الصيغة المثلى للتقدُّم بثقةٍ نحو المشاريع الجديدة
اكتشف وجهة نظرٍ جديدةٍ للتغلّب على متلازمة المُحتال عند بدء شيءٍ جديدٍ، وذلك بالإيمان بقدرتكَ على التّعلم والنّمو.
بقلم خوان فيرنانديز Juan M. Fernandez، مؤسس شركة JMF ومدرب من خلالها
لقد مررنا جميعاً بهذا الوضع، اليوم الأوّل في وظيفةٍ جديدةٍ، أو إطلاقُ عملٍ تجاريٍّ جديدٍ، أو الانتقالُ إلى دورٍ جديدٍ تماماً بعد ترقيةٍ، تبدو الغرفة أبرد قليلاً، وراحتا يديك تتصببان عرقاً، والحوار الدّاخليّ يميل نحو الشكِّ بدلاً من الإيمانِ. [1]
ولكن ماذا لو وُجدتْ استراتيجيةً للتغلّبِ على هذه المشاعرِ، ويمكن لأيِّ شخصٍ -يتولّى مشروعاً جديداً- استخدامها؟
الإيمان بقدرتك على التعلم
عندما تبدأ شيئاً جديداً، يُراودك أن تقيس نفسك بناءً على معرفتك وقدراتك الحاليّة. تنظر إلى تحدٍّ ما وسرعان ما تبدأ بمعايرة مهاراتك الحاليّة، لترى إن كانت على قدر المهمّة. ووفقًا لعالم النفس السّريري وأستاذ الجامعةِ جوردان بيترسون Jordan Peterson: "يحاول عقلك دائماً معرفة مدى استقرارك في العالم، وكمّ الأمور التي لا تعرفها مقارنةً بكمِّ الأمور التي أتقنتها."
عند بدء شيءٍ جديدٍ، قد يكون ما تجهله أكثر بكثيرٍ مما تتقنه، وهذا ليس بمشكلةٍ. فعندما يبدأ عقلك في إرسال علاماتٍ تحذيريّةٍ يمنةً ويسرةً، وتفعل مشاعرُ المحتال فعلَها ، تذكَّرْ أنًك لست محدَّداً بمشاعركَ، ولأنّ مشاعركَ لا تُحدد هويّتكَ، فيمكنكَ دوماً اختيار كيفيّة التّصرف حيالها.
ومن خلال إعادةِ صياغةِ وجهةِ نظركَ وتعليم عقلك أن يؤمنَ بقدرتك على التّعلّمِ، أنت تِحوّلُ تركيزكَ ممّا لا يمكنكَ القيام به حالياً إلى استعدادكَ وقدرتكَ على اكتشاف ما يجب القيام به. ويتحوّل تسليط الضّوء من المواهبِ والقدراتِ إلى الجهد والموقفِ الإيجابيِّ؛ هل ترى الفرقَ؟
شاهد أيضاً: التفكير الإيجابي والقدرة على التنبؤ بالمستقبل
في عالم الأعمال، الّذي يتطوّرُ باستمرارٍ مع انتشارِ التّوجّهاتِ والتّقنياتِ الجديدة، تُشكِّل قدرتك على التّكيّف وعلى التّعلّم بسرعةٍ أثمنَ ما تمتلكه. فالمحترفون الأذكياء يؤمنون بقدرتهم على التّعلّمِ والتّكيّفِ أكثر مما يؤمنون بقدراتهم الحاليّةِ.
صيغة الموقف السلوكي
إذاً، كيف يُمكنك الانتقال من عقليّةٍ ثابتةٍ إلى عقليّة نموٍّ؟ من خلال استخدام الأداة الوحيدة التي نمتلكها جميعاً والّتي تكون في متناولِ أيدينا بشكلٍ كاملٍ، ألا وهي: الموقف السّلوكيّ. إذ سيسهم موقفك في ردم الهوّة بين المكان الّذي تقف فيه عند بدء شيءٍ جديدٍ والمكان الّذي ترغبُ في الوصولِ إليه.
قال الأستاذ والمُتحدّث التّحفيزيّ فيكتور كوبرز Victor Küppers بتطوير صيغةٍ فريدةٍ لتفهمَ كيف يمكن لموقفٍ سلوكيٍّ استثنائيٍّ مساعدتك في تعزيز شعورك بالقيمة وتقدير الذّات:
- (المعرفة + المهارات) × الموقف السّلوكيّ = القيمة
ويقول إنّ كلّ ما تُخطّط لفعله في الأعمالِ والحياةِ سيتطلّبُ معرفةً ومهاراتٍ. وكلاهما أمران مُهمّان ولهما وزنهما، لا شكّ في ذلكَ، لكن الموقف السّلوكيّ الّذي تتّخذه هو العاملُ الرّئيسيّ.
إذا نظرتَ إلى المعادلة عن كثبٍ، فإنّ المعرفةَ والمهاراتِ بينهما إشارة جمعٍ، بينما نرى قبل الموقفِ السّلوكيّ إشارةَ ضربٍ. إذ إنّ موقفك السّلوكيّ هو العامل الحاسم عندما يتعلّقُ الأمرُ ببدء مشروعٍ جديدٍ بثقةٍ، بغضّ النّظر عن مقدار المعرفة والمهارات الّتي تمتلكها؛ موقفك هو ما يجعلك لافتاً للنّظر، ما يجعلك مميزاً، وما يجعلك فريداً.
شاهد أيضاً: كيف تنجح في إدارة المشاريع الجديدة مع فريقك
باستطاعتكَ دائمًا، مع الوقت والجهد، اكتسابَ المزيد من المعرفة وتطوير مهاراتٍ جديدةٍ. ولكن موقفك السّلوكيّ هو الشّيء الوحيد الذي يخضعُ تماماً لسيطرتك، ويُمكنك العمل على تحسينه اليوم، الآن. كما يقول كوبرز: "كلّ شخصٍ استثنائيٍّ يمتلكُ موقفاً سلوكيّاً استثنائيّاً".
لماذا تنجح هذه الصيغة
لا أحد يتخلّصُ تماماً من شعوره بأنّه مُحتالٌ. فقد أُجريت أبحاثٌ نفسيّةٌ في أوائل الثّمانينّاتِ من القرن الماضي، وقدّرتْ أنّ اثنين من كلّ خمسةِ أشخاصٍ ناجحين يَعتبرون أنفسهم مُِحتالين. وقد أظهرت دراساتٌ أخرى أن 70% على الأقلّ من الأشخاصِ يشعرون بأنّهم مُزيفون من وقتٍ لآخر. السّر ليس في محاولة القضاء على هذه الأفكار، وإنّما في منعها من إيقافكَ.
إذا لم تختفِ أفكارُ المُحتالِ، فإنّ الإيمانَ بقدرتكَ على التّعلّم والتّحسن، واتّخاذ الموقف السّلوكيّ الصّحيح بغضِّ النّظر عن معرفتك أو مهاراتك الحاليّة، يُصبح أمراً بالغَ الأهميّة. وكما تشيرُ الأبحاثُ، يجب أن تكون خائفاً من خوضِ المخاطرِ والسّعيّ وراء شيءٍ جديدٍ، ومن الطّبيعيّ أن تشعرَ بالشّكّ. ولكن يجب أن تضغطَ على هذا الخوف وتنطلقَ نحو هدفك مهما يكن، مُسلّحاً باستعدادك لبذل الجهد واتّخاذ موقفٍ سلوكيٍّ مُشجّعٍ يتجاوزُ أيّ ظرفٍ كان، وبإيمانٍ راسخٍ بقدرتكَ على اكتشافِ الأمورِ.
شعورُ المُحتال ليس حُكماً على فُرصك في النّجاحِ. فمن خلال التّعامل مع المشروعاتِ الجديدةِ بهذه العقليّة، أنت لا تراهن فقط على استراتيجيّةٍ، بل تُراهن على نفسكَ، وهو دائماً رهانٌ يستحقُّ القيامَ به.