الرئيسية الريادة عبء الأفكار: ما الذي يعيق إنتاجيتك فعلاً في العمل؟

عبء الأفكار: ما الذي يعيق إنتاجيتك فعلاً في العمل؟

يساهم التّعامل مع المسؤوليّات كأفكارٍ لا كمهامٍّ فقط في فهمٍ أعمق لطبيعة الجهد الذّهنيّ المطلوب لتحقيقها

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يظنّ معظم النّاس أنّ مشكلتهم في الإنتاجيّة سببها قوائم المهامّ الّتي لا تنتهي، لكن الحقيقة -بحسب صديقتي الأخصائيّة في علم النّفس التّنظيميّ، ليان ديفي- عكس ذلك تامّاً؛ فالمشكلة ليست في كمّيّة العمل، بل في عبء الأفكار.

لكن، ما المقصود بعبء الأفكار؟ هو كلّ تلك الأعباء الذّهنيّة الّتي نحملها معنا أينما ذهبنا: التّشتّت، والقلق، والإنهاك العقليّ. هل يبدو لك هذا مألوفاً؟ وفي حواري الأخير مع ديفي، اكتشفنا معاً رؤىً جديدةً زلزلت مفهومي حول المسؤوليّة في بيئة العمل، ووجدنا ترابطاً مفاجئاً بينها وبين تخصّصي في مهارات التّواصل والتّعاون داخل الفرق المهنّيّة.

جوهر المسؤوليّة الحقيقية

في البداية، أوضحت ديفي أمراً أساسيّاً: المسؤوليّة ليست شيئاً نفرضه على الآخرين، بل هي حالةٌ داخليّةٌ تنبع من الفرد نفسهأمّا تلك العبارة الشّائعة: "يجب أن تحمّل الشّخص مسؤوليّة عمله"، فقد كان لها رأيٌ لاذعٌ فيها: "هذا هراءٌ. لا تستطيع أن تجبر أحداً على تحمّل المسؤوليّة، تماماً كما لا تستطيع إجباره على الانخراط، أو الوثوق بك؛ هذه أمورٌ تنبع من داخله".

لكن يقع قادة الشّركات الصّغيرة وروّاد الأعمال في هذا الخطأ كثيراً، وغالباً بطريقتين، كلّتاهما تؤدّيان إلى نتائج عكسيّةٍ تامّاً:

  • فرض المسؤوليّة بالقوّة: لا ينتج استخدام التّهديدات أو العقوبات مسؤوليّةً حقيقيّةً، بل يولّد الخوف فقط.
  • تحمّل كلّ شيءٍ نيابةً عن الفريق: القادة الّذين يسارعون لحلّ مشاكل الموظّفين بأنفسهم يدفعونهم –من دون قصدٍ– إلى الاعتماد عليهم بشكلٍ دائمٍ.

وكأمٍّ عاملةٍ، أجد هذا التّصرّف مألوفاً للغاية. فإن نسي ابنك طعام الغداء، وركضت لتوصيله له، لن يتعلّم أبداً كيف يحضّره بنفسه. ستصبحين عكّازاً له، بدلاً من أن تكوني مصدراً يدفعه إلى الاستقلاليّة.

كيف تغيّر طريقة التفويض؟

اقترحت ديفي أن نبدّل أسلوبنا في التّفويض من التّركيز على الأنشطة والمهامّ (مثل إجراء المكالمات أو إرسال المنشورات)، إلى التّركيز على النّتائج (كأن يجري العميل عمليّة شراء فعليّةً)، حيث قالت: "تعني الأنشطة الانشغال، وتعني المخرجات الإنتاجيّة، أمّا النّتائج فتعني الفاعليّة".

ذكّرتها بالحكمة التّقليديّة في عالم المبيعات وريادة الأعمال: "ركّز على ما يمكنك التّحكّم به". يبدو ذلك منطقيّاً، لكنّها أوضحت نقطةً مهمّةً: إن بقي تركيزك فقط على الأنشطة، فستبدو مشغولاً، وربّما منتجاً، لكنّك لست بالضّرورة فعّالاًتكمن المسؤوليّة الحقيقيّة في النّتائج، حتّى وإن لم تكن دائماً تحت سيطرتك المباشرة.

التواصل والتعاون ضروريان لتحقيق التواصل الحقيقي

إذا كنت منشغلاً فقط بإتمام المهامّ وتحديد علامات الإنجاز، بدلاً من بناء مهارات المسؤوليّة الحقيقيّة، سيتفكّك فريقك ويشعر بالإرهاق، حينها قد أوصلت إليهم رسائل غير صحيحةٍ حول توقّعاتك، وسيشعرون بذلك بوضوحٍ. ولكن عندما توضّح النّتائج المطلوبة بصدقٍ، وتمنح فريقك الحرّيّة لابتكار الطّريق نحو تحقيقها، ستحصد فوائد نفسيّةً ومهنّيّةً كبيرةً:

  • أمانٌ نفسيٌّ أكبر.
  • تعاونٌ أقوى.
  • ومسؤوليّةٌ أكثر نضجاً.

كذلك، أوضحت ديفي أنّ المسؤوليّة الحقيقيّة تتطلّب عواقب طبيعيّةً ومناسبةً للسّياق، وليست مختلقةً أو شخصيّةًوهنا، نوعان من العواقب يجب التّركيز عليهما:

العواقب الطبيعية

دع النّاس يشعرون بنتائج أخطائهم، دون أن تنقذهممثلاً: إن نسي أحدهم تقديم عرضٍ مهمٍّ للعميل في وقته، لا تتدخّل لإنقاذ الموقف، بل دعه يواجه الإحراج. تلك اللّحظة ستعلّمه المسؤوليّة أكثر من ألف محاضرةٍكذلك، إن اعتاد أحدهم التّأخير على الاجتماعات، تابع من دونه. ذلك يرسّخ أهمّيّة الالتزام بالمواعيد، دون أن تنطق بكلمةٍ.

العواقب السياقية

اجعل العواقب ناتجةً عن سّلوكٍ يمكن تغييره، لا بصفاتٍ شخصيّةٍفبدلاً من أن تقول: "أنت غير دقيقٍ"، قل: "في المرّة القادمة، دعنا نخصّص وقتاً كافياً للمراجعة". أو بدلاً من: "أنت دائم النّسيان"، اقترح عليه كتابة المهامّ أو إرسال ملخّصٍ بالبريدقالت ديفي: "أن تشعر بالجوع بعد تجاهل الغداء هو عاقبةٌ طبيعيّةٌ، يتعلّم عقلك من ذلك أكثر من أيّ تحذيرٍ مصطنعٍ".

وسّع قدرتك على تحمل عدم الراحة

قدرتك على تحمّل المواقف المربكة أو الصّعبة -خاصّةً أمام الآخرين- باتت أضعفتحدّثت ديفي عن مفهوم "نافذة أوفرتون"، وهو مصطلحٌ سياسيٌّ يشير إلى حدود الأفكار المقبولة في المجتمع، حيث قالت: "في أماكن العمل، نحتاج إلى توسيع هذه النّافذة لنقبل عدم الراحة بوصفه أمراً طبيعيّاً وآمناً. لا يحدث التّقدّم والنّموّ والمسؤوليّة من دون بعض التّوتّر البنّاء".

وفي كتابها القادم (المتوقّع صدوره عام 2026)، تركّز ديفي على التّعامل مع عبء الأفكار: أي مدى تشتيتك، وقلقك، واستنزافك الذّهنيّتقول: "لا يكمن مفتاح تحسين الأداء في خفّة الجسد، بل في خفّة العقلوقد سمّيت هذه الحالة، ووضعت لها إطاراً واضحاً، لتساعد المدراء والمؤسّسين على أن يكونوا من القلّة القادرة على فهم الأمر والتّعامل معه بفعّاليّةٍ في آنٍ واحدٍ".

في زمنٍ مليءٍ بالتّغيّرات المستمرّة، ليست كثرة المهامّ ما يدمّرك، بل عبء الأفكار هو من يفعل ذلك؛ إذ إنّ عبء الأفكار هو مدى استجابتنا للعوامل الخارجيّة، ومدى تشتّتنا، ومدى استهلاكنا العقليّ".

ماذا نفعل حيال ذلك؟

في المرّة القادمة الّتي تلوم فيها كثرة العمل، توقّف وسأل نفسك: "هل المشكلة حقّاً في المهامّ المتراكمة؟ أم في التّشتّت، والقلق، والتّوتّر الّذي يستهلك طاقتك، ويمنعك من الإنجاز الحقيقيّ؟"

كلّ ما عليك فعله هو تحدّيد المهامّ الّتي يمكنك تركها دون تأثيرٍ يذكر وراقب النّتائجغالباً، ستجد أنّ فريقك أصبح أكثر إبداعاً، وأنّ تواصلك أصبح أوضح، وأنّ عقلك أصبح أخفّربّما، السّرّ الحقيقيّ لنجاح اليوم، ليس في السّرعة، بل في تعلّم ما يجب أن تتركه خلفك.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: