الرئيسية المفاهيم الانكماش المالي: الظاهرة الاقتصادية التي تهدد الاستقرار

الانكماش المالي: الظاهرة الاقتصادية التي تهدد الاستقرار

انخفاض مستمر في مستويات الأسعار يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة البطالة، وارتفاع أعباء الديون، مما يستلزم استراتيجيات حاسمة لمواجهته

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

الانكماش المالي، أو ما يُعرف بـ"Deflation"، هو واحدٌ من أكثر الظّواهر الاقتصاديّة الّتي تُثير قلق الحكومات والمحلّلين الاقتصاديّين؛ فعندما تنخفض الأسعار بشكلٍ مستمرٍّ، يعتقد البعض أنّ هذا الأمر إيجابيّ بالنّسبة للمستهلكين، لكنّه في الواقع يشكّل تهديداً خطيراً للنّموّ الاقتصاديّ، إذ يؤدّي الانكماش المالي إلى تراجع الأرباح، وارتفاع معدّلات البطالة، وزيادة أعباء الدّيون، ممّا يجعل السّيطرة عليه أمراً حاسماً للحفاظ على استقرار الأسواق. وفي هذا المقال، سنلقي الضّوء على مفهوم الانكماش المالي، وأسبابه، وآثاره الاقتصاديّة، وكيف يُمكن للحكومات مواجهته.

ما هو الانكماش المالي؟

الانكماش المالي هو انخفاضٌ مستمرٌّ في المستوى العام للأسعار، ممّا يزيد من القوّة الشّرائيّة للعملة، ولكنّه يؤدّي إلى تباطؤٍ اقتصاديٍّ خطيرٍ. ويحدث هذا عندما يكون المعروض من السّلع والخدمات أكبر من الطّلب عليها، أو عندما ينخفض المعروض النّقديّ في الاقتصاد. وعلى عكس التّضخم الّذي يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار، يتسبّب الانكماش المالي في انخفاضها، ممّا يؤدّي إلى نتائج غير مرغوبةٍ مثل تراجع النّموّ الاقتصاديّ وزيادة البطالة.

أسباب الانكماش المالي

يعدّ انخفاض الطّلب الكلّيّ أحد الأسباب الرّئيسيّة للانكماش المالي، حيث تؤدّي السّياسات النّقديّة المتشدّدة إلى تقليل الإقراض والإنفاق، ممّا يخفض الطّلب على السّلع والخدمات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التّوقّعات السّلبيّة للمستهلكين تدفعهم إلى تأجيل عمليّات الشّراء، ممّا يؤدّي إلى مزيدٍ من انخفاض الطّلب. ومن ناحيةٍ أخرى، تلعب زيادة العرض الكلّي دوراً في حدوث الانكماش المالي، حيث يؤدّي التّقدّم التّكنولوجيّ إلى زيادة الإنتاجيّة وخفض تكاليف الإنتاج، ممّا يسبّب انخفاض الأسعار إذا لم يكن هناك طلبٌ مماثلٌ يوازي هذا النّموّ.

آثار الانكماش المالي

تتمثّل آثار الانكماش المالي فيما يلي:

  • زيادة معدلات البطالة: عندما تنخفض الأسعار، تنخفض أرباح الشّركات، ممّا يدفعها إلى تخفيض الإنتاج وتسريح العمال، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع معدّلات البطالة، ويزيد من انخفاض الطّلب الكلّيّ.

  • ارتفاع قيمة الديون: عندما تنخفض الأسعار، تصبح القروض المأخوذة في الماضي أكثر تكلفةً على المقترضين؛ لأنّ الأموال الّتي يحتاجون لسدادها تصبح أكثر قيمةً مقارنةً بدخولهم المتراجعة.

  • تأجيل الاستهلاك والاستثمار: عندما يتوقّع الأفراد والشّركات استمرار انخفاض الأسعار، فإنّهم يؤجّلون الإنفاق على السّلع والخدمات، ممّا يؤدّي إلى تفاقم المشكلة.

  • تفاقم الأزمات الاقتصاديّة: قد يؤدّي الانكماش المالي إلى أزماتٍ مصرفيّةٍ نتيجة زيادة تعثّر القروض، وبالتّالي تقليل قدرة البنوك على الإقراض، ممّا يعمّق الرّكود الاقتصاديّ.

الفرق بين الانكماش المالي والركود الاقتصادي

يحدث الانكماش المالي عندما تنخفض الأسعار بشكلٍ مستمرٍّ، بينما يشير الركود الاقتصادي إلى تراجعٍ في النّاتج المحلّيّ الإجماليّ لفترتين متتاليتين على الأقلّ. وقد يحدث الرّكود دون انكماش إذا كان ناتجاً عن انخفاض الإنتاج والاستثمار، بينما غالباً ما يكون الانكماش المالي مصحوباً بركود اقتصادي؛ بسبب ضعف الطّلب الكلّي وتراجع الإيرادات. فالفرق الجوهريّ يكمن في أنّ الانكماش المالي يركّز على انخفاض الأسعار وتأثيراته على النّشاط الاقتصاديّ، بينما يشمل الركود الاقتصادي مجموعةً أوسع من العوامل الاقتصاديّة.

سياسات مواجهة الانكماش المالي

تعتمد مواجهة الانكماش المالي على السّياسات النّقديّة التّوسعيّة، مثل خفض أسعار الفائدة والتّوسّع في المعروض النّقديّ، لزيادة الإنفاق الاستهلاكيّ. ومن ناحيةٍ أخرى، تشمل السّياسات الماليّة التّوسعيّة زيادة الإنفاق الحكومي لخلق فرص عملٍ جديدةٍ، بالإضافة إلى خفض الضّرائب لزيادة الدّخل المتاح وتحفيز الاستهلاك. كما أنّ تعزيز ثقة المستهلكين والمستثمرين يلعب دوراً هامّاً من خلال إطلاق حملاتٍ توعويّةٍ حول استقرار الاقتصاد وتحفيز بيئةٍ استثماريّةٍ مشجّعةٍ بسياساتٍ مرنةٍ.

يشكّل الانكماش المالي تهديداً خطيراً للاقتصاد، حيث يؤدّي إلى تراجع الإنتاج، وارتفاع البطالة، وزيادة أعباء الدّيون. لذلك، تتطلّب مواجهته استراتيجيّاتٍ اقتصاديّةً متكاملةً تجمع بين السّياسات النّقديّة والماليّة؛ لضمان استقرار الأسواق وتحفيز النّموّ الاقتصاديّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: