رحلة صقل القيادة: من التفويض إلى الاستقلالية
سلسلةٌ من الانتقالات، تمرُّ بمجوعةٍ من المراحل المدروسة، لتصل إلى أكثر أساليب القيادة فعاليّةً
بقلم ديفيد فينكل David Finkel، مؤلف مشارك لـ "المعيار: سبعة مبادئ مثبتة لتنمية عملك واستعادة حياتك"
عندما يتعلّقُ الأمرُ ببناءِ فريقٍ قياديٍّ، يعتبرُ تطوّرُ فريقِ القيادةِ من أكثرِ الأمورِ التي تكونُ مشاهدتُها ممتعةً ومثيرةً للاهتمامِ، عندما تتحسّنُ مهاراتُ الجميعِ، سيصبحونَ بشكلٍ طبيعيٍّ أكثرَ راحةً في تحمِّلِ المزيدِ من المهامِ، وسيسهّلُ التّفويضِ ويصبحُ أكثرَ كفاءةً، وهذا يعني أنَّ عملكَ ككلّ سيبدأُ في النّمو والتّطورِ أيضاً، لذلكَ أريدُ اليومَ أن أتحدّثَ عن كيفيةِ تنميّةِ ثقافةِ الأقرانِ وأتعمّقَ في المراحلِ الثّلاثِ المميزةِ لتطورِ القيادةِ: تفويض المهامِ، وتفويض الملكيةِ، والقيادة الحقيقية للأقرانِ. [1]
الأيام الأولى: تفويض المهام
في البدايةِ، غالباً ما يبدأُ القادةُ رحلتهم في القيادةِ من خلالِ تفويضِ المهامِ لأعضاءِ الفريقِ بشكلٍ فرديٍّ، تدورُ هذهِ المرحلة حولَ التّمركزِ، حيثُ يقومُ القائدُ بإسنادِ مهامٍ محدّدةٍ لأفرادِ الفريقِ، جانبٌ رئيسيُّ في هذهِ المرحلةِ هو الاعتمادُ على القائدِ كنقطةِ تركيزٍ لتكليفِ المهامِ، في هذهِ المرحلة، ستجدُ نفسكَ في قلبِ الأحداثِ، حيثُ العملُ لساعاتٍ طويلةٍ وقائمة المهام الطّويلة، الّتي تعدّ الأمرَ الطبيعيّ خلالَ المرحلةِ الأولى، أنتَ تتعلّمُ مهارات التّفويضِ بنفسكَ، وفريقُ القيادةِ الخاصّ بكَ يتعلّمُ إلى جانبكُ.
الكفاءة: تفويض الملكية
بالانتقالِ إلى ما بعدَ مجرّدِ إسنادِ المهامِ، تجسِّدُ المرحلةُ الثّانيةُ انتقالاً حيويّاً حيثُ يأتمنُ القادةُ أفرادَ الفريقِ على ملكيّةِ المجالاتِ الوظيفيّةِ، تشجعُ هذهِ المرحلةُ أفرادَ الفريقِ ليسَ فقط على تنفيذِ المهامِ، ولكن أيضاً على امتلاكِ مسؤولّياتٍ مستمرّةٍ، مما يعزّزُ العلاقةَ الثّنائيةَ للمساءلةِ والتّواصلِ، خلالَ هذهِ المرحلةِ، ستجدُ أنَّكَ تقومُ بإزالةِ جزءٍ كبيرٍ من مهامكَ من قائمةِ المهامِ، يمكنكَ تكليفُ المشاريعِ لشخصٍ ما والثّقةُ بأنَّهُ سيديرُ كلّ التّفاصيل لتحقيقِ النّتيجةِ المرغوبةِ، ومن خلالِ هذهِ المرحلةِ، تبدأُ في رؤيةِ الفوائدِ القويّةِ لاستراتيجياتِ التّفويضِ الفعّالةِ.
شاهد أيضاً: هل سمعت بتأثير ايكيا؟.. ما علاقته بالتفويض؟
حرية الأعمال: قيادة الأقران الحقيقية
نشهدُ ذروةَ تطوّرِ القيادةِ في المرحلةِ الثّالثةِ، حيثُ تظهرُ ثقافةُ القيادةُ الحقيقيةُ للأقرانِ، في هذهِ المرحلةِ، يتلاشى التّسلسلُ الهرميّ التّقليديّ، ممّا يسمحُ لأفرادِ الفريقِ بالتّعاونِ مباشرةً دونَ تدخلٍ أو توجيهٍ مستمرٍّ من القائدِ، هنا، يتجاوزُ العملُ التّعاونيُّ بينَ أفرادِ الفريقِ القائدَ المركزيّ لتحقيقِ كفاءةٍ مُثلى، وهذهِ المرحلةُ هي التي تصلُ فيها إلى حريّةِ الأعمالِ الحقيقيّةِ، تخيّلْ أن تأخذَ عطلةً ممتدةً وأنتَ على علمٍ بأنّ فريقكَ سيتعاملُ مع أيةِ أزمةٍ تظهرُ لهم أثناءَ غيابكَ. تخيلْ أنَّكَ تعلمُ أنَّ فريقَ القيادةِ لديكَ ماهرٌ جداً في التّفويضِ، حيثُ يمكنهم تولي مشروعٍ جديدٍ والعمل عليهِ بدونِ تدخّلٍ منكَ.
الأمور ليست سهلة دائماً
على الرّغمِ من فوائدِ قيادةِ الأقرانِ، تظهرُ تحدّياتٌ في الانتقالِ عبرَ هذهِ المراحلِ، وغالباً ما يكونُ الانتقالُ غيرَ خطيّ. سترغبُ في قضاءِ بعضِ الوقتِ في التّأملِ في تقدّمِ أعضاءِ الفريقِ، والعقباتِ المحتملةِ، والتّحولاتِ الضّروريةِ في طريقةِ التّفكيرِ لتسهيلِ تطوّرٍ سلسٍ نحوَ إعدادٍ حقيقيٍّ لقيادةِ الأقرانِ.
رحلةُ تطوّرِ القيادةِ من تفويضِ المهامِ إلى تعزيزِ ثقافةِ قيادةِ الأقرانِ الحقيقيةِ ليست مجرّدَ تقدّمٍ، بل هي تحوّلٌ جذريٌّ في نماذجِ القيادةِ، من خلالِ فهمِ هذهِ المراحلِ والتّنقلِ بينها، يمكنكَ وضعُ الأساس لفرقٍ متمكّنةٍ ومتينةٍ ومتعاونةٍ تنجحُ بقوّةٍ بشكلٍ مستقلٍ.