السعادة قبل الراتب: استراتيجيات لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة
كيف يمكن للتحفيز أن يحوّل بيئة العمل ويزيد من إنتاجية الموظفين بشكل كبير، من خلال استراتيجيات موجّهة نحو بناء السعادة والولاء الوظيفي
كشف الباحثون عن السّرّ الذي يجعل الموظَّفين يعملون بكفاءةٍ أكبر وإنتاجيَّةٍ أعلى، هل لك أن تتخيَّل بأنَّ الرَّواتب العالية، أو المزايا الممتازة ليست السَّبب، عوضاً عن ذلك فإنَّ تحفيز الفريق ومنحهم الأهداف وإسعادهم سيكون كفيلاً بتغيير كلِّ شيءٍ لصالح العمل، فكيف يحدث ذلك؟
تشيرُ أبحاث جامعة وارويك البريطانيَّة، أنَّه حين يصبح الموظَّفون أكثر سعادةً، فإنَّ إنتاجيَّتهم تزيد بنسبة 12% تقريباً، بينما تقول مجلَّة هارفارد بزنس ريفيو أنَّ مندوبي المبيعات السُّعداء يستطيعون تحسين معدَّلات إنتاجهم بنسبة 37%.
استراتيجيات لتحقيق السعادة المستدامة في العمل
نتحدَّث هنا عن السَّعادة الحقيقيَّة الدَّائمة، وليس عن شعورٍ آنيٍّ ينتهي بانتهاء الحدث الذي يجعلنا سعداء؛ لذا فإنَّ إيصال موظَّفيك إلى هذه المرحلة يحتاج إلى سلسلةٍ من الجهود الواعية، وفيما يلي 3 أساليب غالباً ستُحدِث أثراً جيّداً: [1]
ساعد الجميع في العثور على الهدف
يقول كيري ستوفر مدير العمليَّات في شركة Pariveda Solutions الاستشاريَّة، إنَّ الشَّركات ذات الأهداف الواضحة تُحفِّز ولاء الموظَّفين، ويضيف أنَّ أهمَّ شيءٍ في وجود هدفٍ ليس الفرق الذي يحدثه للعلامة التِّجاريَّة فحسب، بل التَّأثير الإيجابيُّ الذي يحدثه على الموظَّفين كذلك، وكلَّما ازدادت معرفة الموظَّفين لأهدافهم وأهداف شركتهم، كلَّما أصبحوا أكثر سعادةً في العمل.
تعزيز ثقافة ردود الفعل
تشير الأبحاث إلى أنَّ 87% من الموظَّفين يتوقون إلى فرص النُّموِّ، وأقلُّ من 40% قالوا إنَّهم تعلَّموا شيئاً خلال الثَّلاثين يوماً الماضية، ردود الأفعال الحقيقيَّة تلعب دوراً رئيسيَّاً في التَّطوير المهنيّ، وهذا ما يفرض على المدراء التَّعبير عنها بشكلٍ صادقٍ دون الشُّعور بالضَّغط لقول أشياءٍ لطيفةٍ فحسب، هل تشعر بأنَّك ملزمٌ لقول أشياءٍ لطيفةٍ فقط؟ لا تفعل ذلك موظَّفيك يريدون الصّدق والشَّفافيَّة.
الموازنة بين الأهداف والالتزامات الشَّخصيَّة
لدى معظم الأشخاص أهدافٌ شخصيَّةٌ، نادراً ما يخبرونها لرئيسهم، مثلاً ربَّما يريد أحد الموظَّفين الحصول على درجةٍ علميَّةٍ متقدِّمةٍ، أو تعلُّم العزف على آلةٍ موسيقيَّةٍ، وغالباً هي أهدافٌ لا ترتبط بشكلٍ مباشر بمتطلَّبات الوظيفة اليوميَّة، لكن حين تتمُّ مساعدة الموظَّف على تحقيقها سيكون أكثر سعادةً، وبالتَّالي أكثر ولاءً وإنتاجيَّةً.
كمديرٍ تستطيع تنفيذ خطَّةَ تطويرٍ فرديَّةٍ على مستوى الشَّركة، على سبيل المثال امنح الموظَّفين فرصةَ تحقيق أربعة أهدافٍ شخصيَّةٍ وأربعة أهدافٍ مهنيَّةٍ لهذا العام.
إضافةً لما سبق، عليك الاعتراف بأنَّ لموظَّفيك مسؤوليَّاتٌ شخصيَّةٌ أُخرى خارج إطار العمل، مثل اجتماع أولياء الأمور أو إصلاح الأدوات الكهربائيَّة المنزليَّة المعطَّلة، تستطيع جعل الأمور أسهل بالنِّسبة لهم دون أن يشعروا بمزيد من الضَّغط، من خلال اعتماد ساعاتِ عملٍ مرنةٍ تحقِّق لهم التَّوازن المنشود.
إن كنت تعتقد الأمر صعباً أو أنَّه لا يعنيك، وما تزال مصرِّاً أن تكون ذلك المدير التَّقليديَّ الَّذي لا يفكِّر سوى بالعمل والشَّركة، تذكَّر أنَّ القيام بتلك الأمور هو جزءٌ مهمٌّ من تعزيز الإنتاجيَّة، فتعزيز شعور موظَّفيك بالرَّفاهيَّة والسَّعادة يمكن أن يؤدِّي إلى قفزةٍ نوعيةٍ في الإنتاج.
شاهد أيضاً: استراتيجيات لزيادة الإنتاجية دون الوصول للاحتراق الوظيفي
نموذج MATTER لتقدير الموظَّفين
خلال مقابلاتها مع المدراء والقادة، اكتشفت الدُّكتورة جينيفر ناش، مؤلِّفة كتاب Be Human, Lead Human، نمط القادة الذين يجعلون النَّاس يشعرون بالتَّقدير وكيف استفادوا من نقاط القوَّة حين موائمتهم هدف الموظَّفين مع عملهم. ثمَّ طوَّرت ناش نموذجها MATTER، وهو إطارٌ متعدِّدُ الأبعاد للقادة على جميع المستويات، يساعدهم على كيفيَّة تعلُّم إضفاء القيمة والشُّعور بالتَّقدير بالنِّسبة للموظَّفين. إذ يضمُّ نموذج ناش خطواتٍ قابلةٍ للتَّنفيذ، أهمُّها: [2]
- اكتشاف ما يحفِّز الفريق، ومساعدتهم في تحديد دوافعهم الدَّاخليَّة والخارجيَّة.
- الاحتفاء بإنجازاتهم، والطَّلب إليهم إخبار زملائهم كيف غيَّرتهم تلك الإنجازات للأفضل.
- إظهار الاهتمام بوجهة نظرهم، واكتشاف كيف يؤثِّر أسلوب تفكيرهم على اتِّخاذ القرار.
- إنشاء بيئةٍ توفِّر الطَّاقة، بحيث يقدِّم الموظَّفون أفضل ما لديهم.
تقول ناش، إنَّ القادة الذين يركِّزون على الإنسان، يحبُّون مساعدة الآخرين على إضافة القيمة والشُّعور بالتَّقدير، وتنصح المدراء أن يفكِّروا بكيفيَّة دمج تلك الممارسات لمساعدة موظَّفيهم على الشُّعور بأهميّتهم، وبالتَّالي زيادة الإنتاجيَّة.
شاهد أيضاً: تأثير بيئة العمل على الإنتاجية بطريقةٍ إيجابية وبناءة
كيف نزيل العوائق لتحسين الإنتاجية الشَّخصيَّة؟
في الطَّريق إلى محاولة تحسين الإنتاجيَّة الشَّخصيَّة، لا يجب التَّركيز فقط على كيفيَّة جعل الموظَّفين سعداء فحسب، بالتَّوازي مع ذلك يجب الانتباه إلى العقبات التي تقف حجر عثرةٍ ومحاولة تذليلها، ولتذليل العقبات ينبغي معرفتها أوّلاً، ولهذه الغاية يضع الخبراء 4 عقبات أساسيَّة مع حلٍّ مناسبٍ لكلٍّ منها، وهي: [3]
نقص الطَّاقة
لكلِّ واحدٍ فينا حدٌّ معينٌ للطَّاقة في داخله؛ لذا يجب التَّفكير بشكلٍ جديٍّ في كيفيَّة زيادة مقدار تلك الطَّاقة، وما هي الطُّرق المتاحة لذلك، مثلاً تقليل التَّوتُّر سيكون مفيداً، كذلك تحسين جودة الرَّاحة، هذه الأخيرة قد لا نتمكَّن من إزالتها بشكلٍ كاملٍ؛ لذا نستطيع مثلاً التَّوقُّف عن الضَّغط على الموظَّفين عندما لا يكون هناك ضرورةٌ، كذلك من المهمّ تذكيرهم بالرَّاحة أو التَّوصية بإجازةٍ لأحدهم.
الافتقار إلى المعرفة
غالباً ما يكون سبب هذه العقبة خطأً إدارياً؛ لذا يجب التَّأكُّد من أنَّ كلَّ عضوٍ في الفريق يدرك سبب قيامه بعمله ويفهم الغرض منه، وعلى المدراء الانتباه جيِّداً لهذا الموضوع؛ لأنَّ من لا يعرف ما يجب فعله، لن يتمكَّن من إتمام المهمَّة.
عدم الثّقة في المهمَّة
إذا كنت تعتقد أنَّ مهمَّتك عديمة الفائدة، سيكون من الصَّعب عليك إنجازها، فماذا يفعل المدير إن كان أحد أعضاء فريقه يُفكِّر بتلك الطَّريقة؟ والجواب ببساطةٍ، أن يعملَ المدير على التَّحكُّم بالحالة العاطفيَّة للموظَّفين، ويثبت لهم بأنَّ المهمَّة هي الطَّريق الصَّحيح للوصول إلى الهدف.
الإلهاء الخارجيُّ
التَّركيز أحد أهمِّ الأمور للعمل بكفاءةٍ، لكنَّنا سنفقد تركيزنا بحال تلقيِّنا إشعاراتٍ من المراسلات في العمل كلَّ خمس دقائق، فماذا تفعل بهذه الحالة؟ ساعد موظَّفيك على تنظيم مكان عملهم بطريقةٍ يتجنَّبون فيها الإلهاء، ولا تتردَّد من شرح أهميَّة ذلك لهم.
إنَّ تحسين الإنتاجيَّة كمَّاً ونوعاً، هو هدف معظم الشَّركات والمنظَّمات في العالم؛ لذا وبكونك مديراً في إحداها، يجب ألَّا تدّخر جهداً في تثقيف نفسك وزيادة معلوماتك ومهاراتك، في كيفيَّة تحفيز موظَّفيك على الإنتاجيَّة العالية والجيّدة، حتَّى لو اقتضى الأمر إلقاء النِّكات أمامهم في بداية كلِّ يومٍ لإشعارهم بالنَّشاط وبإيجابيَّة مكان العمل.