الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف البشرية: كيف سيتغير سوق العمل؟
الذكاء الاصطناعي التوليدي يتسبّب في تقليص أعداد الموظفين بمختلف الصّناعات، وصناعة الألعاب تُمثّل نموذجاً لكيفية التّأثير على الوظائف البشرية في ظلّ التّطوّر التّكنولوجي المُتسارع
مع تطوّر الذكاء الاصطناعي التوليدي، يزداد التّهديد الّذي يُشكّله على الوظائف البشريّة، فبحسب تقريرٍ من بنك "جولدمان ساكس" (Goldman Sachs) في مارس 2023، يُتوقّعُ أنَّ الذكاء الاصطناعي قد يُهدِّد حوالي 300 مليون وظيفةٍ، حيث سيستحوذُ على العديد من المهام البشريّة، سواء بشكلٍ جزئيٍّ أو كلّيٍّ. ومع ذلك، لم يُحدِّد عدد الوظائف الّتي قد تُفقَدُ بشكلٍ نهائيٍّ نتيجة هذه التّكنولوجيا.
ورغم أنَّ الأرقامَ المُشار إليها لم تتحقّق بالكامل بعد، إلّا أنّ صناعة ألعاب الفيديو تُقدّمُ مثالاً واضحاً على كيفيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ ليحلَّ محلَّ الوظائف البشرية، أو يُقلّلَ من الحاجة إليها. على سبيل المثال، تحدّثت مولي وارنر، وهي فنّانةٌ بيئيةٌ عملت في شركةِ "بليزارد إنترتينمنت" (Blizzard Entertainment)، مع مجلّةِ "وايرد" (Wired) حول قلق الفنانين من التّأثير السلبيّ للذكاء الاصطناعي على وظائفهم، مؤكّدةً أنَّ معظم الفنانين الذين تعرفهم يشعرون بخوفٍ شديدٍ من استخدام هذه التّقنية في إنتاج الأعمال الفنيّة.
تعاني شركات ألعاب الفيديو من ضغوطٍ ماليّةٍ تدفعها إلى تقليص النّفقات، والذكاء الاصطناعي هو الحلُّ الذي يبدو الأكثر جدوى. فالعديد من هذه الشّركات تخسر المال، وتكافح للحصول على التّمويل اللّازم، ممّا يدفعها إلى تقليص عدد الموظفين والاعتماد على الذّكاء الاصطناعيّ لإنتاج الألعاب. ووفقاً لرئيسٍ تنفيذيٍّ لإحدى شركات ألعاب الفيديو المُدرَجة في البورصة، فإنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي يسمحُ للشّركة بتقليص عدد العاملين في فرق تطوير الألعاب بنسبةٍ تصل إلى 80%، ممّا يعني أنَّ فرق العمل التي كانت تضمُّ في العادة حوالي 100 شخصٍ قد تُصبِح الآن مكوّنةً فقط من 20 إلى 25 فرداً.
وإذا استمرّت الشّركات في تقليص أعداد موظّفيها بهذه الطّريقة في مختلف الصّناعات، قد تُصبِح التوقّعاتُ التي أشارت إليها "جولدمان ساكس" بشأن فقدان الوظائف واقعاً ملموساً، حيث يمكنُ أن يتمَّ الاستغناء عن ملايين الوظائف في المستقبل القريب.
إلى جانب صناعة الألعاب، فإنَّ الكثير من الصّناعات الأُخرى تدرس الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كوسيلةٍ لخفض التّكاليف وزيادة الكفاءة، كما وتواجه الشّركات ضغطاً متزايداً للاستجابة للتّغيّرات التّكنولوجيّة السّريعة وتبنّي الذكاء الاصطناعيّ، الأمر الذي يجعل مستقبل العديد من الوظائف البشرية موضعَ شكٍّ.
حسناً ما الحلّ؟ ربّما يكمن الحلّ في امتلاك مهاراتٍ مُحدّدةٍ لضمان البقاء في سوق العمل في ظلّ هذا التّحوّل الكبير، ومن بين هذه المهارات، يُعتبر كلٌّ من التّعاون والقيادة كلمتين سحريّتين لحماية حياتك المهنيّة من الذكاء الاصطناعي، فالقدرةُ على التّعاون بفعاليّةٍ مع فرق العمل المختلفة إلى جانب تطوير مهارات القيادة، هي المفتاحُ للتّكيّف مع التّطورات الجديدة في عالم العمل الّذي تُسيطرُ عليه التّكنولوجيا.
أخيراً، يجبُ على كلّ فردٍ أن يكونَ مستعدّاً لمواجهة تحدّيات الذكاء الاصطناعي من خلال تعزيز مهاراته وتطوير استراتيجيّاتٍ فعّالةٍ للبقاء في سوق العمل.