8 طرق لجذب موظفين من الجيل Z إلى شركتك

مع دخولِ الجيلِ الرّقميّ الأوّل الحقيقيّ إلى سوق العملِ، يواجهُ أصحابُ الأعمالِ تحديّات فهم وتلبيّة تطلّعات جيل زِد (Generation Z)، ويقدّم استطلاعُ الرّأي لعام 2024، الذي أجرتهُ الجمعيّة الوطنيّة لعلماء المدارس الثّانوية (NSHSS)، رؤى مهمّة تساعد الشّركات على تطويرِ استراتيجيّاتٍ لجذبِ وتوظيفِ والاحتفاظِ بهذا الجيل المُتطلّع وتفاعله. ^[1]  

ويدركُ جيل زِد قيمة الخبراتِ الحياتيّةِ، كما أذكرَ في كتابي الأخير "الذكاء التجريبي" (Experiential Intelligence) الصّادر عن دارِ بنبيلا للنّشر (BenBella Books) في 2024، فإنّ اكتسابَ الخبرات الحياتيّة والمُشاركة فيها لا يُساهم فقط في تطوير مهاراتٍ وقدراتٍ جديدةٍ، بل يبني عقليّات مرنةً وقادرةً على التّكيّف تُساعد في مواجهةِ المُستقبل، ويُدرك جيل Z بالفعل هذا المسارَ نحو النّجاح، حيث يتوّقع 90% منهم المشاركة في برامج التّدريب العمليّ، ويرى 70% أنّ الدّوراتِ التّدريبيّة خارج الإطار الأكاديميّ التّقليديّ خياراً مناسباً للتّطوير المهنيّ.

يشملُ استطلاعُ NSHSS بياناتٍ من أكثر من 10,000 طالبٍ وطالبةٍ من جميع الولايات الأمريكيّة، وكشف الاستطلاع عن النّقاط التّالية:

• يعتقدُ 59% من الشّبابِ أنّ الذكاء الاصطناعي سيُؤثّر سلباً على المجتمعِ في السّنواتِ العشر القادمةِ، كما أنّ 55% منهم قلقون جدّاً بشأن تأثيرِ الذّكاء الاصطناعيّ على الخصوصيّة الشّخصيّة، بينما يشعرُ 62% بالقلق من فقدان الوظائف بسبب الذّكاء الاصطناعيّ.
• ما زالت مشكلةُ ديونُ الطّلاب قائمةً، ولكن الشّباب لا يتوقّعون الحصول على دعمٍ من الأهلِ، ويتوقّع 25% منهم تحمّل ديونٍ تتراوحُ بين 10,000 و50,000 دولارٍ، في حين قال 14% فقط إنّهم يتوقّعون مساعدةً ماليّةً من العائلةِ.
• تعتبرُ شركاتُ غوغل (Google) وأمازون (Amazon) وآبل (Apple) من بين أفضل 10 شركاتٍ يُفضّل الشّباب العملَ لديها، بينما تظلّ مجالات الرّعاية الصحيّة والتّخصصات العلميّة والتّقنيّة والهندسيّة والرّياضيات (STEM) الأكثر استهدافاً وظيفيّاً.
• يرى 48% من الجيلِ الجديدِ أنّ أهمّ صفات صاحب العمل هي مهاراتُ التّواصل الواضحة.
• يتوقّع 66% منهم الإقامةَ في الوطنِ عندَ بدء أوّل وظيفةٍ، ويُخطّط 73% للبقاء في موطنهم لمدّةٍ تتراوحُ بين سنةٍ إلى سنتين.

إذن، كيف يُمكن لأصحاب العملِ الاستفادةَ من قوّة هذا الجيل الصّاعد في سوق العمل؟

تبنّي التّناقضات لجذب المواهب

تُعتبرُ علاقةُ جيل زِد بالتّكنولوجيا مُعقّدةً، فرغم أنّهم الأكثر إلماماً بالتّكنولوجيا، يعتقدُ 59% منهم أنّ الذكاء الاصطناعي سيُؤثّر سلباً على المجتمعِ خلال العقدِ القادمِ، وعلى أصحاب العملِ تسليط الضّوء على كيفيّة استخدامهم للذّكاء الاصطناعيّ بشكلٍ مسؤولٍ؛ لتعزيزِ القدراتِ البشريّة بدلاً من استبدالها، وعليهم إبراز التزامهم بأخلاقيّات الذّكاء الاصطناعيّ وكيفيّة إعطاء مبادراتهم التّكنولوجيّة الأولويّة لرفاهيّة الإنسانِ وضمانِ الوظائفِ.

تقديم الخبرة العمليّة مع التّواصل الواضح

يُعدّ التّواصلُ الواضحُ من أهمّ الصّفات الّتي يبحثُ عنها جيل Z في أصحابِ العملِ، حيث يُشدّد 48% منهم على أهميّتهِ، ويقدّر هذا الجيل الشّفافيّة والصّراحة. لذا، يجبُ على الشّركات التّأكد من وضوحِ أوصافِ الوظائف، وتوقّعات الأدوارِ، وفرص النّموّ. إضافةً إلى ذلكَ، مع توقّع 90% من جيل زِد المُشاركة في برامج التّدريب العمليّ، فإنّ توفيرَ برامج تدريبيّةٍ قويّةٍ وفرص تعلّمٍ مستمرٍّ، يُمكن أن يكونَ عامل جذبٍ كبيراً.

تقديم الدّعم الماليّ والشّخصيّ

يواجهُ جيل زِد قلقاً ماليّاً كبيراً، حيث يتوقّع العديدُ منهم تحمّل ديونٍ طلابيّةٍ دون مساعدةٍ كبيرةٍ من العائلةِ، ويُمكن لأصحابِ العملِ التّميّز من خلال تقديم مزايا ماليّة شاملةٍ، ويتوقّع 44% من جيل Z أن يساعدَ أصحاب العمل في سدادِ قروضِ الطّلاب، ومن شأن تقديم برامج الرّفاهيّة الماليّة، وتعويض الرّسوم الدّراسيّة، ومسارات التّقدّم الوظيفيّ الواضحة أن يجعلَ شركتكَ أكثر جاذبيّةً للخريجيّن المُثقلين بالدّيون.

تعزيز ثقافة الإنصاف والمسؤوليّة الاجتماعيّة

تُعدّ المعاملةُ العادلةُ لجميع الموظّفين الأولويّة القصوى لجيل زِد، إذ يهتمُّ هذا الجيلُ بشدّةٍ بالعدالة الاجتماعيّة والمسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركاتِ، لذلكَ يجبُ على الشّركات تعزيزَ ثقافةٍ شاملةٍ، حيث يتمّ الاحتفاءُ بالتّنوّع، ويُعامل الجميع بإنصافٍ، إذ إنّ المبادراتِ الفعّالة للمسؤوليّة الاجتماعيّة للشّركاتِ -بما في ذلكَ فرص التّطوّع في المجتمع المحليِّ، وضمان أن تعكسَ سياسات مكان العمل التزاماً بالإنصافِ- يُمكن أن تُعزّزَ من جاذبيّة شركتكَ كصاحب عملٍ.

التّكيف مع بيئة العمل المُتغيّرة

رغمَ أنّ جيل Z يُقدّرُ جداول العملِ المرنةَ، إلّا أنّهم يرغبون أيضاً في التّفاعلاتِ الشّخصيّةِ، ورغم ازديادِ العمل عن بعد، فإنّ 23% فقط من جيل زِد يرون أن خيارَ العملِ عن بُعد ذو أهميّةٍ كبيرةٍ. لذا، فإنّ توفيرَ بيئة عملٍ هجينةٍ تُوازن بين مرونةِ العمل عن بعد وفرص التّعاون الشّخصيّ وبناء المجتمع أمرٌ ضروريٌّ، يجبُ على أصحابِ العملِ الاستثمار في وسائل الرّاحة المكتبيّة الحديثةِ وخلق مساحاتٍ تُعزّز التّعاونَ والابتكارَ.

التّفاعل من خلال التّطوير المُستمرّ والتّقدير

يُعتبرُ التّعلم والتّطوير المستمرّان أمراً بالغَ الأهميّة للحفاظ على موظّفي جيل Z، إذ إنّهم يُقدّرون التّدريب الشّخصيّ وفرص اكتساب مهاراتٍ جديدةٍ، ويُمكن أن يُساعدَ تنفيذ برنامج تطويرٍ هيكليٍّ يشملُ الإرشادَ وورشَ العملِ؛ لبناء المهاراتِ ومساراتِ التّقدّم الوظيفيّ في الحفاظِ على مشاركةٍ موظفيٍّ جيل زِد، ويُمكن لبرامج التّقدير، مثل: موظّف الشّهر أو الجوائز القائمة على الأداء، أن تُعزّزَ الرّوح المعنويّة والاحتفاظ بالموظّفين.

دعم الصّحة العقليّة والرّفاهيّة

لا يُمكنُ التّغاضي عن الصّحة العقليّة لجيل Z، فهذا الجيلُ مدركٌ تماماً لقضايا الصّحة العقليّة، بسبب تجاربهم مع الجائحةِ، وإنّ تقديم موارد الصّحة العقليّة، والتّرويج للتّوازن بين العملِ والحياةِ، وخلقَ بيئةٍ داعمةٍ، حيث تُعطى الأولويّة للرّفاه العقليّ، يُمكن أن يُؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على الاحتفاظِ بالمواهب وتفاعلهم.

الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز التّفاعل

رغمَ حذر جيل زِد من الذكاء الاصطناعي، إلّا أنّهم يعتمدون بشدّةٍ على التّكنولوجيا؛ لذلك يجبُ على أصحاب العملِ استخدام التّكنولوجيا؛ لتعزيز التّفاعل، وتبسيط العمليّات، وتخصيص تجربة العملِ، ويُمكن أن تجعلَ الأدوات، مثل: التّأهيل المدفوع بالذّكاء الاصطناعيّ، والمنصّات التّعليميّة الشّخصيّة، وأدوات التّعاون الرّقمي، بيئةَ العملِ أكثر جاذبيّةً وكفاءةً للموظّفين المُلمّين بالتّكنولوجيا.

الخلاصة

من خلالِ فهم ومعالجة هذه التّفضيلات والمخاوف المتنوّعةِ، يُمكن لأصحابِ العمل خلقَ بيئةَ عملٍ تجذبُ جيل Z، وتحتفظُ بهم وبتفاعلهم، وسيكون التّوازن بين الاستخدامِ الأخلاقيّ للتّكنولوجيا، والتّواصل الواضح، والدّعم الماليّ، والشّموليّة، والتّطوير المُستمرّ هو المفتاحُ للاستفادةِ من إمكاناتِ هذه القوّة العاملةِ النّاشئةِ.