الرئيسية المفاهيم التنافر المعرفي: كيف تؤثر التناقضات على تفكيرنا؟

التنافر المعرفي: كيف تؤثر التناقضات على تفكيرنا؟

تحدث حالةٌ من الاضطراب العقليّ عندما تتعارض معتقداتنا مع أفعالنا، ممّا يؤدّي إلى السّعي المستمرّ لتقليص التّوتر الدّاخليّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

التنافر المعرفي، أو ما يُعرف بـ"Cognitive Dissonance"، هو حالةٌ نفسيّةٌ تحدث عندما يواجه الفرد تناقضاً بين أفكاره ومعتقداته، وبين أفعاله أو ما يتعرّض له من معلوماتٍ، ممّا يؤدّي إلى شعورٍ بالضّيق العقليّ، وهو ما يدفع الشّخص إلى البحث عن طرقٍ للتّخفيف من هذا التّوتر الدّاخليّ، وقد يكون ذلك بتغيير المعتقدات أو إعادة تفسير السّلوكيّات. ببساطةٍ، يتجسّد التّنافر المعرفيّ في الصّراع الّذي يعايشه الفرد عندما يجد نفسه في مواجهة تناقضاتٍ غير مريحةٍ بين تصرفاته الشّخصيّة ووجهات نظره العقليّة.

ما هو مفهوم التنافر المعرفي؟

التنافر المعرفي هو مصطلحٌ في علم النّفس يصف الحالة الّتي يشعر فيها الفرد بالتّوتر أو القلق؛ نتيجة وجود تناقضٍ بين معتقداته أو قيمه وبين سلوكيّاته أو بين المعلومات الجديدة الّتي يتعرّض لها، وعادةً ما يسعى الإنسان للتّخلّص من هذا التّوتّر إمّا بتعديل سلوكيّاته لتتوافق مع معتقداته، أو بتغيير تلك المعتقدات لتتوافق مع سلوكيّاته.

تُعتبر هذه الظّاهرة جزءاً من آليّة الدّفاع النّفسيّ الّتي تساعد الإنسان على تقليل التّوتر العقليّ، وسُمّي هذا المفهوم لأوّل مرّةٍ في خمسينيّات القرن الماضي على يد عالم النّفس الأمريكيّ ليئون فيستنغر. ومن خلال أبحاثه، توصّل إلى أنّ الأفراد لا يستطيعون تحمّل التّناقض بين أفكارهم وسلوكيّاتهم لفتراتٍ طويلةٍ، وأنّهم يسعون لتقليص هذا التّوتر من خلال اتّخاذ إجراءاتٍ فوريّةٍ لتصحيح الوضع.

أسباب حدوث التنافر المعرفي

  • التّضارب بين القيم الشّخصيّة والسّلوكيّات: عندما يقوم الفرد بسلوكٍ يتعارض مع قيمه أو مبادئه الشّخصيّة، مثل: التّدخين رغم معرفة أضراره الصّحيّة، قد ينشأ التنافر المعرفي.

  • التّعرّض لمعلوماتٍ جديدةٍ تتناقض مع المعتقدات الرّاسخة: من الممكن أن يظهرَ التنافر المعرفي عند التّعرّض لمعلوماتٍ جديدةٍ تتناقض مع المُعتقدات القديمة، ممّا يدفع الفرد لإعادة النّظر في أفكاره.

  • الاختيار بين خياراتٍ متناقضةٍ: يُمكن أن يظهرَ التنافر المعرفي عندما يضطرّ الشّخص للاختيار بين خياراتٍ يتعارض كلٌّ منها مع رغباته أو احتياجاته الدّاخليّة.

كيفية تأثير التنافر المعرفي على القرارات والسّلوك

  • التّعديل الذّاتيّ للمعتقدات: كثيراً ما يلجأ الأفراد إلى تعديل معتقداتهم أو آرائهم لتتناسب مع أفعالهم. فمثلاً، الشّخص الّذي يعرف أنّ التّدخين مضرٌّ، ولكنّه يستمرّ فيه، قد يبدأ في تبنّي أفكار تُبرّر له سلوكه، مثل: التّدخين ليس أخطر من أشياء أخرى.

  • الإنكار أو التّقليل من أهميّة التّناقض: في بعض الأحيان، يختار الأفراد إنكار التّنافر أو التّقليل من أهميّته، وقد يقلّل الشّخص الّذي يتّسم بالسّلوك غير الصّحيّ من أهميّة مخاطره قائلاً: "الجميع سيموت في النّهاية، فلماذا القلق؟".

  • تغيير السّلوك لتقليص التّوتر: بدلاً من تغيير المعتقدات، قد يسعى الفرد لتغيير سلوكه ليتماشى مع ما يُؤمن به. فعلى سبيل المثال، قد يُقرّر الشّخص الّذي يعتقد أن التّدخين ضارٌ أن يقلع عن التّدخين في محاولةٍ للتّخفيف من التّنافر.

دور التنافر المعرفي في الحياة اليوميّة

لا يظهر التنافر المعرفي فقط في الحالات الّتي تتعلّق بالقيم الشّخصيّة والأخلاقيّات، بل أيضاً في الاختيارات اليوميّة الّتي نتّخذها. مثلاً، عندما يختار الشّخص بين وظيفةٍ بأجرٍ أعلى، لكنّه لا يحبّها، وبين وظيفةٍ أُخرى أقلّ أجراً، ولكنّه يشعر فيها بالرّاحة، سيشعر بتنافر معرفي قد يؤدّي به إلى اتّخاذ قرارٍ صعبٍ قد يوازن بين الرّغبات والأفعال.

التنافر المعرفي هو حالةٌ ذهنيّةٌ قد تبدو بسيطةً في ظاهرها، لكنّها تحمل تأثيراً كبيراً على قرارات الأفراد وسلوكيّاتهم؛ إنّها عمليّةٌ نفسيّةٌ تفاعليّةٌ تٌشكّل جزءاً كبيراً من كيفيّة تعاملنا مع الضّغوط النّفسيّة والصّراعات الدّاخليّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: