الرابط بين المؤثرين عبر الإنترنت وجمع رأس المال المغامر
أيها المؤسسون، لا تدفعوا للوسطاء لقاء تقديمهم إياكم إلى المستثمرين والتكسب وفق نموذج غير مستدام يُكافئ المؤثرين.
إذا كنتَ في طورِ بناءِ شركةٍ، فعاجلاً أم آجلاً، من المحتملِ أنّك ستضطرُ إلى جمعِ رأسمالِ، وعند مجيء هذا اليومِ، فإنّك ستحتكُّ بالعديدِ منَ الأشخاصِ الّذين يدّعون بأنّهم يرغبون في مساعدتك في فعلِ ذلك بينما في الحقيقةِ كلّ ما يبتغونهُ هو حصّةٌ من العملِ. [1]
فلنبدأ بقصّةٍ ذاتِ طابعٍ شخصيّ. قبلَ زمنٍ مضى، دعيتُ إلى جزيرةٍ قبالةَ إسبانيا مع 4 مدوّنين آخرين: مدوّن سفرٍ، ومدوّن طعامٍ، ومدوّن أزياءٍ، ومدوّنٌ آخرٌ لنمطِ الحياةِ. قضينا جميعاً وقتاً رائعاً، على الرّغمِ من قدومنا من خلفيّاتٍ متباينةٍ تماماً. شيءٌ ما في جزيرةٍ أخّاذةٍ يحضّك على أنْ تضعَ جانباً كل اختلافاتك.
بخلافِ كلّ المجموعةِ، كنتُ الوحيدَ الّذي لا يكسب المالَ عن طريقِ الحصولِ على رعايةِ اسمٍ تجاريٍّ، ومن ثمَّ التّرويجُ لمنتجاتِ هذهِ الشّركةِ لمتابعيها على إنستغرام، وهذا دفعني للتّفكّرِ.
كيف لذلك أن يكون نموذجاً مستداماً؟ أقصد، إذا كنت أتابعُ شخصاً وكان كلّ ما يقومُ به طوال اليوم هو التّرويج والتّرويج، والتّرويج، فلي أن أتصوّرَ أنّني في النّهايةِ سأقولُ لنفسي: "تمهّل لحظةً، هذا الرّجلُ يحقّقُ آلاف الدّولاراتِ للتّرويجِ لهذه الأشياء لي، لعلّه لا يستخدم أو يحبُّ هذهِ المنتجات حقّاً، إلى جانب ذلك، فهو ادّعى لكونهِ لوحاً إعلانيّاً يكسبُ أموالهُ على ظهري، وبالطّبع، أنا لا أجني سنتاً واحداً هنا، يبدو هذا غير عادلٍ، ولا مكان لي ها هنا."
شاهد أيضاً: أبرز شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط
الآن إنْ حدثَ ذلك، وسيحدثُ، سواءً استغرقَ أسبوعاً، أو شهراً، أو سنةً، أو حتى بضعَ سنواتٍ. في نهايةِ المطافِ، سينهارُ ساقطاً نموذجُ الحصولِ على أجرٍ عن المشاركاتِ وستتلاشى الثّقةُ في المؤثّرين.
- لا بدَّ من وجودِ طريقةٍ أفضلَ.
- إذاً ما علاقةُ هذا بك، كمؤسّسٍ لشركةٍ تقنيّةٍ ناشئةٍ؟
حسناً، دعنَا نتطرّقُ لجمعِ التّمويلِ. هناك نوعٌ معيّنٌ من الأشخاصِ، نسمّيهِ الوسيط، والذي في الأساسِ يكافئُ سمساراً في العقاراتِ. الوسيطُ، دعنا نسمّيه Dave، لديه الكّثيرَ من الصّلاتِ مع المستثمرين. لربّما يرتادُ أطفالهُ نفسَ المدرسةِ التي يذهبُ إليها أطفالُ المستثمرين الكّبارِ. هؤلاءِ المستثمرون يثقون بديف لأنْ ليس لديهم سببٌ لعدمِ ذلك.
في يومٍ ما، كان لدى ديف فكرةٌ رائعةٌ -أن يصبحَ وسيطاً- سيعرضُ على أصدقائهِ المستثمرين فكرةَ شركةٍ ناشئةٍ، وعندما يستثمرون، سيحصلُ على 5% من الشّركةِ.
- يفعلُ ذلك مراراً وتكراراً ومن جديدٍ.
لنلعبَ اللّعبةَ، بعدَ الشّركة الناشئةِ الخامسةِ عشرةَ، صديقُ ديف سيسألهُ: "لقد أرسلتَ لي كلّ هذه الصّفقاتِ. لا بدَّ وأنّ الأمرَ يستغرقُ منكَ وقتاً طويلاً للعثورِ عليها، وإجراءِ التّدقيقِ الجيّدِ، والتّحقّقِ حقّاً من أنّ هذه الشّركة هي استثمارٌ رائعٌ. ما لكَ في ذلكَ؟ لماذا تقضي كلّ هذا الوقت؟"
-"أوه، يدفعون لي جزءاً من أيّ شيءٍ تستثمرُ فيه."
- "مهلاً، عفواً؟! أنا أمنحهم المال و5% من هذا المالِ الذي كان مخصّصاً لتنميةِ العملِ يذهبُ إلى جيبكَ؟ لماذا؟ ما الذي فعلتهُ لتستحقَ هذا المال؟"
- "أنا أعرفك. فأُرسِلهم إليك، أنت تستثمرُ، فيدفعون لي لقاءَ ذلك."
- "إذاً، دعني أفهمُ الأمرَ بوضوحٍ. أطفالنا يذهبون سويّاً إلى الرّوضةِ، لذا خِلتَ أنت أنّها فكرةٌ جيّدةٌ لتستغلَّ ذلك، وتتكسّبُ من جرّاءِ ثقتي، وتتنفّعُ من صداقتنا؟ إنّ هذا لأمر خاطئٌ على كثيرٍ من الصعدِ. لو أخبرتني بهذا من البدايةِ، لما كنتُ قدْ استثمرتُ."
عندما يحدثُ ذلك، تهوي فكرتك الرّائعةُ فجأةً لأجلها. إنّ صلةَ الرّبطِ مع هذا المستثمرِ ليست الشّيءَ الوحيدَ الذي تبدّدَ. إنّ مجتمعَ مستثمري التّقنيّةِ صغيرٌ وهم دوماً في تحادثٍ. هناك احتمالاتٌ بأنّ المستثمرَ ذاك وأصدقاءهُ المستثمرين المقرّبين منه لن يأخذوا بصفقةٍ منك مرّةً أخرى.
بالنسبةِ للمؤسّسِ الّذي قرّرَ الاستعانةَ بشخصٍ كذاك في جولةِ التّمويلِ هذه، فالأمرُ لا ينعكس خيراً جليّاً عليهِ أيضاً. هذا النّموذجُ غير مستدامٍ، تماماً كما هم المؤثّرون عبر الإنترنت غير المستدامين.
شاهد أيضاً: إرشاد الأعمال: ميزة تنافسية حاسمة للشركات الناشئة
فيما يخصّ الوسيطَ، أن يكون على درايةٍ بما يفكّرُ فيه: "إذا كان لديَّ متابعون ولا ينبغي أنْ أستغلَّ ذلك، وأستحوذ على عقودِ رعايةٍ من العلاماتِ التّجاريّةِ، فكيف سأعيّنُ نفسي؟" أو "إنْ لم آخذَ رسومَ وساطةٍ عند الإغلاقِ الماليّ، كيفَ سأتكسّبُ من علاقاتي وأستطيعُ توفيرَ الطّعامِ على المائدةِ؟"
هناك إجابتان ممكنتان هنا يمكنُ أنْ تحلّا المشكلةَ برمّتها. يمكنُ للمموّلِ أن يفصحَ بوضوحٍ ويصرّحَ بأنّهُ يتلقّى أجرَ المنشورِ أو التّقديمِ، ومن ثمّ يتابعُ لإيضاحِ السّببِ الذي يجعلُ من هذا المنشورِ أو التّقديمِ ذا قيمةٍ حقيقيّةٍ، وليس لأنّه يتلقّى أجراً أو يمكنه الرّبحُ بطريقةٍ أخرى.
إذا كنتَ مدوّناً أو مؤثّراً تقنيّاً ولديك صفقةٌ مع سامسونج يجري بموجبها إرسالُ هواتفَ إليك، يمكنك نشرُ مقالٍ عن الهاتفِ مع إشهارٍ على النّحوّ التّالي: "شكراً سامسونج على إرسالِ هذا الهاتفِ والشّكرُ على السّماحِ لي بأن أكون صادقاً وواقعيّاً في أفكاري حولَ الهاتفِ" أو "مرحباً، تعاقدَت هذه الشّركةُ معي كمستشارٍ خارجيّ لمساعدتهم في جمعِ رأسِ المال، عرضوا عليّ عمولةَ وساطةٍ، وأنا على علمٍ بأنّك، كمعظمِ المستثمرين، لا تروقك السّماسرةُ، ولكن هل أنتَ على استعدادٍ لإلقاءِ نظرةٍ؟ أجريتُ الاستقصاءَ الدّقيقَ اللّازمَ وأعتقدُ أنّ هنالك فرصة كبيرة هنا".
الخيارُ الثّاني الذي لن يؤثرَ سلباً على الثّقةِ مبنيٌّ على تجنّبِ تحقيقِ أرباحٍ من جمهورك أو علاقاتك إطلاقاً، إنّما الإتيانُ بنموذجٍ تجاريٍّ مختلفٍ. إذا كنت مؤسّساً وتحتاجُ إلى مساعدةٍ في جمعِ رأسمالِ أو الحصول على انتباهٍ أكبرَ من خلال تسويقِ النّاشطين، فهذا حلٌّ أنجعُ. قد يكون تحصيلُ أتعابٍ شهريّةٍ فكرةً جيّدةً. على أنَّ ذلك العربونُ يجبُ أن يكونَ في منأىً عمّا إذا كان الوسيطُ يجمعُ رأسمالِ في ذلك الشّهرِ. بتلك الطّريقةِ، عندما يتوجّهُ إلى صديقهِ المستثمرِ طالباً المالَ، لا يشعرُ بتضاربِ المصالحِ. بوجيزِ العبارةِ، العبِ اللّعبةَ الطّويلةَ، لأنَّ الثّقةَ ذُخرٌ أعلى قيمةً على نحوٍّ متعاظمٍ من الدّولارات والسّنتات.