التوتر الإيجابي: دافعٌ خفيٌّ نحو النجاح والتحفيز!
قد يكون التّحفيز النّاتج عن الضّغوط المعتدلة مفتاح النّموّ والتّطوّر، حيث يخلق دافعاً للإنجاز دون أن يتحوّل إلى عبءٍ ينهك العقل والجسد
![images header](https://incarabia.awicdn.com/site-images/sites/default/files/default_image_inc_arabia.jpg?preset=v4.0_770X577&save-png=1&rnd=1519151RND220215)
التوتر الإيجابي، أو ما يُعرف بـ"Eustress"، حالةٌ ذهنيّةٌ تُحفّز الفرد على الإنجاز دون أن تؤدّي إلى الإرهاق، إذ يُشكّل هذا النّوع من التّوتر دافعاً يدفع الإنسان للخروج من منطقة الرّاحة، وتحقيق أهدافه بكفاءةٍ أعلى. على عكس التوتر السلبي الّذي يسبّب القلق والتّراجع، يعدّ التوتر الإيجابي قوّةً دافعةً نحو التّطوّر والنّموّ الشّخصيّ والمهنيّ.
ما هو التوتر الإيجابي؟
يُعرَّف التوتر الإيجابي بأنّه نوعٌ من الضّغوط المحفّزة الّتي تساعد على تحسين الأداء وزيادة التّركيز والإنتاجيّة. مع العلم، صاغ هذا المصطلح عالم النّفس هانز سيلي، حيث فرّق بين التوتر السلبي الّذي يسبّب الإرهاق والتوتر الإيجابي الّذي يعزّز الدّافعيّة لتحقيق الأهداف. كما يمكن أن ينشأ التوتر الإيجابي في مواقف، مثل: التّحديات المهنيّة، والمواعيد النّهائيّة، والتّجارب الجديدة الّتي تتطلّب جهداً إضافيّاً.
فوائد التوتر الإيجابي في الحياة اليومية
يؤدّي التوتر الإيجابي دوراً رئيسيّاً في تعزيز الإنجازات والقدرات، ومن أبرز فوائده:
- تعزيز الأداء الوظيفيّ: يساعد على زيادة التّركيز والإنتاجيّة في بيئة العمل.
- تحفيز النّموّ الشّخصيّ: يدفع الأفراد إلى تجربة أشياء جديدةٍ وكسر الرّوتين.
- زيادة القدرة على التّكيف: يجعل الإنسان أكثر استعداداً لمواجهة التّحديّات وتحويلها إلى فرصٍ.
- تحسين الصّحة النّفسيّة: يخلق شعوراً بالإنجاز والثّقة بالنّفس عند تحقيق الأهداف.
- تعزيز القدرة على اتّخاذ القرار: يزيد من سرعة ودقّة القرارات تحت الضّغط.
كيف يختلف التوتر الإيجابي عن التوتر السلبي؟
يمنح التوتر الإيجابي الشّخص دافعاً للإنجاز والتّطوّر، حيث يساعد على تحسين التّركيز ورفع مستوى الأداء في مواجهة التّحديّات، إذ إنّه النّوع من التّوتر الّذي يدفع الإنسان إلى تجاوز حدوده الاعتياديّة، ويحفّزه على الابتكار واتّخاذ خطواتٍ جريئةٍ نحو تحقيق الأهداف. في بيئات العمل، مثلاً، يُمكن أن يكون التوتر الإيجابي عاملاً محفّزاً لإتمام المشاريع بكفاءةٍ، بينما في الحياة الشّخصيّة، قد يكون محرّكاً لخوض تجارب جديدةٍ وتطوير مهاراتٍ غير مكتشفةٍ.
أمّا التوتر السلبي، فيختلف تماماً من حيث التّأثير، إذ يتسبّب في حالةٍ من القلق المستمرّ، ويُشعر الفرد بالإرهاق والضّغط الزّائد، ممّا يؤدّي إلى انخفاض مستوى الأداء بدلاً من تحسينه، فعندما يتحوّل التّوتر إلى عبءٍ نفسيٍّ يصعب تحمله، يبدأ الشّخص بفقدان القدرة على اتّخاذ القرارات بفعاليّةٍ، وقد يتأثّر نومه وصحّته الجسديّة.
شاهد أيضاً: النظرية المعرفية: كيف تُفسِّر عمليّات التّفكير؟
متى يتحول التوتر الإيجابي إلى ضغط مرهق؟
رغم فوائده التّحفيزيّة، فإنّ التوتر الإيجابي قد ينقلب إلى عامل ضغطٍ مرهقٍ إذا لم يتم التّعامل معه بحذرٍ، فعندما يصبح الشّخص محاصراً بمتطلّباتٍ متزايدةٍ دون فترات راحةٍ كافيةٍ، يبدأ التوتر بفقدان تأثيره الإيجابي ويتحوّل إلى عبءٍ ثقيلٍ، فقد يشعر الفرد بأنّه مجبرٌ على مواصلة العمل دون توقّفٍ، ممّا يؤدّي إلى استنزاف طاقته العقليّة والجسديّة، ويقلّل من استمتاعه بإنجازاته.
كما يحدث التّحوّل إلى ضغطٍ سلبيٍّ عندما يُصبح الشّخص مهووساً بالإنتاجيّة ولا يسمح لنفسه بالتّوقّف، حتّى عندما يكون بحاجة إلى استراحةٍ، وإذا بدأ التوتر بالتّسبّب في اضطرابات النّوم، أو الشّعور بالإرهاق الدّائم، أو التّأثير على الصّحة العامّة، فهذا مؤشّرٌ على أنّه تجاوز حدوده الصّحيّة. ومن الضّروري حينها التّوقف قليلاً، وإعادة التّوازن بين العمل والرّاحة للحفاظ على التأثير الإيجابي للتوتر دون السّقوط في فخّ الإرهاق المزمن.
استراتيجيات تحقيق التوازن بين التوتر الإيجابي والراحة
للاستفادة القصوى من التوتر الإيجابي دون السّقوط في فخّ الضّغط السّلبيّ، يُمكن اتّباع هذه الاستراتيجيّات:
- إدارة الوقت بفعاليّةٍ: تحديد الأولويّات وتقسيم المهامّ الكبيرة إلى خطواتٍ صغيرةٍ قابلةٍ للتّنفيذ.
- تخصيص وقتٍ للرّاحة: ممارسة التّأمل، والمشي في الهواء الطّلق، أو تخصيص وقتٍ للهوايات.
- تنمية العقليّة الإيجابيّة: التّركيز على الإنجازات بدلاً من الضّغوط، والنّظر إلى التّحديات كفرصٍ للتّطوّر.
- ممارسة التّمارين الرّياضيّة: تساعد التّمارين على تخفيف التّوتر وزيادة الطّاقة الإيجابيّة.
- التّواصل مع الآخرين: طلب الدّعم من الأصدقاء والزّملاء عند الشّعور بالإرهاق.
التوتر الإيجابي قوةٌ دافعةٌ تساعد على تحقيق الأهداف وتعزيز النّموّ الشّخصيّ والمهنيّ، لكنّه يحتاج إلى توازنٍ دقيقٍ حتّى لا يتحوّل إلى ضغطٍ مفرطٍ، فالمفتاح هو إدراك متى يكون محفّزاً ومتى يصبح مرهقاً، واتّخاذ خطواتٍ للحفاظ على الصّحة النّفسيّة والجسديّة أثناء السّعي للنّجاح.