الذكاء الاصطناعي واللغة العربية: توظيف تطبيقاته بتعلم اللغة
كيف يمكن أن يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في تعليم اللغة العربية؟
من الذكاء بمكان، توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، والاستفادة من أدواته لتوفير الوقت والجهد، تخيّل عالماً حيث يُمكنك الاستعانة بمساعدٍ لغويٍّ في كلّ خطوةٍ على الطّريق، يساعدك ويُصحّح لك الأخطاء، بطريقةٍ تنسف كلّياً فكرة الأكاديميّات التّقليديّة لتدريس اللّغات، التي بات عليها أن تشعرَ بالخطر اليوم أو تنتقلَ لتوظيف الأدوات الذّكيّة الصّنعية في برامجها على أقلّ تقديرٍ.
وعلى الرّغم من وجود بعض التّحديات في الدّمج بين الذكاء الاصطناعي واللغة العربية، إلّا أن تعلّمها من خلاله يبدو تجربةً ممتعةً حقّاً، صحيح أنّها اليوم في البدايات، لكن أبناءك غالباً ما سيعتمدونها في المستقبل.
كيف يتعامل الذكاء الاصطناعي مع اللغة العربية؟
يتعامل الذكاء الاصطناعي مع اللغة العربية بوجود بعض القيود حاليّاً، فهو يهتمّ بحوسبة اللّغة، بمعنى تأسيس برامج تستطيع اللّغة فهمها، ثم إطلاق تلك البرامج لتكون قادرةً على مجاراة قدرة الإنسان في التّعامل مع اللّغة.
بالمقابل فإنّ اللغة العربية، معقّدة جدّاً قياساً لتكامل الذكاء الاصطناعي، نتيجة مفرداتها الغنية ولهجاتها المتنوّعة، والاستخدام المكثّف للسّياق في المعنى، فالنّص العربيّ مخطوطٌ والكلمات تغيّر شكلها بناءً على موقعها النّحوي، هذا التّعقيد يتطلّب تقنيات متقدّمة لمعالجة اللّغة الطّبيعيّة وتفسير مدخلات المستخدم والاستجابة لها بدقّةٍ.
يُقدّم مدير تكنولوجيا المعلومات والمؤسّس المشارك لشركة CEQUENS، أحمد الشبراوي، مجموعة من الحلول لتجاوز تلك العقبة، مثل تطوير أدوات البرمجة اللّغوية العصبيّة الأكثر تطوّراً، والتي تستطيع التّعامل مع الفروق الدّقيقة في اللّغة، من خلال الاستثمار في نماذج التّعلّم الآليّ المدرّبة على مجموعةٍ متنوّعةٍ من البيانات العربيّة، وتشمل لهجاتٍ وأنواعاً عديدةً من الكلام والكتابة، كما أنّ التّعامل مع خبراء اللغة والمُتحدّثين الأصليّين، يعتبر حاسماً لتحسين تلك النّماذج. [1]
اليوم يبدو الواقع أفضل بقليلٍ، فالذكاء الاصطناعي استطاع تقديم بعض الخدمات للغة العربية، من خلال استخدامه في عموم التطبيقات التي تدعم التّعليم والتّعلم، وتساعد في تطوير القواميس والبرامج لمساعدة ملايين الأشخاص من حول العالم على تعلّم العربية.
كذلك فإنّ الذكاء الاصطناعي يساعد في جعل الرّوبوتات أكثر ذكاءً وفعاليّةً في التّواصل، واتّباع التّعليمات والإجابة على الأسئلة وتقديم الدّروس وأداء بعض العادات العربية، التي يحتاج الرّاغبون بتعلمها إلى معرفتها أحياناً لمساعدتهم على التعلّم.
لكنّ كل تلك الاستخدامات ما تزال في بداياتها، بمعنى أنّها تستطيع أن تصبحَ أكثر كفاءةً وأكثر انتشاراً، بمجرّد تجاوز عقبة تنوّع اللغة العربية وغناها، في الحقيقة أن يكونَ الغنى والتّنوّع أحد العقبات في استخدام الذكاء الاصطناعي، يفترض أن يكونَ عيباً كبيراً بحقّ الذكاء الاصطناعي، وليس العكس إطلاقاً.
فوائد الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية
لا يُمكن الفصل بين فوائد الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، وبين الفوائد الكبيرة والكثيرة التي يقدّمها في شتّى المجالات، وبالتّأكيد فإنّ ردم الفجوة الحاليّة بينه وبين لغتنا الأمّ، يُمكن أن يزيدَ من حجم تلك الفوائد، فهو يساعدُ في جعل عملياّت تعلّم اللغة تجارب ممتعةً ومفيدةً لكل الطلاب.
وتوفّر منصّات تعلّم اللغة العربية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، باقةً متنوّعةً من الدّروس التّفاعليّة والمحادثات الافتراضيّة مع المتحدّثين الأصليّين، ما يزيد من فوائده في تعليم عربيتنا، ومنها أيضاً: [2]
- المرونة، فيمكنك التّعلم بالسّرعة التي تناسبك ووفق جدولكَ الزّمني الخاصّ.
- يتيح إمكانيّة التّعلم الذّاتي، وهي ميّزةٌ ممتازةٌ للأشخاص الذين يعيشون حياةً مزدحمةً.
- تستطيع الحصول على أداء تقييم بشكلٍ دقيقٍ وموضوعي دون محاباة أو مجاملة، فتستطيع تحديد نقاط الضّعف والقوّة.
- المتعة في التّعليم، من خلال الألعاب التّعليمية التّفاعلية التي يستطيع الذكاء الاصطناعي تطويرها، وتساعد على تعلّم العربية دون مللٍ.
باختصارٍ، إن تجربةَ تعلّم اللغة العربية بمساعدة الذكاء الاصطناعي توفّر العديد من المزايا، بما فيها المحتوى التّفاعلي والتّغذية الرّاجعة المستمرّة، والوصول إلى الموارد الأصليّة، كذلك مسارات التّعلم الكيفيّة والعثور على المجتمع الدّاعم، لكنّ الأمر لا يخلو من بعض التحديات أيضاً.
تحديات الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية
رغم كلّ فوائده، إلّا أنّ دمج الذكاء الاصطناعي في تدريس اللغة العربية يطرح العديد من التّحديات، أحد أبرزها، هو ندرة توافر موارد ومجموعات بيانات عالية الجودة باللغة العربية، في حين هناك ثروةٌ من الموارد للغة الإنكليزية وغيرها من اللّغات المستخدمة على نطاقٍ واسعٍ، إذ إنّ ندرة البيانات باللغة العربية تعتبر عائقاً حقيقيّاً أمام تدريب نماذج ذكاء اصطناعي وتطوير خوارزميات قويّة لمعالجة اللغة العربية بالخصوص.
التّحدي السّابق ليس الوحيد، وهناك أيضاً بعض التّحديات الأخرى، مثل: [3]
- الكلفة العالية في تطوير نماذج ذكية لتدريس اللغة العربية.
- الحاجة إلى التّفاعل الفعّال بين المتعلّم والحاسوب في تدريس اللغة العربية.
- عدم وجود أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تفسير الكلام والنصوص العربية بدقّةٍ وتوليد الاستجابات المناسبة لها.
- مخاوف الخصوصيّة، حيث تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بجمع ومعالجة كميّةٍ كبيرةٍ من البيانات الشّخصيّة، بما فيها تسجيل كلام المتعلّمين.
في حال تم تجاوز تلك التّحديات، وتوفير البيانات باللغة العربية، وإيجاد طريقةٍ للتّفاعل بين الإنسان والحاسوب، كذلك العثور على حلٍّ للاعتبارات الأخلاقيّة، يُمكن أن يُحدثَ الذكاء الاصطناعي ثورةً حقيقيّةً في تعليم اللغة العربية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية
هناك العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، حيث يستطيع مثلاً أن يكونَ المعلَم أو المحاور، كذلك صانع الأسئلة، الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بدور واحدٍ، كذلك فإنّه ليس بشريّاً ليشعرَ بالتّعب أو الإرهاق من تعدّد المهام. ولنستعرض سويّاً بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالتّعليم: [4]
- التّعليم المخصّص: تساعد الأنظمة الذكية على تحديد ما يعرفه الطّلاب وما لا يعرفونه، وبناءً على النّتيجة يتم إنشاء خطّةٍ تعليميّةٍ مخصّصةٍ لكلّ طالبٍ، وهو ما يزيد من كفاءة التّعلّم.
- التّعليم الشّخصي: نهج تعليميّ يُركّز على احتياجات واهتمامات وقدرات كلّ متعلّمٍ، حيث يقوم الطّلاب بتصميم مسارات التّعلّم الخاصّة بهم بناءً على اهتماماتهم وأهدافهم ويحصلون على الدّعم والتّوجيه اللّازمين.
- إنتاج محتوى ذكي: حيث تسهل عملية العثور على المواد التّعليميّة وتخزينها، كذلك البحث عنها.
- المساعدة في أتمتة المهام: يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محوريّاً في هذا الجانب، ويستطيع تحديد الدّرجات والتّقييم والتّصنيف وتقييم نتائج الطّلاب.
- المعلمون الأذكياء: من خلال أنظمة التّدريس الذّكية يُمكن مساعدة الطلاب على حلّ المشكلات، كما أنّها توفّر حلولاً مخصّصةً لكلّ طالبٍ على حدا، ما يساعده على استيعاب درس اللغة العربية بسهولةٍ.
أهم أدوات الذكاء الصنعي التي تساعد في تعليم اللغة العربية
تبرز أدوات الذكاء الصنعي لتساعدَ في تعليم اللغة العربية اليوم، وينظر إليها البعض على أنّها تُشكّل مستقبل التّعليم عموماً، خصوصاً بالنّسبة للغات، فلماذا نذهب إلى أكاديميّات اللّغات التّقليديّة، بينما بإمكاننا التعلّم في منازلنا بأي وقت. فدعونا نكتشف أبرز أدوات الذكاء الصنعي التي تساعد في تعليم اللغة العربية: [5]
أنظمة التدريس الذكية
تعتبر واحدةً من أكثر الأدوات استخداماً على نطاقٍ واسعٍ، وهي تستخدم خوارزميات متقدّمة وتقنيات معالجة اللّغة الطّبيعية لتوفير تعليمات وملاحظات مخصّصة للمتعلّمين، وما يُميّزها قدرتها على التّكيف مع الاحتياجات الفرديّة وأنماط التّعلم للطّلاب. وأحد الأمثلة على أنظمة التّدريس الذّكية، Talkpal، وهو مدرّسٌ مدعومٌ بالذكاء الاصطناعي، يتيح دورات تعلّم العديد من اللّغات بما فيها العربية.
أدوات التعرف على الكلام وتركيبه
تساهم هذه الأدوات في تعزيز تعليم النّطق ومهارات التّحدث باللغة العربية بشكلٍ كبيرٍ، وتستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل وتقييم نطق المتعلّمين، وتُقدّم لهم تعليقاتٍ واقتراحاتٍ فوريّة للتّحسين.
ويعتبر Arab Accent Coach، الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي واحداً من أهمّ الأدوات لتعليم اللغة العربية المنطوقة وتحسينها، واللّافت فيه أنّه يُركّز على الفروقات بين اللّهجات المختلفة، مثل: اللّبنانية والأردنيّة والمصريّة والسّعودية وغيرها،
روبوتات الدردشة
تحظى روبوتات الدّردشة بشعبيّةٍ متزايدة ٍفي تدريس اللّغات، بما فيها اللغة العربية حيث تحاكي تلك الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي المحادثات الشّبيهة بالمحادثات مع النّاس الطّبيعيين، كما توفّر للمتعلمّين فرصاً لممارسة مهاراتهم اللّغوية في المحادثة.
كمثال على ذلك، chatbot، الذي يقوم بإشراك المتعلّمين في المحادثات التّفاعلية، ويُقدّم تعليقاتٍ فوريّةٍ، كما يُقدّم اقتراحاتٍ للتّحسين، ويستطيع كذلك الإجابة على الأسئلة وتقديم الشّروحات الوافية حول القواعد والمفردات والجوانب الثّقافية للغة العربية.
الجميل في تعلّم اللغات عموماً والعربية خصوصاً من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي، أنّ الأخيرة تتيح، المعلّم والممارسة كذلك الحوار بما يضمن برنامجاً تعليميّاً غنيّاً وافيّاً.
تعلّم العربية عبر اللعب
مع نجاح نظام التعلّم عبر اللّعب في مرحلة الطّفولة، فإنّ أنظمة الذكاء الاصطناعي أدخلته في مجال تعليم الكبار، وهو واحدٌ من المناهج التي تم دمجها بنجاحٍ في تدريس اللغة العربية بمساعدة الأنظمة الذّكيّة، وتستخدم المنصّات تلك الطّريقة لتحفيز المتعلّمين وإشراكهم.
على سبيل المثال تجمع منصة Arabic Language Quest لتعليم اللّغات، بين الذكاء الاصطناعي وبين تقنيّات اللّعب لجعل تجربة تعلّم اللغة العربية أكثر متعةً وفعاليّةً، حيث يستطيع المتعلّمون إكمال المهام وكسب النّقاط والانتقال إلى مستوياتٍ جديدةٍ، كما تُوفّر المنصة تعليقاتٍ وتوصياتٍ مخصّصةٍ لمساعدة المتعلّمين على تحسين مهاراتهم.
لا شكّ أنّ تلك الأدوات الذكية أحدثت تغييراً جذريّاً في طرائق تدريس اللغة العربية وتعلّمها، وتعتبر نهجاً متكاملاً، وعلى الرّغم من جاذبيتها فإنّ هناك توقعاتٍ بابتكار أدواتٍ جديدةٍ مدعومة بالذكاء الاصطناعي أكثر إبداعاً وفاعليّةً لتعزيز تعليم وتعلّم اللغة العربية.
إذاً، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعبَ دوراً استراتيجيّاً في تعليم وتعلّم اللغة العربية، ومن المؤكّد أنّ دوره سيزداد كلّما أدرك المزيد من الباحثين العرب أهمّية ابتكار أدوات ذكاء اصطناعي تدعم اللغة العربية، دون الاعتماد بشكلٍ رئيسيٍّ على الأدوات الذّكيذة التي تدعم اللّغات الأخرى.
الأسئلة الشائعة حول الذكاء الصنعي في تعليم اللغات
يكتسب هذا الجانب أهمّيةً كبيرةً لدى النّاس من حول العالم، سواء كانوا يريدون تعلّم اللغة العربية أو غيرها من اللغات، مع كلّ ما يقدّمه من فوائد كبير خصوصاً لناحية المرونة، ليبقى على عاتق المُتعلّم مسؤوليّة الانتباه جيداً إلى ما يطلبه من الذكاء الاصطناعي، وأن يطلبه بذكاء وتركيز ليحصلَ على الإجابة أو المعلومة التي يريدها.
كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغات؟
نعم يُمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعليم اللّغات، بالنّظر إلى المزايا الكبيرة التي يمتلكها مقارنةً بأكاديميّات تعليم اللغات التّقليديّة، فهو قادرٌ على: [6]
- يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يُعزّز تعليم اللّغة وتعلّمها من خلال توفير تجارب شخصيّة وممارسة تفاعليّة وتقييم آليّ.
- يساعد في إنشاء مواد تعليميّة متنوّعة وتنفيذ استراتيجيّات التّدريس بكفاءةٍ.
- تلعب تقنيّات الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تعليم اللّغات بالجامعات ما يفيد الطّلاب والمتعلّمين معاً.
- باستخدام الذكاء الاصطناعي يُمكن للمدرّسين، معالجة المفاهيم الخاطئة لدى الطّلاب وتقييم التّعليم.
- يُعزّز دمج الذكاء الاصطناعي في تعليم اللّغة، التّفكير النّقدي ومهارات حلّ المشكلات ومحو الأمّية الرّقمية الضّرورية للتّعليم.
بالمقابل تبرز بعض التّحديات، مثل المصداقيّة، وعدم القدرة على إضفاء طابعٍ شخصيٍّ على التّعلّم بشكلٍ كاملٍ حتّى اليوم، تلك التحديات طبيعية فالذكاء الاصطناعي ما يزال في بداياته، لذا سيكون من المفيد حاليّاً العمل على تكامله مع الأنظمة الحاليّة للتّدريس لضمان الانتقال الطّبيعي في المستقبل.