استراتيجيات لزيادة الإنتاجية دون الوصول للاحتراق الوظيفي
كيف تحافظ على توهّجك الإنتاجيّ مع ضمان راحتك وسلامتك النفسيّة؟
كم مرَّةٍ وددت أن يكونَ اليوم أطول من 24 ساعةٍ، لتُنهي أعمالكَ المتراكمة عليك بسبب كثرتها، حسناً، للأسف إن كنتَ تبحثُ عن طريقةٍ لزيادة عدد ساعات اليوم، لن تجدها هنا، وسيبقى اليوم عبارةٌ عن 24 ساعةً فقط، لكنَّ عجزنا عن زيادة ساعات اليوم الواحد، لا يعني على الإطلاق عدم وجود طرقٍ أخرى أكثر فاعليَّةً.
كيف تحافظ على الإنتاجية مع ضمان راحتك؟
حين تكون مديراً لشركةٍ، أو رائد أعمالٍ، أو حتَّى موظَّفاً طموحاً، فإنَّ أيَّام الأسبوع لديكَ ستكون مزدحمةً، وغالباً أنت مضطرٌ للقيام بالكثير من الواجبات والأمور، مثل: لقاء مسؤولي الموارد البشريَّة، والمبيعات، والتسويق، وربما تمضي يومك بلقاء العملاء، واليوم الذي يليه بمقابلات الموظَّفين الجدد، وإجراء الاجتماعات، كذلك المكالمات والرَّدِّ على رسائل البريد الإلكتروني.
أعتقد أنَّي تعبت لمجرَّد كتابة تلك المهام، فكيف بذلك الذي يقوم بها، كان الله في عونكم، لا يبدو الأمر بتلك السُّهولة، كما نرى في الأفلام السِّينمائيَّة، حين يكون مدير الشَّركة عبارةً عن ثريٍّ وسيمٍ لديه حبيبةٌ تشغل كلَّ وقته!
العمل لأكثر من ثمانين ساعةٍ أسبوعيَّاً ليس بالشَّيء العظيم كما تحاول إقناع نفسكَ، على العكس تماماً تستطيع أن تكون ناجحاً، ذا إنتاجيَّةٍ عاليةٍ، وفي الوقت ذاته شخصاً اجتماعيَّاً يمارس مواهبه وهواياته ويخرج مع أصدقائه في رحلة نهاية الأسبوع. [2]
شاهد أيضاً: تأثير بيئة العمل على الإنتاجية بطريقةٍ إيجابية وبناءة
ولا يحتاج الأمر منك، سوى اتّباع عدَّة استراتيجيَّاتٍ بسيطةٍ:
أوقف الفوضى التّقنيّة
بعد عطلة نهاية أسبوعٍ قرّرت فيها تجاهل كلَّ ما يمتُّ للعمل بصلةٍ، ستعود إلى مكتبكَ مع مئات رسائل البريد الإلكتروني، ربما ستشعر أنّ لا نهاية لتلك الرَّسائل، فماذا يجب عليك أن تفعل؟ ببساطةٍ، تستطيع استخدام أدواتٍ معيّنةٍ لتنظيم بريدك الإلكترونيّ، من خلال استخدام منصَّات الاتِّصال الفعّالة مثل Slack، وذلك لتقليل الازدحام في صندوق بريدك الإلكتروني الوارد.
هذا ليس كلَّ شيءٍ، تستطيع أيضاً، إزالة كافَّة الرُّموز من سطح المكتب ما يسمح لك بالتَّركيز على مهمَّتك، بينما تساعدك أدوات حظرِ المواقع، على عدم تشتت الانتباه من خلال الانشغال بحساباتكَ على مواقع التَّواصل الاجتماعيّ، حين تكون مشغولاً بعمل ما. [1]
إذا لم تنجح في العثور على طرقٍ للتَّخلُّص من الفوضى الرَّقمية الهائلة، ستشعر بالإرهاق على الفور، ما سيزيد من ساعات عملك دون أن يحسِّن إنتاجيتك.
تحديد الأولويَّات بواقعيَّة
إحدى أهمِّ استراتيجيَّات تحقيق الإنتاجيَّة دون الاحتراق النَّفسي، هو تعلّم كيفيّة تحديد الأولويَّات بواقعيَّة، فأنت لست مضطراً لتجاهل حضور تدريب كرة القدم الخاصَّ بابنك، فقط لأنَّه ينبغي عليك الرَّدُّ على رسائل البريد الإلكتروني، ففي عطلة نهاية الأسبوع لا أحد يتوقَّع منك الرَّدَّ، وغالباً فإنَّهم يرسلونها ويدركون أنَّك لن تردَّ قبل انقضاء العطلة.
ليس كلُّ ما يطلب منك، يجب أن يُنجز على الفور، يمكنك الفرز بين ما يمكن تأجيله، وبين ما يتطلَّب منك ردَّاً فوريَّاً، وهذا يساعدك على تقليل الضَّغط والتَّركيز أكثر على أمورٍ أُخرى خارج العمل، ممّا يؤدِّي إلى مساعدتك على زيادة تركيزك خلال ساعات العمل، وفي المرّة القادمة حين تردُّ على أيِّ رسالةٍ تتعلَّق بالعمل في نهاية الأسبوع، اسأل نفسك: هل كان الأمر يستحقُّ التَّضحية بجزءٍ من يوم عطلتي؟ ما هو شعورك إن كان الجواب: كلا؟!. [1]
زيادة ساعات العمل الفعالة
ليس بالضَّرورة أن تكونَ ساعات العمل الطَّويلة سبباً في زيادة الإنتاجية، التي غالباً ما تكون نتيجة ساعات عملٍ مركَّزة، ويمكنك استخدام العديد من التَّقنيَّات المُساعِدة، مثل تقنية بومودورو، لتقسيم وقتك إلى فترات عملٍ مركَّزةٍ، تتخلُّلها فترات راحةٍ قصيرةٍ، وتستطيع أن تزيد من فعاليَّة الوقت دون أن تضطَّر لإطالته من خلال عدَّة أمورٍ، مثل: [1]
- تدوين أكثر ثلاثة واجباتٍ مهنيَّةٍ مهمَّةٍ كلَّ صباحٍ، كي تمنع نفسك من الانجراف نحو المهام المشابهة التي لا تحقَّق لك أيَّ شيءٍ مهمٍّ في الواقع.
- لا تجلس خلف الشَّاشة كلَّ الوقت، تستطيع إجراء اجتماعٍ في الخارج بينما تشرب فنجاناً من القهوة، أمام نبتةٍ خضراء، فالتَّواجد خارجاً يجعلك أكثر إبداعاً.
- احصل على قسطٍ كافٍ من النَّوم، فقلّة النَّوم تؤثِّر على الأداء المعرفيّ والتَّركيز.
- استمع إلى الموسيقى، سواءً الكلاسيكيَّة أو أيِّ نوعٍ آخر تفضله.
لا يمكن زيادة عدد ساعات اليوم الواحد لتلحق بأعمالك وتعيش حياتك بشكلٍ طبيعيٍّ، لكنَّك تستطيع الجمع بين مكالمةٍ هاتفيَّةٍ مستعجلةٍ ونزهةٍ بسيطةٍ في الخارج.
لا تخف من الحصول على قسطٍ من الرَّاحة
يبدو الخيار جنونيَّاً بعض الشَّيء بالنَّظر إلى أنَّ المادة أساساً تتحدَّث عن زيادة الإنتاجية، لكن من أخبرك بأنَّ الرَّاحة مصدر إلهاء، ربَّما هو الآن يعاني من احتراقٍ نفسيٍّ شديدٍ، ولم يعد قادراً حتَّى على القيام بأبسط واجباته؛ لذا تنفّس الصُّعداء قليلاً واسترخي.
أخذُ قسطٍ من الرَّاحة ليس وصمة عارٍ كما يشيع بعضهم، فالعقل البشريِّ ليس مصمّماً للعمل ساعاتٍ طويلةٍ دون توقُّفٍ، إنَّه يحتاج لفترةٍ من الرَّاحة تُساعد على تعزيز الإبداع وتجديد الطَّاقة، فهل تعلّم أنَّ الخروج للمشي حتَّى ولو لخمس دقائقٍ يُمكن أن يكونَ له تأثيرٌ كبيرٌ، ببساطةٍ، جرّب! طالما أنَّك تعمل بجدٍّ وضميرٍ، لا تخشى طلب إجازةٍ، على العكس اطلب إجازةً كلَّما شعرّت بالحاجة لها.
ركّز على الصحة النَّفسيَّة والجسديَّة
لا يمكن الفصل بين زيادة الإنتاجية، والصِّحَّة الجسديَّة والنَّفسيَّة؛ لذا عليك التَّأكُّد أنَّك أخذت حاجتكَ الكاملة من النَّوم، إضافةً إلى ممارسة الرِّياضة، -أيُّ نوعٍ تفضِّله سيكون مفيداً- شخصيّاً أحب السِّباحة، حيث تشعر بأنَّه لا يوجد حدودٌ أمامكَ، فقط البحر وأنت.
الطَّعام الصِّحّي كذلك مفيدٌ، جرِّب تناول بعض أنواعه، الهامبورغر ربَّما يكون عمليَّاً بعض الشَّيء، لكن في عطلة نهاية الأسبوع ستمتلك خياراتٍ أكثر من مجرَّد تناول ساندويشٍ سريعٍ، لأنّ لديك عملاً! أنت لست آلةً، تذكَّر هذا جيداً، ولا تُحمّل نفسكَ المزيد من الضَّغط، فتجد نفسكَ وأنت لم تعد ذلك المدير النَّشيط أو الموظَّف المثاليّ.
شاهد أيضاً: أتريد أن تكون دائم التعلم والتطور؟ عليك بتطبيق قاعدة الـ 5 ساعات
أدِر الوقت بحكمة
الفكرة ليست بعدد ساعات العمل، بل بماذا تستطيع أن تنجز بتلك السَّاعات، دون أن تتعرَّضَ لأيّ عمليَّة إلهاء، سواءً كانت خارجيَّةً أم داخليَّةً؛ لذا انتبه لأهميَّة فترة الرَّاحة، واجعل أهميَّتها بمرتبة أهميَّة فترة العمل، وكما تستطيع استخدام أدوات وتقنيَّات إدارة الوقت لتنظيم يومك أو أسبوعك، من خلال تحديد أهداف واضحةٍ، وقابلة للقياس، وتذكَّر دائماً، الفكرة هي أن تعملَ بذكاءٍ، وليس بجهدٍ أكبر أو وقتٍ أطول.
احذر البحث عن الكمال
ربَّما يكون الكمال أكبر فخٍّ، لكن للأسف يقع به العديد من الأشخاص، لا داعٍ لبذل المزيد من الجهد والوقت، فقط لأثبت لنفسي أو لمن حولي أنَّي كاملٌ، فقضاء الكثير من الوقت لإنجاز مهمَّةٍ واحدةٍ، يقلُّل من الإنتاجية، حتّى لو كانت المهمَّة منجزةٌ على أتمِّ وجهٍ، الحلُّ بسيطٌ جداً، أنهِ المهمَّة الأولى وانتقل للثَّانية، وهكذا حتَّى تنتهي، ثمَّ عُد لمراجعة تلك المهمَّات، واكتشاف الثَّغرات لإصلاحها أو تحسينها، ولا تضيع المزيد من الوقت للوصول إلى الكمال؛ لن تصل إليه. [3]
أهميّة المكان
جعل مكان العمل مريحاً بالنِّسبة لك، أضف بعض التَّفاصيل التي تحبُّها، مثل: نبتةٍ خضراء، أو لوحة منظرٍ طبيعيٍّ تجلب لك الرَّاحة النَّفسيَّة، والتَّرتيب لا يقلُّ أهميَّةً، فكلّما كان مكتبك مرتباً، كلّما بات بإمكانكَ أن تصلَ إلى الأوراق التي تُريدها أسهل، دون عناء البحث الطَّويل. [3]
لا تصدق مقولةَ، أنّ الفوضى تولّد الإبداع، لا شكّ بأنّ من قالها مثلي، مجردّ إنسانٍ لا يحبّ العمل المنزليّ، وباختصارٍ لزيادة الإنتاجية، أعطي كلَّ حاجةٍ لديك حقَّها الكامل، لا تسترح لدرجة الكسل، ولا تعمل لدرجة الاحتراق النَّفسيّ، ولا تلّم نفسك، اكتشف حدود قدراتكَ وتذكَّر أنَّك عبارةٌ عن طاقةٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.