السمات الشخصية: كيف تكتسب الصفات القويّة مهنيّاً؟
تعرّف على أنواع الشّخصيات المُختلفة، بما فيها من إيجابيات وسلبيات، لاختيار الدّور الوظيفيّ المناسب لمعالمها
أصبحت السمات الشخصية واحدةً من أهمِّ المعايير الَّتي يضعها أصحابُ العمل في الحسبان عند تعيين موظَّفين جُددٍ، أو عند ترقيةِ أحدهم أو حتَّى تسريحهِ من العمل، فهذه السِّماتُ تُساعدُ على تحديدِ الأشخاصِ الملائمين لثقافة الشَّركة والقادرين على تحقيق أهدافها، فلم تَعد المؤهِّلاتُ والمهاراتُ الصَّلبة هي فقط العامل الأساسيُّ في الاختيار، أو الَّتي يجبُ إضافتها فقط في السِّيرة الذَّاتيَّة للفت انتباه مديري التَّنمية البشريَّة وأصحاب الشَّركات. كما أنَّ فهمها ضرورةٌ أيضاً للشَّخص نفسه، لمعرفة سبب فشله في مجالٍ معيَّنٍ على الرَّغم من مؤهِّلاته القويَّة، أو أفضل المهن والمناصب الَّتي يُمكن بها استغلال نقاط قوَّته.
فما هي السمات الشخصية؟ وكيف تتعرَّف على صفاتك القويَّة والضَّعيفة؟ وهل يُمكن تغييرها بما يتلاءم مع المهن الأكثر ربحاً وجاذبيَّةً في الألفيَّة الثَّالثة؟ وما هي السِّمات المهنيَّة الأكثر قوَّةً في هذا العصر؟ كلُّ هذا وأكثر سوف نتعرَّف عليه في الأسطر المُقبلة.
ما هي السمات الشخصية؟
سمات الشخصية هي الخصائصُ والصّفات الفرديَّة الَّتي تُحدِّد سلوك الشَّخص وعواطفه وأنماط تفكيره وطريقة تفاعله مع الأشياء والأشخاص من حوله، وفي مكان العمل تلعبُ تلك السِّمات دوراً حيويّاً في تحديد الأداء الوظيفيّ والعلاقات مع الزُّملاء وبيئة العمل المناسبة، وغالباً ما تتطوَّرُ السمات الشخصية على مدار العُمر، وقد تظلُّ ثابتةً أيضاً لدى بعضهم وفقاً للظُّروف والمواقف الَّتي يمرُّ بها الشَّخص.
ويهتمُّ أصحاب العمل بسمات الشَّخص؛ لأنَّها تُساعدهم في توقُّع الطَّريقة الَّتي يتفاعل بها الموظَّف مع الآخرين في مكان العمل، كما تُوفِّر مؤشِّراً لاستجابته المُحتملة لمواقف وضغوطٍ محدَّدةٍ قد يواجهها في حياته المهنيَّة. [1]
ما هي السمات الشخصية الأساسية؟
تنقسم السمات الشخصية الرَّئيسيَّة إلى 5 أنواعٍ، ويتفرَّع من كلٍّ منها أنماطٌ مختلفةٌ، ويعدُّ فهم السمات الشخصية جزءاً أساسيّاً من تطوُّرك الوظيفيّ، فالوعي بهذه الصِّفات، سواء لديك أو لدى الآخرين سيساعدك على بذل قصارى جهدكَ في العمل، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات وفهم السُّلوكيَّات المختلفة حولكَ وتطوير طريقة ردود فعلكَ، والسمات الشخصية الرَّئيسيَّة هي:
الشخصية المنفتحة "Openness"
وهي الشَّخصيَّة الَّتي لديها مجموعةٌ متنوِّعةٌ من الاهتمامات، وتحبُّ دخول تجارب جديدةٍ باستمرارٍ، وتتمتَّعُ بفضولٍ كبيرٍ حول العالم، وتعشقُ السَّفر بالإضافة للتَّمتُّع بقدرٍ كبيرٍ من الخيال مع ميلٍ إلى المغامرة والإبداع. وأصحاب هذه الشَّخصيَّة يُبدعون في وظائف، مثل الكتابة والتَّصميم، كما يُمكن أن ينجحوا بشدَّةٍ في وظائف الطَّيران أو المحاماة أو الفلسفة، أو في ريادة الأعمال، فهم قادرون على التَّحدّي بطريقةٍ أكثر عمقاً من غيرهم.
الشخصية صاحبة الضّمير الحيّ "Conscientiousness"
وهي الَّتي تعشقُ تنفيذ كلُّ شيءٍ بطريقةٍ صحيحةٍ تماماً، وعلى أكمل وجهٍ، وأصحاب هذه الشَّخصيَّة لديهم قدرةٌ كبيرةٌ على ضبط النَّفس وتوجيهها للأهداف المحدَّدة، ويُفضِّل أصحاب هذه الشَّخصيَّة أن يتمُّ كلُّ شيءٍ وفقاً لتخطيطٍ مسبقٍ، ولا يحبُّون المغامرة ولا المفاجآت، بل تعشقُ النِّظام، وتكرهُ أيَّ اختلافٍ في الجدول الزَّمنيّ.
كما أنّ هذه الشَّخصيَّة مبهرةٌ في مجال العمل من حيث الاهتمام بالتَّفاصيل والحذر والانضباط الذَّاتيّ والتَّنظيم العالي وعادات التَّخطيط المسبق، إلَّا أنَّ الجانب السَّلبيَّ فيها هو عدم المرونة والانزعاج الشَّديد من عدم سير الأحداث وفقاً لما هو مخططٌ له، وأصحابها بارعون في مهنٍ مثل الطِّبِّ والتَّمثيل وريادة الأعمال والسِّياسة والاستشارات، وغيرها من الوظائف الّتي تتطلَّبُ الكثير من التَّخطيط مع مواعيد نهائيَّةٍ ضيّقةٍ.
الشخصية الانبساطيّة "Extraversion"
وهي النَّموذج الأكثر اجتماعيّةً في السمات الشخصية، إذ يحبُّ أصحاب هذه الشَّخصيَّة الثَّرثرة، كما أنَّهم يتمتَّعون بالحزم والودِّ مع الجميع، ويرغبُ أصحاب الشَّخصيَّة الانبساطيَّة في أن يكونوا دائماً مركز اهتمام الجميع، والجانب السَّلبيُّ هنا هو عدم الميل للتَّفكير المسبق مطلقاً، فيتحدَّثون ويتصرَّفون قبل أن يُفكِّروا، ولكنَّهم بارعون للغاية في الوظائف الَّتي تتطلَّبُ على الدَّوام الاحتكاك بأشخاصٍ جُددٍ، مثل المبيعات والعلاقات العامَّة والإعلام والتَّمثيل والتَّعليم والسّياسة أيضاً.
الشخصية الوفاقيّة "Agreeableness"
وهنا التَّعريف الدَّقيق لها لا يعني الموافقة طوال الوقت على ما يقولهُ الآخرون، ولكن تتميَّز هذه الشَّخصيَّة بالتَّعاطف الشَّديد مع الجميع والاهتمام كثيراً بالآخرين مع درجةٍ عاليةٍ من الإيثار والمودَّة، كما تميل للتَّعاون أكثر بكثيرٍ من أنماط الشَّخصيَّات الأُخرى، والَّتي تكون أكثر تنافسيَّةً أو حتَّى قدرةً على التَّلاعب، وتُبدع هذه الشَّخصيَّة في مهنٍ مثل التَّمريض والدَّعوة الدّينيَّة والتَّدريس والعمالة اليدويَّة والقضاء.
الشخصية العصابيّة "Neuroticism"
وهي الَّتي تتسمُ بعدم الاستقرار العاطفيّ والقلق والحزن والتَّهيُّج والمزاج المُتقلِّب، أصحاب هذه الشَّخصيَّة ينزعجون سريعاً وهم أكثر عرضةً للقلق وأكثر تعرُّضاً لضغوط العمل والحياة وأقلُّ قدرةً على التَّكيُّف معها؛ لذا عادةً ما يعملون في وظائف مستقلَّةٍ مثل التَّدريب على اليوغا أو مُعالج بالتَّدليك، أو في المكتبات أو كمصمِّمٍ مستقلٍّ أو خبراء تغذيَّةٍ أو كتَّابٍ مستقلِّين.
لماذا من الضروري معرفة السمات الشخصية؟
يُساعدكَ فهم أنواع السمات الشخصية على تحديد أخلاقيَّاتكَ وفهم علاقاتكَ مع الآخرين والتَّعرُّف أكثر على قيمكَ، والأكثر أهميَّة لك وما يثير شغفكَ بالفعل، بالإضافة إلى تحسين الصِّفات الشَّخصيَّة؛ لتعثر على ما يجعلكَ راضياً وسعيداً أكثر، فإذا كُنتَ ذات شخصيَّةٍ منفتحةٍ، وتعمل في وظيفةٍ روتينيَّةٍ، فإنَّ هذا سيقتل طموحكَ تماماً، على عكس الشَّخصيَّة ذات الضَّمير الحيّ، والَّتي قد تتلاءم معها هذه الوظيفة، وتتطوَّر بها أكثر.
كما يساعدكَ هذا الفهم على التَّخلُّص من السِّمات السَّلبيَّة في نوع شخصيَّتكَ، مثل أن تكونَ أكثر مرونةً إذا كُنتَ شخصيَّةً ذات ضميرٍ، أو تتروَّى قليلاً قبل الحديث إذا كُنتَ شخصيَّةً انبساطيَّةً، أو تستعين بأخصائيٍّ للتَّخلُّص من القلق إذا كُنتَ من الشَّخصيَّة العصابيَّة. [2]
وبالطَّبع يجب أن نُدركَ أنّ هناك عشرات السِّمات الَّتي تندرج أسفل كلّ نوعٍ من الشَّخصيَّات السَّابقة، وقد تطغى بعض الصِّفات كثيراً على بعضهم، أو يمتزج أكثر من نوعٍ لدى الفرد، وفقاً لبيئته وتعليمه وقدرته على تطوير ذاته والتَّغلُّب على السّمات السَّلبيَّة الَّتي يراها في نفسهِ.
شاهد أيضاً: وظّف الشخص وليس السيرة الذاتية: أهمية المهارات الشخصية
اختبارات السمات الشخصية
يُمكنكَ التَّعرُّف على السمات الشخصية إمَّا عن طريق التَّأمُّل الذَّاتيّ والمراقبة لنفسكَ في المواقف المختلفة، أو من خلال جمع آراءٍ متنوِّعةٍ من المحيطين بك بشأن أفضل صفاتك وأهمّ عيوبك، كما يمكنكَ استشارة معالجٍ نفسيٍّ، أو هناك طريقة الاختبارات المتنوِّعة، والَّتي قد تكشفُ لك جوانب مجهولةً من شخصيَّتك، وسوف نتعرَّف الآن على أفضل 7 اختباراتٍ موثوقةٍ للشَّخصيَّة؛ لتتفاعل بطريقةٍ أكثر جودةً مع أفكاركَ وسلوككَ والمواقف تجاه الآخرين وفي العمل: [3]
اختبار انياجرام Enneagram
تُترجَم كلمة Enneagram إلى رقم تسعةٍ في اللُّغة اليونانيَّة، وقد قَسَّم هذا الاختبار الشَّخصيَّات إلى 9 أنماطٍ، ويساعد في تكوين رؤى فريدةٍ تُساعد في رسم المسار الشَّخصيِّ نحو النُّموِّ والتَّحوُّل، فيركِّز الاختبار على فهم كيفيَّة تفاعل بعض أنواع الشَّخصيَّات المهيمنة؛ ممَّا يؤدّي إلى تحسين التَّواصل وحلّ النِّزاعات، ولكن من عيوب هذا الاختبار عدم وجود مقياسٍ للشَّخصيَّات الأكثر تعقيداً، فهو يعملُ على الأسوياء نفسيّاً بدرجةٍ كبيرةٍ.
مؤشر مايرز بريجز MBTI
وهو يستندُ إلى نظريَّات كارل يونج الكلاسيكيَّة في علم النَّفس، وطوَّرت كلٌّ من كاثرين كوك بريجز، وابنتها إيزابيل بريجز مايرز هذا الاختبار الَّذي يُعبِّر عن أنواع شخصيَّة الفرد عبر 4 أبعادٍ مختلفةٍ، وهي:
- الانبساط مقابل الانطواء.
- الاستشعار مقابل الحدس.
- التَّفكير مقابل الشُّعور.
- الحكم مقابل الإدراك.
ومن خلال الخضوع لهذا الاختبار يكتشف الشَّخص تفضيلاته المتنوِّعة، كما يُساعد القادة في تصميم برامج التَّدريب بكفاءةٍ أكبر، لتلبيَّة الاحتياجات والتَّفضيلات المتنوِّعة للفريق.
اختبار DiSC
وهو يشير إلى مفردات الهيمنة Dominance والتَّأثير Influence والثَّبات Steadiness والضَّمير Conscientiousness، وهو اختبارٌ يُركّز على السُّلوكيَّات أكثر من سمات الشَّخصيَّات التَّقليديَّة، وهو مناسبٌ للتَّقييم المباشر للشَّخصيَّة واكتساب الوعي الذَّاتيّ بشأن أساليب الاتِّصال، وطريقة التَّعاون الفعَّالة مع الأنماط الأُخرى.
اختبار قوّة كليفتون CliftonStrengths
طوّره معهد غالوب، وهو مكوَّن من 177 سؤالاً لقياس المواهب والأنماط الطَّبيعيَّة في التَّفكير والشُّعور والسُّلوك، ثُمَّ يُصنِّفها إلى 34 موضوعاً، وهو اختبار تركيزٍ إيجابيٍّ يهدف لمساعدة الأشخاص على التَّناغم مع الميول الفطريّ وفهم كيفيَّة البناء عليه، كما ويُستخدم بكفاءةٍ لأغراض التَّعليم والتَّطوير وإنشاء أهدافٍ مهنيَّةٍ شخصيَّةٍ ووضع خريطة طريقٍ دقيقةٍ لبناء المهارات المُتلائمة مع الشَّخصيَّة.
اختبار الخمسة الكبار
وهو من أكثر اختبارات سمات الشَّخصيَّة دقَّةً وموثوقيَّةً وشمولاً في الوقت ذاته مع الكثير من البحوث التَّجريبيَّة الَّتي تعرَّض لها، ومخرجاته قابلةٌ للتَّطبيق على نطاقٍ واسعٍ، وهو يركِّز على الأبعاد الأساسيَّة للشَّخصيَّة، مثل الانبساط والقبول والانفتاح على التَّجارب والضَّمير والعصابيَّة.
اختبار شخصية هوغان Hogan Personality Inventory
وهو أحد مشتقَّات نموذج الخمسة الكبار، ويُركِّز أكثر على القدرات والسُّلوكيَّات المتعلِّقة بالعمل، ويقيس شخصيَّة الفرد عبر 6 أبعادٍ، وهي التَّكيُّف والطُّموح والميول الاجتماعيَّ والحساسيَّة والحكمة والفضول، ويصف طريقة تعاملنا مع الآخرين عندما نكون في أفضل وأسوأ حالاتنا، ممَّا يساعد في بناء فريقٍ منسجمٍ أكثر مع تحقيق النُّموِّ الوظيفيّ.
اختبار كيرسي للمزاج البشري Keirsey Temperament Sorter
أطلق الاختبار عالم النَّفس ديفيد كيرسي، وقد قسَّم المزاج البشريَّ إلى 4 أنماط، وهي الحرفيّ والوصيّ والمثاليّ والعقلانيّ، فمن خلال فهم المزاج بطريقةٍ أفضل وكيفيَّة تأثيره على الأفكار والأفعال، فإنَّ هذا يزيد من القدرة على التَّكيُّف والتَّعاطف في عالمٍ تسودُ به الفوضى.
ما هي أفضل السمات الشخصية في مجال العمل؟
إنَّ الموظَّف الرَّائع هو الَّذي يفهم دوره في الشَّركة، ويتفاعلُ بطريقةٍ جيِّدةٍ مع المشرفين عليه وزملائه في العمل ومرؤوسيه، فمهاراته تُكمّل الفريق وتُضيف إليه، وعادةً ما تأتي الشَّخصيَّة ذات الضَّمير الحيّ في المقدِّمة بالنِّسبة لخبراء التَّوظيف، وهي الَّتي عادةً ما ترتفع التَّنبُّؤات تجاهها بالنَّجاح الأكاديميّ والمهنيّ، لقدرتها الكبيرة على التَّنظيم والتَّخطيط. كما تأتي الشَّخصيَّة التَّوافقيَّة في المرتبة الثَّانية نتيجة قدرتها الكبيرة على التَّعاون، إلَّا أنَّه من الضَّروري فهم أنَّ الشَّخصيَّات يمكن أن تتداخلَ، ومن المهمِّ التَّركيز على السّمات الإيجابيَّة في كلِّ شخصٍ ومحاولة تقويتها، مع التَّدرُّب المستمرِّ لتقليل تأثير السّمات السَّلبيَّة. [4]
ومن أهمِّ السمات الشخصية الَّتي يُفضِّلها أصحاب العمل، ومن الضَّروريّ إضافة بعضها إلى سيرتك الذَّاتيَّة، لدعمها ومحاولة أن تكون جزءاً حقيقيّاً من شخصيَّتك:
- المصداقيَّة: وهي تعني قدرة صاحب العمل على الثّقة المطلقة في الموظَّف، فالموظَّفون الصَّادقون عنصرٌ أساسيٌّ في أيّ عملٍ تجاريٍّ ناجحٍ، فهم ملتزمون بالمواعيد النّهائيَّة، ويحترمون زملاءهم ومديريهم وعملاءهم، ويحظون بتقديرٍ كبيرٍ من قبل أصحاب العمل.
- القيادة: وهي ليست متعلقةٌ بالمديرين والمشرفين فقط، فصفة القيادة تسمح للأفراد بامتلاك زمام مهامهم وإلهام الآخرين لحلِّ المشكلات مع التَّفكير النَّقديّ بطريقةٍ مستقلَّةٍ عن صاحب العمل، وهذا يؤدّي إلى تبسيط العمليَّات وتحفيز الزُّملاء لتقديم أداءٍ أفضل.
- الطُّموح: وهي سمةٌ تجعل الموظَّف راغباً دائماً في تحسين مهاراته ومعارفه مع وجود حافزٍ قويٍّ دائمٍ للنَّجاح، بالإضافة للقدرة على تحمُّل مسؤوليَّاتٍ إضافيَّةٍ وإنجازٍ أكثر بكثيرٍ ممَّا هو متوقَّعٌ منهم، فهم يمتلئون بالطَّاقة والشَّغف، ويضعون معايير مرتفعةً لنجاح الفريق.
- الإبداع: إنَّ التَّفكير خارج الصُّندوق وإيجاد حلولٍ مبتكرةٍ للمشكلات هو المعنى الحقيقيّ للإبداع، والموظَّفون الَّذين يمتلكون هذه السِّمة قادرون على التَّرقّي السَّريع؛ بسبب منح شركاتهم ميزةً تنافسيّةً شديدةً؛ نتيجة طرح أفكارٍ مبتكرةٍ دائماً على المائدة للمزيد من التَّكيُّف مع التَّغيُّرات السُّوقيَّة المُتسارعة.
- المثابرة: وهي من السمات الشخصية ذات الأهميَّة الشَّديدة في مكان العمل، فلا يجب أن تنهارَ مع أوَّل إخفاقٍ، بل يجب أن تمتلكَ قدراً كبيراً من التَّحدّي مع الاستمرار في المحاولات حتَّى يتحقِّقَ النَّجاح.
- القدرة على العمل الجماعيِّ: وهي مهارةٌ أساسيَّةٌ لمختلف أماكن العمل حتَّى إذا كان عن بُعدٍ، فيجب التَّمتُّع بروح الفريق ووضع المصلحة العُليا على رأس أولويّات العمل، والموظَّف المتعاون هو الَّذي لا يهتمُّ فقط بالنَّجاح الفرديّ، بل يبذل المزيد من الجهد لضمان تحقيق أهداف الفريق.
- التَّواصل: وهو من المهارات الحيويَّة في أيّ دورٍ وظيفيٍّ، حيث تمكَّن الموظَّف من التَّعبير بوضوحٍ عن نفسه وأفكاره وبناء علاقاتٍ قويَّةٍ مع زملائه وعملائه.
هل يمكن تغيير السمات الشخصية؟
نعم وبشدَّةٍ أيضاً، فالشَّخصيَّة ليست كياناً جامداً، بل هي نتيجة الكثير من التَّفاعلات الَّتي حدثت على مدى حياتكَ، ووعيكَ بالتَّأثيرات السَّلبيَّة لبعض الصّفات الشَّخصيَّة هو المفتاح الأوَّل للتَّغيير، ولكن نُحذِّرك من البداية أنَّ الأمرَ سيتطلَّب الكثير من الجهد، كما قد تحتاج لمساعدةٍ خارجيَّةٍ سواءً من صديقٍ أو قريبٍ يتفهَّم حالتكَ، ويساعدك على تغييرها، أو عبر مساعدةٍ مختصَّةٍ.
كما أنَّه من الضَّروريّ فهم الفرق بين تطوير السمات الشخصية والمهارات المهنيَّة، فالأولى أكثر شموليّةً، وتؤثِّر في كلِّ الجوانب الاجتماعيَّة والاحترافيَّة، فبمجرَّد أن تفهم نفسكَ بشكلٍ متكاملٍ، ستُعزِّز طريقتك في التَّفكير والشُّعور والتَّصرُّف، ومن أهمِّ طرق الحصول على صفاتٍ إيجابيَّةٍ سواء في العمل أو الحياة الشَّخصيَّة:
تعزيز مهارات الاتّصال
ضعف التَّواصل يزيد من التَّوتُّر، ويؤخِّر المشروعات أو يتسبَّب في فشلها، وتشملُ مهارات الاتِّصال كلّاً من الاستماع الواعي واستخدام وفهم لغة الجسد والتَّدرُّب على التَّعبير عن المشاعر بقوَّةٍ ووضوحٍ دون خوفٍ.
التزم بتحدٍّ لمدَّة 30 يوماً
وهذا لاكتساب عاداتٍ جديدةٍ مثل النَّوم مبكِّراً أو الرِّياضة يوميّاً أو الكتابة أو غيرها من عاداتٍ جيِّدةٍ تفتقدها بشدَّةٍ في شخصيَّتك، فهذا سوف يزيد من قدرتكَ على الانضباط والمرونة.
اخرج من منطقة الرّاحة
إنَّ الرُّوتين يقتلُ الإبداع، البعضُ يرتاحون تماماً في منطقةٍ خاصَّةٍ، وهؤلاء قد لا يتطوِّرون على الإطلاق؛ لذا حاول تجربة أشياءٍ جديدةٍ مثل التَّطوُّع في مشروعٍ صعبٍ في العمل، أو خوض مغامرةٍ شخصيَّةٍ مختلفةٍ، فهذا يزيدُ من التَّركيز، ويُعزِّز الذَّاكرة والإبداع.
كتابة اليوميّات
يُمكن أن تقتطعَ من يومكَ 5 أو 10 دقائق فقط لتدوين يوميَّاتك، ممَّا يعالج المشاعر السَّلبيَّة، ويُحسِّن من الوعي الذَّاتيّ، ويُوثّق نجاحاتكَ ويساعدكَ على تتبُّع أخطائكَ مع السَّيطرة على القلق والتَّوتُّر.
ممارسة رياضة جماعيّة
يقضي الكثيرون وقتاً طويلاً بمفردهم سواءً في العمل أو المنزل، ممَّا يزيد من الاستقلاليَّة بطريقةٍ مبالغٍ بها، بحيث نُصبح انعزاليين؛ لذا فممارسة رياضةٍ جماعيَّةٍ مفضَّلةٍ ستجعلنا نتفهَّم أهميَّة الاعتماد المتبادل وتطوير مهارات الاتّصال وتعلُّم المخاطرة والتَّخطيط الاستراتيجيّ، وكلُّها سماتٌ إيجابيَّةٌ على المستوى الشَّخصيّ والمهنيّ.
تعلّم الرّفض بطريقة إيجابيّة
التَّعاون سمةٌ إيجابيَّةٌ، ولكن لا يمكن أن تحرقَ نفسك من أجل الآخرين؛ لذا يجب تعلُّم وضع حدودٍ صحيَّةٍ لتكون أكثر حزماً وقدرةً على حماية طاقتكَ، ويساعدكَ في هذا أن تُحسِّن من احترام الذَّات، وتُعزِّز من الرَّفاهيَّة العاطفيَّة، وتتواصل بعمقٍ مع قيمكَ، سواءً بمساعدة مقالاتٍ أو مقاطع فيديو أو بودكاست أو خبراء ومختصِّين.
شاهد أيضاً: قوة الفهم والتواصل: أسرار تحليل الشخصية لفرق عمل متماسكة
إنَّ السمات الشخصية شديدة الأهميَّة في النَّجاح المهنيّ، ولكنَّها لن تكون كافيةً بمفردها أيضاً على الإطلاق، إذ يجبُ التَّمتُّع بمهاراتٍ صلبةٍ متوافقةٍ مع المهنة الَّتي ترغبُ بها، ونؤكِّد لك أنَّ وعيكَ بشخصيَّتك وقدراتكَ وجوانب قوَّتكَ هو الأهمُّ على الإطلاق للتَّطوُّر في أيّ مجالٍ ترغب به، فليست هناك شخصيَّةٌ سلبيَّةٌ كلَّ الأوقات، ولا إيجابيَّةٌ في كلِّ المهن والمواقف، فكلَّما أدركت جوانب تفوُّقك، وعملت على تطويرها، واكتشفت سماتك السَّلبيَّة، وعملت بجهدٍ على تحجيمها، سيكون النَّجاح الماديَّ والاجتماعيَّ حليفاً لك دون أدنى شكٍّ.