الحضور القوي: كيف يُعزّز التواجد الحقيقي علاقتك بفريقك؟
التّواجد الذّهنيّ والفعليّ مع الموظفين ليس مجرّد فعلٍ عابرٍ، بل هو أساس القيادة القويّة التي تُقوّي العلاقات الإنسانيّة وتنعكس إيجابياً على أداء الفرق
تعدّ القيادةُ الحقيقيةُ أكثر من مجرّد توجيهٍ وتنفيذ الأعمال اليوميّة؛ إنّها تتعلّقُ بقدرتك على التّواجد الفعليّ والذهنيّ مع موظّفيك وفريقكَ، قد يكونُ لهذا الحضور تأثيرٌ عميقٌ على بيئة العمل، والعلاقات الإنسانيّة، والمناخ العامّ في الشركة. يُوضّحُ هذا المقال كيف أنَّ الحضور الكامل والاهتمام الفعليّ بالآخرين يُمكن أن يُعزّزَ من قوّة القيادة، ويُعطي رسالةً قويّةً، سواء كان ذلك لزملائك أو موظّفيك أو أيّ شخصٍ تتفاعلُ معه.
موقفٌ يعكس القيادة الحقيقية
في أحد جلسات التّدريب، قرّر بول، الرّئيس التّنفيذيّ الّذي يتمتّع بشخصيّةٍ مُلهمةٍ وتجربةٍ عميقةٍ في الإدارة، أن يأخذَ استراحةً لتناول الغداء في كافتيريا الشّركة. وفي طريقه إلى هناك، مرَّ بول بمجموعةٍ من الأشخاص، حيث تبادل التّحيّات معهم بشكلٍ وديٍّ وحماسيٍّ، ممّا يعكسُ تواصله القويَّ والمباشر مع الآخرين، هذا النوعُ من التواصل الوديّ لم يكن مجرّد فعلٍ عابر؛ بل أظهر عُمق علاقته بموظّفيه وحرصه على التّواصل الشّخصيّ والإنسانيّ.
وبينما كان في الكافتيريا، لاحظ بول وجودَ إحدى الموظّفات التي بدت متوتّرةً ومضطربةً. دون تردّدٍ، اقترب منها ووضع ذراعه حولها بلطفٍ، وسألها عن حالها، ولم تتردّد الموظّفة في التّعبير عن شعورها، وأخبرته بأنّها لا تشعر بتحسّنٍ على الإطلاق، وبدلاً من أن يكتفي بهذا الردّ، أو يتجنّبَ الانخراط في مشاعرها، اختار بول أن يكون حاضراً بالكامل معها، فطلب منها أن تُشاركه ما يحدث، وكان مستعدّاً للاستماع.
التواصل الفعلي يُعزّز العلاقات
روت الموظّفةُ قصّةً مفجعةً عن ابنها الذي تعرّض لحادثٍ خطيرٍ، وخضعَ لعدّة عمليّاتٍ جراحيّةٍ. في تلك اللحظة، أظهر بول أروع صور التعاطف والحضور. لم ينظر إلى ساعته، ولم يتعجّل، بل منحها انتباهه الكامل لمدّة عشر دقائقٍ، مُتجاهلاً ضغوطات جدول أعماله المزدحم؛ تلك اللّحظة كانت رسالةً قويّةً، ليس فقط لها، ولكن لكلّ من شهد الموقف.
كيف ينعكس الحضور الحقيقي على العمل؟
عندما تكونُ قائداً وتخصّص وقتاً للموظّفين، حتّى وسط ضغوط العمل، فإنّك تبعثُ برسالةٍ واضحةٍ: "أنا هنا من أجلك". هذه الرسالة تُعزّز من ثّقة الموظّفين، وتشعرهم بأهميّتهم ومكانتهم في الشّركة، ممّا ينعكسُ إيجابيّاً على أدائهم وولائهم.
كيفية تطوير مهارات الحضور الكامل
يمكن لأيّ قائدٍ أن يُمارس هذا النّوع من الحضور الفعليّ، فعندما يُشارككَ أحد الموظّفين بموقفٍ شخصيٍّ أو صعبٍ، عليكَ أن تمنحه كلَّ انتباهك، ابتعد عن الهواتف، وتوقّف عن التّفكير في الوقت أو الاجتماعات القادمة. ببساطةٍ، كُن حاضراً في اللّحظة، فهذه القدرةُ على التّواجد بالكامل تُعزّز العلاقات الإنسانيّة، وتجعل العمل مكاناً أفضل وأكثر إنسانيّةً.
أهميّة التواصل الإنساني في القيادة
القيادةُ الحقيقيّةُ تتطلّب التّواصل الإنسانيَّ والتّعاطف، فهذه الصّفاتُ هي الّتي تميّز القادة الملهمين، وتدفعُ فِرقَ العمل لتحقيق نتائج أفضل، إذ إنّ التّواجد الحقيقيّ والحضور الكامل ليسا مجرّد مهاراتٍ، بل هما جوهر القيادة الّتي تُؤدّي إلى تأثيرٍ عميقٍ ومستدامٍ على الفريق والعمل بشكلٍ عامٍ.
القدرةُ على الحضور الفعليّ مع الآخرين ليست مهمّةً سهلةً في ظلّ ضغوطات العمل والمهامّ اليوميّة؛ لكنّها مهارةٌ يُمكن تطويرها بالتّدريب والممارسة، فعندما تكون قادراً على منح الآخرين اهتمامك الكامل، فإنّك تبني علاقاتٍ أعمق وتُحقّق بيئة عملٍ أكثر صحّةً ونجاحاً. لذا، تذكّر دائماً أن تكونَ حاضراً؛ لأنّ حضورك هو ما يُعزّز نجاحكَ كقائدٍ.