التخطيط الاستراتيجي بأبسط حلّة: قاعدة السّاعة الواحدة
كيف توازن بين الكمّ والنّوع لتحقّق أفضل النتائج؟
لكلّ مشروعٍ تجاريٍّ ناجحٍ هناكَ استراتيجيّةٌ مدروسةٌ تُعدُّ أداةً قويّةً لجذبِ المستثمرينَ، وكسبِ ثقّةِ المساهمينَ والموظّفينَ. رغمَ ذلكَ، تُظهرُ التقديراتُ المُستندةُ إلى دراساتِ ماكنزي أنّ ما يقربَ من 67% من هذهِ الخططِ الاستراتيجيّةِ تفشلُ. ومن أبرزِ العواملِ وراءَ هذا الفشلِ، القصورُ في الرّؤيّةِ الاستراتيجيّةِ للقيادةِ. ويكمنُ التّحديّ في القدرةِ على تخصيصِ الوقتِ المناسبِ للتّخطيطِ الاستراتيجيّ، حيثُ يقعُ القادةُ غالباً إمّا في خطأِ المبالغةِ في الوقتِ المُخصّصِ أو التقليلِ منهُ. [1]
التّمييزُ في الإدارةِ يبدأُ بوضوحِ الأهدافِ. وتجنّباً للوقوعِ في فخِّ القصورِ الإداريّ، يجبُ أن يتميّزَ الفريقُ بفهمٍ شاملٍ للأهدافِ والتّوجّهاتِ. تخيّلِ الأمرَ كالتّسوّقِ من متجرٍ دونَ قائمةٍ: ستنتهي بشراءِ ما لا تحتاجُ منَ المنتجاتِ الّتي تتلفُ بسرعةٍ أو الّتي قد تكونُ ضارّةً للصّحةِ.
على الجانبِ الآخرِ من المعادلةِ، هناكَ المديرونَ الّذين يُفرطونَ في التّخطيطِ الاستراتيجيّ، ممّا يؤدّي لتوقّفِ التّقدّمِ وتدميرِ القيمةِ. فالقادةُ الّذين يعيشونَ في عوالمهِم الخاصّةُ عرضةٌ للفشلِ في تنفيذِ خططهِم. هُنا يأتي دورُ القاعدةِ الذّهبيّةِ: تحويلُ كلّ فكرةٍ أو مُبادرةٍ إلى خطّةٍ عمليّةٍ تتضمّنُ بياناتٍ وتحاليلَ دقيقةٍ، وهذا بالطّبعِ يتطلّبُ توجيهاً واضحاً وقراراتٍ جريئةٍ.
ما هو الوقت المثالي للتّخطيط الاستراتيجيّ؟
يُكرّسُ الرّئيسُ التّنفيذيّ النّموذجيّ أكثرَ من 60 ساعةٍ أسبوعيّاً لأعباءِ العملِ، ويعملُ غالباً خلالَ عطلاتِ نهايةِ الأسبوعِ وحتّى في العطلِ الرّسميّةِ. بينَ حلِّ المشكلاتِ، والتّواصلُ الفعّالُ، وإدارةُ الأزماتِ، كم من الوقتِ تعتقدونَ أنّهُ يُمكنهُم تخصيصهُ للتّخطيطِ الاستراتيجيّ؟ الإجابةُ مُدهشةٌ: ساعةٌ واحدةٌ فقط أسبوعيّاً، ورغمَ أنّ هذا قدْ يبدو مُحبطاً، إلّا أنّه يُعدّ واقعيّاً في ظلّ التّحدّيات المتعدّدةِ الّتي تواجههم.
يُمكنُ اعتبارُ التّخطيطِ الاستراتيجيّ عمليّةً مُدمجةً تنقسمُ إلى خطواتٍ صغيرةٍ يُمكنُ للقادةِ تنفيذهَا دوريّاً. بدلاً من إقامةِ اجتماعاتٍ طويلةٍ ومُرهقةٍ كلّ شهرٍ أو كلّ ربعِ سنةٍ، يُمكنهُم الانخراطُ في جلساتٍ أقلّ شدّةٍ لكنّها مُفعمةٌ بالفعاليةِ. كما يُمكنُ استغلالُ التّقنيّاتِ الحديثةِ لتسهيلِ هذهِ العمليّةِ، مثلُ الاجتماعاتِ عبرَ الفيديو أو برامجُ إدارةِ المشروعاتِ.
على القادةِ التحلّي بالقدرةِ على تحقيقِ التّوازنِ بين النّظرةِ الشّاملةِ والتّفصيلِ، مع العملِ بفعاليةٍ لضمانِ تنفيذِ خُططهم الاستراتيجيّةِ بنجاحٍ. في هذا السّياقِ، تُعدُّ قاعدةُ السّاعةِ الواحدةِ بمثابةِ إرشادٍ يُمكنُ أن يوفّرَ التّوجيهَ اللّازمَ للقادةِ في سَعيهم لبناءِ مستقبلٍ مُزدهرٍ لأعمالهِم.
الجودة أم الكمية؟
احذرِ الوقوعَ في فخِّ التّفكيرِ بكثرةِ القراراتِ على حسابِ جودتهَا. يمكنُ للإلهامِ أن يُضاءَ في دقائقَ معدودةٍ، فَقط اسألْ أيّ رائدِ أعمالٍ وسيؤكّدُ لكَ ذلكَ. ما يهمُّ حقّاً هو العمليّةُ التّفصيليّةُ لصياغةِ الاستراتيجيّةِ. يسهمُ التّمعّنُ والتّفكيرُ العميقُ في تسليطِ الضّوءِ على مخاطرِ التّفكيرِ المُحيَّدِ والتّفكيرِ الجماعيّ المتحيّزِ.
بالإضافةِ إلى ذلكَ، يساعدُ استخدامُ أدواتِ التّفكيرِ الجماعيّ العمليّ أو تقنياتُ تقييمِ المخاطرِ المُسبقةِ داخلَ الفرقِ في تجنّبِ القراراتِ الخاطئةِ. بالنّسبةِ لرُوّادِ الأعمالِ الّذينَ لا يصبرونَ، قد تعتبرونَ التّمعّنَ مضيعةً للوقتِ، لكن لا تخلطوا بينَ السّرعةِ والجوهرِ. شركاتٌ مثلُ سبوتيفاي ونتفليكس ونايكي استفادتْ جَميعها من ميزةِ الرّيادةِ وتوقيتِ الدّخولِ للسّوقِ.
شاهد أيضاً: 10 سمات شخصيّة للإحاطة بها قبل أن تدوّن خطّة عملك
الوقتُ الّذي يُقضى في تصميمِ الاستراتيجيّةِ يُعدُّ عاملاً مهمّاً في تحديدِ مَدى النّجاحِ، والقدرةُ على التّنفيذِ المرنِ لها أهميّةٌ كُبرى. إذا فشلَ القادةُ في استيعابِ المعلوماتِ الجديدةِ أو في مراجعةِ الخططِ بينَ ينايرَ وديسمبرَ، تصبحُ الاستراتيجيّةُ مضيعةً للوقتِ والجهدِ، ويالَ كثرةِ ما يحدثُ ذلكَ!
كمَا يقولُ بيتر دراكر، الاستراتيجيّةُ ليست حدثاً يحدثُ مرّةً واحدةً، بل هيَ عمليّةُ تقييمٍ مُتكرِّرةٍ. بالنّهايةِ، النّاسُ يحبّونَ "تنفيذَ" الاستراتيجيّةِ، يعتقدونَ أنّ ذلكَ يجعلهم يبدونَ أذكياءَ.
الآن أم لاحقاً؟
من السّهل إهمالُ آفاقِ الزّمنِ. ما لم يُخطَّطَ لهُ لن يتمَّ. على سبيلِ المثالِ، هبوطُ أبولو 11 على القمرِ استغرقَ تسعَ سنواتٍ من التّخطيطِ ولكنْ كانَ له نتيجةٌ واضحةٌ.
تحتَ ضغوطِ المساهمينَ أو المستثمرينَ، يميلُ القادةُ للتّخطيطِ على المَدى القصيرِ، وهو إغفالٌ شائعٌ خلالَ فتراتِ الاضطرابِ الاقتصاديّ. يعرفُ الرّؤساءُ التّنفيذيونَ جيّداً كيفَ يعشقُ السّوقُ النّتائجَ الفصليّةَ، وتُظهِرُ الأبحاثُ أنَّ الرّؤساءَ التّنفيذيينَ النّاجحينَ يقضونَ ما يصلُ إلى 50% من وقتهِم في التّفكيرِ على المَدى الطّويلِ.
وضعُ استراتيجيّةِ عملٍ قدْ يَبدو عبئاً ثقيلاً، لكنًهُ يمكنُ أن يكونَ ممتعاً وأسهلُ ممّا تتخيًلُ. على الرّغمِ من عدمِ وجودِ نهجٍ يناسبُ الجميعَ، أقترحُ عليكَ تحديدُ هذهِ النّقاطِ في التّخطيطِ الاستراتيجيّ:
- الوقتُ المستغرقُ.
- توقيتُ التّنفيذِ.
- آفاقُ الزّمنيّةِ.
لا توجدُ استراتيجيّةٌ مثاليّةٌ، لذا توقّعِ التّغييرَ. بكلماتِ الجنرالِ جورج باتون، "خطّةٌ جيّدةٌ اليومَ أفضلُ من خطّةٍ مثاليّةٍ غداً". على الأقلّ، ساعةٌ يوميّاً يمكنُ أن تحميَ من الكارثةِ وتُحسّنَ من احتمالاتِ النّجاحِ، لقد حانَ الوقتُ للبدءِ.