التعاطف مع الذات دواء عجيب للصحة النفسية يمكن أن يساعدك
لقد أقنعتني أكثر من 10 سنوات من الكتابة عن علم النفس بأنَّ أحسنَ خطوة يمكن أن تقوم بها لصحتك النفسية هي تعلُّم كيفية التحدث إلى نفسك كصديق
بقلم جيسيكا ستيلمان Jessica Stillman، مساهمة في Inc.com
إن إحدى مزايا القيامِ بما أقومُ به منذ سنواتٍ عديدةٌ، إذ إن الأنماطَ تبدأ في البزوغِ أمامكَ. وعندما تقرأُ الكثيرَ عن الدّراساتِ الجديدةِ وأدواتِ النّجاحِ كما أفعلُ، ستلاحظِ عندما يتكرّرُ ظهورُ نتيجةٍ أو نصيحةٍ معيّنةٍ مرةً بعدَ مرةٍ. [1]
لذلك، عندما قرأتُ عنواناً يقولُ "دراسةٌ حولَ اليقظةِ الذّهنيّةِ: ممارسةُ التّعاطفِ مع الذّاتِ تقُلّل من نزواتِ الشّراءِ" على موقع PsyPost مؤخّراً، كانت أوّل أفكاري: " حقّاً؟ ذلكَ مثيرٌ للاهتمامِ."، وكانت الفكرةُ الثّانيةُ: "ألمْ أقرأ عن فوائدِ التّعاطفِ مع الذّاتِ عدّةَ مرّاتٍ من قبل؟"
بدأتُ في البحثِ في محفوظاتي والبحثِ عبر الإنترنت، وبالتّأكيد، قلَّبتُ مقالاً بعد مقالٍ، يشيرُ جميعهم إلى نفسِ الاتّجاه؛ أنّ شيئاً بسيطاً مثل إظهارِ بعض التّعاطفِ لذاتكَ يُمكن أن يكونَ له كبيرُ الأثرِ، ليس فقط على صحتك النفسية، ولكن أيضاً على مجموعةٍ متنوّعةٍ من النّتائجِ التي يهتمُّ روّادُ الأعمالِ بها، بدءاً من التّغلّبِ على التّسويفِ إلى زيادةِ الأداءِ في العملِ. غادرتُ هذا المشروع الصّغير بانطباع واضحٍ أنّ التّعاطفَ مع الذّاتِ قد يكون دواءً عجيباً مجهولاً للصّحّةِ النّفسيّةِ.
حزمة كبيرة من الدراسات تشير جميعها في نفس الاتجاه
إذا بدا ذلكَ كادّعاءٍ جريءٍ، فدعني أشرحُ لكَ بعضَ هذه الدّراساتِ. في عام 2016م، كتبتُ عن كتابٍ للباحثةِ في ستانفورد إيما سيبالا Emma Seppala بعنوان "مسارُ السّعادة". كما يوحي الاسم، يُوضّحُ ما أظهرته آخر الأبحاثِ آنذاك حولَ العلاقةِ بين السّعادةِ والنّجاحِ (ملخص: تُظهر مجموعةٌ ضخمةٌ من العلومِ أن تنميةَ السّعادةِ يُساعدكَ في تحقيقِ المزيدِ من النّجاحِ).
معرفةُ أنّ التّفاؤلَ والعقليّةَ الإيجابيّةَ تُساعدكَ في الوصولِ إلى طريقِ النّجاحِ أمرٌ مثيرٌ للاهتمامِ. ولكن بالنّسبةِ لأولئك الذين لا يتمتّعون بمزاجٍ مرحٍ بالفطرةِ، يطرحُ ذلك سؤالاً مهمّاً. ما الذي يجبُ عليّ بالضّبطِ فعله بهذه المعلوماتِ؟ سيبالا قدمت اقتراحاً بسيطاً: حاول أن تكونَ أكثرَ سعادةً من خلالِ ممارسةِ التّعاطفِ مع الذّاتِ، وسيساعدكَ ذلك على تحقيقِ المزيدِ من النّجاحِ.
شاهد أيضاً: لماذا يمكن للتعاطف مع الذات أن يدفعك للنجاح، مدعوماً بالعلم
لقد أظهرت البحوثُ القوّة الهائلة للتّعاطفِ مع الذّاتِ، والتّعاطف ليس فقط لرفاهيتنا الشّخصيّةِ، ولكن أيضاً لحياتنا المهنيّةِ، كتبت سيبالا: "الانتقادُ الذّاتيُّ هو في الأساسِ تخريبُ الذّاتِ، بينما التّعاطفُ مع الذّاتِ؛ أي معاملةُ نفسكَ بالفهمِ، واليقظةِ، واللّطف، كما تعاملُ صديقاً، ممّا يؤدّي إلى مرونةٍ وإنتاجيّةٍ ورفاهيّةٍ أكبر بكثيرٍ".
قد يكونُ هذا هو أوّل تصادف لي مع علمِ التّعاطفِ مع الذّاتِ، ولكنّه لم يُكن الأخيرَ. فقد ركّزتُ أيضاً على بحوثٍ تُبينُ أنّ إظهارَ بعضَ التّعاطفِ لذاتكَ بعد فترةٍ من التّسويف، يِساعدكَ على الخروجِ من دورةِ اللّومِ الذّاتي والبدءِ من جديدٍ. وهذا الصّيفُ فقط، ركّزتُ على نصيحةٍ من عالمٍ نفسيٍّ في جامعةِ ييل، مفادها أنّه إذا كنتَ تبحثُ عن تحقيقِ أداءٍ متميّزٍ في أيّ مجالٍ، يجبُ أن تتحدّثَ مع نفسكِ كصديقٍ حنونٍ، وليسَ كضابطٍ عسكريٍّ لا يرحمُ.
وقد أبدت برينيه براون، النّجمةُ في منصّةِ TED ومعالجةٌ معتمدةٌ من قبل أوبرا، موافقتها على ذلكَ. وأكّدت في بودكاست تيم فيريس Tim Ferriss إنّه على الرّغم من أنّ ضربَ نفسك نفسيًا قد يمنحكَ تحسناً مؤقتاً في الأداءِ، إلّا أنّ هذا النّهجَ لا يدومُ طويلاً. وأكّدت براون أنّك إذا كنتَ ترغبُ حقّاً في تغييرِ حياتكَ، فيجبُ عليكَ أن تحبَّ نفسكَ أولًا.
وماذا عن الادّعاءِ الذي يبدو غريباً نوعاً ما على موقع PsyPost بأنّ التّعاطفَ مع الذّاتِ يُمكن أن يساعدَ حتّى في شؤونكَ الماليّةِ؟ هذا يسلّطُ الضّوءَ على دراسةٍ جديدةٍ في الصّين تُبيّنُ أنّ النّاسَ غالباً ما يعانون من نزواتِ شراءٍ عندما يشعرون بانخفاضٍ في تقديرِ أنفسهم، ويبحثون عن تعزيزٍ لثقتهم بأنفسهم. هذه، بالطّبع، استراتيجيةٌ سيئةٌ بالنّسبةِ لكلٍّ من تقدير الذات الدّائمِ، والتّعقلِ الماليّ. ما الحلُّ الّذي اقترحوه؟ لا بدّ أنّك حزرتَ؛ التّعاطفُ مع الذّاتِ.
"من المُرجّحِ أنّه عندما يُصبحُ النّاسُ أكثر تعاطفاً مع الذّاتِ، ستقِلُّ حاجتهم للبحثِ عن هدفهم وهويّتهم في تملُّك الأشياءِ، لذا سيكونون أقلّ ماديّةً"،كما كتبَ الباحثون في الدّراسةِ، وكونهم أقلّ ماديةً يؤدّي إلى شراءٍ أقلّ للأشياءِ عديمةِ الجدوى الّتي نندمُ على شرائها في وقتٍ لاحقٍ.
كيف تتعلّم التعاطف مع الذات؟
إذا أقنعكَ هذا المدُّ الهائلُ من الدّراساتِ وتعليقاتِ الخبراءِ بقيمةِ التّعاطفِ مع الذّاتِ، فإنّ السّؤالَ المنطقيّ التّالي الّذي يجبُ طرحه: هو كيف يُمكنكَ تنميته؟ تعرض سيبالا مجموعةً من النّصائح، بما في ذلك ملاحظةُ الحديثِ السّلبيّ مع الذّاتِ، والتّحدثُ إلى نفسكَ كما تتحدّثُ إلى صديقٍ، وتأليفُ مقولةٍ عن التّعاطفِ مع الذّات لتذكّرَ نفسكَ بالتزامكَ بمبدأ اللّطفِ في لحظاتِ التّوترِ، وتدريباتٍ على الامتنانِ. ويُمكنك قراءةُ المزيدِ عن كلِّ هذه الأفكارِ هنا here.
الكثيرُ من الجهاتِ الرّسميةِ الأخرى بدءاً من هارفارد هيلث Harvard Health إلى شركاتِ التّدريبِ النّاشئةِ مثل BetterUp إلى علماءِ علمِ الأعصابِ، يُقدّمون اقتراحاتٍ أُخرى. تحققّ من هذه التّشكيلة المتنوّعة من النّصائح، واعثر على ما ينجحُ معك، فالعلمُ يبدو متأكداً تماماً بأن تعلُّم اللّطف مع نفسك لن يجعلَ الحياةَ أكثر سعادةً فقط، بل سيحملُ معه مجموعةً كبيرةً من الفوائدِ النّهائيةِ المرغوبةِ جدّاً، بما في ذلكَ المزيد من النّجاحِ والثّقةِ وحتّى المالِ.