التقدير الإلكتروني في عصر العمل عن بعد
تعلّم كيفية استخدام الأدوات الرقمية للتعبير عن الامتنان في بيئة العمل الافتراضية
في عالمنا الرّقميّ المُتسارعِ، حيثُ تتخطّى حدودُ العملِ جدرانَ المكاتبِ، يزدادُ سحرُ التقدير الرقمي، ففي ظلّ انتشارِ الموظّفين وتباعدِ مواقعهم، بات التّقديرُ الفعّالُ بمثابةِ نغمةٍ ساحرةٍ تُلامس مشاعرَ الموظّفين، وتُعزّز انتماءهم لعملهم وإبداعهم، ممّا يُسهمُ بدورهِ في رفع إنتاجيّتهم وتحقيقِ أفضل النّتائج. فما هي أهميّة التقدير الرقمي في عصر العمل عن بعد، وما هي الأدواتُ الفعّالةُ في تطبيقهِ؟ لمعرفةِ المزيدِ من التّفاصيل، تابع معنا سطور هذا المقال حتّى نهايتهِ.
الأدوات الرقمية للتقدير الإلكتروني
تتعدّدُ الأدواتُ الرّقميّةُ المُستخدمةُ في التقدير الإلكتروني، ويُمكن التّعرّفُ على أفضلها فيما يلي:
منصات الرسائل الفورية
هل تبحثُ عن منصّاتٍ رقميّةٍ تُضفي معنىً خاصّاً على رسائل التقدير؟ إليك بعض الأدواتِ الّتي ستدعمُ روحُ الفريق وتحفّز الإبداع:
منصةSlack : تُعدُّ Slack منصةً ممتازةً للتّواصلِ في الوقتِ الحقيقيّ والتّقدير، إذ تسمحُ لك بإنشاء قنواتٍ مُخصّصةٍ لدعمِ إنجازاتِ الفريقِ، ليشاركَ الأعضاء إبداعاتهم من خلالها، ويحصدَ كلّ منهم الثّناء والتّشجيع من بقيّة الزملاء، كما تُتيح سلاك استخدام الرّموز التّعبيريّة المُخصّصةِ وصور GIF لإضفاءِ اللّمسةِ الشّخصيّة الجذّابة على رسائل التقدير.
منصة Microsoft Teams: منصّةٌ أخرى مشابهةٌ لـSlack، إذ تُساعد Microsoft Teams في إنشاءِ قنواتِ الإنجازاتِ لعرض إبداعاتِ الفريق بالاعتمادِ على ميّزة قنوات "Praise" في Teams، حيث تُتيحُ لكَ كمستخدمٍ إرسال شاراتٍ ورسائل تقدير مباشرةً؛ لتلامسَ مشاعر زملائكَ آنيّاً، ممّا يُساهم في تركِ بصمتكَ الشّخصيّة وتقديركَ بأسلوبٍ إنسانيٍّ مميّزٍ.
Google Chat: عندَ استخدامكَ لـ Google Chat ستلاحظُ اندماجهُ السّلس مع أدوات Google Workspace الأُخرى، ممّا يُسهّل عليكَ إرسال رسائل تقدير مباشرةً أو التّعرف على إنجازاتِ زملائكَ في غرف المحادثات الجماعيّة. حيث يُمكن لفريق العمل البقاء على تواصلٍ فعّالٍ عن طريق إنشاء غرفٍ رقميّةٍ مُحدّدةٍ للدّردشة والاحتفاء بالإنجازات والشّعور بالتّقديرِ.
Trello: ليست فقط أداةً أو تطبيقً لإدارة المشاريعِ، بل هي أيضاً منصّةُ تواصلٍ فعّالةٌ، تُتيحُ لك التّواصل مع أعضاءِ فريقكَ بسهولةٍ وفعاليّةِ. كما تلعبُ دوراً أساسيّاً في تعزيز التّرابط بين زملاء العمل من خلال التّعليقات وقوائم المراجعة واللّوائح المُشتركةِ، ممّا يسمحُ بالتّعبير عن الشّكرِ والتّقدير بسهولةٍ وبساطةٍ.
الرسائل الشخصية
يُعدُّ إرسالَ رسائل شخصيّةٍ طريقةً بسيطةً، لكنّها فعّالة للتّعبير عن امتنانكَ، فبدلاً من تقديمِ رسائلِ الشّكر العامّة، خصّص رسالتكَ لتسليطِ الضّوء على المُساهماتِ والجهودِ المُحدّدةِ، كذلك أرسل عبارات شكرٍ نابعةً من القلبِ باستخدامِ البريدِ الإلكترونيّ أو منصّات المراسلةِ المباشرةِ، مثل: Slack أو Teams. على سبيل المثال، يُمكن استخدام النّموذج التّالي: "مرحبَا [الاسم]، وددتُ أن أشكركَ شخصيّاً على العملِ الرّائعِ الذي قُمتَ به في مشروعكَ الأخيرِ، إذ ساهمَ تفانيكَ ونهجكَ المُبتكرُ بشكلٍ كبيرٍ في نجاحنا. استمرّ في العملِ الرّائع!"
التقدير الجماعي
يُعزّز التقدير الجماعي شعورَ الانتماءِ للمجتمعِ والنّجاحِ المُشتركِ؛ لذا ابدأ بإنشاء قنواتٍ أو مجموعاتٍ خاصّةٍ داخل نظامكَ الرّقميّ الخاصّ بكَ، حيث يُمكن لأعضاء الفريق مشاركةُ إنجازاتهم وتلقّي الثّناء من المجموعة. إضافةً لذلك، احرص على تحديثِ هذه القنواتِ بانتظامٍ مع أبرز ما يُقدّمهُ الفريق لضمان الاعترافِ بمساهمةِ الجميعِ. مثلاً، يُمكن استخدامُ التّالي: "تهانينا للفريقِ بأكملهِ على تحقيقِ أهدافنا الرّبع سنويّة! تحيّة خاصّة لـ [الاسم] لقيادتهِ المُبادرة و[الاسم] لدعمهِ المُمتاز؛ فلنحافظ على هذا الحماسِ في العملِ!"
أمثلة على ممارسات التقدير الإلكتروني الفعالة
لقد أصبحَ من الضّروريّ الاعتماد على ممارسات ِالتقدير الإلكتروني الفعّالةِ؛ لشحذِ همّة الموظّفين، تماشياً مع العملِ عبر الإنترنت وحرصاً على الحفاظِ على بيئة عمل متوازنةٍ ودعم روحِ الفريقِ الواحدِ، بالرّغم من التّباعدِ المكانيّ، وقد اخترنا لكم بعض الأمثلةِ حولَ هذه المُمارساتِ فيما يلي:
دراسة حالات من الشركات الناجحة
يُمكنُ لدراسةِ آليّة تطبيقِ الشّركاتِ النّاجحةِ للتقدير الإلكترونيّ، أن تُوفّرَ رؤىً قيّمةً. على سبيل المثال، تستخدمُ شركاتٌ، مثل: Zapier، المعروفةِ بثقافةِ العمل عن بعد، أدواتٍ مثل Slack وTrello للتعرّف على إنجازات الموظّفين والاحتفال بها بانتظامٍ، كما تُوضّحُ هذه الدّراساتُ التّأثير الإيجابيّ للتّقدير الرّقميّ على معنويّات الموظّفين ومشاركتهم.
فها هي شركةُ Buffer تستخدمُ قنواتِ Slack المُخصّصةَ للاحتفال بالنّتائج والإنجازاتِ، وتعزيزِ الشّعور القويّ بالعملِ الجماعيّ بين أعضاء فريقها العامل عن بُعدٍ. ناهيكَ عن دور التّحيّاتِ المُنتظّمةِ وردود الفعلِ التّعبيريّة في تعزيزِ شعورِ التّقدير والتّحفيز لدى هؤلاء الموظّفين.
أمثلة من الحياة الحقيقيّة
في بعضِ الأحيانِ، يُمكن أن تُلهمَ مشاركةُ الأمثلةِ الواقعيّةِ، المُنظّمات الأُخرى في تبنّي ممارساتٍ مماثلةٍ. وهذا من خلال تسليطِ الضّوء على حالاتٍ مُحدّدةٍ كان فيها تأثيرٌ كبيرٌ للتقدير الرقمي على رضا الموظّفين وإنتاجيّتهم. على سبيل المثال، في شركةِ XYZ Corp، زادت مُشاركةُ الموظّفين بنسبة 20% في غضونِ 6 أشهرٍ بعدَ إدخالِ قنوات Kudos في Microsoft Teams، كما أعربَ الموظّفون عن شعورهم بالتّواصل والتّقدير بنسبةٍ أعلى، ممّا أدّى إلى خلق بيئة عملٍ أكثر إيجابيّةً.
تخصيص التقدير الرقمي ليناسب كل موظف
ممّا لا شكّ فيه أثّر التقدير الرقمي في رفعِ معنويّات الموظّفين وتحفيزهم، لكنّه سيحقّقُ نتائج أفضل عند تخصيصه ليناسبَ كلّ موظّفٍ. ولتحقيقِ ذلكَ لا بدّ من اتّباع ما يلي:
الأسلوب الشخصي
جرّب إضافةَ لمساتكَ الشّخصيّة إلى جهودكَ في التقدير الرقمي، ولاحظ التّأثيرَ الكبيرِ لذلكَ، كذلكَ فكّر في استخدام الرّسومات الشّخصيّة أو الميمات أو حتّى رسائل الفيديو القصيرة للتّعبير عن الامتنان، إذ ستُظهرُ هذه العناصرُ الإبداعيّةُ أنّكَ تبذلُ جهداً في التّقدير وتجعلهُ أكثر أهميّةً. على سبيلِ المثالِ، استخدم أداةً مثل Loom لإنشاء رسالة فيديو قصيرةٍ؛ لشكر الموظّفين شخصيّاً على عملهم الشّاق، فهذا سيضيفُ عنصراً بصريّاً وسمعيّاً إلى التّقدير، ممّا يجعلهُ لا يُنسَ أبداً.
التقدير المتكرر والمتنوع
إنّ الحفاظَ على التّوازن بين التّقدير الرّسميّ وغير الرّسميّ، سيحافظُ على التّقدير حيويّاً وتفاعليّاً؛ لذا امزج أسلوبكَ باستخدامِ أدواتٍ ومنصّاتٍ مختلفةٍ للتّعرّف على الإنجازاتِ بشكلٍ مُنتظمٍ، ولتعلمَ أنّ هذا التّنوع سيضمنُ لكَ عدم شعورِ الموظّفين بالإهمالِ ويُبقيهم مُتحفّزين دوماً. على سبيل المثال، استخدم مزيجاً من التّحيّات الأسبوعيّة في اجتماعات الفريقّ، والمكافآت الشّهريةِ في إعلاناتِ الشّركةِ، ورسائل الشّكر العفويّة على منصّات المُراسلةِ الفوريّة.
أهمية التقدير الرقمي
تكمنُ أهميّة التقدير الرقمي في تعزيزِ الرّوح المعنويّة لأعضاءِ فريقِ العمل عن بعد، كما يساهمُ التّقدير والثّناء في إيجادِ بيئة عملٍ إيجابيّةٍ ومتوازنةٍ، فضلاً عن تحسينِ الإنتاجيّة من خلالِ توفيرِ وزيادةِ الحافزِ والشّعورِ بالانتماءِ للبيئةِ الصّحيّةِ، ناهيكَ عن الدّور المُباشر لاستراتيجيّة التّقدير في بناءِ وتعزيزِ الثّقة بالنّفس لدى الفريقِ؛ للانطلاقِ نحو الإبداعِ بخطىً ثابتةً، وبالتّالي تعميق ولاء الموظّفين أكثر وأكثر لمكانِ عملهم.
الفوائد طويلة الأمد للتقدير الإلكتروني
لا تنحصرُ مزايا التقدير الرّقمي في كونهِ مُجرّد وسيلةٍ لتحسينِ ودعمِ فريق العمل عن بعد لفترةٍ محدودةٍ، بل يتجلّى دورهُ الأساسيّ على المدى البعيد في تحقيق جملةٍ من الفوائد الإيجابيّة التّالية:
تحسين ولاء الموظفين
سيعملُ التقدير الرقمي المُنتظم والصّادق على زيادةِ ولاء الموظّفين، فعندما يشعرُ الموظّفون بالتّقديرِ والتّكريمِ، فمن المُرجّحِ تمسّكهم بالشّركة وبقاءهم فيها، ممّا يُقلّلُ من معدّل دوران الموظّفين ويُعزّز من بيئة العمل المُستقرّةِ. على سبيل المثال: أظهرت الأبحاثُ أنّ معدّلات الاحتفاظ بالموظّفين أعلى في الشّركات التي لديها برامج تقديرٍ قويّة، إذ غالباً ما يؤدّي الالتزام بالتقدير الرقمي إلى إيجاد قوّةِ عملٍ مُخلصةٍ ومُلتزمةٍ.
تحسين تعاون الفريق
يُعزّز التقدير الرقمي من ثقافةِ الثّقة والتّعاون، فعندما يرى أعضاء فريقكَ تقديرَ زملائهم لمساهماتهم، فإنّ ذلكَ سيشجّعهم على العملِ معاً بشكلٍ أكثر فعاليّةً، وسيدعمُ جهودَ بعضهم البعضِ. على سبيل المثال، يُمكن تحفيزُ الفرقِ على التّواصل والتّعاون بشكلٍ أكبر، وبالتّالي تحسين الأداء العامّ من خلال تسليطِ الضّوء بانتظامٍ على الإنجازاتِ التّعاونيّة في المنصّات الرّقميّة.
التحديات والحلول
يُساعدُ التقدير الرقمي بشكلٍ كبيرٍ على إيجادِ بيئة عملٍ ناجحةٍ مع تعزيزِ التّرابطِ بين أعضاءِ الفريقِ الواحدِ عن بعدٍ، لكنّه يُمرُّ ببعضِ التّحديّاتِ الّتي قد تُعيقُ تقدّمهُ؛ لذا إليكم أهمّ تحديّات التقدير الإلكتروني مع الحلّ المناسبِ لكلّ منها:
معالجة مشاعر التجاهل
في العالمِ الافتراضيِّ، غالباً ما يشعرُ بعض الموظّفين بالتّجاهل أو الإهمالِ مباشرةً. ولمواجهة ذلكَ، تأكّد من أنّ جهودَ التّقدير الخاصّة بك شاملةٌ وتصلُ إلى جميعِ أعضاءِ فريقكَ، كذلك راقب التّقديراتِ وأدرها بشكلٍ منهجيٍّ باستخدام الأدواتِ الرّقميّة؛ لضمانِ عدم استبعادِ أيّ شخصٍ من التّقديراتِ.
الحل: تنفيذُ نظام تتبّعٍ للتّقدير باستخدامِ أدواتٍ، مثل Trello أو Asana، أيضاً راجع وحدّث قائمةَ التّقدير الخاصّة بكَ بانتظامٍ؛ لضمانِ الاعترافِ بجميعِ الموظّفين بشكلٍ عادلٍ.
في متناول جميع الموظفين
قد يكونُ لدى الموظّفين تفضيلاتٌ مختلفةٌ لأدواتِ التّواصلِ؛ لذلك تحقّق من وصولِ جهودِ التقدير الخاصّة بكَ إلى الجميع على منصّاتٍ مختلفةٍ، بغضّ النّظر عن طريقةِ التّواصل المُفضّلة لديهم.
الحل: استخدم نهجاً مُتعدّد القنواتِ يعتمدُ على دمجِ البريد الإلكتروني والرّسائل الفوريّة ومكالمات الفيديو ومنصّات التّواصل الاجتماعي؛ لضمانِ التّغطيةِ الشّاملةِ.
مستقبل التقدير في بيئات العمل المختلطة
في ظلّ تزايد انتشارِ بيئاتِ العملِ المُختلطةِ، حيثُ يعملُ الموظّفون من المكتبِ ومن المنزلِ، ستلاحظُ تغيّراً في طبيعةِ التّواصلِ بين الموظّفين ومدرائهم، وفيما بينهم أيضاً، ممّا يتطلّبُ إعادةَ النّظرِ في ممارساتِ التّقدير التّقليديّة. وإليك أهمّ النّقاط الّتي من الضّروري التّركيز عليها لتحقيقِ النّجاح مستقبلًا:
التكيف مع النماذج المختلطة
تبقى الحاجةُ إلى الهويّة الرّقميّة أمراً بالغَ الأهميّة، على الرّغم من انتقال المؤسّسات إلى نماذجِ الأعمالِ المُختلطةِ؛ لذلكَ عليكَ المُتابعةُ في استخدام الأدواتِ الرّقميّة؛ لضمان شعور الموظّفين العاملين عن بعد بالتّقديرِ والاحترامِ.
الرؤية المستقبلية
اعتمد على الأدواتِ التّكنولوجيّة والمنصّات النّاشئة الّتي تُسهّلُ التّقدير في بيئة العمل المختلطة؛ لضمانِ التّكاملِ السّلسِ والوصولِ السّهلِ لجميع الموظّفين.
الاتجاهات الناشئة
واكب الطّرقَ الجديدةَ والمُبتكرةَ لإظهار تقديرك رقميّاً فمع تطوّر التّكنولوجيا، تتطوّرُ أساليبُ التقدير أيضاً؛ لذا كُن استباقيّاً وتبنَّى هذه التّغييرات لضمان الحفاظ على أنشطة التّقدير؛ لتكونَ ذات صلةٍ وفعّالةَ. على سبيل المثال، يُمكنُ أن تكونَ منصّاتُ الواقع الافتراضيّ (VR) للاجتماعات والاحتفالات الجماعيّة هي الاتّجاه التّالي في مجالِ التقدير الرقمي، ممّا يُعطي فرصاً تفاعليّةً مثمرةً على صعيدِ تقديرِ الإنجازاتِ.
وختاماً، لا بدّ من التّذكير بدور التقدير الرقمي كأداةٍ فعّالةٍ لا يُمكنُ الاستغناء عنها لرفعِ معنويّات وهمّة الموظّفين، ليواكبوا التّطوراتِ المُتسارعةِ الّتي يشهدها فضاء العمل عن بعد؛ فباتّباعك لهذه الخطواتِ المنظّمةِ المُذكورةِ أعلاه، ستصبحُ رحلة التقدير رحلةً مفعمةً بالإبداع وذات تأثيرٍ ملفتٍ، بغضّ النّظر عن بيئة عملكَ.