العملات الرقمية ببساطة وكيف تختار الملائم لك للاستثمار بها؟

لا يعرفُ الكثيرون أنّ هناك مئاتٍ من العملات الرقمية المُتنوّعة والتي يُؤكّد الكثيرون أنّها المستقبلُ الحقيقيُّ للمعاملات الماليّة سواء بين الدّولِ أو الشّركات أو حتّى بين الأفراد، فهذا الابتكارُ الكبيرُ في مجال التّكنولوجيا الماليّة يُعتبر من الأسرعِ والأكثرِ ربحاً في المعاملات التّجاريّة، وإذا كان هذا النّظامُ قد بدأ على استحياءٍ عام 1993 بإصدارِ بنك فنلندا بطاقةَ أفانت Avant الذكيّة؛ لتكون أوّلَ شكلٍ إلكترونيٍّ من النّقود، إلّا أنّ الصّعودَ الحقيقيَّ لتلك العملات بدأ بانطلاقِ البيتكوين عام 2008 لتكونَ هي العملة الأكثر شهرةً، ولكن الآن أصبحت الكثيرُ من البنوك المركزيّة حول العالم تُطلقُ عملاتها الرقمية لتسهيل عمليّات التّبادل التّجاريّ.

فما هي العملات الرقمية ببساطةٍ؟ وكيف يُمكن الاستثمار بها بأمانٍ؟ وما أفضلُ العملاتِ التي يُمكنكَ شراؤها ومميزات وعيوب هذه البرامجِ؟ وهل يُمكن للجميعِ الشّراءُ؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرفُ عليه في الأسطر المُقبلة.

ما هي العملات الرقمية؟

العملات الرقمية عبارةٌ عن وسيلةِ دفعٍ مُتوفّرةٍ على شكلٍ إلكترونيٍّ بحتٍ، فهي ليست ملموسةً ماديّاً على الإطلاقِ مثل النّقودِ أو السّلعِ، بل يُمكن شراؤها وبيعها وتداولها عبر أنظمةٍ وبرامجَ إنترنتٍ مُصمّمةٍ خصيصاً لهذا الغرضِ، وإن كان يُمكن تحويلُ قيمتها إلى نقدٍ ماديٍّ والحصولُ عليه عبر ماكينة الصّرافِ الآليّ.

كيفية عمل العملات الرقمية

تتشابهُ العملات الرقمية مع نظيرتها النّقديّة في إمكانيّة حسابِها وتداولها واستخدامِها في المعاملات اليوميّة. فمثلاً، الأموالُ الموجودةُ في حسابكَ البنكيّ هي أموالٌ رقميّةٌ أيضاً، فلم تعد البنوكُ تخزنُ الأموالَ النّقديّةَ للعملاءِ. فعندما تضيفُ أموالاً إلى حسابكَ، فإنّ البنكَ يُضيف أرقاماً ويُعيد إصدارَ الفواتير، والأمر نفسهُ عند إجراءِ سحبٍ نقديٍّ، حيث يُحوِّل البنكُ أموالكَ الرّقميّةَ إلى نقودٍ ويُصدرُ فواتيرَ بالعمليّات.

وتستخدم العملات الرقمية برامجَ كمبيوترٍ قويّةً لحلِّ المُشكلات الرّياضيّة المُعقّدة، ممّا يعني تعدينَ العملة الرقمية، ويُمكن شراؤها عبر الوسطاءِ أو تخزينُها عبر محافظِ العملات الرقمية المُتنوّعةِ.

فعندما تمتلكُ عملةً رقميّةً، فإنّ هذا يعني امتلاكَ مفتاحٍ أو كلمة سرٍّ تُتيح لك نقلَ العملةِ من شخصٍ إلى آخرَ دون الحاجةِ إلى وسيطٍ آخرَ، وتُسجّل عبر دفتر الأستاذ، وهو البرنامجُ المسؤولُ عن تسجيلِ كلّ معاملةٍ ماليّةٍ بالتّفصيلِ لمنعِ استخدامِ العملة الرقمية أكثرَ من مرّةٍ.

^[1]  

فوائد وأضرار العملات الرقمية

مع انطلاقِ عملة البيتكوين عام 2008 ودخولِها العملَ رسميّاً عام 2009 والعملات الرقمية والمُشفّرة تثيرُ الكثيرَ من الجدل بين الفوائدِ والأضرارِ التي يُمكن أن تُسبّبها في نظامِ التّبادلِ التّجاريِّ العالميِّ أو بين الأفرادِ، فما أهمُّ فوائدِ وأضرارِ العملات الرقمية؟

فوائد العملات الرقمية

الميّزةُ الأساسيّةُ في العملات الرقمية هي تسريعُ وقتِ المعاملاتِ وخفضُ تكاليفِ التّبادلِ التّجاريِّ بين الدّول والأفراد. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعةٌ من المُميزاتِ الأُخرى مثل:

• إلغاء الحاجةِ إلى التّخزينِ والحفظِ الماديِّ لملايينَ وملياراتٍ من الأوراقِ التي تتعرضُ للسّرقةِ والتّلفِ.
• تبسيط الحساباتِ وسهولةُ حفظِ السّجلاتِ، فتبادلُ أيّ عملةٍ رقميةٍ يتم وفقاً لسجلٍّ إلكترونيٍّ ودفاترَ منفصلةٍ خاصّةٍ بالعملةِ عبر عمليّاتِ أتمتةٍ مُعقّدةٍ.
• تحويلاتٌ ماليّةٌ أكثرُ سهولةً مع قضاءٍ تامٍّ على الوسطاءِ أو الطّرف الثّالثِ، إذْ إنّها عبارةٌ عن عمليةٍ ثنائيّةِ الأطرافِ.
• إتاحةُ المشاركةِ في الاقتصادِ والتّبادلِ التّجاريِّ للجميع، حتّى من لا يملك حساباتٍ مصرفيّةً لأيِّ سببٍ سواء سياسيٍّ أو أمنيٍّ أو غيرهِ.
• تسمح بعضُ أشكال العملات الرقمية بقدرٍ كبيرٍ من الخصوصيّة وإخفاء اسم صاحبِ العملةِ، وهو الأمرُ المُفيدُ للتّبادلِ الماليِّ، ولكن ليس بالتّأكيد لسلطاتِ تنفيذِ القانون.

أضرار العملات الرقمية

تَطَوَّرَتِ العملات الرقمية في أقل من 15 عاماً من إِطلاقها لتثبت أنّها الأكثر جاذبيَّةً للمعاملات المستقبليَّة، ولكن هذا لا يعني وجود أضرارٍ منِ استخدامها، ومن أهمِّها: ^[2]  

• تحدياتٌ سياسيّةٌ وأمنيّةٌ كبيرةٌ، فالعملات الرقمية أموالٌ مجهولةٌ بالنّسبة للحكومات، وحتّى إذا كان من المُمكن معرفةُ صاحبِها فإنّ الوصول إلى هذه الأموال مستحيلٌ تقريباً خصوصاً مع ندرة التّشريعات المُنظّمةِ لإصدار وتداول هذه العملات.
• يُمكن أن تتعرضَ العملات الرقمية للقرصنةِ، فهي أشبهُ ببرامجِ الكمبيوترِ وإن كانت أكثرَ تعقيداً. لكن يُمكن أن تصبحَ هدفاً للقراصنةِ سواء لسرقتها أو تدمير البنية التّحتيّة، ممّا يتطلّب إجراءاتِ أمنٍ قويّةً للغايةِ خصوصاً في العملات الرّقميّة المركزيّة، والّتي يُمكن أن تُؤدّيَ لانهيارٍ اقتصاديٍّ في البلدِ الذي تعرّضَ للقرصنةِ.
• تثير العملات الرقمية الكثيرَ من مسائلِ الخصوصيّةِ، فهي من ناحيةٍ يُمكن تتبعُ صاحبها ولا يمكنه الإنفاق سرّاً، ولكن من ناحيةٍ أخرى يصعب الوصولُ إلى مكانِه فعليّاً.
• رُغم انخفاضِ تكاليف التّحويلاتِ الماليّةِ، إلّا أنّ العملات الرقمية تحتاجُ إلى تكاليفَ لزيادةِ الأمانِ ومنع عمليّاتِ القرصنةِ؛ لذا تفرضُ منصّاتُ التّداولِ رسوماً لتنفيذِ خدماتِ الأمنِ بأفضلِ الطّرقِ، وتختلفُ الرّسومُ بالطّبع بين المنصّاتِ.

أنواع العملات الرقمية

اكتسبت العملات الرقمية عدةَ أشكالٍ لتتلاءم مع المُعاملات التّجاريّةِ المُختلفةِ سواءً الضّخمةِ أو العاديةِ. ومن أنواع العملات الرقمية المُتوفّرةِ حتّى عام 2024:

العملات الرقمية للبنوك المركزية

هي العملاتُ التي يُصدرها بنكٌ مركزيٌّ لبلدٍ ما وتكون مدعومةً بسلطات الحكومةِ وسيطرةِ البنكِ؛ لتكون ضمنَ التزاماتِ الدّولةِ سواءً في التّأمينِ أو تحديدِ السّعرِ، وتكون أيضاً منفصّلةً تماماً عن العملات النقدية. وهذا الشّكل من أشكال العملات الرقمية يُعتبر الأكثر حداثةً على الإطلاق، فقد أطلقت بعض البنوك المركزيّة عملاتها الرّقميّة في حين تتردّدُ الكثيرُ من الدّول في هذا القرار لمراقبة نتائجه في البداية.

والهدفُ الأساسيُّ من العملات الرقمية المركزيّةِ هو استخدامها في المعاملات بين البنوكِ والمؤسّساتِ الماليّةِ الضّخمةِ وعند العمليّاتِ عاليةِ القيمةِ، ولكن ليس هناك ما يمنعُ من استخدامها بين المُستهلكين العاديّين وعند البيع بالتّجزئة.

العملات المشفرة

هي الشّكلُ الأكثرُ شهرةً على الإطلاق، بل أنّ كلمة "عملة رقمية" ترتبطُ في الذّهن فوراً باسم العملة المُشفّرة أو العملة الافتراضيّة، وهذا للتّفرقةِ بينها وبين العملات الرّسميّة. فالعملةُ الافتراضيّةُ ليست خاصّةً ببلدٍ معيّنٍ أو بنكٍ مركزيٍّ، بل يُمكن لمجموعةٍ من الأفرادِ إنشاءُ عملةٍ وإطلاقُها كما حدث في البيتكوين وعشرات العملات الأخرى. 

وتتمتّعُ هذه العملاتُ بغلافِ تشفيرٍ شديدِ القوّةِ وأمانٍ مُعَزَّزٍ لمنعِ التّلاعب، وقد ارتفعت شعبيةُ هذه العملات بشدّةٍ منذ عام 2017 كفئةٍ استثماريّةٍ قويّةٍ، وقد تجاوزت القيمةُ السّوقيّةُ للعملات المشفرة 2.7 تريليون دولارٍ في عام 2021، وإن كانت تعرّضت لهزّةٍ عنيفةٍ في 2022 لتتعافى من جديدٍ.

العملات المستقرة

هي واحدةٌ من أنواع العملات المشفرة، ظهرت في الأساس لمواجهةِ التّقلباتِ الحادّةِ في سوقِ هذه العملاتِ. ترتبطُ العملاتُ المستقرّةُ بأسعارِ حزمةٍ من العملاتِ النّقديةِ العاديّةِ القويّةِ، مثل الدولارِ أو اليوروِ أو بمجموعةٍ من السّلعِ مثل الذّهبِ لتكونَ أكثرَ استقراراً. فهي بمثابةِ وكيلٍ للعملاتِ الورقيّةِ أو فئةٍ موازيةٍ لها، وهذا النّوعُ غير مدعومٍ من قبل السّلطات الحكوميّة إلّا أنّه أكثر موثوقيّةٍ وسهولةٍ في التّبادلِ.

وقد انفجر سوقُ هذه العملات في يناير 2024 لتسجِّلَ 168 عملةً مُستقرّةً في سوق العملات، إلّا أنّ بعضها لم يظهر عليه أيُّ نشاطٍ.

أفضل العملات الرقمية للاستثمار

مع وجودِ عشراتٍ ومئاتٍ من العملات الرقمية المُتوفّرة والتي تزيدُ يوميّاً، قد يكون من الصّعب للغايةِ اختيارُ أي العملات الرقمية الأفضلِ للاستثمارِ بها. ويرشّحُ خبراءُ الاقتصاد عادةً مجموعةً من العملات المستقرة أو التي لها مستقبلٌ جيدٌ، ومن أهمِّ هذه العملاتِ:

العملة الرقمية الريبل

تتمتعُ بالكثيرِ من الشّراكاتِ مع مجموعةِ مؤسّساتٍ صناعيّةٍ وماليّةٍ بهدفِ تسهيل التّسويات الدّوليّةِ. انطلقت هذه العملةُ عام 2012 من شركةِ "ريبل"، ولا تخضعُ لأيّ حكومةٍ مركزيّةٍ. ارتفع سعرُها من 0.006 دولارٍ عام 2017 إلى 0.48 دولاراً في 2024، وقيمتُها السّوقيّةُ 26.9 مليارَ دولارٍ.

العملة الرقمية بيتكوين

الأكثرُ شهرةً والأعلى سعراً والأكبر في العائد السّنويّ أيضاً، والذي يصلُ إلى 160%. تعملُ بيتكوين على تقنية البلوكتشين ومعاملات تسجيل دفتر الأستاذ الخاصّةِ بعملة بيتكوين موزّعةٍ عبر آلافٍ من أجهزة الكمبيوتر. ارتفع سعرُها من 500 دولارٍ عام 2016 إلى 67000 دولارٍ في 2024 بنسبةِ نموٍ أكثر من 13%.

عملة الإيثريوم

الأكثرُ تفضيلاً لمطوّري البرامجِ بسبب كثرة تطبيقاتها وإمكانيّة استخدامها بسهولةٍ أكبرَ في العقودِ الذّكيّةِ ومع الرّموزِ غير القابلة للاستبدالِ NFTs. حقّقت Ethereum زيادةً بأكثرَ من 32000% بين عامي 2016 و2024 لتزيد من 11 دولاراً إلى 3536 دولاراً.

عملة باينانس الرقمية

بزيادةٍ قدرها 609%، فإنّ عملةَ BNB التي انطلقت عامَ 2017 واحدةٌ من أفضلِ العملات الرقمية للاستثمارِ. فقد كان سعرُها 0.10 دولارٍ فقط ليقفزَ في 7 سنواتٍ إلى 609 دولاراتٍ في 2024، ويُمكن تداولُها واستبدالُها بمجموعةٍ أخرى من العملات المشفرة.

عملة سولانا

انطلقت عام 2020 بسعرٍ بدأ بـ0.77 دولارٍ، لتصلَ في 2024 إلى 153 دولاراً تقريباً بزيادةٍ نحو 20%. وتعتمدُ عملةُ Solana على مجموعة تقنياتٍ فريدةٍ لإثباتِ المُلكيّةِ ومنعِ القرصنةِ وتسجيل المُعاملاتِ بأسرعِ طرقٍ ممكنةٍ، وقد وصلت قيمتُها السّوقيّةُ إلى 71 مليارَ دولارٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن