كن مرناً في إدارة استراتيجيتك؛ الصرامة ليست صائبةً دائماً!
الاستراتيجية القابلة للتكيف يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل ضمن سوقٍ تنافسيّةٍ شديدة الاضطراب
بقلم جيم سليكسر Jim Schleckser، الرئيس التنفيذي لـ The CEO Project
تخبرنا الأبحاثُ أنّ نحو 90% من الشّركاتِ في الولاياتِ المتحدّةِ تستخدمُ أيّ نوعٍ من أنظمةِ إدارةِ الاستراتيجيّةِ. بمعنى آخر، يستخدمون نظاماً معيّناً لقياسِ تقدّمهم نحو الأهدافِ الاستراتيجيّةِ الّتي حدّدوها لأنفسهم. وقد تشملُ الخياراتُ بطاقاتِ الأداءِ المتوازنِ، وخرائط الاستراتيجيّة، والأهداف والنّتائج الرّئيسيّة .(OKRs) بغضّ النّظرِ عن الأداةِ المختارةِ، الهدفُ هو: قياسُ ما إذا كنتَ تُحقّق مؤشّراتِ الأداءِ الرّئيسيّةِ KPIs الخاصّةِ بك والتّقدم نحو أهدافكَ. [1]
ومع ذلكَ، السّؤال هو ما إذا كان استخدامُ هذا النّهج الموحّد لقياسِ استراتيجيّتك منطقيّاً، وأنا هنا لأخبركَ أنّه في معظمِ الحالاتِ، لا يبدو أنّه يتماشى كثيراً مع المنطقِ، وفيما يلي أسبابُ ذلك.
انخفاض حدة الاضطراب
يُمكن أن يكونَ استخدامُ نظامِ إدارةٍ استراتيجيٍّ موحّدٍ منطقيّاً، إذا كنتَ تعملُ في سوقٍ ذي اضطرابٍ منخفضٍ وقابلٍ للتّنبؤ وبطيء الحركةِ. المشكلةُ هي أنّه لم يعُد يوجد الكثيرُ من الصّناعات المشابهةِ لذلكَ في الوقتِ الحاليّ. ويُمكن أن تكونَ أمثلةً على ذلكَ: عمليّاتِ الفحمِ أو السّككِ الحديديّةِ، وهي أسواقٌ تتّسمُ بدوراتٍ طويلةِ الأمدِ وقابلةٍ للتّنبؤ. وفي هذه الأسواق، تكونُ أنظمةُ التّحكمِ الصّارمةُ -بما يخصّ دقّةَ المواعيدِ والمعايير- منطقيّةً. ويُمكن أن يكونَ لديكَ ثقةٌ كبيرةٌ في أن تتبّعَ مؤشرّاتِ الأداءِ الرّئيسيّةِ KPIs الخاصّةِ بكَ، كما أنّك تعرفُ بدقّةٍ ما يحدثُ مع نموّكِ. ولكن، عندما تصبحُ الأمورُ أكثر اضطراباً، يُمكن أن ينهارَ هذا النّهجُ.
أسواق غير قابلة للتنبؤ
ماذا يحدثُ إذا كنتَ تعملُ في سوقٍ أقلّ قابليّة للتّنبؤ، حيث لا يُمكنكَ دائماً السّيطرةُ على ما يحدثُ داخليّاً أو خارجيّاً مع منافسيكَ؟
قد يصبحُ نظامُ التّحكمِ الصّارمُ عائقاً أو حتّى ضاراً، لأنّه لا يسمحُ لكَ بالتّكيفِ مع بيئتكَ الدّيناميكيّةِ. فإذا كنتَ تحافظُ على معاييركَ ثابتةً، وتتحقّقُ فقط بعد ستّةٍ أشهرٍ لمعرفةِ مكانكَ بالنّسبةِ لأهدافكَ، قد تجدُ أنّ السّوقَ بأكملها قد تحوّلت، وأصبحت قياساتكَ ومعاييركَ الآن قديمةً وقد عفا عليها الزّمنُ.
قد يساعدُ هذا في شرحِ نتيجةِ الأبحاثِ الّتي تشيرُ إلى أنّ نسبةَ نجاحِ المبادراتِ الاستراتيجيّةِ تقلّ إلى أدنى من 50%. والخبرُ السّارُ هو أنّ هناك وسيلةً أفضل وأكثر فعاليّةً لقياسِ تقدّمكَ في الأسواقِ الدّيناميكيّةِ.
التعامل بحرية
البديلُ عن استخدامِ نظامٍ صارمٍ للتّحكمِ في قياسِ الاستراتيجيّةِ هو استخدامُ نظامٍ فضفاضٍ نسبيّاً، وصحيحٍ من ناحيةِ الاتّجاهِ، وغير قاطعٍ أو محددٍ بوضوحٍ. إذ إن الهدفَ هو تحديدُ ما ستفعلهُ، ولكن ليس كيف ستفعلُ ذلكَ، مما سيتيح لك البقاَء منسجماً مع رؤيتكَ ومرناً بما فيه الكفايةِ للتّكيفِ وتعديلِ قياساتكَ مع تطوّرِ السّوقِ.
مثالٌ ممتازٌ على ذلكَ يأتي من شركةِ تكنولوجيا كنتُ أديرها، حيثُ كنّا نحاولُ الدّخولَ إلى سوقٍ جديدةٍ. كانت السّوقُ ديناميكيّةً للغايةِ، وكنّا لا نعرفُ الكثيرَ عن المنافسين، لذلك كنّا بحاجةٍ إلى شيءٍ لقياسهِ ليخبرنا ما إذا كنّا في الاتّجاه الصّحيح. ولكن، لأنّنا كنّا نعلمُ أنّ السّوق كان يتغيّرُ بسرعةٍ، لم نستطع أن نكونَ صارمين أو محدّدين للغايةِ عند قياسِ مؤشّراتِ الأداءِ الرّئيسيّةِ KPIs.
فماذا فعلنا؟ قسنا عمليّاتِ الشّراء التّجريبيّة، وكان ذلك تعريفاً فضفاضاً لأيّ شيءٍ بعناه، بغضّ النّظر عمن اشترى أو بأيّ سعرٍ. إذ أردنا فقط تتبّعَ ما إذا كان أيّ شخصٍ يشتري أيّ شيءٍ على أيّ مستوى. فإذا اشترى شخصٌ ما شيئاً بقيمةِ 5000 دولارٍ، احتسبناه. وإذا كان لدينا مبيعاتٌ من أيّ نوعٍ، بمقابلِ عدم وجودِ أيّ مبيعاتٍ، عرفنا أنّنا في الاتّجاهِ الصّحيحِ. ونظراً لأنّنا لم نعرف أين يُمكن أن نصلَ، أعطتنا هذه العمليّةُ توجيهاً كافياً لنعرفَ إن كنّا مستمرّين في الاتّجاهِ الصّحيحِ.
قد لا يبدو هذا مرضياً مثل تحقيقِ رقمٍ مهمٍّ (ولم يكن كذلك)، ولكن هذا سمحَ لنا بأن نكونَ مرنين مع تحوّل السّوقِ، ثمّ عندما تعلَّمنا المزيدَ عن عملائنا والمنافسين، أصبحنا أكثرَ تحديداً بشأنِ أهدافنا الاستراتيجيّةِ. بعبارةٍ أخرى، كان لدينا مقياسٌ فضفاضٌ، فحصناهُ بشكلٍ متكرّرٍ، وعدّلناه بسرعةٍ أثناء تعلُّمنا.
شاهد أيضاً: المرونة في الأزمات: السر إلى النجاح في 3 خطوات
فوائد المرونة
عند التّفكيرِ في كيفيّةِ قياسكَ لخطّتكَ الاستراتيجيّةِ، ابدأ بتقييمِ نوعِ السّوقِ الّذي تعملُ فيه. إذ كلّما كانت السّوق أكثر ديناميكيّةً واضطراباً، كلّما كان عليكَ أن تكونَ أكثر حريةً ومرونةً في كيفيّة قياسَ نجاحك. وإذا كنت تستطيعُ القيامَ بذلكَ، فإنكّ تمنحُ نفسكَ الفرصةَ للوصولِ إلى مكانٍ لم تكن قد خطّطتَ للوصولِ إليه؛ وهو مكانٌ قد لا تصلَ إليه أبداً، لو لم تكن أنتَ نفسكَ ديناميكيّاً.