اتفاقية مستوى الخدمة​​​​​​​: التزامٌ يحدّد معايير الأداء!

اتفاقية مستوى الخدمة، أو ما يُعرف بـ"Service level agreement"، ليست مجرّد وثيقةٍ إداريّةٍ، بل هي حجر الأساس الّذي يرسّخ علاقة الشّراكة بين مقدّم الخدمة والمستفيد. ففي عالمٍ يعتمد على الخدمات الرّقميّة أو التّقليديّة، تضمن هذه الاتفاقيّة الوضوح، وتبنّي جسور الثّقة من خلال تحديد معايير دقيقةٍ للأداء، وحقوق كلّ طرفٍ والتزاماته؛ إنّها أشبه بعقدٍ معنويٍّ يُحدّد ما يجب توقّعه وكيفيّة التّعامل مع الإخفاقات، لضمان استمرار الخدمات وفقاً لمعايير ثابتةٍ وشفّافةٍ.

ما هي اتفاقية مستوى الخدمة؟

اتفاقية مستوى الخدمة هي وثيقةٌ مكتوبةٌ تُبرم بين مقدّم الخدمة والمُستفيد، تُحدّد بشكلٍ واضحٍ مستوى الأداء المُتوقّع والمعايير الّتي ينبغي الالتزام بها، وتُغطّي الاتفاقيّة تفاصيل، مثل: السّرعة والجودة وأوقات الاستجابة وأطر التّعامل مع الأعطال أو الإخفاقات. كما يُعتبر الهدف الأساسيّ من هذه الاتّفاقية هو توفير مرجعٍ يُسهم في إدارة توقّعات الطّرفين، وضمان عدم الإخلال بالالتزامات المُتَّفق عليها.

عناصر أساسية في اتفاقية مستوى الخدمة

• وصف الخدمة المُقدّمة: تشمل الاتفاقيّة وصفاً تفصيليّاً للخدمة الّتي سيُقدّمها الطّرف الأوّل، مع توضيح النّطاق الّذي تندرج تحته الخدمة، وتحديد ما هو مشمولٌ وما هو مستثنى منها.

• معايير الأداء والجودة: يتم وضع مؤشّرات أداء رئيسيّة تُحدّد المعايير الدّقيقة الّتي يجب الالتزام بها، مثل: أوقات الاستجابة، وسرعة الإنجاز، ومدى توفر الخدمة.

• التزامات مُقدّم الخدمة: توضيح الواجبات والالتزامات المفروضة على مقدّم الخدمة، سواء من حيث توفير الدّعم الفنيّ، أو إصلاح الأعطال، أو ضمان استمراريّة الخدمة دون انقطاعٍ.

• حقوق المستفيد ومسؤوليّاته: تحديد ما يحقّ للمستفيد الحصول عليه، إضافةً إلى التزاماته الّتي يجب الوفاء بها ليتمكّن مقدّم الخدمة من أداء دوره على أكمل وجهٍ.

• إجراءات التّعامل مع الأعطال: تشمل الخطط التّفصيليّة لكيفيّة التّعامل مع الأعطال أو الإخفاقات، وتحديد الأطر الزّمنيّة لحلّ المشكلات، إضافةً إلى التّعويضات المحتملة.

• آليات المراجعة والتّقييم: يتمّ تحديد كيفيّة مراقبة الأداء ومراجعته، وتقييم مدى الالتزام بالاتفاقيّة بشكلٍ دوريٍّ لضمان تحسين الأداء.

أهمية اتفاقية مستوى الخدمة

تُعدّ اتفاقية مستوى الخدمة من الأدوات الحيويّة الّتي تضمن استمراريّة النّجاح في أيّ علاقةٍ بين مقدّم الخدمة والمستفيد، فهي ليست مجرّد بنودٍ قانونيّةٍ تُوضع على الورق، بل هي الرّكيزة الّتي تبني الثّقة بين الطّرفين وتُحدّد الأطر الّتي سيتمّ العمل ضمنها. فمن خلال هذه الاتفاقيّة، يتمّ وضع معايير واضحةٍ لما يُتوقّع من الخدمة، ممّا يساعد على إدارة التّوقّعات بفعاليّةٍ ويُقلّل من احتمالات حدوث أيّ سوء تفاهمٍ في المُستقبل.

وفي عالمٍ مليءٍ بالتّحديّات والمتغيّرات، توفّر اتفاقية مستوى الخدمة حلّاً لتقليص المخاطر، فهي تضع آليّاتٍ مرنةً للتّعامل مع أيّ مشكلاتٍ قد تظهر، مثل الأعطال أو التّأخيرات، مع تحديد المساءلة وطرق التّعويض. بهذا الشّكل، لا تقتصر أهميّة الاتفاقيّة على ضمان جودة الأداء فحسب، بل تُحسّن أيضاً من الكفاءة، وتُحفّز مقدّم الخدمة على الالتزام بأعلى المعايير، ما يؤدّي إلى تقديم خدمةٍ مرضيّةٍ تُحقّق النّجاح المستدام للجميع.

كيفية إعداد اتفاقية مستوى خدمة فعّالة

• تحديد الأهداف بوضوح: من الضروري تحديد ما يُراد تحقيقه من الاتفاقية بعبارات واضحة ومفهومة للطرفين.

• إشراك جميع الأطراف: يجب أن يُشارك كل من مقدّم الخدمة والمستفيد في صياغة بنود الاتفاقية لضمان تغطية جميع الجوانب.

• وضع مؤشرات أداء قابلة للقياس: يجب تحديد معايير أداء يمكن قياسها بدقة، مثل نسبة الأعطال أو متوسط أوقات الاستجابة.

• مراجعة دورية للاتفاقية: يُفضّل إجراء مراجعات دورية للتأكد من أن الاتفاقية تظل مواكبةً للتغييرات في متطلبات العمل أو التكنولوجيا.

أخيراً، اتفاقية مستوى الخدمة ليست مجرد ورقة تُوقّع وتُحفظ في الملفات، بل هي التزام مستمر يهدف إلى تحقيق التعاون المثمر بين مقدّم الخدمة والمستفيد. من خلال معايير واضحة وآليات دقيقة، تضمن هذه الاتفاقية جودة الأداء، وتحافظ على حقوق جميع الأطراف، وتعزز استدامة النجاح في أي علاقة خدمية أو مهنية.