الرئيسية التنمية السعادة: السرُّ الذي نغفلهُ في سباق الحياة

السعادة: السرُّ الذي نغفلهُ في سباق الحياة

اكتشف كيف يُمكن فهم السعادة الحقيقية بعيداً عن الخرافات الشائعة، وتعلّم كيفيّة تحقيق الرّضا الشّخصيّ من خلال الإنجاز والعلاقات الصّحيحة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هناك حقيقةٌ طريفةٌ عن السعادة: كلّما سعينا وراءها بجدٍّ، بدت صعبةَ المنالِ أكثر. كما قالت الكاتبةُ روث ويپمان (Ruth Whippman) بعبارةٍ لا تُنسى: "يبدو أنّ السعادة تتجنّبك، كلّما لاحقتها بشغفٍ، وتبدأ في تجاهلكَ مثلما يفعلُ الرّجلُ الجذّاب في الحفلاتِ". ربّما السّببُ في ذلكَ، كما اقترح الباحثُ في السعادة بجامعة هارفارد آرثر بروكس (Arthur Brooks) مؤخّراً، هو أنّنا نمتلكُ فكرةً خاطئةً تماماً عن ماهيّة السعادة.

السعادة ليست مجرد شعور

جرّب الآن تعريفَ السعادة بنفسكَ: خذ لحظةً وفكّر. ما الّذي توصلّت إليه؟ أراهنُ أنّ الكثيرَ منكم قال شيئاً، مثل: "السعادة هي عندما تشعرُ بكذا وكذا وكذا. ولكن Brooks له رأيٌ مختلفٌ: "السعادة ليست شعوراً، فالمشاعرُ مجرّدُ دليلٍ على السعادة، مثل رائحة الدّيك الرّومي الّتي تشيرُ إلى وجودِ عشاء عيد الشّكر". كما قالَ في فيديو حديثٍ على منصّة Big Think.

العواطفُ، سواء كانت جيّدةً أو سيّئةً، هي "مجرّد معلوماتٍ عن العالمِ الخارجيّ"، كما يقول Brooks، فالعواطفُ السّلبيّةٌ تنبّهنا إلى الأشياءِ الّتي يجبُ أن نتجنّبها أو نُغيّرها، أمّا العواطف الإيجابيّة، فتجذبنا نحو ما نرغبُ فيه ونستمتعُ به، ولكن لا شيء منها بمفردهِ يُشكّلُ السعادة. هذا الفهمُ الخاطئُ لماهية السعادة يقود الكثير منا إلى الضياع، كما يوضح Brooks.

ما هي السعادة إذاً؟

إذا لم تكن السعادة مجرّد شعورٍ جيّدٍ، أو فرحٍ، أو رضا، فما هي؟ بالطّبع، السعادة تشملُ تجاربَ ممتعةً، مثل تناول قطعةٍ لذيذةٍ من الكعك أو الاسترخاء على شاطئٍ هادئٍ، فلا أحد ينكرُ متعةَ الحلويّات أو الإجازات، ولكن Brooks يعتقدُ أنّ السعادة الحقيقيّة تمزجُ بين هذه المُتع اللّحظيّة وبين الرّضا النّاتج عن التّغلب على التّحديات والشّعور بأنّ حياتكَ لها معنى.

ما يجعلنا نشعرُ بالرّضا الحقيقيّ عن حياتنا، ليس مجرّد المتعة والرّاحة، بل هو الشّعورُ بالإنجازِ، إلى حدّ أنّ الحائزَ على جائزة نوبل في علم النّفس Daniel Kahneman قال إنّ معظمَ النّاس في النّهاية لا يريدون أن يكونوا سعداءَ، بل يريدون شيئاً آخر أكثر، إذ أوضح قائلاً: "إنّهم في الواقع يُريدون تحقيق الرّضا عن أنفسهم وعن حياتهم". 

إذا خُيّرنا بين تناول الكعكِ والاسترخاء طوال حياتنا أو القيام بشيءٍ مُحبطٍ وصعبٍ يجعل العالمَ أفضل قليلاً، فإنّ معظمنا سيختارُ الطّريقَ الصّعبَ، ولكنّه ذا معنىً.

خرافة السعادة تؤثر على قراراتنا

بينما في النّهاية، الإنجازُ والعلاقاتُ هي الّتي تجلب لنا أعمق شعورٍ بالرّفاهيةِ، لكن على المدى القصيرِ، عندما نعتقدُ أنّنا بحاجةٍ إلى المزيد من السعادة، فإنّنا غالباً ما نتّجهُ نحو المُتعةِ الفوريّةِ.

يُضحّي النّاس بالتّقاعدِ المُبكّرِ؛ ليجدوا أنفسهم يشعرون بالملل والبؤس، وهم يلعبون الغولف طوالَ اليوم، يأكلون الكعكَ بينما النّشاط البدنيّ يجلبُ لهم سعادةً طويلةَ الأمدِ، ويشاهدون مسلسلاتِ نتفليكس طوالَ عطلةِ نهاية الأسبوع، ويتساءلون لماذا يشعرون بالفراغِ والخمولِ يوم الاثنين.

فكرةُ أنّ السعادة تعادلُ المشاعر السّارة هي خرافةٌ، فلا يُمكنكَ جعلُ نفسكَ سعيداً فقط بإزالةِ المضايقاتِ أو الانغماسِ في المُتعِ، إذ إنّ يوماً في المُنتجع الصّحيّ أو تناول وجبةٍ في مطعمٍ فاخرٍ، يُمكن أن يكونَ رائعاً، لكنّ السعادة أعمقَ من ذلكَ.

الخلاصة

السعادة هي "الإيمان، الأسرة، الأصدقاء، والعمل"، كما يقولُ Brooks. إنّها كلّ الأشياء الّتي تجلبُ لنا شعوراً بالإنجاز وخدمة الآخرين (والّتي، بالنّسبة لمعظمنا، هي طريقةٌ أُخرى لقولِ المعنى)، فحسب استنتاج Brooks: "اسعَ وراء هذه الأشياء، وستسعى وراءَ السعادة"، فإذا سعيت وراءَ النّسخةِ الخرافيّة من السعادة، ستجدُ نفسكَ غالباً تُطاردُ شيئاً يتراجعُ كلّما سعيتَ نحوهُ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: