استراتيجيات مبتكرة لإدارة فريق من العباقرة
تعزيز الإنتاجية والابتكار من خلال قيادة العقول اللامعة دون أن تظهرّ بمظهر الجاهل
أن تكون مُحاطاً بأشخاصٍ أكثر ذكاءً منك قد يكون محبطاً للغاية، أمَّا عن إدارتهم وتكليفهم بالمهام المختلفة وحتَّى التَّعديل على عملهم قد يكون مأساةً حقيقيَّةً، فكيف تقوم بالتَّعديلات المطلوبة دون أن تبدو غبيَّاً؟ بل كيف تتغلَّب على الشُّعور بعدم الأمان الذي يرافقكَ عند طلب أيِّ مهمّةٍ؟
فسواءً كان هؤلاء الأشخاص أذكى منك فعليَّاً أو حتَّى يعتقدوا ذلك فقط، وسواءً كانوا من العلماء أو المبرمجين أو حتَّى أصحاب خبراتٍ متنوِّعةٍ ليس لديك إلمامٌ كافٍ بها كلَّها، ووجدت نفسكَ كصاحب شركةٍ أو مديرٍ مطلوبٍ منك إدارتهم وتقسيم المهام عليهم دون أن تخسرَ مميزات وجودهم في فريقك، ودون أن تتآكل روحك، تابع معنا مجموعة طرقٍ بسيطةً، مقدَّمةً من أشخاصٍ ضمن الأكثر ذكاءً في العالم وتعرَّضوا لتجربتكَ نفسها ومرُّوا بها بسلامٍ، فيما يلي: [1] [2]
لا تتنافس معهم مطلقاً
ليس مطلوباً منك على الإطلاق أن تتنافسَ مع أفراد فريقكَ مهما كانوا أذكياء وحتَّى إذا كنت أذكى من كلِّ شخصٍ منهم على حدة، فبالتَّأكيد مجموع خبراتهم سيكون أعلى منك، ولكن بالتَّأكيد أيضاً لديك نقطة قوّة جعلتك تتولَّى إدارتهم أو تقسيم المهام عليهم، إذ سيكون هناك دائماً شيءٌ تضيفه إليهم، وهنا عليك التَّركيز تماماً على نقطة قوّتك واستثمارها في تعزيز التَّعاون بين أفراد الفريق وليس التَّنافس في معدَّلات الذَّكاء، فكلُّ فردٍ في الفريق سيكون لديه نقطة تفوِّقٍ لا بدَّ من استغلالها جيداً لتحقيق أفضل النَّتائج.
فكيف برأيك تمكّن مارك زوكربيرج من إدارة فريق من 1500 باحثٍ وعالمٍ معظمهم من الحاصلين على الدُّكتوراه مع الخروج دائماً بابتكاراتٍ متنوِّعةٍ؟ بل كيف نجح إيلون ماسك في إدارة أكثر من فريق من مرتفعي الذَّكاء في الكثير من المجالات؟ إنَّه فقط بالتَّركيز على نقطة القوِّة ودعم التَّعاون والتَّخلِّي التَّامّ عن الأنا وترك مجال المنافسة معهم.
لا تخجل مطلقاً من طرح الأسئلة خوفاً من الظُّهور بشكلٍ الجاهلٍ
يقول دوغ إدواردز أوّل مدير للتسويق وإدارة العلامات التجارية في غوغل، والذي انضمَّ للشَّركة العملاقة عام 1999، إنَّه من الخطأ تماماً الخوف من طرح الأسئلة حتَّى لا تبدو غبيَّاً، مؤكِّداً أنَّ السُّؤالَ الغبيَّ الوحيد هو الذي لم يُطرح بعد، ومُعلناً أنَّه كان يحثّ المهندسين في فريقه على شرح المهامِّ التي يقومون بها والأفكار التي يطرحونها بكلماتٍ بسيطةٍ يستطيع فهمها، فمن الأفضل كثيراً أن تبدو بمظهر الجاهل بشيءٍ مقارنةً بمنح انطباع أنَّك تعرف شيئاً لا تفهمه بالفعل، فهذا فضلاً عن أنَّه لن يجعلك تتعلَّم على الإطلاق، سيؤدِّي لتراجع إنتاجيَّة فريقكَ مهما كان نشاطهم أو معدَّل ذكائهم.
شاهد أيضاً: كيف يُؤثّر تنوّع الشخصيات في فريق التأسيس على نجاح الشركات الناشئة؟
لا تحاول على الإطلاق التَّحكُّم بهم بل اتبع قدراً كبيراً من المرونة
مع فريقٍ من العلماء والأذكياء والخبراء سيكون مضيعةً للوقت أن تحاولَ التَّحكُّم في طريقة عمل كلِّ شخصٍ وفقاً لما تراه، بل لا بدَّ في حالتك تحديداً أن تدعَ كلَّ شخصٍ يقوم بما يتقنه.
إذ يقول كريس كزورا، نائب رئيس الشُّؤون العلميَّة في معهد فينشتاين للأبحاث الطِّبيَّة والذي يتعامل مع أكثر من 50000 موظَّفٍ وملايين المرضى، إنَّه يجب دائماً الاستماع إلى وجهات نظر جميع الأشخاص في الفريق، وترك الفرصة لهم لطرح أسئلةٍ صعبةٍ وذكيَّةٍ على بعضهم بعضاً ومنح الحريَّة لهم لاكتشاف الحلول بأنفسهم دون تدخلٍ صارمٍ منك؛ ليكون عليك فقط توفير ما يحتاجون إليه لتنفيذ رؤيتهم والعمل عليها، وهذا في حدِّ ذاته نقطة قوّةٍ لأيِّ مدير فريقٍ ليس من السَّهل الوصول إليها والتَّخلِّي عن الأنا.
الحرص على التعلم المستمر
كما تتعلَّم من أفراد فريقك وخبرتهم في المجالات التي يتقنونها لا بدَّ أن تشجِّعَ نفسكَ على الاطلاع على جوانب عدَّة، سواءً تتعلَّق بالعمل نفسه أو بغيره، فكلُّ رجال الأعمال النَّاجحين تقريباً من هواة القراءة المتنوِّعة وهو ما يُشكِّل فارقاً أكيداً في نجاحهم في إدارة عددٍ كبيرٍ من الفرق متنوِّعة الخبرات والأجناس والشَّخصيَّات.
إذ يقول المؤلِّف تشارلز مارتن: أنَّ العمل كمحللٍ كميٍّ مع أساتذةٍ سابقين من معهد ماساتشوستس للتُّكنولوجيا كان تحدِّياً كبيراً ساعده عليه بشدّةٍ قراءة أطروحاتٍ في الإدارة؛ ليتمكَّن بذلك من العمل معهم بسهولةٍ أكبر كزملاء وليسوا مجرّد عباقرةٍ يخشى التَّواصل معهم؛ لذا نصيحته الدَّائمة جاءت بضرورة القراءة وبتنوِّعٍ أيضاً، فمن المؤكَّد أنَّك لن تتفوَّقَ على الخبراء، ولكن جمع كلِّ المعلومات التي تتمكّن منها سيجعلك تسهم بمنظورٍ مختلفٍ بدلاً من الظُّهور بشكلٍ جاهلٍ كليَّاً.
تأكَّد تماماً أنَّ فريقاً من الأذكياء أفضل 1000 مرَّة من فريقٍ من الأغبياء
ففي الأوّل والآخر فريقك الذي تحت إدارتك سوف تكون مسؤولاً بشكلٍ أو بآخر عن النَّتائج التي يُحقِّقها، فإذا كان الفريق من الأذكياء والعباقرة فمهمَّة إدارتهم وتعديل مهامهم وتفادي أخطائهم سوف تكون أقلَّ بكثيرٍ مقارنةً من فريقٍ من الأغبياء أو من المتكاسلين أو عديمي الخبرة.
فإذا كنت تنظر بالفعل إلى مصلحة الشركة أو المؤسَّسة، سواء كانت خاصَّةً بك أو عامّةً فسوف تشعر براحةٍ أكبر بكثيرٍ عند التَّعامل مع فريقٍ من الأذكياء، وسيتراجع خوفك بالتَّدريج لأنَّك تدرك أنَّ ذكاءهم سيكون عاملاً أكثر إيجابيَّةً بالنِّسبة لك.
شاهد أيضاً: رحلة صقل القيادة: من التفويض إلى الاستقلالية وبناء فريق أقرانٍ متمكّنٍ
خذ وقتك ولا تتعجَّل الشُّعور بالرَّاحة
مع كلِّ تلك النَّصائح السَّابقة فإنَّك لن تشعر بالرَّاحة فجأةً ضمن فريقٍ من شديدي الذَّكاء، فالتَّخلُّص من عدم الأمان والتَّخلِّي عن الأنا سيتطلَّب وقتاً عليك أن تمنحه لنفسكَ دون تعجُّل، إذ من المهمِّ المحاولة المستمرَّة وعدم اليأس، وكلَّما نجحت في خطوةٍ نحو تغليب مصلحة الفريق والشَّركة على صورتك الشَّخصيَّة، فإنَّك لن تشعرَ فقط بالرَّاحة، ولكن ربَّما بأنَّك الأكثر ذكاءً بالفعل، وهذا في المجال الذي تتقنه ولا ينافسك به أحدٌ من أفراد فريقكَ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.