هل تبحث عن استثمار لا يخسر أبداً؟ إليك الخيار الأفضل
يبدأ الطّريق إلى الاستقلال الماليّ من تطوير الذات، لأنّ المهارات هي العملة الوحيدة الّتي لا تفقد قيمتها أبداً

طالما كانت نصائح الاستثمار الّتي يقدّمها وارن بافيت موضع اهتمام الكثيرين، وهذا أمرٌ متوقّعٌ، نظراً لما حقّقه من نجاحٍ استثنائيٍّ. فقد استطاع خلال مسيرته أن يحوّل ثروةً شخصيّةً بلغت 10 ملايين دولارٍ -عندما كان في الثّلاثين من عمره- إلى ما يقدّر اليوم بـ 147 مليار دولارٍ، مستفيداً ممّا يسمّيه "تأثير متوشالح" (Methuselah Effect)، أيّ قوّة العوائد المركّبة على مدى فتراتٍ زمنيّةٍ طويلةٍ.
وبالمثل، يتلقّى مارك كوبانٌ، المستثمر ورجل الأعمال المعروف، استفساراتٍ حول استراتيجيّاته الاستثماريّة، ليس فقط في سوق الأسهم، ولكن أيضاً بصفته عضواً بارزاً في لجنة برنامج "شارك تانك" (Shark Tank)، حيث يوجّه استثماراته نحو الشّركات النّاشئة والمشاريع الصّغيرة.
ورغم اختلاف أساليبهما الاستثماريّة، فإنّ كليهما يتّفقان على أنّ أعظم استثمارٍ قاما به لم يكن في الأسهم أو العقارات، بل في شيءٍ أكثر قيمةً واستدامةً: الاستثمار في النفس.
الاستثمار الأهم لوارن بافيت: تطوير الذات
لا يعتقد بافيت أنّ أفضل استثمارٍ يمكن للمرء القيام به هو في الأسهم أو حتّى في الشّركات، بل يرى أنّ الاستثمار في الذّات هو الخيار الأذكى. وكما يقول: "بوجه عامٍّ، أفضل استثمارٍ يمكنك القيام به هو الاستثمار في نفسك، أيّ شيءٍ يعزّز مهاراتك لا يمكن أن يفرض عليه ضرائب، ولا يمكن لأحدٍ أن يسلبه منك. مهما كانت الظّروف الاقتصاديّة، ستظلّ هذه المهارات موجودة معك، وتحقّق لك فوائد مضاعفةً".
ويؤكّد بافيت أنّ تطوير المهارات، واكتساب المعرفة، وتوسيع شبكة العلاقات، جميعها أصولٌ لا تفقد قيمتها مع مرور الزّمان، بل على العكس، تزداد قيمتها مع الخبرة. فالمال قد يتأثّر بالتّضخّم أو تقلّبات الأسواق، لكنّ المهارات تبقى معك مدى الحياة، ويمكن توظيفها باستمرارٍ لتحقيق نتائج ملموسةٍ.
مارك كوبان: التعلم المستمر هو السلاح الأقوى
عندما سُئل مارك كوبانٌ في مقابلةٍ مع مجلّة "مينز هيلث" (Men’s Health) عن أعظم استثماراته، كان ردّه واضحاً: "أفضل استثمارٍ قمت به على الإطلاق كان في نفسي. عندما بدأت حياتي المهنيّة، لم أكن أمتلك وظيفةً مستقرّةً أو أيّ أموالٍ، وكنت في حالةٍ من الضّياع المهنيّ. لكنّي أدركت مبكّراً أنّي إذا بذلت الجهد، يمكنني تعلّم أيّ شيءٍ تقريباً. قد يستغرق ذلك وقتاً، ولكنّه في النّهاية كان يستحقّ العناء".
ويوضّح كوبانٌ أنّ تعلّم البرمجة والتّكنولوجيا تطلّب منه جهداً وصبراً، ولكنّه كان استثماراً غيّر مسار حياته بالكامل، ويضيف: "أدركت أنّ التّعلّم هو مهارةٌ في حدّ ذاته، إذ إنّ الاستمرار في التّعلّم منحني ميزةً تنافسيّةً على معظم النّاس؛ لأنّ الحقيقة أنّ الأغلبيّة لا تستثمر وقتاً كافياً في تطوير ذاتها".
كما يؤمن كوبانٌ بأنّ المعرفة -بمجرّد اكتسابها- لا يمكن أن تُسلب منك، بل تظلّ مورداً يمكنك استغلاله طوال حياتك. ولهذا السّبب، يعتبر أنّ الاستثمار في التّعليم، وتطوير الذّات، هو أكثر الاستثمارات ضماناً لتحقيق العوائد طويلة الأجل.
المهارات الحاسمة لنجاح أيّ شخصٍ
سواءً كنت رائد أعمالٍ أو موظّفاً طموحاً، فإنّ تطوير مهاراتٍ معيّنةٍ يمكن أن يضمن لك النّجاح في أيّ مجالٍ. ينصح وارن بافيت بضرورة فهم المحاسبة والماليّة؛ لأنّها تساعد في تحليل الأعمال وتحسينها، بينما يرى كوبان أنّ مهارة البيع ضروريّةٌ لأيّ شخصٍ يريد تحقيق الاستقلال الماليّ. إذ يمنحك الاستثمار في هذه المهارات ميزةً دائمةً، حيث يمكنك استخدامها لتحقيق الدّخل، وتحليل الفرص، واتّخاذ قراراتٍ ماليّةٍ أذكى.
من الواضح أنّ وارن بافيت ومارك كوبان يتّفقان على أنّ أفضل استثمارٍ يمكنك القيام به ليس في الأسهم أو العقارات، بل في تطوير نفسك. فالمعرفة والمهارات والخبرة، كلّها أصولٌ لا تخضع لتقلّبات الأسواق، ولا تفقد قيمتها مع الوقت، بل تزداد قوّتها كلّما استثمرت فيها بشكلٍ صحيحٍ.
لذلك، إذا كنت تبحث عن استثمارٍ ضمانيٍّ للعائد، فابدأ الآن بتعلّم مهاراتٍ جديدةٍ، واكتساب المعرفة، وتطوير قدراتك الشّخصيّة. فهذه هي الثّروة الحقيقيّة الّتي ستصاحبك طوال حياتك، بغضّ النّظر عن الظّروف الاقتصاديّة أو التّغيّرات في سوق العمل.