الجرأة والاستثمار: استراتيجية Warren Buffett في الأزمات
يمكن للجرأة والتفكير المعاكس للمألوف أن يكونا مفتاحك للنجاح في الأوقات الاقتصادية الصعبة، لذلك استلهم من استراتيجية جورج كوستانزا ووارن بافيت لتحويل التحديات إلى فرص ذهبية
تُعدُّ تلك الحلقة من "سينفيلد" من أطرف اللَّحظات وأعمقها بصيرةً، في المقهى المعتاد، يُلقي جورج بشكواه من مسار حياته البائس، وعندما تقترب النَّادلة لتناول طلبهم، تقول لجورج: "تونة على الخبز المحمَّص، كولسلو، وفنجان قهوة".
يتردَّد جورج ثمَّ يجيب: "نعم. لا، انتظر... لطالما اخترت سمك التُّونة على الخبز المحمَّص، ولم يجلب لي ذلك أيُّ نجاحٍ يُذكر، وأرغب بالضَّبط في نقيض سمك التُّونة على الخبز المحمَّص!"
يستنتج جورج بعدها أنَّ تكرارَ نفس التَّصرُّفات أوصله دائماً إلى نفس النَّتائج، ومن ثمَّ، يبدو الحلُّ واضحاً بالنِّسبة له: فعل العكس، بناءً على هذا الإدراك، يتَّجه نحو امرأةٍ ألقت عليه نظرةً مبتسِّمة، ويقول: "مرحباً، اسمي جورج، أعيش مع والديّ"، تردُّ هي بابتسامةٍ مشرقةٍ: "تشرَّفت بلقائك، أنا فيكتوريا!"
يتَّبع جورج هذا المسار وتبدأ الأمور بالتَّحسُّن له، حين يقرُّر فعل العكس. وكما قد يعلِّق لاري ديفيد، الشَّخصيَّة الواقعيَّة وراء شخصيَّة جورج، "رائعٌ! جميلٌ! ممتازٌ!"
لقد أمضيت أكثر من عشرين عاماً في الكتابة عن الشركات الصغيرة والتَّحدِّث معها، وقد شهدت خلال هذه المدَّة الطَّويلة كلَّ شيءٍ: من النَّجاح إلى الفشل، من الخوف إلى الشَّجاعة، ومن الذَّكاء إلى الغباء، وفي أوقات الشِّدَّة الاقتصاديَّة كالتي نعيشها، تبرز بعض الشَّركات الصَّغيرة بقراراتها الجريئة والذَّكيَّة، بينما يغرق الكثير منها في اتِّخاذ قراراتٍ سيئةٍ وقصيرة النَّظر، مدفوعة أساساً بالخوف.
من الطَّبيعي أن تتجه العديد من الشَّركات الصَّغيرة إلى التَّقلُّص وخفض النَّفقات في وجه الغموض الاقتصاديِّ، إذ يخفِّضون المصروفات، ويقلِّصون الإنفاق، ويحصِّنون أنفسهم في انتظار زوال العاصفة؛ ليبدؤوا بعدها في الإنفاق والتَّسويق بقوَّة والاستثمار في التَّطوير، لكنِّي هنا لأخبركم بأمرٍ: يجدر بكم التَّفكير جديَّاً في فعل العكس تماماً.
التَّجارب والبيانات علّمتني أنّ روَّاد الأعمال الأذكياء هم أولئك الَّذين يستطيعون رؤية الفرص الهائلة الكامنة في أوقات الاقتصاد الصَّعبة، ولكن لا تأخذوا بكلامي فحسب، بل اعتبروا ما قاله وارن بافيت نفسه عن القيام بالعكس، نعم، هو يتحدَّث عن الاستثمار، ولكن ما هي أهداف استثمارات بافيت؟ بالطَّبع، الشَّركات.
"أولئك الَّذين يستثمرون عندما يكون التَّفاؤل هو لغة العصر يجدون أنفسهم في نهاية المطاف يدفعون ثمناً باهظاً مقابل طمأنينةٍ بلا قيمةٍ".
"نحن نخصُّص أموالاً ضخمةً للعمل خلال الأوقات المضطربة، إنِّها الفترة المثاليَّة للمستثمرين، حيث يصبح مناخ الخوف أفضل حليفٍ لهم، والفرص الكُبرى لا تأتي إلا نادراً؛ ولذا، عندما 'يمطر ذهباً'، استخدموا دلواً وليس مظلَّةً".
في عام 2008، استطاع بعض روَّاد الأعمال الأذكياء أن يروا "فرصةً كبيرةً" في زمن ما أطلق عليه الرُّكود الكبير، حيث كان العموم ينظر إلى الوضع بعين اليأس والكآبة:
- في 2009، أدرك جان كوم وبراين أكتون، الخريجان من ياهو، حاجة النَّاس حول العالم إلى طريقة اتِّصالٍ أفضل وأرخص وأكثر أماناً، ومن هنا، أطلقا واتساب.
- دائماً ما كانت الرُّسوم تشكِّل عائقاً لطلاب الجامعات، ولذلك أنشأ زميلان في الكليَّة، إكرام ماجدون إسماعيل وأندرو كورتينا، تطبيقاً للدَّفع الرَّقمي في 2009 بدون رسوم، أسمياه Venmo.
- في ليلةٍ باردةٍ من عام 2009 في باريس، لم يتمكَّن ترافيس كالانيك وغاريت كامب من إيجاد تاكسي، وهذه الحادثة ألهمتهم لتأسيس أوبر.
إذاً، الجرأة تحتلُّ مكانتها، خاصةً في هذا الوقت، وبالنِّسبة للشَّركات الصَّغيرة، يُمكن أن يتجلَّى ذلك في شكلين ذكيّين:
أولاً، ضاعفوا من جهود التَّسويق: تتوصل الشَّركات الصَّغيرة عادةً إلى عدَّة طرقٍ لجذب العملاء، لكنَّها تتوقَّف عن تنفيذها عمليَّاً، وإمَّا لأنَّ الطَّريقة فقدت فعاليتها، أو لأنَّ الأزمة تغلَّبت على ما كان ناجحاً في الماضي.
ثانياً، استثمروا في فريقكم: إذا استثمرتم في فريق عملكم -بتزويدهم بالدَّعم والتَّدريب والتَّقييمات اللَّازمة، وإذا ساعدتموهم على اكتساب مهاراتٍ جديدةٍ وكنتم موجودين من أجلهم- فسيكونون هناك من أجلكم.
شاهد أيضاً: لماذا منع Jeff Bezos برنامج PowerPoint في أمازون؟ درس في كيفية التفكير
هذا هو السِّرُّ، كونوا كجورج كوستانزا، افعلوا العكس، وقد تجدون أنفسكم تصنعون التَّاريخ أيضاً.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.