اقتراح لعرضك القادم: اترك الباوربوينت جانباً واعتمد على سحر القلم
كيف يمكن أن يكون الخروج عن النّص خلال العرض سلاحك السريّ؟
بقلم ديفيد شونثال David Schonthal، مدير قسم ريادة الأعمال في مدرسة كيلوج للإدارة Kellogg School of Management
قبل مدّةٍ، قادت مجموعةٌ من طّلاب كليّة كيلوج رحلةً إلى الخارجِ للقاءِ روّاد أعمالٍ: زملاء، ورؤساء لرأس المال المغامر، وشخصيّات أخرى في مجالِ الشّركات النّاشئة، وكان الهدفُ تبادلُ أفكار الأعمال وتعليقات التّغذية الرّاجعة في بيئةٍ داعمةٍ غير رسميّة. مثل هذه الأحداث غالباً ما تتبع "سيناريو" غير مُعلن عنه في العادةِ: فبعد مقدماتٍ قصيرةٍ، يتناوب الطّلاب في تقديمِ عروضهم التّقديميّة على الباوربوينت PowerPoint وسماع تعليقاتِ التّغذية الرّاجعة من الجمهورِ، وهكذا دواليك. [1]
ولكن في ذلك الاجتماع بالتّحديد، خرجَ أحد الطّلاب عن النّص، إذ عندما جاءَ دورهُ، أغلق حاسوبهُ المحمول وانتقل إلى السّبورة، حيث رسمَ فكرتهُ التّجاريّةَ مباشرةً، ولم يكن هذا مشروعاً تجاريّاً بسيطاً، بل كان هناك جهازٌ طبيٌّ خاصُّ لتصويرِ الشّبكيّة المُتقدّم، رسم هذا الطّالب مخطّطاً واضحاً وبسيطاً شرح فيه كلاً من التّكنولوجيا ونموذج العمل بطريقةٍ يفهمها جميع الحضور، بغضّ النّظر عن خلفياتهم.
كان تحولاً غير متوقعٍ، قدَّم فترةَ راحةٍ من رتابةِ العروض التّقليديّة، كان الجميع في حاجةٍ إليها. في حين يُمكن أن تكونَ عروض باوربوينت مثيرةً، إلّا أنّها تكون عادةً في بدايتها متشابهةً في الشّكل والصّوت، وهذا يُفقِدها قدراً كبيراً من انتباه ومشاركة الجمهور ورغبتهم في المساهمةِ، سواء في شكلِ تعليقات تغذيّة راجعةٍ أو تمويلٍ. وبالفعل، جلس أفراد الجمهورِ بشكلٍ أكثر استقامةً على مقاعدهم طوال فترةِ ذلك العرض المُرتجل -والفنيّ إلى حدٍّ كبيرٍ- مع طاقةٍ ملموسةٍ أسفرت عن حوارٍ فاقت حيويّته جميع العروضِ طوالَ الفعاليّةِ.
منذ ذلك الحين، بدأت أشجّعُ الطّلاب والقادة الذين أتعاملُ معهم على اتّباع هذا المثالِ -الذي قدّمه طالب كيلوج- بتقديمِ عروضهم وأفكارهم "بصوتٍ طبيعيٍّ" بدلاً من "كهربائيٍّ"، حيثما كان ذلك مناسباً.
الصوت الطبيعي مقابل الكهربائي
أستخدمُ مقارنةَ الصّوت الطّبيعيّ مع الكهربائيّ عند تقديم أفكار الأعمال، لأنّني موسيقيٌّ هاوٍ ومعجبٌ كبيرٌ بالموسيقى الحيّة.
قد حضرَ معظمنا أو سمعَ عن حفلاتٍ موسيقيّةٍ ذات إنتاجٍ عالٍ، حيث تم التّخطيط والتّدريب بعنايةٍ على كلٍّ شيءٍ من قائمةِ الأغاني إلى الأداءات الفرديّة والإضاءةِ. على سبيلِ المثالِ: سلسلة الحفلات الثّورية في موقع Sphere الجديدِ في لاس فيغاس، الذي افتتح مؤخّراً بإقامةِ استعراضٍ رائعٍ من قبل فرقةِ الرّوك الأيقونيّة U2. لقد افتُتنت الجماهير بالمكانِ المذهلِ، الذي يُمثّل عصراً جديداً في تلاقي الموسيقى والتّكنولوجيا والموقع.
في حين يكون هناك وقتٌ ومكانُ لمثل هذه العروض التي تعتمدُ على الكهرباء، فمن المهمّ أيضاً أن "نفصلَ الكهرباء" في بعضِ الأحيان ونجرّد الأداء الموسيقيّ من التّفاصيل والزّخرفة ليتناهى إلى الأفكارِ والصّوت الأساسيّ. خذوا مثالاً على ذلك المُغنيّ وكاتب الأغاني الشّهير جون ماير John Mayer، الذي قدّم مؤخّراً سلسلةً مختلفةً جدّاً من العروض:ِ فقط هو وجيتاره الصّوتي على المسرح، يُقدّم الأغاني الشّهيرة والأغاني غير المعروفة، مع إنتاجٍ أدنى. مرّة أخرى، أحبّتها الجماهير، ممّا أدّى إلى تمديدِ تواريخِ الجولةِ الأصليّةِ.
ما يُقابل هذه النّماذج في مجالِ الأعمالِ يكون إمّا إطلاقاً في منتهى اللّمعان لمنتجٍ تكنولوجيٍّ جديدٍ، مع تأثيراتٍ خاصّةٍ برّاقةٍ أمام جمهورٍ من الآلاف (مثل U2 و Sphere)، مقابل مؤسّسٍ يشاركُ فكرته مع مجموعةٍ صغيرةٍ حول طاولةِ مؤتمرٍ أو حتّى مائدةِ مطبخٍ، باستخدامِ صوتهِ فقط وقلمٍ عاديٍّ أو قلمِ تخطيطٍ (مثل جون ماير والجيتار).
أسلوبُ العرضِ "بالصّوت الطّبيعي" في مجالِ الأعمالِ، أو استخدام رسم ووصف المحتوى مباشرةً، يُمكن أن ينجحَ في تقديمِ العروضِ التّرويجيّة، وعروضِ المبيعاتِ، ووصف استراتيجيّاتٍ وتقنيّاتٍ جديدةٍ، أيّ شيءٍ يتطلّب شرحاً. وفيما يلي بعضُ من الأسبابِ الّتي يُمكن أن تجعلَ هذه الطّريقة أكثر نجاحاً من العرضِ المُعَدّ سابقاً:
- يبرزُ الصّوت الطّبيعي الثّقة والاتّقان لدى العرض، فهو يظهرُ أنّك تمتلكُ الجرأةَ للابتعادِ عن التّكنولوجيا ولا تحتاج إلى "عكّازاتٍ" تتّكئ عليها، مثل: الشّرائح الفاخرة أو الرّسوم المُتحرّكة للتّفاعل مع المواد المعقدّة ونقل النّقاط بشكلٍ مقنعٍ.
- يخلق الصّوت الطّبيعي جوّاً ديناميكيّاً أكثر في الغرفةِ، كما ذُكر سابقاً، سيشعر الجمهور بأنّهم جزءٌ من شيءٍ جديدٍ يحدث أمامهم مباشرةً مقابل النّص الّذي خضع للتّدريبِ وللمقاييسِ، ممّا يجعل منهم مشاركين أكثر نشاطاً وانخراطاً في العرضِ.
- يجعل الصّوت الطّبيعي العرض أكثر مرونةً من العروضِ التّقليديّة، فأنت لا تحتاج إلى حاسوبكَ المحمولِ أو ملفّاتٍ إلكترونيّةٍ، أو حتّى سبورةٍ بيضاء لتقديمِ العرضِ، بل كل ما تحتاجه هو قلمك، وورقك، وعقلك -إذ إنّ كلّ القصص حول الأفكار المُلهمةِ كانت قد رُسمت وخُططت على مناديل الكوكتيل- وأنت أيضاً يُمكنكَ الابتعاد عن النّص، لأنّه لا يوجدُ نصٌ مرئيٌّ.
فكّر في العروضِ الصّوتيّة الطّبيعية على أنّها مدرسةٌ قديمةٌ جداً، فبعضنا يتذكّر كيف كان المعلّمون والأساتذة يدرّسون فقط باستخدامِ سبّورةٍ سوداء وقطعةٍ من الطّباشير، وقد أصبحت جديدةً مرّةً أخرى، مثل أسطوانات الفينيل. إنّها عمليّةٌ رجعيّةٌ، ولكنّها فعالة للتّواصلِ والإقناعِ والفوزِ.
لا تزال بحاجة للتمرين والتحضير
إذا اقتنعت بحجّتي، قد يُغريك ذلك بالدّخول إلى العرضِ التّالي مع قلمٍ وورقةٍ فقط، وفكرةٍ غامضةٍ عما تريدُ قوله، فكلّما كانت الفكرةُ جديدةٌ أكثر، كان ذلك أفضل، أليس كذلك؟
- إيّاك أن تفعلَ ذلك.
- بدلاً من ذلك، اتّبع بعض الإرشاداتِ الأساسيّة للقيامِ بذلك بشكلٍ صحيحٍ.
تعرّف على الهيكلِ الأساسيّ: يتوقّع الجمهورُ نمطاً معيّناً من الاجتماعاتِ سيغطّي مجالاتٍ ومواضيع محدّدةً. فعلى سبيل المثال، يجبُ أن ينقلَ العرضِ التّرويجيّ المشكلة وحلّها، ويستهدفُ العملاء، ويقيّم المقترحات. لذلك، في حين لا أوصي باتّباع نصٍ معدٍّ سابقاً، يجبُ أن تعرفَ الأساسيّات التي تحتاجها لشرحِ فكرتكَ قبلَ دخولِ الاجتماعِ، بل ينبغي أن تعرفها جيداً قبل يومِ الاجتماعِ. لنعد إلى المقارنةِ الموسيقيّة، يتعلّق الأمر بممارسةِ التّقديم الأساسيّ للأغنيّة بشكلٍ مثاليٍّ قبل أدائها أمام الجمهورِ.
استخدم "الليكس licks" (فكرةٌ موسيقيّةُ قصيرةُ): في أداءِ موسيقى الرّوك والجاز، "الريف riff " هو جزءٌ مميّزٌ من الأغنيةِ، وغالباً ما يكون الأكثر تميّيزاً، وهو مقطعٌ صوتيٌّ متكرّرٌ، فكّر في مقدّمة أغنيّة "Smoke on the Water"لفرقة ديب بيربل Deep Purple أو "When Doves Cry" لبرنس Prince يتوافقُ ذلك مع عناصرِ الهيكلِ الأساسيّ المذكورةِ أعلاه. ولكن يجب أيضاً استخدام "الليكس" عند رسمِ العرضِ التّقديميّ.
فالليك lick في الموسيقى هو خطٌ لَحْنِيٌّ قصيرٌ يُعزف فوق هيكل الّنغمةِ المُعتمدِ في الأغنيةِ. وعندما يقوم عازفو الجيتار بالعزف منفردين، فإنّ ما يفعلونه غالباً هو تركيبُ مجموعةٍ من "الليكس" التي تدرّبوا عليها بطريقةٍ جديدةٍ، والنّتيجة هي فكرةٌ موسيقيّةُ أصليّةٌ تتألّف من أجزاءٍ موجودةٍ سابقاً. في العرض التّقديمي، قد تضطّر أحياناً إلى الارتجالِ بشكلٍ كاملٍ -مثل الرّد على سؤالٍ صعبٍ حول نموذجكَ- ولكن يُمكنكَ أيضاً أن تمتلكَ "ليكس" في متناول يدكَ، أي الأطُر التي عملت عليها يمكنك رسمها في لحظةٍ لتوضيحِ أفكاركَ الأساسيّة. وذلك بهدفِ شرحِ نموذج عملكَ التّجاريّ إلى مسار النّمو المتوقّع في سيناريوهات مختلفةٍ، وكيف تتناسبُ خلفيتك مع المشكلةِ المحلولةِ، قم بصياغةِ مجموعةٍ من "الليكس" التي يُمكنكَ استخدامها لتقديمِ "أداءٍ منفردٍ" جذّابٍ بشكلٍ مباشرٍ.
احمل الأدوات: كما ذُكر أعلاه، كلّ ما تحتاجهُ لتقديمِ هذا النّوع من العروضِ هو: قلمٌ وورقةٌ، لذلك احملهما معك في أيّ اجتماعٍ. وماذا عن Zoom؟، قد تسأل، وأنا مسرورٌ أنّك سألت. على الرّغم من أنّه من المغري النّقر فقط على "مشاركة الشّاشة" والبدء في عرض العرضِ التّقديميّ القياسيّ، أنصحكَ أن تقاومَ هذا الإغراء عن طريقِ الاحتفاظِ بورقِ الرّسم أو الملاحظات اللّاصقة Post-It بجوارِ حاسوبكَ، ورسم أفكارٍ متعلّقةٍ بالموضوعِ حسبما تراه مناسباً. أنا أفعل ذلك بانتظامٍ لنقلِ أمورٍ مثل مراحل ريادةِ الأعمالِ ومصادر الاحتكاكِ للأفكارِ الجديدةِ، فأنا أرسمُ المخطّط وأرفعهُ مقابل الكاميرا أثناءَ شرح أفكاري للآخرين.
اعرف الحدود: تماماً كما أنّك لا تدخلُ إلى اجتماعٍ دون تحضيرٍ، عليك أن تعرفَ مسبقاً أيّ نوعٍ من الاجتماعاتِ يتناسبُ أكثر مع عروضِ الصّوت الطّبيعي مقارنةً بالكهربائيّ، فإن كان عرضاً ترويجيّاً لجمهورٍ كبيرٍ من المستثمرين فيه مجازفة كبيرة، فقد يكون من الأفضلِ إعدادِ بعض أجزاء المحتوى على الأقلّ مسبقاً. الأمر نفسه ينطبقُ على عرضٍ كبيرٍ أمام مجلس الإدارة. فإذا كنتَ غير متأكد، قد يكون من المنطقيّ أن تسألَ المضيفين أو المنظّمين إذا كان بإمكانكَ استخدام نوعٍ من العروضِ التّقديميّة "مختلف وجديد" أكثر من عرضِ باوربوينت.
من نواحٍ كثيرةٍ، يتعلّق الأمرُ هنا بالعودةِ إلى الأساسيّات. بالتّأكيد التّكنولوجيا رائعةٌ، ولكنّنا فقدنا بعضاً ممّا يجعلُ الاتّصال الإنسانيّ شيئاً خاصّاً، وذلك من خلالِ القيامِ بكلِّ شيءٍ على الشاّشات. ابتعد عن ذلك لتجربةِ هذا النّهج القديم، إذ ستجلبُ بكلّ تأكيدٍ ردّ فعلٍ إيجابيٍّ أكثر من الاعتمادِ على نوعٍ قياسيٍّ من العروضِ التّقديميّة يجدهُ الكثيرون الآن مملّاً دون أن يدركوا ذلكَ.
لمزيدٍ من النّصائح الرّياديّة في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.