الرئيسية التنمية الطريق إلى الاكتتاب الأولي للطرح العام: من الخطة إلى التنفيذ

الطريق إلى الاكتتاب الأولي للطرح العام: من الخطة إلى التنفيذ

تجهيز الشّركات للأسواق العامّة حافلٌ بالتّحديات، لكنّ استيعابها والتّعامل معها مبكّراً يعزز بشكلٍ كبيرٍ فرص النّجاح

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

المقال الأصلي متوفر باللغة الإنجليزية هنا.

يعدّ تحويل الشّركة إلى كيانٍ عامٍّ إحدى اللّحظات الفارقة في مسيرتها، حيث تلتقي الرّؤية بالتّقييم، وتتحوّل الطّموحات الفرديّة إلى حقائق جماعيّةٍ يشاركها الجمهور. فليس الطّرح الأوّليّ للاكتتاب (IPO) مجرّد إجراءٍ ماليٍّ، بل هو إعلانٌ يحمل في طيّاته شهادةً بأنّ الشّركة قد بلغت مستوىً من النّضج التّشغيليّ والتّعقيد الإداريّ يجعلها جاهزةً لدخول المنافسة العالميّة بثقةٍ واستحقاقٍ. 

غير أنّ هذا المسار لا يخلو من التّحدّيات، فهو طريقٌ طويلٌ وشاقٌّ يتطلّب تحضيراً دقيقاً واستراتيجيّةً محكمةً، إلى جانب القدرة على التّكيّف مع المعايير الصّارمة الّتي تفرضها الأسواق العامّة. فالطّرح الأوّليّ يمثّل تحوّلاً جذريّاً يعيد تشكيل أسس الشّركة، إذ يتعيّن عليها أن تعيد هيكلة عمليّاتها التّشغيليّة، وتضبط نظمها الماليّة، وترسّخ أطر حوكمتها لتتوافق مع متطلّبات الأسواق المفتوحة. 

ولتحقّق الشّركة النّجاح في هذه الرّحلة، فإنّ وضوح الرّؤية يعدّ الشّرط الأوّل. ولا بدّ أن تقترن هذه الرّؤية بشفافيّة التّنفيذ وانضباطٍ صارمٍ في تحقيق القيمة المضافة للمستثمرين. فليس الطّرح الأوّليّ غايةً بحدّ ذاته، بل هو خطوةٌ استراتيجيّةٌ تمهّد الطّريق لنموٍّ مستدامٍ، وتحقيق توازنٍ بين طموحات النّموّ والامتثال لضغوط السّوق. 

يقدّم هذا الدّليل خارطة طريقٍ للشّركات الّتي تستعدّ لهذه المرحلة المصيريّة. فهو لا يكتفي بتسليط الضّوء على الخطوات الأساسيّة اللّازمة للطّرح الأوّليّ، بل يوفّر رؤىً معمّقةً حول كيفيّة مواجهة التّحدّيات، واستثمار الفرص، وبناء أساسٍ صلبٍ يرسّخ مكانة الشّركة في الأسواق العامّة. وليس الطّرح الأوّليّ نقطة تحوّلٍ فقط، بل هو بدايةٌ لفصلٍ جديدٍ تعيد فيه الشّركة تعريف نفسها، وتثبت قدرتها على الصّمود والازدهار في عالمٍ تنافسيٍّ لا يرحم، ولكنّه مليءٌ بالفرص لمن يمتلك الرّؤية والبصيرة. 

فهم الرّحلة 

لا يجوز النظر إلى الطّرح الأوّليّ للاكتتاب كمجرّد وسيلةٍ لجمع رأس المال، بل هو بمثابة البوّابة الّتي تنفتح أمام الشّركة لتدخلها عالماً يحفل بفرص النّموّ المتسارع، ويكسبها المصداقيّة السّوقيّة، وييسّر لها الوصول إلى قاعدةٍ أوسع من المستثمرين. غير أنّ هذه الرّحلة، على ما تحمله من وعدٍ، لا تجزى بالتّوقّع والتّمنّي؛ بل هي مشروعٌ يفرض تخطيطاً دقيقاً، وعملاً شاقّاً، وتكيّفاً مع متطلّبات الأسواق العامّة. 

تبدأ هذه الرّحلة بمراجعةٍ دقيقةٍ لواقع الشّركة. فلا بدّ من التّأكّد ممّا إذا كان الطّرح الأوّليّ يتناغم مع أهدافها طويلة الأمد، وما إذا كانت تمتلك النّضج التّشغيليّ والماليّ اللّازمين لمواجهة تحدّيات الأسواق العامّة. ويتطلّب ذلك استعداداً شاملاً يشمل جميع جوانب العمل؛ من الحوكمة، والتّقارير الماليّة، والضّوابط الدّاخليّة، إلى موقعها في السّوق. 

أوّل خطوةٍ في هذا المسار هي إجراء تقييمٍ لجاهزيّة الشّركة للاكتتاب. يساعد هذا التّمرين على تشخيص الثّغرات في الأنظمة الماليّة، وإطار الحوكمة، والعمليّات التّشغيليّة. فعلى سبيل المثال، يجب على الشّركات التّأكّد من قدرتها على إعداد تقارير ماليّةٍ تتماشى مع المعايير الدّوليّة كالمعايير الدّوليّة لإعداد التّقارير الماليّة (IFRS) أو المبادئ المحاسبيّة المقبولة عموماً (GAAP) في الولايات المتّحدة، وذلك ضمن المهل الزّمنيّة الصّارمة الّتي تفرضها الأسواق العامّة. 

وإذا كان التّوقيت عاملاً أساسيّاً في نجاح الطّرح، فإنّ تحليل ظروف السّوق، واتّجاهات القطاع، ومعنويّات المستثمرين، يمثّل أحد الرّكنين الرّاسخين في الخطّة. التّأخّر في الطّرح قد يفقد الشّركة نافذةً ذهبيّةً في السّوق، بينما الاستعجال قد يفضي إلى أخطاءٍ كلّفتها غاليةٌ. 

كما أنّ فهم التزامات التّنظيم هو شرطٌ جوهريٌّ. بناءً على السّوق المستهدفة، وقد تطالب التّشريعات بإفصاحاتٍ مفصّلةٍ، ومراقبةٍ دقيقةٍ للأسواق، والالتزام بقواعد الحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة. فعلى سبيل المثال، يجب على الشّركات المدرجة في الولايات المتّحدة تقديم تقارير سنويّةٍ كـ(Form 10-K) وربعيّةٍ كـ(Form 10-Q)، مع الالتزام بمتطلّبات قانون Sarbanes-Oxley (SOX). 

ولأنّ الطّرح الأوّليّ ليس عمليّةً تؤدّى بسرعةٍ، بل رحلةٌ تتطلّب درايةً، وإدارةً، وتخطيطاً دقيقاً، فالشّركات الّتي تفهم طبيعة هذه الرّحلة، وتتعامل معها بحكمةٍ هي الّتي تستطيع أن تحوّل هذا التّحدّي إلى فرصةٍ تبنى عليها نجاحاتٌ مستدامةٌ. 

إرساء الأسس 

تحويل الشّركة من كونها كياناً خاصّاً إلى كيانٍ عامٍّ ليس مجرّد تغييرٍ في صفتها القانونيّة، بل هو تحوّلٌ جذريٌّ يعيد تشكيل هيكلها وطريقة إدارتها ورؤيتها. إنّه المحطّة الّتي تتطلّب فيها الشّركة أن ترسّي أسساً قويّةً، تبدأ بالحوكمة، ذلك الرّكن الّذي لا قيام للشّركة العامّة دونه. 

وفي هذا السّياق، يتعيّن على الشّركة أن تتّخذ خطواتٍ جادّةً لبناء مجلس إدارةٍ قويٍّ، يضمّ أعضاءً مستقلّين ذوي خبرةٍ، قادرين على توجيهها نحو نموٍّ مستقبليٍّ مستدامٍ. كما يجب تشكيل لجانٍ متخصّصةٍ تشرف على مواضيع التّدقيق، والتّعويضات، والحوكمة، لا لتلبية الالتزامات التّنظيميّة فحسب، بل لضمان إشرافٍ فعّالٍ يعزز الثّقة في أدائها. 

وإذا كانت الحوكمة هي اللّبنة الأولى، فإنّ القيادة تمثّل اللّبنة الثّانية الّتي لا قيمة لسابقتها دونها. ففي حين أنّ الشّركات النّاشئة تستمدّ قوّتها من الرّشاقة والحماس الرّياديّ، تتطلّب الشّركات العامّة نموذجاً للقيادة يرتكز على الحوكمة والاستقرار. ولا غنى عن هذا التّحوّل لتلبية متطلّبات الأسواق العامّة الّتي تعلي من قيم المساءلة، والرّؤية الطّويلة المدى، والاتّزان بين النّموّ، والرّبحيّة، وإدارة المخاطر، وتحقيق عوائد للمساهمين. 

وإذا انتقلنا إلى الجانب الماليّ، فإنّ الجاهزيّة الماليّة تكون العامل الحاسم في تأهيل الشّركة للتّعامل مع السّوق العامّة. لذا، يجب على الشّركات أن تقدّم تقارير ماليّةً دقيقةً وفي الوقت المحدّد، في مددٍ قصيرةٍ، تتراوح ما بين 30 إلى 45 يوماً بعد نهاية كلّ ربعٍ ماليٍّ. وتتطلّب هذه المهمّة تطبيق أنظمةٍ قويّةٍ لتخطيط موارد المؤسّسة، وتعزيز الضّوابط الدّاخليّة، وتشكيل فريقٍ ماليٍّ ذي خبرةٍ عاليةٍ. فالسّوق العامّة لا تتسامح مع الأخطاء، ممّا يجعل توفير نظمٍ متينةٍ أمراً لا غنى عنه لضمان نزاهة البيانات. 

ولا يمكن الإغفال عن أهمّيّة تعزيز الأمن السّيبرانيّ، إذ تزداد متطلّبات السّوق العامّة تشديداً على حماية البيانات وضمان السّرّيّة. فتنفيذ تدابير قويّةٍ للأمن السّيبرانيّ، ووضع خططٍ للتّعامل مع الحوادث، وإجراء اختباراتٍ منتظمةٍ لقوّة النّظام أصبح أمراً ضروريّاً. 

إرساء هذه الأسس هو المفتاح لتحقيق النّجاح في السّوق العامّة. إنّها ليست خطوةً شكليّةً، بل هي نقلةٌ تعيد تشكيل هويّة الشّركة، وتضمن لها القدرة على الازدهار في بيئةٍ تنافسيّةٍ تحفل بالفرص والتحدّيات. 

سرد القصّة 

لا يقتصر الطّرح الأوّليّ للاكتتاب (IPO) على الأداء الماليّ، بل هو في جوهره قصّةٌ تسرد لتثير اهتمام المستثمرين وتجذبهم. فبناء روايةٍ مقنعةٍ للأسهم يعدّ عاملاً جوهريّاً في استقطابهم. ويجب أن تبرز هذه الرّواية رؤية الشّركة بوضوحٍ، وتظهر الفرص السّوقيّة الّتي تسعى لاستغلالها، وتوضّح كيف يمكنها تحقيق قيمةٍ حقيقيّةٍ. كما يجب عليها أن تلقي الضّوء على مزاياها التّنافسيّة، كالتّكنولوجيا المملوكة، أو الرّيادة السّوقيّة، أو الكفاءة التّشغيليّة، مع معالجة المخاطر المحتملة وتقديم خارطة طريقٍ واضحةٍ للنّموّ. 

أمّا الشّركات في الأسواق النّاشئة، مثل منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، فعليها أن توازن في هذه الرّواية بين توقّعات المستثمرين المحلّيّين والدّوليّين. إذ إنّ المستثمرين في المنطقة يضعون أولويّةً لعوائد التّوزيعات، حتّى في الشّركات الّتي تشهد معدّلات نموٍّ مرتفعةٍ. وعلى ذلك، يتعيّن على الشّركات أن تعاير استراتيجيّات النّموّ والعوائد بعنايةٍ لتجذب قاعدةً واسعةً من المستثمرين. كما أنّ إبراز كيفيّة دعم السّياسات الحكوميّة الإقليميّة، كتبسيط التّراخيص أو تسهيل عمليّات الشّراء، يمكنه أن يعزّز الرّواية الاستثماريّة. 

على صعيدٍ آخر، أصبحت قضايا الحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة عنصراً أساسيّاً في رواية الطّرح. فالتّوقّعات تتزايد بأن تظهر الشّركات قدرتها لا على تحقيق عوائد ماليّةٍ فحسب، بل أيضاً على إحداث أثرٍ إيجابيٍّ في المجتمع. وإدماج أهداف الحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة في رواية الطّرح يمكن أن يعزّز الثّقة عند المستثمرين ويجذب الصّناديق الّتي تركّز على الاستدامة. ولذلك، تكون المؤشّرات الواضحة والتّقارير الشّفّافة حول هذه المبادرات ضروريّةً لبناء الثّقة مع جميع الأطراف. 

ولكنّ السّرد المؤثّر يتطلّب أيضاً الاتّساق. فيجب على الشّركات أن تضمن توافق جميع قنوات التّواصل، من العروض التّقديميّة للمستثمرين إلى البيانات الصّحفيّة، مع الرّواية الشّاملة. وتدريب القادة التّنفيذيّين على تقديم هذه الرّسالة بفعّاليّةٍ يعدّ ضروريّاً لتعزيز مصداقيّة الشّركة عند المستثمرين المحتملين. 

التّغلّب على التّحديّات 

الطّريق إلى الطّرح الأوّليّ للاكتتاب مفروشٌ بالتّحدّيات، ولكنّ تفهّمها ومواجهتها بشكلٍ مبكّرٍ قد يزيد من فرص النّجاح بشكلٍ كبيرٍ. فتكلفة تحويل الشّركة إلى كيانٍ عامٍّ قد تكون مرتفعةً، إذ تشمل المصاريف الكثيرة للاستشارات، والامتثال القانونيّ، وتطوير العمليّات. ولذلك يجب على الشّركات الاستعانة بمستشارين خبراء في وقتٍ مبكّرٍ لوضع ميزانيّةٍ دقيقةٍ وتحسين تخصيص الموارد. 

كما تشكّل المتطلّبات التّشغيليّة عبئاً ثقيلاً على فرق العمل الدّاخليّة. فتوسيع أقسام التّمويل، والشّؤون القانونيّة، وإدارة الامتثال يعدّ ضروريّاً لمواجهة المهامّ المتزايدة. كما أنّ إدارة توقّعات المستثمرين تعتبر تحدّياً آخر. ويجب أن تقدّم الشّركات إرشاداتٍ تكون طموحةً ولكن واقعيّةً، إذ إنّ الإخفاق في تحقيق الأهداف في المراحل الأولى قد يقوّض ثقة المستثمرين. ومن هنا تكون تطوير فريق علاقاتٍ مع المستثمرين قادرٍ على إدارة التّواصل والتّعامل مع الاستفسارات أمراً ضروريّاً. 

الجاهزيّة التّشغيليّة 

يتطلّب التّحضير للطّرح الأوّليّ للاكتتاب إجراء تغييراتٍ جذريّةٍ في العمليّات الدّاخليّة. وفي هذا السّياق، تلعب التّكنولوجيا والأتمتة دوراً مركزيّاً. فالبرامج المحاسبيّة الأساسيّة نادراً ما تكون كافيةً للتّعامل مع تعقيدات تقارير الشّركات العامّة. ولذلك، يجب على الشّركات تطبيق أنظمة تخطيط موارد المؤسّسة لتلبية متطلّبات التّقارير المتزايدة وتقليل مخاطر الأخطاء اليدويّة. 

تتطلّب هذه العمليّة أيضاً تعزيز الضّوابط الدّاخليّة. فعلى سبيل المثال، يجب إجراء إغلاقاتٍ شهريّةٍ لضمان تحديث البيانات الماليّة ودقّتها. وتطوير توقّعاتٍ تستمرّ لاثني عشر شهراً يمكنه تحسين التّخطيط الماليّ وتلبية متطلّبات المستثمرين. كما أنّ أدوات الأتمتة، مثل أتمتة العمليّات الرّوبوتيّة، تساعد في تبسيط المهامّ الرّوتينيّة كالمطابقة وإدخال البيانات. 

تحتاج علاقات المستثمرين إلى استثمارٍ كبيرٍ. فيجب على الشّركات تطوير وظيفةٍ مخصوصةٍ لإدارة هذه العلاقات، وتنسيق الاتّصالات، والبيانات الصّحفيّة، والاستفسارات. وإجراء مكالماتٍ مع المستثمرين وعروضٍ تقديميّةٍ يعزّز الثّقة ويضمن الشّفافيّة. 

إنّ هذه التّحدّيات، مع كونها كبيرةً، إلّا أنّها توفّر للشّركة الفرصة لبناء قواعد قويّةٍ تمكّنها من النّجاح في الأسواق العامّة. 

السّنة الأولى بعد الطّرح الأوليّ للاكتتاب 

تواجه الشّركات عقب تحوّلها إلى كيانٍ عامٍّ تحدّياتٍ جديدةً تفرض ضرورة التّركيز والانضباط المستمرّين. فتوقّعات المساهمين، والالتزامات التّنظيميّة، وضغوط السّوق تلزم الشّركة بإجراء تحويلٍ شاملٍ في طريقة إدارتها. لذا يُطلب من الشّركة أن تحافظ على حوكمةٍ قويّةٍ، وتوفّي بالتّوقّعات أو تجاوزها، وتعزّز الثّقة مع المستثمرين. فإجراء مكالماتٍ دوريّةٍ لمراجعة الأرباح، وتقديم تقارير مفصّلةٍ حول الحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة، والتّواصل الاستباقيّ مع المستثمرين تكون عناصر جوهريّةً في هذه المرحلة. 

تستمرّ الشّركات في التّفوّق التّشغيليّ عبر الابتكار والنّموّ مع الامتثال لمعايير السّوق العامّة. ليكون الأمن السّيبرانيّ في صميم هذا التّفوّق، فإجراء تدابير أمنٍ سيبرانيٍّ قويّةٍ يعتبر أمراً لا غنى عنه للتّقليل من المخاطر وحماية البيانات. 

كما يتطلّب التّواصل المنتظم مع المستثمرين إقدام الشّركة على تحديثهم بمعلوماتٍ دقيقةٍ وواضحةٍ، تظهر فيها كيف تنفّذ إستراتيجيّاتها للنّموّ. فيساعد إرساء ثقافة الشّفافيّة والمساءلة في تعزيز الثّقة طويلة الأمد مع المستثمرين. 

التعلّم من الطّروحات الأوليّة النّاجحة 

تقدّم تجارب الشّركات الّتي أنجزت طروحاً أوّليّةً ناجحةً دروساً عميقةً وثمينةً. كانت الحوكمة ركناً أساسيّاً في استراتيجيّتها، فقد استثمرت الشّركات بشكلٍ كبيرٍ في بناء مجالس إدارةٍ قويّةٍ، وتشكيل لجانٍ تشرف على مواضيع التّدقيق والتّعويضات. لم تكتف الحوكمة بضمان الامتثال، بل عزّزت أيضاً ثقة المستثمرين. 

ارتكزت الشّركات النّاجحة أيضاً على جاهزيّةٍ تشغيليّةٍ متقدّمةٍ، فنفّذت أنظمةً ماليّةً حديثةً، وعزّزت الضّوابط الدّاخليّة، وأجرت تدقيقاتٍ منتظمةٍ للاستعداد لمتطلّبات التّقارير العامّة. كما أعطت هذه الشّركات أولويّةً للحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة والمؤسّسيّة، ممّا وافق توقّعات المستثمرين. 

كذلك أظهرت هذه التّجارب أهمّيّة التّخطيط الطّويل الأمد. فالطّرح الأوّليّ لا يقتصر على يوم الإدراج؛ بل يمثّل بناء قاعدةٍ صلبةٍ لنموٍّ مستدامٍ. وأثبتت الشّركات الّتي تركّزت على الشّفافيّة، والابتكار، والحوكمة أنّها أكثر قدرةً على الازدهار في أسواق رأس المال. 

الطّرح الأوّليّ ليس حدثاً ماليّاً فقط؛ بل هو تحوّلٌ شاملٌ يعيد تشكيل عمليّات الشّركة، وحوكمتها، وهويّتها. تستطيع الشّركات الّتي تركّز على الحوكمة، والنّضج الماليّ، وسرد قصّتها بشفافيّةٍ أن تضمن النّجاح لا في يوم الإدراج فقط، بل في رحلة نموٍّ طويلة الأمد. وإن كانت الرّحلة مرهقةً، إلّا أنّ مكافآتها تستحقّ كلّ جهدٍ يبذل. 

السّيرة الذّاتيّة للكاتب: 

يوسف سالمٌ هو الرّئيس التّنفيذيّ للشّؤون الماليّة (ADNOC Drilling)، أكبر شركة حفرٍ متكاملةٍ في العالم والمدرجة في سوق أبوظبي للأوراق الماليّة (ADX). تشمل خبراته شغل منصب المدير الماليّ لشركة أي كيو (AIQ)، أوّل "يونيكورن" في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، وكذلك المدير الماليّ وعضو مجلس الإدارة في شركة سويفل (Swvl)، أوّل منصّةٍ للنّقل الجماعيّ تدرج للاكتتاب العامّ عالميّاً، وأوّل "يونيكورن" من المنطقة يدرج في بورصة ناسداك. 

كذلك، عمل يوسف كمديرٍ تنفيذيٍّ ومستشارٍ أوّل في شركة مويلس (Moelis)، حيث اكتسب خبرةً تمتدّ لأكثر من 13 عاماً في مجال الاستثمار المصرفيّ، وشارك في تنفيذ معاملاتٍ تزيد قيمتها على 100 مليار دولارٍ، تضمّنت جمع رؤوس أموالٍ، تمويلاتٍ، اندماجاتٍ واستحواذاتٍ، وإعادة هيكلةٍ في أكثر من 60 صفقةً. 

يوسف هو أيضاً مؤسّس "كور71" (Core71)، وهو تجمّعٌ استثماريٌّ مدعومٌ من "هب71" (Hub71)، ورائد أعمالٍ مقيمٌ في "هب71"، وأستاذٌ ممارسٌ مساعدٌ في الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة. بالإضافة إلى ذلك، هو عضوٌ في مجالس إدارةٍ ولجانٍ استشاريّةٍ لعدّة شركاتٍ وصناديق تقنيّةٍ. ويحمل شهادة المحلّل الماليّ المعتمد (CFA) وعضويّة زمالة جمعيّة الإكتواريّين. 

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد ديسمبر من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: