التحقق الوظيفي: ضمانات الثقة في بيئة العمل الحديثة
إجراءٌ أساسيٌّ يسهم في تعزيز الشّفافيّة المؤسّسيّة، ويُقلّل من المخاطر التّشغيليّة، ويُعزِّز مصداقيّة العلاقات المهنيّة في سوق العمل المتغيِّر

يُمثّل التحقق الوظيفي، أو ما يُعرف بـ"Employment Verification"، أحد الأعمدة الأساسية في إدارة الموارد البشريّة الحديثة، حيث يُسهم في بناء بيئة عملٍ قائمةٍ على الشّفافيّة والثّقة. في ظلّ التّحديّات المتزايدة في سوق العمل، أصبح هذا الإجراء ضروريّاً لضمان صحّة المعلومات المقدَّمة من الموظفين، وتفادي المخاطر المرتبطة بالتّوظيف غير الدّقيق.
مفهوم التحقق الوظيفي
يُعدُّ التحقق الوظيفي إجراءً إداريّاً يُستخدم للتّأكُّد من صحَّة المعلومات الواردة في السّيرة الذّاتيّة أو طلب التّوظيف. ويشمل هذا التّحقُّق مراجعة الخبرات السّابقة، والمسميّات الوظيفيّة، وتواريخ العمل، والمؤهّلات الأكاديميّة. تُجريه الشّركات إمّا داخليّاً أو بالاستعانة بخدماتٍ خارجيّةٍ متخصّصةٍ في فحص الخلفيّات المهنيّة، ويهدف المفهوم إلى ترسيخ الشّفافيّة وتقليل المخاطر المرتبطة بالتّوظيف.
أهمية التحقق الوظيفي
تكمن أهمية التحقق الوظيفي في حماية الشّركات من اتّخاذ قرارات توظيفٍ مبنيّةٍ على معلوماتٍ مضلّلةٍ أو غير دقيقةٍ؛ فهو يوفّر طبقةً إضافيّةً من الأمان القانونيّ والإداريّ، ويساعد على اختيار المرشّحين الأنسب للأدوار الحسّاسة. كما يُسهم في الحفاظ على بيئة عملٍ موثوقةٍ ومستقرّةٍ، ويعزّز من ثقافة النّزاهة داخل المؤسّسة. بدون هذه الخطوة، قد تتحمّل الشّركات لاحقاً تبعاتٍ جسيمةً إداريّاً وماليّاً.
خطوات تنفيذ التحقق الوظيفي
تبدأ خطوات التحقق الوظيفي بجمع البيانات الأساسيّة من المتقدّم، مثل: أسماء الشّركات السّابقة، وتواريخ التّوظيف، والمؤهّلات العلميّة، ثم يتمّ التّواصل مع الجهات المعنيّة لتأكيد هذه المعلومات، إمّا عبر البريد الإلكتروني أو المكالمات الرّسميّة أو استخدام قواعد بياناتٍ موثوقةٍ. بعد ذلك تُراجع النّتائج، وتُقارن بما ورد في الطّلب، وتُوثّق الفروقات إن وُجدت، أمّا في حال وجود تناقض كبير، يُؤثِّر ذلك على قرار التوظيف.
تحديات التنفيذ التحقق الوظيفي
يواجه التحقق الوظيفي تحديّاتٍ متعدّدةً، أبرزها صعوبة التّواصل مع بعض جهات العمل السّابقة أو عدم تعاونها في مشاركة المعلومات، وقد تَظهر معوّقاتٌ قانونيّةٌ تتعلّق بالخصوصيّة أو حماية البيانات، خاصّةً في بلدانٍ تُقيّد الوصول للمعلومات الشّخصيّة. كما أنّ طول مدّة التّحقّق قد يؤخّر عمليّة التّوظيف، ويؤثّر على تجربة المرشّحين، كما تتطلّب العمليّة موارد بشريّةً وتكنولوجيّةً لضمان تنفيذها بدقّةٍ وسرعةٍ.
التحقق الوظيفي ليس مجرّد إجراءٍ روتينيٍّ، بل هو عنصرٌ أساسيٌّ في بناء بيئةٍ عملٍ موثوقةٍ ومستدامةٍ. ومن خلال التّأكّد من صحّة المعلومات المتعلّقة بالموظفين، تُعزّز المؤسّسات من مصداقيتها، وتُقلّل من المخاطر، وتُحسّن من جودة التّوظيف.