّر، والعوامل الأخرى الّتي قد تؤدّي إلى فقدان الكفاءات.

ومن النّتائج المفاجئة كذلك: تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على إنتاجيّة الموظّفين؛ فعلى الرّغم من أنّ أغلب هذه التّطبيقات لم تبدأ في الانتشار الفعليّ إلّا في منتصف فترة الدّراسة، إلّا أنّ معدّلات استخدامها قفزت بنسبة 107% بحلول نهاية عام 2024. ووفقاً لتحليل أكتيفتراك، فإنّ 58% من الموظّفين الّذين شملوا في البحوث أصبحوا يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بنهاية الفترة.

ولكن المثير في الأمر أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي أدّى إلى زيادة متوسّط ساعات العمل اليوميّة لهؤلاء المستخدمين بمقدّر 8 دقائق مقارنةً بمن لم يعتمدوا عليه. والأسوأ من ذلك أنّ الوقت الّذي يقضونه في التّركيز الفعّال على العمل انخفض بمعدّل 27 دقيقةً؛ هذا ما دفع التّقرير إلى التّأكيد على أهمّيّة تدريب الموظّفين على الاستخدام الفعّال لتلك الأدوات الجديدة، لضمان الاستفادة القصوى منها دون الإضرار بجوهر الإنتاجيّة.

واختتم التّقرير بتوصيةٍ واضحةٍ: "مع تزايد اعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي، ينبغي على المؤسّسات أن توجّه موظّفيها نحو أفضل الممارسات في استخدام الأدوات المعتمدة. ورغم أنّ البيانات تشير إلى فرصٍ حقيقيّةٍ لرفع الإنتاجيّة، إلّا أنّها تؤكّد أيضاً الحاجة إلى موازنة هذه الفوائد المحتملة مع المحافظة على وقت العمل المركّز. ويعتمد نجاح دمج هذه الأدوات على قدرتها على دعم -لا استبدال- العمل العميق الّذي لا يمكن أتمتته".

شاهد أيضاً: العمل الهجين: كيف يوازن بين مرونة المكتب والعمل عن بعد؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: