السعودية حياة سندي.. صاحبة البحث الذي فتح لها أبواب المجد
اختيرت ضمن أكثر 150 امرأة مؤثرة في العالم، نالت العضوية الفخرية في الكلية الملكية البريطانية تقديراً لمساهماتها وإنجازاتها، فمن هي حياة سندي؟
في العامِّ 2012 م، اختيرت العالمةُ السّعوديّةُ، حياة سندي من قبلِ مجلّةِ نيوزويك، لتكونَ ضمنَ قائمةِ أكثرِ 150 امرأةٍ مؤثّرةٍ في العالمِ، بالتّأكيدِ هذا الاختيارُ لمْ يأتِ من فراغٍ، فمنْ هيَ هذهِ العالمةُ السّعوديّةُ، وماذا فعلتْ لتدخلَ هَذا التّصنيفَ؟. [1]
في السّادسِ منْ نوفمبرَ عامِ 1967 ولدتْ طفلةٌ وحيدةٌ اسمهَا حياة سندي بين 7 إخوة في مدينةِ مكّةَ المكرّمةِ، لتفتحَ عينيهَا على حياةٍ وقصّةِ نجاحٍ ستكونُ فيها مبدعةً ورائدةً وتصبحُ أوّلُ امرأةٍ عربيّةٍ وخليجيّةٍ تختصُّ بمجالِ التّكنولوجيا الحيويّةِ، بعدَ نيلهَا شهادةَ الدّكتوراه منْ جامعةِ كامبريدجْ البريطانيّةِ.
تميزّتْ طفولةُ حياة، بحبّ اطّلاعهَا وقراءتهَا لسيرِ العلماءِ ونجاحاتهمْ، ما تركَ في نفسهَا أثراً عظيماً لا سيّما حينَ قرأتْ عن إنجازاتِ الرّازيّ، والخوارزميّ، وماري كوري، وآينشتاينَ، وجابر بن حيانٍ وغيرهمْ.
رحلة حياة سندي العلمية
تخرّجتْ حياةٌ من الثّانويةِ العامّةِ بمعدّلِ نجاحٍ بلغَ 98%، وبينمَا اتجهتْ لدراسةِ الطّبّ فقدْ وجدتْ شغفهَا في علمِ الأدويّةِ، إلّا أنّها لمْ تجدْ في بلادهَا آنذاكَ، فرعاً مخصّصاً لهذا العلمِ فحسبِ، فقرّرتْ التوّجهَ إلى لندن لمتابعةِ مسيرتهَا التّعليميّةِ.
ودرستْ سندي في أكبرِ معاقلِ التّعليمِ في العالمِ، فهيَ خريجةُ كليّةِ لندنَ الملكيّةِ وجامعةُ كامبريدجْ ومعهدُ ماساتشوستس للتّكنولوجيا، فضلاً عنْ أنّها أصبحتْ باحثةٌ زائرةٌ في جامعةِ هارفاردْ.
وأثناءَ سنواتِ دراستهَا الأولَى في كليّةِ لندنَ الملكيّةِ، الّتي دخلتهَا بعدَ رفضهَا من قبلِ إحدَى الجامعاتِ البريطانيّةِ الأخرى لعدمِ إتقانها الإنكليزيّةَ، كانتْ حياةُ تنجزُ بحثاً فتحَ لهَا بابَ المجدِ حيثُ طوّرتْ عقاراً يستخدمُ في علاجِ الرّبوِّ وقلّلتْ من آثارهِ الجانبيّةِ، وقدْ حصدتْ إثرَ ذلكَ جائزةَ الأميرةِ آن عنْ أبحاثهَا حولَ التّحسّس في وقتٍ كانتْ فيهِ طالبةٌ.
وحملَ العامُّ 1995 إنجازاً كتبَ قصّةَ نجاحِ حياة سندي بأحرفٍ من ذهبٍ إذْ بدأت دراسةَ الدّكتوراه في التّكنولوجيا الحيويّةِ بجامعةِ كامبريدجْ لتكونَ أوّلَ امرأةٍ خليجيّةٍ مسلمةٍ تخوضُ هذا المجالَ.
إنجازات حياة سندي
يعتبرُ مشروعُ "التّشخيصِ للجميعِ" الّذي قادتهُ العالمةُ السّعوديّةُ واحداً من أشهرِ وأبرزِ إنجازاتهَا، وقدْ شاركتْ في ابتكارهِ مع مجموعةٍ من فريقٍ بحثيّ بجامعةِ هارفاردْ، حيثُ يهدفُ إلى تسهيلِ عمليّةِ التّشخيصِ لا سيّما في الدّولِ الفقيرةِ والمناطقِ النّائيّةِ.
ويتجسّدُ اختراعُ سندي بشريحةً صغيرةً بحجمِ طابعٍ بريديٍّ، تقولُ عنهَا إنّها مصنوعةٌ من موادَّ رخيصةٍ جدّاً مثلُ الورقِ والزّجاجِ وتكفيهَا قطرةُ دمٍّ واحدةٍ لتقديمِ التّشخيصِ الفوريّ، الأمرُ الّذي يمنحُ الفقراءَ فرصةً لمعرفةِ الأمراضِ المصابينَ بها.
كمَا اخترعتْ سندي آلةً جمعتْ بهَا تقنياتِ تأثيرِ الضّوءِ والموجاتِ فوقَ الصّوتيّةِ واستخدمتهَا بمجالِ التّكنولوجيا الحيويّةِ، وهي عبارةٌ عن مجسٍّ صغيرٍ يقيسُ استعدادَ الجيناتِ للإصابةِ بمرضِ السّكريّ وتصلُ دقتّهُ إلى 99.1%، ويعتبرُ الأكثرَ دقّةً في العالمِ بهذا المجالِ.
وأسّست العالمةُ والباحثةُ حياة سندي عام 2011م معهدَ التّخيّلِ والبراعةِ الّذي يهدفُ لإنشاءِ نظامٍ بيئيّ في الشّرقِ الأوسطِ لريادةِ الأعمالِ والابتكارِ الاجتماعيّ للعلماءِ والتّقنيينَ والمهندسينَ، وشاركتْ كزميلٍ في مؤسسةِ بوب تيك لدعمِ أفكارِ وأبحاثِ الشّبابِ الرّائدةِ.
مناصب ومشاركات حياة سندي
حظيت العالمةُ السّعوديّةُ، بالعديدِ من المناصبِ والألقابِ عبرَ مسيرتهَا العلميّةِ المستمرّةِ، بينهَا:
- سفيرةُ النّوايا الحسنةِ لدى منظّمةِ اليونيسكو عام 2012 وهي أوّلُ سفيرةٍ سعوديّةٍ في المنظّمةِ.
- جائزةُ مكّةَ للتّميّزِ العلميّ عام 2010 المقدّمةُ منَ الأميرِ خالد بن فيصل آل سعود.
- لقبُ المستكشفةِ الصّاعدةِ عام 2011 من مؤسّسةِ ناشيونالْ جُيوغرافيك.
- واحدةٌ من أكثرِ 150 امرأةٍ مؤثّرةٍ حولَ العالمِ عام 2012 بحسبِ مجلّةِ نيوزويكْ.
- أصبحتْ عامَ 2013 واحدةٌ من أوائلِ النّساءِ اللّواتي دخلنَ مجلسَ الشّورى السّعوديّ.
- صاحبةُ المركزِ 19 بينَ الشّخصيّاتِ العربيّةِ الأكثرَ تأثيراً في العالمِ العربيّ والتّاسعةُ على مستوى النّساءِ العربيّاتِ بحسبِ مجلّةِ أريبيان بيزنيس.
- واحدةٌ منِ أفضلِ 50 عالم لتشجيعِ العلومِ بين الشّبابِ بحسبِ المؤتمرِ الوطنيّ للعلومِ في الولاياتِ المتّحدةِ.
- اختارتهَا أكاديميّةُ روبرت بوش الألمانيّةُ لتشاركَ بين 50 مفكّراً في أبحاثِ الرّبطِ بين العلمِ والسياسةِ.
- نالتْ العضويةُ الفخريّةُ في الكليّةِ الملكيّةِ البريطانيّةِ تقديراً لمساهماتهَا وإنجازاتهَا.
- حصلتْ على العضويّةِ الفخريّةِ في برنامجِ الأممِّ المتّحدةِ للبيئةِ كمستشارةٍ في قمّةِ "عينٌ على الأرضِ".
تلكَ كانتْ مجرّدُ سطورٍ قليلةٍ تختصرُ قصّةَ نجاحٍ كبيرةٍ عنوانهَا حياة سندي، فإلى جانبِ انتصاراتهَا العلميّةِ والأكاديميّةِ، لا يمكنُ تجاهلُ انتصارهَا، كامرأةٍ خليجيّةٍ خطّتْ مستقبلهَا بكلّ اقتدارٍ، في زمنٍ كانَ المجتمعُ يضيقُ على النّساءِ، لذا فإنَّ انتصارهَا هذا لا يقلّ أهميّةً، لا سيّما أنّها فتحتْ بابَ النّجاحِ لكثيرٍ من النّساءِ في مجتمعها.