العلامات التّجارية تستفيدُ من الألعاب للوصول إلى جيل الشّباب
بينما تجذبُ الألعابُ ملايين المعجبين حولَ العالمِ، تستفيدُ العلامات التّجاريّة من شعبيتها بين الشّبابِ الرّقميِّين من جيلي الألفيَّة وزد
هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا
في أبريل، تعاونت شركةُ وول مارت مع منصّة الألعاب روبلوكس (Roblox)، ممّا أتاحَ للّاعبين شراءَ منتجات وول مارت من خلال مركزٍ تجاريٍّ داخل اللّعبة يُسمّى وول مارت ديسكفرد (Walmart Discovered). ولكن هذا لم يكن أوّلَ ولا آخرَ شراكةٍ بين التّجارة الإلكترونيّة ومنصّات الألعاب، فمع زيادةِ شعبيّة الألعاب، تستفيدُ العلاماتُ التّجاريّةُ ومنصّاتُ التّجارةِ الإلكترونيّةِ بشكلٍ متزايدٍ من خصائص الألعاب الجذّابة والمشوّقة، لتعزيز تجربة التّسوّق عبر الإنترنت.
من المُتوقّع أن تصلَ إيراداتُ صناعة الألعاب إلى 282.3 مليارَ دولارٍ هذا العام، مع توقّع تحقيق الإعلاناتِ داخل الألعاب وحدها حوالي 109 ملياراتِ دولارٍ، وفقاً لستاتيستا (Statista) [1] ، كما وتتوقّعُ ستاتيستا أن تصلَ إيراداتُ الصّناعة إلى 363.2 مليارَ دولارٍ بحلول عام 2027، مع توقّع وصول عدد اللّاعبين إلى 1,472 مليونَ لاعبٍ في نفس العام.
وفقاً لتقرير بي سي جي (BCG)، تُعدُّ الألعابُ ثاني أكبر قطّاعٍ في وسائل الإعلام وأسرعها نموّاً، حيثُ تجاوزَ متوسّطُ عمر اللّاعب الثّلاثين عاماً مؤخّراً. [2] تسعى المملكة العربية السّعودية والإمارات العربيّة المتّحدة إلى التّقدّم في هذا المجال، حيثُ استثمرت الحكوماتُ بشكلٍ كبيرٍ في قطّاع الألعاب لجذب الأعمال العالميّة وتعزيز المواهب المحليّة، فقد وضعَ انطلاقُ كأس العالم للرّياضات الإلكترونيّة الذي أطلقتهُ المملكة العربيّة السّعودية الشّهر الماضي المملكةَ على خارطة الرّياضات الإلكترونيّة والألعاب، بينما يهدفُ برنامجُ دبي للألعاب 2033 إلى جعل الإمارة واحدةً من أفضل 10 مدنٍ في صناعة الألعاب العالميّة. [3]
ولكن الألعابَ ليست مجرّدَ ترفيهٍ، حيث تصعّدُ العلاماتُ التّجاريّةُ استراتيجيّاتِها لجذب انتباه الجيل الرقميِّ. حولَ العالمِ، أثبتَ عشّاقُ الألعاب والرّياضات الإلكترونيّة أنّهم مستهلكون شغوفون بالجمال والأزياء، ومستعدّون للاستثمارِ في المنتجات الافتراضيّة والحقيقيّة.
يقولُ ماثيو بيكرينغ، الرّئيسُ التّنفيذيُّ لشركة باور ليج جيمينغ (Power League Gaming)، وهي وكالةُ ألعابٍ كاملةُ الخدمات تربطُ بين العلامات التّجاريّة والنّاشرين وجمهورِ الألعابِ في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يزدادُ اهتمامُ العلامات التّجاريّة بصناعةِ الألعابِ، نظراً لجمهورِها الواسعِ والمتحمّسِ بشدةٍ". ويضيفُ أنَّ العلاماتِ التّجاريّةَ في المنطقة يمكنُها الاستفادةُ من صناعة الألعاب لبناء علاقاتٍ جديدةٍ مع قطّاعات جمهورٍ جديدةٍ، خاصّةً في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيثُ يقضي اللّاعبون متوسّط 7.6 ساعاتٍ أسبوعيّاً في اللّعب.
يضيفُ بيكرينغ: "تستفيدُ العلاماتُ التّجاريّةُ الإلكترونيّةُ بشكلٍ كبيرٍ من التّفاعل مع جماهيرِ الألعابِ من خلال إنشاءِ نُظمٍ بيئيةٍ عبر الإنترنت تُوفّرُ مكاناً للّعبِ ومكاناً للشّراء".
يتضمّنُ ذلكَ كلَّ شيءٍ من تحويلِ التّسوّق إلى لعبةٍ، حيثُ يُمكنُ للعلامات التّجارية تضمين ألعابٍ صغيرةٍ وتحدّياتٍ يُمكنُ للّاعبين من خلالها كسب خصوماتٍ وعملةٍ افتراضيّةٍ للإنفاقِ في المتاجرِ، إلى رعايةِ فرقِ الرّياضاتِ الإلكترونيّةِ التي تتمتّعُ بمتابعين كبيرين وتكونُ مرئيّةً بشكلٍ مُتزايدٍ.
"من خلال تطوير تجاربٍ لا تجمعُ فقط مجموعات بياناتِ الطّرف الأوّلِ بشكلٍ كبيرٍ، ولكن أيضاً تكافئُ الجمهورَ المُكتسبَ حديثاً بالقسائم أو رموز الخصم، يُمكنُ للعلامات التّجاريّة الإلكترونيّة تحقيقُ نتائجَ تجاريّةٍ استثنائيّةٍ"، يقولُ بيكرينغ.
كيفَ تستفيدُ العلاماتُ التجاريةُ من الألعابِ؟
في عام 2019، صمّمَ نجمُ فورتنايت واللّاعب المُحترف نينجا (Ninja) حذاءَ توقيعٍ مع علامة أديداس (Adidas) الرّياضيّة، فيما تمَّ التّرويجُ له كصفقةٍ لعدّةِ سنواتٍ [4] . في نفسِ العامِ، أصبحت نايكي (Nike) المزوّدَ الرّسميَّ للملابس لدوري الأساطير برو ليغ (League of Legends Pro League) في الصين، أكبرِ سوقٍ للألعابِ. [5]
بينما يستفيدُ تُجارُ التّجزئة والعلاماتُ التّجاريّةُ الإلكترونيّةُ من المتابعين الكبار لمؤثّري الألعاب والرّياضيّين الإلكترونيّين، دخلت حتّى العلامات التّجاريّة الفاخرة، مثل لويس فيتون (Louis Vuitton) [6] ، حيثُ صمّمت أزياءً افتراضيةً للأفاتار، وتعاونت مع مطوّري لعبةِ ليغ أوف ليجندز (League of Legends) لتصميم مجموعةٍ كبسوليةٍ ماديّةٍ في عام 2019. وفي عام 2021، قامت علامةُ الأزياء الفاخرة بالينسياغا (Balenciaga) بإطلاق مجموعة خريف 2021 من خلال لعبة فيديو غامرةٍ على الإنترنتِ تُدعى "عالم الغد: عصر الغد" (Afterworld: The Age of Tomorrow) [7] . دعت اللّعبةُ اللّاعبين لاستكشاف عالمٍ تفاعليٍّ، ما بعد الكارثةِ، ما يُمثّلُ خطوةً رائدةً في تسويق الأزياء. وفي عامِ 2022، تعاونت بربري (Burberry) مع ماينكرافت (Minecraft) لإنشاء مجموعةٍ كبسوليةٍ ومغامرةٍ داخلَ اللّعبة للمستكشفين. [8]
يقول كلاوس كاجيتسكي، الرّئيس التّنفيذيّ لشركة يا لّا إيسبورتس (yaLLa Esports)، شركةُ الوسائط الإلكترونيّة الإماراتيّة ومنظّمة البطولات: "عالميّاً، تبنَّت العلامات التّجارية الألعابَ برعايةٍ كبيرةٍ وحملاتٍ". يخبرُنا كاجيتسكي إنَّ إحدى فعالياتهم، يا لّا كومباس (YaLLa Compass)، وهي بطولةُ ألعابٍ من الفئة S في الإمارات، تستهدالعائلات، أساسيٍّ العائلات وتسمحُ للعلاماتِ التّجاريّةِ بتنفيذ أنشطتها على الأرض.
بالمثل، تعاونت باور ليج جيمينغ مع جيمرز8 (Gamers8) -سابقةً لكأس العالم للرّياضات الإلكترونيّة- بدمج علامة كنتاكي فرايد تشيكن (KFC) في الشّراكة الاستراتيجيّة خلال بطولة 2023 الّتي استمرّت لأكثر من 60 يوماً.
تحديات الدّمج بين الألعاب والتّجارة الإلكترونيّة
بينما يحملُ دمجُ الألعاب في التّجارة الإلكترونيّة وعداً كبيراً، يجبُ على الشّركات أن تتجاوزَ التّحديات المُحتملة لضمان النّجاح، ويُمكنُ أن يؤدّي الإفراطُ في تحويل التّسوق إلى لعبةٍ إلى تشويشِ تجربة المُستخدم، ممّا يصرفُ الانتباه عن الهدف الأساسيِّ المتمثّل في تسهيل عمليّات الشّراء السّلسة. [8]
يجبُ دمجُ ميّزاتِ الألعاب بعنايةٍ، مع مراعاة بنية المنصّة وبروتوكولاتِ الأمان، كما ويجبُ على العلامات التّجاريّة ومزوّدي التّجارة الإلكترونيّة أيضاً ضمان تجربةِ مستخدمٍ سلسةٍ وآمنةٍ، مع حمايةِ البيانات الحسّاسة للعملاءِ ضدَّ الثّغرات المُحتملةِ.[9]
يضيفُ كاجيتسكي: "هناك إمكاناتٌ هائلةٌ لإنشاء شراكاتٍ فريدةٍ ومؤثّرةٍ مع العلامات التّجاريّة الّتي تدركُ قيمةَ الوصول إلى جمهور الألعاب غير المستغلِّ".
يتوقّعُ بيكرينغ تطوراتٍ كبيرةً في مجالاتٍ مثلَ الألعابِ السّحابيّةِ، والواقعِ المُختلطِ (Mixed Reality)، والواقع الافتراضيِّ (VR)، والتي يعتقدُ أنّها ستُعزّزُ تجربةَ الألعابِ بشكلٍ أكبرَ، ويعتقدُ أيضاً أنَّ الاهتمامَ المتزايدَ بالواقع الافتراضيِّ والواقع المُعزَّزِ يُمكنُ أنْ يحدثَ ثورةً في دمج العلامات التّجاريّة من خلال توفيرِ بيئاتٍ أكثرَ واقعيّةً وتفاعليّةً.
يقولُ بيكرينغ: "تستعدُّ تقنياتُ الواقع المُعزَّز والواقع الافتراضيِّ لإحداث ثورةٍ في الألعاب ودمج العلامات التّجارية من خلال توفير تجارب أكثر غمراً وتفاعلاً. في الألعابِ، ستتيحُ تقنياتُ الواقع المُعزَّز والواقع الافتراضيِّ بيئاتٍ أكثرَ واقعيّةً وتفاعليّةً، ممّا يُعزّزُ تجربةَ اللّعبِ ومشاركةَ المُستخدمين. ولدمج العلامات التّجاريّة، ستسمحُ هذه التّقنياتُ بحملاتٍ تسويقيّةٍ أكثرَ ابتكاراً وتجربةً، مثل التّجارب الافتراضيّة للتّجارة الإلكترونيّة وعروض المنتجات التّفاعليّة".