النظارات الذكية: مستقبل التكنولوجيا القابلة للارتداء في 2024
بدعم من العلامات التجارية الكبيرة، ستظهر تقنية الأجهزة القابلة للارتداء بشكل أكبر في العام القادم
بقلم كيت إيتن Kit Eaton
الأجهزةُ القابلةُ للارتداءِ تعودُ مرّة أخرى، ومع دخولنا عام 2024، أصبحت من بين أكثر كلماتِ التّقنيّة إثارةً للجدلِ، وعلى الرّغم من أنّها ستظلُّ تتبّعُ خطواتكَ ومعدّل ضرباتِ القلبِ لديكَ وحتّى مستوياتِ الأكسجين في الدّمِ، إلّا أنّ طريقةَ ارتدائها على وشكِ التّغيير. قد يكون الجهاز التّالي القابل للارتداء يُلبس على وجهكَ على شكلِ نظّاراتٍ ذكيّةٍ أو حتّى مجموعة أكثر ابتكاراً من النّظاراتِ الواقيّةِ. ومدى ذكائها؟ إنّه عالٍ للغايةِ، نظراً للدّفعة الّتي تشهدها صناعةُ التّكنولوجيا لدمجِ الذّكاء الاصطناعيّ في هذه الأجهزةِ. [1]
يشرحُ موقعُ الأخبار في صناعةِ التّكنولوجيا، "ذا إنفورميشن The Information"، إنّ شركات مثل OpenAI، وهي الشّركةُ المثيرةُ للجدلِ الّتي ظهرت فجأةً وأنتجت ChatGPT، والشّركة الأمّ لفيسبوك "ميتا Meta"، و Google، و Microsoft، وغيرها من الأسماءِ الكبيرةِ ترغبُ جميعها في بيعِ نظاّراتٍ ذكيّةٍ مدمجةٍ بالذّكاء الاصطناعيّ. قد تكونُ هذه الأجهزة قادرةٌ على رؤيةِ نفسِ الشّيء الذي يراه الشّخص بعينيه البشريّةِ العاديّةِ والاستجابةِ بطريقةٍ ذكيّةٍ.
قدمت Snapchat نموذجاً عن هذا النّوعِ من ثورةِ التّكنولوجيا القابلة للارتداء في وقتٍ سابقٍ هذا العام. وقالت إنّها تُخطّط لوضعِ تطبيقِ الذّكاء الاصطناعيّ في أجهزةِ Spectacles الخاصّة بها. وهي نظّاراتٌ قابلةٌ للارتداءِ تلتقُط الصّور وتسجّل الفيديو. أضاف تقريرٌ آخر من "The Information" خبراً ساخناً إلى الواجهِة موضحاً أنّ ChatGPT يدخلُ في محادثاتٍ مع Snapchat بشأنِ تضمينِ برنامج التّعرفِ على الأجسامِ في الأجهزةِ القابلةِ للارتداءِ.
شاهد أيضاً: كيف تطلق العنان لإمكانيات عملك بالذكاء الاصطناعي
وفي الوقتِ نفسهِ، كشفت "Meta" هذا الأسبوع عن قدراتِ الذّكاء الاصطناعيّ التّجريبيّة في التّعرّفِ على الأجسامِ والموجودةِ في نظّاراتها الذّكيّة Ray-Ban، وتبدو مذهلةً. ترى النّظاراتُ ما تراه أنتَ، وعند تفعيلها، تستجيبُ لأمرٍ صوتيٍّ -مثل "هل هذا الشّاي خالٍ من الكافيين؟"- بأخذِ صورةٍ، وتحليلها، وتقديمِ إجابةٍ. الاستخداماتُ المحتملةُ لهذه التّكنولوجيا المتقدمة تكادُ تكون لا حصرَ لها، على الرّغم من أنّه يسهل تصّور التّطبيقات العمليّة، مثل: مساعدة المسافرين في ترجمةِ لافتاتِ اللّغة الأجنبيّة، أو التّعرف على أجزاء محرّكِ السّيارة الّتي يتم إصلاحها.
سيدعم هذه الثّورة ظهور تكنولوجيا جديدة للذّكاء الاصطناعي متعدّدة الوسائطِ، وهي تمزجُ بين العديدِ من مصادرِ البياناتِ لتتجاوزَ الرّدودَ النّصيّةَ البسيطةَ. وستضّم Google هذه التّقنية في برنامجها Gemini منافس ChatGPT. وتتوسّع الأنظمةُ متعدّدةُ الوسائط في تجاربِ معظمِ المستخدمين الأوليّة في الاستخدامِ النّصي فقط لروبوتات الدّردشةِ القائمةِ على الذّكاء الاصطناعيّ. ويُمكن لهذه التّكنولوجيا من الجيلِ القادمِ دمج الصّورِ وغيرها من أشكالِ البيانات مع النّصِ، لإنشاءِ ردودٍ من وسائطٍ متعدّدةٍ لتقديمِ المعلوماتِ. كما وتمّ تصميمها للاستجابةِ لهذه المدخلاتِ الجديدةِ، تماماً كما تجيبُ على استفساراتٍ نصيّةٍ -مثل "هل يُمكنك تصميمُ شعارُ شركتي؟"- يُراهن صانعو الأجهزةِ الكبيرةِ على أنّ تكنولوجيا الوسائط المتعدّدة هي خيارٌ مناسبٌ وطبيعيٌّ للنّظاراتِ الذّكيّةِ الّتي تحملُ كاميراتٍ موجّهةٍ إلى الأمامِ.
بالطّبع، لا تعتبرُ جميعُ أنظمةِ الذّكاء الاصطناعيّ بتلكِ القوّة وما زال لديها العديدُ من العيوبِ. وخلال اختبار Meta Ray-Ban من قبل CNET، كانت النّظاراتِ "تهلوس"، إذ رأت أشياءً ليست موجودةً حقّاً، وهذه مشكلةٌ شائعةٌ لأنظمةِ الذّكاءِ الاصطناعيّ الّتي تعتمدُ على إنشاءِ الصّورِ.
تكنولوجيا الذّكاء الاصطناعيّ المرتبطةُ بالأجهزةِ القابلةِ للارتداءِ والمجهّزة بكاميرا يُمكن أن تفتحَ أيضاً باباً كبيراً من المشاكلِ من النّاحيّةِ القانونيّةِ. هل تتذكّرون الضّجةَ الّتي أثارها جهاز غوغل الفاشل "جلاس Glass" في بدايتهِ قبلَ عقدٍ من الزّمنِ؟ بالإضافةِ إلى قضايا الخصوصيّة، حيث كان هناك قلقٌ عامٌ وحكوميٌّ حولَ وجودِ كاميرا جاهزةٍ دوماً للتّصويرِ من "نظّارات" شخصٍ ما، أدّى "جلاس" إلى بعضِ المشاكلِ القانونيّةِ. على سبيل المثالِ، تم تحرير مخالفةِ مرورٍ لسائقٍ في كاليفورنيا لارتدائهِ نظّارة "جلاس" أثناء القيادةِ، ممّا جعلَ الخبراء القانونيين يقلقون بشأنِ القضايا المحتملةِ لحمايةِ البياناتِ، وحتّى فكرة القضايا التّشهيريّةِ الّتي قد يثيرها أشخاصٌ يرتدون "جلاس".
قد تكون لدى الشّركات الصّغيرة بالفعلِ سياساتٍ لاستخدام الموظّفين للهواتفِ الذّكيّة الشّخصيّة المزودةِ بكاميرا والمحمّلةِ بتطبيقاتٍ أثناء العملِ (فكرةٌ جيّدةٌ، حيث تظهرُ الدّراسات كيف يُمكن أن يُؤثّرَ التّشتت النّاتج عن الهواتفِ الذّكيّة على أداءِ الموظّفين، وفي نهايةِ المطافِ على الرّبح الإجماليّ). ولكن كيف ستتعاملُ مع موظّفٍ يرتدي أجهزةً مدعومةً بالذّكاء الاصطناعيّ ومحمّلةً بكاميرا على وجههِ؟ ستكون قضايا مخاطرِ الأعمالِ معقّدةً. اختبرت غوغل بالفعلِ بعض هذه المشكلات مع "جلاس"، حيثُ استجوبتها السّلطات إن كانت قد طبقت طرقاً لتقييم مخاطرِ الخصوصّية. إذا كانت الأجيالُ الجديدةُ من النّظاراتِ الذّكيّةِ قد أصبحت ظاهرةً موجودةً بالفعلِ، فإنّ هذا النّوع من المشكلاتِ سيعود بقوّةٍ.
ومع ذلكَ، هذه الموجةُ من التّكنولوجيا الثّوريّةِ تتسارعُ على شواطئِ سوقِ المُستهلكِ الفرديّ، ويُمكن أن تستفيدَ حتّى الشّركاتُ الصّغيرةُ من هذا الجزء من تكنولوجيا الذّكاء الاصطناعيّ الثّورية القابلةِ للارتداءِ. هناك الكثيرُ من الأدّلةِ الّتي تشيرُ إلى أنّ الاستخداماتِ الذّكيّة الحاليّة للذّكاءِ الاصطناعيّ والقائمة على النّصِ يُمكن أن تساعدَ في تعزيزِ الإنتاجيّةِ.
يجبُ أن تظهرَ فرصٌ جديدةٌ للشّركاتِ الصّغيرةِ للمشاركةِ في حدثِ الأجهزةِ القابلةِ للارتداءِ من خلالِ تطويرِ تطبيقاتٍ باستخدامِ نظّاراتِ الذّكاء الاصطناعيّ من الجيلِ القادمِ. ويُمكن أن تفتحَ عوالم جديدة كليّاً من التّطبيقاتِ الرّبحيّة بوساطةِ (واجهةِ برمجةِ التّطبيقات) APIs لأنظمةِ الذّكاء الاصطناعيّ الخارجيّةِ (الخطّافات البرمجيّة الّتي تتيحُ لكَ استخدامَ ذكاء البرمجيّاتِ الخاصّةِ بشخصٍ آخر في منتجاتكَ). باعتبارِ أنّ قيمةَ السّوقِ العالميّةِ للأجهزةِ القابلةِ للارتداءِ قُدِّرت بحوالي 61 مليار دولارٍ في عام 2022، تتوّقع بعضُ التّقديرات معدّل نموٍّ سنويٍّ يقتربُ من 15% حتّى عام 2030، وهو فرصةُ نموٍّ أسرع من توقّعات سوقِ الهواتفِ الذّكيّة.