تسلح بالتفاوض: استراتيجيات مبتكرة لتحقق أهدافك بسرعة وفعالية
أسرار التواصل الفعّال واستراتيجيات التفاوض التي تجعلك تختصر الطريق إلى النجاح
ماذا لو كان هناك مهارةٌ قادرةٌ على جعلكَ تختصرُ أكثر من نصف الطَّريق للوصول إلى أهدافكَ؟ ماذا لو أخبرتك أنَّ امتلاكك مهارةَ التَّفاوض يعدُّ تقريباً كافيَّاً كمرحلةٍ أولى للنَّجاح، لتأتي المرحلة الثَّانية التي تعتمد على خبراتك واجتهادك، فكيف يمكن لتنمية مهارات التفاوض والتواصل أن تساعدك حقَّاً على تحقيق ما ترغب؟
امتلاك تلك المهارة يتطلَّب منك العمل على النَّاحية الدَّاخليَّة في شخصيَّتك، على سبيل المثال هل أنت شخصٌ انفعاليٌّ تثورُ وتغضب على الفور؟ أم أنَّك شخصٌ باردٌ دبلوماسيٌّ قادرٌ على التَّحكُّم بانفعالاتك جيّداً؟ الفكرة الأخيرة تعني أنَّك شخصٌ مؤهَّلٌ لامتلاك مهارة التَّفاوض بسرعةٍ، وبحال كنت الشَّخصيَّة الأولى ابدأ على الفور بعلاج المشكلة وامتلك مهارة التَّحكُّم بالانفعالات بعيداً عن الغضب.
من أين يجب أن أبدأ لتحسين مهارة التَّفاوض؟ ببساطةٍ ابدأ بقراءة هذا المقال، ودعني أُخبرك أنَّ عمليَّة تحريره والبحث في مصادره ساعدتني كثيراً على تنمية هذه المهارة لديَّ.
حسناً، انتهت الأمثلة ويجب علينا الدُّخول في لبِّ الموضوع، دعنا نتعرَّف أولاً على أسلوب "تقبُّل المحادثة" الَّذي وضَعَته خبيرةُ إدارةِ النزاعاتِ في جامعة هارفارد، جوليا مينسون.
شاهد أيضاً: التفاوض على التعويضات السنوية: كيف تحصل على زيادةٍ تستحقها؟
ما هو أسلوب تقبّل المحادثة؟
طوّرت مينسون ملفاً يحتوي على كلماتٍ محدَّدةٍ، تجعل الأفراد في حالة النّزاع يشعرون بأنَّ خصومهم يتعاملون مع وجهات نظرهم بطريقةٍ مدروسةٍ، تلك الكلمات تُساعد على تشكيل أسلوب اتّصال "تقبُّل المحادثة"، وأجرت الخبيرة العديد من التَّجارب على استخدام الأسلوب هذا، وتبيَّن أنَّ الأشخاص الَّذين استخدموه في عملية التفاوض كانوا أكثر إيجابيَّةً من خصومهم.
ويتضمَّن أسلوب تقبل المحادثة، الخطوات التَّالية: [1]
- التحوُّط من مطالبك: حتَّى عندما تكون متأكّداً من صواب رأيك، فإنَّ بعض الأشخاص الآخرين، ربَّما يدعمون وجهةَ نظر خصمكَ.
- البحث عن أرضيَّةٍ مشتركةٍ: حين تختلفُ حول موضوعٍ ما، هذا لا يعني المساومة أو تغيير رأيك بالضَّرورة، بل ابحث عن أرضيَّةٍ مشتركةٍ؛ لأنَّ معظم النَّاس من حول العالم، ومهما بلغت شدَّة اختلافاتهم، فإنَّ هناك قيّمٌ أو أفكارٌ معينةٌ مُتَّفق عليها فيما بينهم.
- اعترف بوجهة نظر الخصم: عوضاً عن استخدام حجَّتك الخاصَّة مباشرةً، خصّص وقتاً قصيراً لإعادة تأكيد موقف الشّخص الخصم، لتُثبتَ له أنَّك استمعت إليه وفهمتَه بالفعل.
- استخدم مفرداتٍ إيجابيَّةً: زِد من استخدام الكلمات الإيجابيَّة لتحويل نَبرة المحادثة لصالحكَ، وابتعد تماماً عن المفردات السَّلبيَّة، مثل "لا، لن، لا تفعل".
إذا كنت تريدَ أن تكونَ ذلك الشَّخصَ الَّذي يرغب الجميع في التَّحدُّث إليه، فبالتَّأكيد هذا هو أسلوبُ المحادثة الذي تُريد تعلُّمه والتَّدرب عليهِ لاستخدامه دائماً.
طرق تطوير مهارة التفاوض في العمل
تَبرزُ الحاجة اليوم إلى موظَّفين يتمتَّعون بمهارات التفاوض أكثر من أيّ وقتٍ مضى، كدليلٍ على أهميَّتها، تمَّ تصنيفها ضمن أفضل خمس مهاراتٍ مطلوبةٍ تبعاً لتقرير مهارات لينكد إن عام 2023، وبحسب تقرير اتّجاهات التَّعلُّم في مكان العمل لعام 2022، الصَّادر عن Udemy، فإنَّ مهاراتِ الإقناع والتَّفاوض شهدت زيادةً في الطَّلب بنسبة 78% و67% على التَّوالي.
الآن ربَّما بتَّ تُدرك أكثر مدى أهميَّة هذه المهارة، ليس فقط في تحسين عملكَ وحياتكَ، بل حتَّى في إيجاد فرصة عملٍ جيّدةٍ، فكيف يمكن أن تطوّرها؟
وفيما يلي عدَّة طرقٍ يؤكّد الخبراء أنَّها ممتازةٌ لتحسين قدراتكَ على التفاوض: [2]
ضع الفوز كهدفٍ نهائيٍّ
الفوزُ هو حين يتوصَّل الطَّرفان إلى اتّفاقٍ يعودُ بالنَّفع عليهما كليهما، وهذا يستلزم أن تكونَ مفاوضاً قويَّاً، لكن يتطلَّب منك أن تكونَ كذلك أخلاقيَّاً وعادلاً فيما تَطلُبه، وألا تستغلَّ جهل الطَّرف الآخر لتحظى بمكاسبَ أكبر. وتستطيع تحقيق الفوز العادل للطَّرفين، حين يتمُّ التفاوض الواضح من كلا الطرفين، بحيث يُنظر في جميع الاحتيَّاجات ومعالجتها بالتعاطف والتَّفاهم.
الاستماع النشط
الاستماع إلى الطَّرف الآخر، أحد الجوانب الأساسيَّة للتَّواصل الفعَّال في التفاوض، حينما تستمعُ بطريقةٍ جيَّدةٍ تستطيع أن تُصبح أكثر قدرةً على فهم وجهة نظر الآخرين وأسبابهم، ممَّا يساعدك على اتّخاذ القرار الأفضل للجميع.
لا يُنصَحُ هنا بالاستماع المنتظم، الَّذي يعني فهم حديثِ الآخرِ على مستوىً سطحيٍّ، بل عليك الاستماع النَّشط، الذي يعني سماع وجهة نظر الآخر، دون إصدار أحكامٍ أو انتقادٍ أو السَّعي للتَّعبير عن رأيك الخاصّ، كما يُأخَذ هذا النَّوع من الاستماع في الاعتبار، عوامل مثل لغة الجسد، المعنى بين السُّطور.
حين ينتهي الطَّرف الآخر من التَّحدُّث، عليك تكرار ما قاله للتَّأكُّد من أنَّك فهمته بوضوحٍ لإزالة أيّ سوء فهمٍ في حال وجد.
اطلب أكثر ممَّا تريد لتحصل على ما تريد
حين تتفاوض مع الطَّرف الآخر، سواءً كان لأجل زيادة راتبٍ، أو أيّ شيءٍ آخر مشابه، لا تخشَ من طلب أكثر قليلاً ممَّا ترغب في قبوله، فهذه طريقةٌ ذكيَّةٌ لتحقيق نتيجةٍ مفيدةٍ.
بناء العلاقة منذ البداية
بناء العلاقات أمرٌ في غاية الأهميَّة من أجل علاقات عملٍ إيجابيَّة والحفاظ عليها، ويضمن وجود اتّصالاتٍ ودّيةٍ لدى كلا الطَّرفين عوضاً عن العداء؛ لذا فكِّر بطريقةٍ إبداعيَّةٍ في كافة الطّرق التي يمكنك من خلالها إقامة علاقةٍ مع الطَّرف الآخر. وهناك العديد من الطُّرق لبداية هذه العلاقة، مثل حضور فعاليَّاتٍ غير رسميَّةٍ معهم، أو عقد اجتماعاتٍ غير رسميَّةٍ لتبادل المعرفة، أو البحث عن أيّ اهتماماتٍ شخصيَّةٍ مشتركةٍ بينكما.
احترم التزاماتك
الافتقار إلى الشَّفافيَّة، أحد العوامل التي يمكن أن تؤدّي إلى إفساد الموقف التَّفاوضيّ، حيثُ تقلّل من مستويَّات الثّقة، ما يزيد من صعوبة التوصل إلى حلٍّ، كُن منفتحاً وصادقاً مع الطَّرف الآخر، وتوقَّع منه احترام ذات الالتزامات، في حال عملت على تطبيق تلك المبادئ، يضمن لك الخبراء التواصل والتَّفاهم بشكلٍ أفضلٍ، كذلك الحصول على علاقة عملٍ أكثر سلاسةً لتحقيق نتائج مفيدةً للطَّرفين، تتماشى مع قيمك.
شاهد أيضاً: اجعل موظفك أولويتك: 3 مبادئ أساسية لإعادة النظر في معايير بيئة العمل
ماذا يمكن أن أفعل أيضاً؟
بالإضافة إلى كلّ ما ذُكّر أَّعلاه، أنت تحتاجُ على فهم تكتيكات التَّفاوض الفعَّالة، من خلال معرفة ما يمكن أن ينجحَ وما الذي لا يمكن أن ينجح، تستطيع تصميم استراتيجيتك الخاصَّة لكلّ مفاوضاتٍ من المحتمل أن تخوضُها، بالتَّحضير الجيَّد لها، ومحاولة معرفة المزيد عن الأشخاص الذين ستتفاوض معهم.
ولتطوير استراتيجيَّة تفاوض قويَّة، استفد من هذه الخطوات: [3]
- حدد دوركَ.
- افهم القيمة الخاصَّة بك.
- فكِّر في وجهة نظر الطَّرف الآخر.
- تحقَّق من نفسك.
باتّباعك لتلك العمليَّة، تستطيع أن تصيغَ خطةً واضحةً لطَّاولة المفاوضات، ومن خلال فهم أدوار المشاركين ومزاياهم، تستطيع العمل لتحقيق هدف مشتركٍ، كذلك فإنَّ التَّحقّق من نفسك طوال فترة التَّفاوض يمكن أن يضمنَ لكَ البقاء على طريق النَّجاح.
تَجَنُّب المحادثات الصَّعبة أو المواجهة، يعني ترك المشاكل تتفاقم لدرجةٍ قد تُصبح مستحيلةَ الحلِّ؛ لذا سيكون من المناسب إجراءُ عمليَّة تفاوض وتصحيح المسار طالما ما يزالُ قابلاً للحلّ؛ لذا لا تتردَّد على الإطلاق في خوض عمليَّة التفاوض مهما كان الأمر معقَّداً.
إنَّ امتلاكك لهذه المهارة، يعني اكتساب ثقةٍ لخوض عمليَّات التفاوض التي تحتاجها في مختلف مراحل حياتك، سواءً مرحلة طلب راتبٍ موازٍ لجهدك، أو مرحلة طلب ترقيةٍ وحتَّى نقلك إلى مكانٍ آخر، الآخرين لن يستجيبوا لمطالبك بمجرَّد تقديم الطَّلب، الأمر يحتاج إقناعاً وحججاً ومبرراتٍ مدروسةً؛ لذا ابدأ فوراً وكُن مفاوضاً ممتازاً.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.