كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم تسويق شركات المحفظة؟
تعرّف على أهميّة الذكاء الاصطناعي كأداةٍ قويّةٍ في تحسين الأداء التسويقي لشركات الملكية الخاصة
يشهدُ قطّاع الملكيّة الخاصّة (Private Equity) تطوّراً مُستمرّاً، ولم يَعد تقييمُ إمكانيّات شركاتِ المحفظةِ مُقتصراً على الأداءَ الماليّ فحسب. فاليوم، تتّجهُ المزيدُ من شركاتِ الملكيّة الخاصّة نحو الذكاء الاصطناعي؛ لتحقيقِ ميّزةٍ تنافسيّةٍ في فهم كيفيّة أداء الشّركات من النّاحيّة التّسويقيّة. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرّد كلمةٍ طنّانةٍ، بل هو أداةٌ فعّالةٌ لتقييمِ نقاطِ القوّة والضّعف في جهود التسويق والمبيعات للشّركاتِ، والأفضل من ذلكَ، أنّ الذكاء الاصطناعي يُمكنهُ مساعدتكَ على استيعابِ التّفاصيلِ الدّقيقةِ لعلم النّفس الاستهلاكيّ، ولا سيما التّنافر المعرفيّ، للتّنبؤ وتحسين الأداء في السّوقِ. [1]
التّنافرُ المعرفيّ، وهو مفهومٌ تم التّعرُّفُ عليهِ منذ عقودٍ، يُشيرُ إلى الشّعورِ بعدم الرّاحة النّفسيّة النّاتج عن حملِ معتقداتٍ أو مواقف مُتضاربةٍ. هناك العديدُ من العوامل الّتي تُؤثّرُ على قراراتِ الشّراء المُتعلّقة بالتّنافر المعرفيّ، من تجنّب الخسارة إلى التّحيز التّأكيديّ. ويُمكنُ القول إنّ الحكمةَ القديمةَ "ما هو قديمٌ هو جديدٌ" صادقةٌ، حيث تصبحٌ هذه الرّؤى النّفسيّة أكثر أهميّةً في عالمِ التسويق المدفوعِ بالذكاء الاصطناعي.
إليك أبرز 5 طرقٍ يُمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها تقييم أداءِ الشّركات الحاليّة أو المُحتملة في محفظتكَ بسرعةٍ:
فعالية التسويق المخصص
الأهميّة: لم يَعد التّخصيص خياراً، إذ يتوقّعُ المُستهلكون أن تعرفَهم العلامات التجارية، وتفهمَهم، وتُلبّي احتياجاتهم الفرديّةَ، فالشّركاتُ الّتي تتفوّق في التّسويق المُخصّص تُحقّق معدّلات تفاعلٍ وتحويلٍ أعلى.
دور الذّكاء الاصطناعيّ: يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليلُ كميّاتٍ هائلةٍ من بيانات المُستهلكين لإنشاءِ حملاتٍ تسويقيّةٍ مُخصّصةٍ للغايةِ؛ لذلك راقب كيف تُقوم الشّركة بتقسيمِ جمهورها وتخصيصِ رسائلها، فهل تستخدمُ أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم محتوىً وتوصياتٍ وعروضٍ مُخصّصةً ومختبرةً في السّوقِ؟
التّنافر المعرفيّ: يٌمكن للتّسويق المُخصّص تقليلٌ التّنافر المعرفيّ من خلال مواءمةِ رسائلِ العلامةِ التّجاريّة مع مٌعتقداتِ وقيمِ المٌستهلكين. على سبيل المثالِ، يُمكنُ لمواجهة التّحيز التّأكيديّ أن تصادقَ وتُعزّزَ معتقداتِ المُستهلكين الحاليّة، ممّا يجعلهم أكثر ميلاً للتّفاعل والولاء للعلامةِ التّجاريّةِ.
التّكيّف في الوقت الفعليّ
الأهميّة: يُمكن أن تتغيّرَ السّوقُ وقنواتُ التّسويقِ في لحظةٍ، فالشّركات الّتي يُمكنها التّكيّف مع استراتيجيّاتها في الوقتِ الفعليِّ ستتفوّق على تلكَ الّتي لا تستطيعُ ذلكَ.
دور الذّكاء الاصطناعيّ: يُمكِّنكَ الذكاء الاصطناعي من تحليلِ البياناتِ والرّد في الوقت الفعليِّ، إذاً قيّم قدرةَ الشّركة على تعديلِ جهودها التّسويقيّة بناءً على تعليقاتِ المُستهلكين الفوريّة وظروف السّوق المُتغيّرةِ، فهل لديهم أنظمةٌ آليّةٌ لتعديلِ الحملات بسرعةٍ؟
التّنافر المعرفيّ: من خلالِ معالجةِ مخاوف المُستهلكين وتعليقاتهم في الوقتِ الفعليّ، يُمكن للشّركات تقليلُ التّنافرِ المُرتبطِ بالنّدم الفوريّ أو ندم المُشتري، ممّا يُعزّز ولاء العُملاء.
شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟
تحليل سلوك المستهلك
الأهميّة: فهمُ ما يُحفّز المُستهلكين أمرٌ حاسمٌ لصياغةِ استراتيجيّاتٍ تسويقيّةٍ فعّالٍة.
دور الذّكاء الاصطناعيّ: يتفوّق الذكاء الاصطناعي في التّنبؤ بسلوك المُستهلك من خلال التّعرّف على الأنماطِ وتحليل البياناتِ؛ لذلك قَيّم مدى استخدام الشّركة للذّكاء الاصطناعي، لتّتبعِ وتحليلِ تصرّفات المُستهلكين وتفضيلاتهم وعادات الشّراء لديهم.
التّنافر المعرفيّ: يُمكن لتوقّع ومعالجة نقاطِ التّنافر المعرفيّ، مثل تجنّب الخسارة، وتحسين تجربة العملاء، ممّا يجعلُ المستهلكين يشعرون بأنّهم مفهومون ومقدّرون.
استخدام الذكاء الاصطناعي الأخلاقيّ والشّفاف
الأهميّة: الثّقة هي عنصرٌ أساسيٌّ في ولاءِ العلامة التجارية، إذ يُمكن أن يؤدّي سوء استخدامِ الذّكاء الاصطناعيّ، مثل المحتوى غير الدّقيق أو المُعدّل، إلى فقدان الثّقة والإضرارِ بسمعةِ الشّركةِ.
دور الذّكاء الاصطناعيّ: تأكّد من أنّ الشّركةَ تستخدمُ الذكاء الاصطناعي بشكلٍ أخلاقيٍّ وشفّافٍ، ويشملُ ذلكَ الوضوح بشأن ممارساتِ جمع البياناتِ، والحصول على الموافقاتِ المُناسبةِ، ووضع بروتوكولاتٍ حول إنشاء المحتوى، وضمان أن تكونَ القرارات المُستندةُ إلى الذّكاء الاصطناعيّ عادلةً وغير مُتحيّزةً.
التّنافر المعرفيّ: تبنيّ ممارسات الذّكاء الاصطناعيّ الأخلاقيّة يبني ثقةَ المُستهلكِ، ممّا يُقلّلُ التّنافر من خلالِ مواءمةِ تصرّفات الشّركةِ مع توقّعات المُستهلكين، ويُمكن للشّفافيّة في استخدام الذّكاء الاصطناعيّ معالجة التّنافر الأخلاقيّ، حيث قد تتعارضُ قيم المُستهلكين والمُوظّفين مع المُمارساتِ المتصوّرةِ للشّركةِ.
مقاييس الأداء الشّاملة
الأهميّة: لا يُمكن تحسينُ ما لا يُمكن قياسهُ، إذ تُوفّرُ مقاييسُ الأداءِ الشّاملة صورةً واضحةً عمّا ينجحُ وما لا ينجحُ.
دور الذّكاء الاصطناعيّ: يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ تقديم رؤىً أعمق حول أداء التّسويق من خلال تحليلِ مجموعةٍ أوسع من المقاييس، فانظر إلى ما هو أبعد من مقاييسِ الأداءِ التّقليديّة، مثل، تكلفة اكتساب العملاء (CAC) وقيمة العمر (LTV)، وفكّر في كيفيّة مُساعدة الذّكاء الاصطناعيّ على قياس التّفاعل والمشاعر والولاءَ للعلامة التّجاريّةِ.
التّنافر المعرفيّ: يُمكن أن تكشفَ بياناتُ الأداءِ عن المجالاتِ الّتي يُمكن أن يُعزّز فيها التّنافر المعرفيّ ثقة المُستهلك، ويُؤثّر على قراراتِ الشّراء لصالحِ علامتكَ التّجاريّة. على سبيلِ المثالِ، يُمكن للمسوّقين الّذين يفهمون التّنافر النّاتج عن تأثير الرّكب (Bandwagon Effect) إنشاء حملاتٍ تسويقيّةٍ فعّالة تُروّج لفكرةِ أنّ الجميع يشتري مُنتجكَ، حيث يُعرف أن المُستهلكين غالباً ما يتّخذون قرارات الشّراء بناءً على العقليّة الجماعيّة والدّليل الاجتماعيّ.
الكلمات الأخيرة
في عالمِ التّسويقِ والمبيعاتِ المتطوّر بسرعةٍ، ليس الذكاء الاصطناعي مجرّد أداةٍ؛ إنّه مغيّر قواعد اللّعبة، إذ من خلالِ الاستفادةِ من الذّكاء الاصطناعيّ، يُمكن لشركاتِ الملكيّة الخاصّة الحصولُ على فهمٍ أعمقَ وأكثر تفصيلاً حول كيفيّة أداءِ شركاتِ المحفظةِ الحاليّة والمُحتملة في السّوق، فبدءاً من التسّويق المُخصّص إلى التّكيّف في الوقتِ الفعليّ، وتحليل سلوكِ المُستهلكِ، والاستخدام الأخلاقيّ للذّكاء الاصطناعيّ، ومقاييس الأداءِ الشّاملةِ، يُقدّم الذكاء الاصطناعي إطاراً قويّاً للتّقييم.
قد يبدو التّنافر المعرفيّ وكأنّه قطعةٌ صغيرةٌ من اللّغز، ولكنّه قوّة قويّة في اتّخاذ قراراتِ المُستهلكِ، فمن خلالِ فهمهِ ومعالجتهِ، يُمكن للشّركاتِ تقليل الاحتكاكِ في رحلةِ العميلِ وبناء علاقاتٍ أقوى وأكثر ولاءً.
إذا كُنتَ مُستعدّاً لإطلاق إمكاناتِ شركاتِ المحفظةِ لديكَ، فقد حان الوقتُ لاعتماد الذّكاء الاصطناعيّ كأداٍة رئيسيّةٍ لشركاتِ الملكيّةِ الخاصّةِـ فتعمّق في هذه المجالات الخمسةِ، وستكون مُجهّزاً جيّداً لتقييمِ جهودهم التّسويقية وتحسينِ أدائِهم.