من الإحباط إلى الإنجاز: كيف تجد الوظيفة المثالية بعد تسريحك؟
أفضل الاستراتيجيات لتحافظ على إيجابيتك، وتحسّن من وضعك المالي، وتستخدم شبكتك الاجتماعية للعثور على وظيفة أحلامك
التسريح من العمل مؤلمٌ ومُحبطٌ ومُهينٌ ويتسبّب في الكثير من الارتباك، فسواء كنت ربّ أسرةٍ أو شابّاً مسؤولاً عن نفسك أو فتاةً تبحثُ عن ذاتها أو تعولُ نفسها وتساهمُ في مصروف أهلها، فإنّ التّعرض للتسريح من العمل يمكن أن يكونَ بمثابة ضربةٍ قاصمةٍ، خصوصاً في أوقات الرّكود والتّضخم والظّروف الاقتصاديّة الصّعبة، ولا مفرّ في هذه الحالة بالطّبع من البحث عن فرصة عملٍ جديدةٍ، ولكن قبل هذه الخطوة وقبل أن تتسرّع في إرسال سيرتك الذاتية إلى عشرات الأماكن، توقّف قليلاً لكي تتمّ الخطوة المقبلة بكفاءةٍ وتعثر على الوظيفة التي ترغب بها وتكون تعويضاً حقيقيّاً لك، ولكي يتمّ هذا عليك القيام بمجموعةٍ أُخرى من الخطوات ليتحوّل التسريح من العمل إلى فرصةٍ للتّغيير والتّرقي وليس نهايةً للحياة.
حافظ على هدوئك ولا تترك الإحباط يسيطر عليك
مهما كانت وسيلة أو سياسة الشّركة في توقيفك عن العمل، فإنّ التّجربة سوف تكون مؤلمةً بكلّ تأكيدٍ، فحتّى إذا كنت تعرف أنّ هناك تقليصاً قادماً في العمالة وحصلت على مكافأة نهاية خدمةٍ جيدةٍ أو غيرها من مميزات، فإنّك سوف تشعر بالإحباط، ولكن من أشدّ الأمور ضرورة هنا هو محاولة الحفاظ على احترافيّتك وهدوئك.
فعلاقتك بالشّركة لا تنتهي في يوم تسريحك من العمل أو إخطارك بهذا التسريح، بل ستحتاج إلى الكثير من التّفاعل معها سواء بشأن التّأمين الصّحي أو خطابات التّوصية، بالإضافة لإمكانية إعادة توظيفك من جديدٍ إذا تغيّرت الظّروف؛ لذا من أشدّ الأمور ضرورة أن ترفعَ من روحك المعنويّة بكلّ ما يمكنكَ من طرقٍ ولا تدع الإحباط يسيطر عليكَ، فمشاعرك السّلبية ويأسكَ الشّديد يرسل رسالةً سيّئةً إلى مسؤولي التّوظيف الجدد ويقلّل من فرصكَ في الحصول على وظيفةٍ مناسبةٍ.
ومن الاقتراحات التي جرّبها الكثيرون اعتبار فترة البحث عن وظيفة بمثابة إجازة وراحة من العمل، فتقرأ بها كتاباً مسلّياً أو تمارس هوايةً أو تزور شخصاً لم تره منذ فترةٍ طويلةٍ أو تمارس أيّ شيء كانت ظروف العمل تعيقكَ عن الاستمتاع به لمدّة يومين أو ثلاثة أو أكثر وفقاً لخطّة تسريحكَ، فهذا كفيلٌ بإخراج الكثير من المشاعر السّلبيّة، إن لم يكن كلّها لتخطّط بشكلٍ سليمٍ لما هو قادمٌ. [1]
ركّز على وضعك المالي الحالي وليس المستقبلي
فبمجرّد تسريحك من العمل يبدأ تواتر الأفكار السّوداء على رأسك بشأن مستقبلكَ الماليّ، فكيف ستحصلُ على مصروفات الدّراسة للأبناء وكيف ستدفع إيجار المنزل وتوفّر المتطلّبات اليوميّة، في حين أنّه قد يكون لديك بالفعل عدّة أشهرٍ قبل المعاناة الفعليّة من ظروفٍ اقتصاديّةٍ صعبةٍ؛ لذا اطرد عن ذهنكَ التّفكير في المصروفات المقبلة وركّز على اللّحظة التي تعيشها الآن.
يمكن أن تبدأ بالتّنازل عن بعض الرّفاهيات في حياتك أو تقلّص نفقاتك حتّى تتضّح الصّورة وتقسِّم الأموال والموارد الموجودة معك لأطول فترةٍ ممكنةٍ، ولكن لا تحمل همّ مصاريف الغدّ مطلقاً طالما كنت تملك اليوم بالفعل ما تعيش به جيداً، فهذا يشكِّل فارقاً لن تتخيّله في طريقة تعاملكَ مع الأزمة ووصولكَ إلى حلٍّ مناسبٍ.
سجِّل الأمور الإيجابية التي تتمتع بها خلال العمل
قد تعتقدُ أنّك تعرفُ بالضّبط خبراتكَ ومهاراتكَ، ولكن هذا غير صحيح في الكثير من الأحيان؛ لذا قبل البدء في البحث عن وظيفةٍ حاول أن تكتبَ في ورقةٍ خارجيّةٍ كلّ ما اكتسبته من مهارات في العمل أو المشروعات التي ساهمت في تنفيذها والنّجاحات التي حقّقتها، فهذا يجعلك أكثر ثقةً بنفسك عند البحث عن وظيفةٍ أخرى، فلا تدخل بمظهر الفاشل أو المطرود، إذ ستنعكس قيمة هذه الإنجازات على سلوكك خلال إجراء مقابلات العمل التّالية.
ومن المفيد هنا للغاية التّركيز على مهاراتك في حلّ المشكلات أو تحديد الأوّليات عند وجود ضغوطٍ شديدةٍ أو تحقيق الهدف بأقلّ قدرٍ من التّكلفة أو التّغلب على عقباتٍ معيّنةٍ، فهذه المهارات السّلوكيّة ترفع من رصيدكَ كثيراً عند التّقدّم لوظائف أخرى. [2]
أخبر زملاءك والمحيطين بك وأصدقاءك أنّك تبحث عن وظيفة
لا تخجل مطلقاً من إخبار زملائكَ والمُحيطين بك وأصدقائكَ أنّك قد سُرحِّت من عملكَ، فالجميع بلا أيّ استثناء تقريباً معرّضين لهذا الأمر، فتأكّد تماماً من أن ما تعرّضت له لا يعكس على الإطلاق مهاراتكَ وما تتمتّع به، ولكن هو انعكاسٌ لوضعٍ اقتصاديٍّ متذبذبٍ وخطط دمجٍ وتغييرٍ لاستراتيجيات العمل؛ لذا إخبار المحيطين بك بأنّك تبحثُ عن وظيفةٍ يساعدك كثيراً في الانتقال إلى الخطوة التّالية سريعاً، فلن تعرفَ مطلقاً من قد يكون لديه الفرصة الملائمة لكَ.
اطلب خطاب تسريح من عملك السابق
إذا كان تسريحكَ من العمل مرتبطٌ بظروفٍِ اقتصاديّةٍ وإعادة هيكلةٍ ودمجٍ واستحواذٍ وغيرها، وليس لسببٍ يتعلّق بك شخصيّاً، فغالباً سيكون هناك خطاب تسريحٍ من العمل، ولكن هذا الخطاب قد لا يكون مفصّلاً بطريقةٍ واضحةٍ عن أسباب الخروج من العمل كما قد يحتوي على أخطاء أو سهو بشأن منصبكَ الذي غادرته.
لذا إذا وصلك خطاب تسريح، فاقرأه بعنايةٍ وتأكّد أنّ ما به من أوصافٍ مضبوطةٍ، وإذا لم تتلقَّ واحداً فاطلب من مديرك السّابق أو مسؤولي الموارد البشريّة منحكَ الخطاب المطلوب، فهذا يساعد أصحاب العمل المحتملين على فهم أنّك كنت جزءاً من تقليص العمالة وليس لأسبابٍ تتعلّق بالإهمال أو سوء السّلوك أو غيرها، ويمكنك المساعدة بطباعة خطاب تسريح من العمل عبر الإنترنت وطلب التّوقيع عليه فقط لتسهيل المهمّة على مديركَ السّابق.
حدّد أوقاتاً ثابتة للبحث عن وظيفة
كما اتّفقنا سوف تعتبر فترة البحث عن العمل بمثابة إجازةٍ تُمارس بها بعض الأمور المحبّبة، ولكن احرص على تحديد وقتٍ زمنيٍّ يوميٍّ محدّدٍ للاطّلاع على الوظائف الجديدة وتحديث سيرتك الذّاتية وفقاً لها، فلا تمض اليوم بأكمله وأنت تبحثُ، فهذا يزيد من إحباطكَ ويجعلكَ طوال اليوم منتظراً للردّ، ولكن حدّد عدّة ساعاتٍ فقط للتّفكير بالوظيفة ثم اتركها وراء ظهرك، وكأنّك في دوام عملٍ ثابتٍ، فهذا يُقلّل من توتّركَ ويجعلكَ أكثر قدرةً على التّفكير المُنظّم وعلى البحث بكفاءةٍ.
وعند العثور على وظيفةٍ تتلاءم معك وترغب في التّقدّم إليها تمهّل قليلاً ولا تتعجّل، بل اطبع المهارات الوظيفيّة المطلوبة في الإعلان وركّز على الكلمات الرّئيسيّة وحدِّث سيرتك الذاتية بهذه العبارات المركّزة المستخدمة في الإعلان أو بصياغةٍ مختلفةٍ، فهذا شديد الضّرورة ليعرف القائمون على التّوظيف أنّك تتمتّع بالمهارات المطلوبة لشغل هذه الوظيفة.
بعد هذا اعمل على تحديث سيرتك الذاتية بهذه الأوصاف وقد تحتاج إلى أكثر من نسخةٍ لسيرتك الذاتية، إذا رغبت في التّقدم لوظائف متنوّعةٍ، ومن أهمّ الأمور التي عليك الحرص عليها هو التّأني وعدم التّعجل في إرسال سيرةٍ ذاتيّةٍ غير مكتملةٍ أو لا تحتوي على المطلوب ثم تتوقّع أن تحصلَ معها على الوظيفة المثاليّة. [3]
إن التّسريح من العمل تجربةٌ مؤلمةٌ بكلّ تأكيدٍ، ولكن الجميع معرّض لها، ومن المفيد للغاية وضع خطّةٍ مسبقةٍ وبدائل جاهزةٍ في حالة التّعرض لها سواء ببدائل ماديّةٍ أو وظيفيّةٍ، ولكن إذا لم يكن هذا متاحاً، فإنّ أفضل ما يمكن أن تقدّمه لنفسكَ هو التّمهل ومقاومة شعور الإحباط والحصول على وقتٍ كافٍ لاستيعاب الصّدمة مهما كانت الظّروف التي من حولكَ، فالعصبيّة والاكتئاب والتّقوقع في دور الضّحية بالتّأكيد لن يوصلكَ إلى أيّ شيءٍ على الإطلاقِ.